-->

رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 19 - 1 - الخميس 21/11/2024

  

  قراءة رواية أنا لست هي كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية أنا لست هي

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران


الفصل التاسع عشر

2

تم النشر يوم الخميس

21/11/2024




كانت الصدمة حليفة كل من بالداخل وخاصة ماجد نصار الذي هتف بعدم تصديق: معقول يا حسن؟! أنت تعمل كده وتتجوز في السر؟ طب ليه؟ وإزاي؟ وأمتى؟



قاطعه حسن بصرامة: مش مهم كل ده يا ماجد المهم إن مراتي حامل وهتيجي النهاردة القصر عشان كده بطلب من الجميع إنه يعاملها باحترام.



هتفت هيام بعدما استفاقت من صدمتها: ما حدش قال حاجة يا حسن يا حبيبي بس كان لازم تعرفنا وفيها ايه يعني لما تتجوز هو انت اجـ رمت ولا كنت اجـ رمت! 


أجابها بعصبية: ما أجـ رمتش بس أديكي شفتي اللي حصل من رائف من شوية! ولسه مش عارفين رد فعل رانيا لما تعرف

 ولولا الطفل اللي كان في

ولولا الطفل اللي في بـ طن ماجي أنا ما كنتش عارف هقول لكم إزاي بس. قدر الله وما شاء فعل.


 طب يلا يا حسن.


رمقها باستفهام؟

 فتابعت: هنروح نجيب مرات أخويا. مش واجب ولا إيه؟


منحها حسن ابتسامة واسعة ثم اومأ بالموافقة وسبقها للخارج


 بينما هيام خاطبت شقيقها وزوجته قائلة: إيه يا جماعة مالكم؟ كلنا عايشين حياتنا وهو اللي كان شايلنا طول عمره مش من حقه يفرح ولا إيه؟ افرد وشك يا ماجد وأنتِ يا نهال.


منحتها نهال ابتسامة صغيرة ثم أومأت موافقة على حديثها.


 فاستطردت هيام بجدية: نبلغ الخدم يا ماجد ينضفوا جناح حسن عشان العروسة لما تيجي تلاقيه نضيف ومترتب. يلا أنا هسيبكم عشان حسن ما يستناش كتير بره.


تابعها ماجد بعينيه حتى اختفت عن مرمى بصره ثم ضـ رب كفاً بالأخرى مغمغماً: لا حول ولا قوة إلا بالله... هو إيه اللي بيحصل ده؟ والله أنا ما مصدق نفسي... حسن يعمل كده؟ كمان مراته حامل؟ دي فضـ يحة! هيقول للناس إيه؟


رمقته زوجته بعدم رضا ثم ذهبت لتحضر ورقة وقلم وتكتب ما أمرت به هيام كي يتمكن الخدم من تنفيذ ما طلبته قبل عودة حسن وزوجته الجديدة.


❈-❈-❈


كان جالسًا برفقتها في مقر الحضانة التي تمتلكها يتناولان فطورهما في صمت تام قطعت هي الصمت فجأة بقولها: وحدوااا.


 لا إله إلا الله.


قالها وهو مبتسمًا ثم انفجر ضاحكًا: عارف اني رخم ودمي تقيل بس صدقيني غصب عني اصل انا بطبيعتي يعني شخص انطوائي.



قاطعته بلهفة: مش قصدي كده والله! أنا قصدي يعني إنك ساكت من أول ما جيت. وبعدين مين قال إنك رخم ودمك تقيل؟ بالعكس أنت راجل... أقصد واحد تقيل والنوعية دي من الرجالة بقت نادرة الأيام دي!



خفق قلبه لأول مرة على وقع كلماتها إذ لم يحدث من قبل أن مدحته فتاة بتلك الطريقة وخاصةً هي... جميلة. تلك الفتاة التي تعرف عليها منذ وقت قصير واستطاعت أن تستحوذ على قلبه في لحظات قليلة. جميلة... اسمٌ على مسمّى كما يقولون.


تنهد بحرارة ثم باغتها بسؤال جعلها تفتح فمها في صدمة: تتجوزيني يا جميلة؟


اتسعت ابتسامته على رد فعلها ذاك، فهتف بمرح: اقفلي بقك عشان الدبان مالك يا جميلة في إيه؟


أجابته بارتباك: هو... اللي أنا سمعته ده صح؟



هز رأسه مؤكدًا بابتسامة وكرر بثبات: أيوه، أنا عايز أتجوزك.


ترددت للحظات قبل أن تبتسم ابتسامة ساحرة تتناسب مع اسمها وقالت بصوت ناعم مليء بالخجل: طبعا موافقة يا باشمهندس.


❈-❈-❈


جحظت عيناها في دهشة حتى كادت أن تخرج من محجريهما ومالت الأرض من تحت قدميها ثم هتفت بعدم تصديق: أنت قلت إيه؟


قرب وجهه من وجهها حتى شعرت بأنفاسه الحارة وهتف بكراهية شديدة: إيه؟ كنتِ فاكرة إنك هتضحكي عليّ وتلعبي بي على طول؟ لا يا حلوة ده أنا رائف نصار.



فتحت فمها لتتحدث وتدافع عن نفسها إلا أن الكلمات خانتها. لم تجد سوى البكاء الشديد وسيلة للتعبير عما يدور في مكنون صـ درها. 


شعر بالاشمئزاز منها فرفع يده وهَوَى بها على وجنتها الناعمة مغمغمًا وهو يضغط على كل حرف من كلماته: "قلت لك وفّري دموعك لبعدين. بس قولي لي إزاي عرفتي تضحكي عليّ الوقت ده كله يا شيخة ليلى؟ لا ولابسة حجاب وبتصلي وبتقري قرآن، وانتِ في الحقيقة واحدة... وسـ خة! باعت نفسها عشان الفلوس. بس ما بقاش رائف نصار لو ما أخدتش حقي منك وخليتك تعيطي بدل الدموع دم ما هو أنا مشاعري مش لعبة يا ليلى هانم!"


دفعها بقوة لتسقط على الأرض ثم بصق عليها واستدار للخارج بهدوء وكأنه لم يحطم قلب فتاة منذ ثوانٍ.


أما هي فقد وضعت وجهها بين يديها وصوت بكائها يملأ المكان. 

كانت تشعر بأنها أبغض من سيلا ابنة عمه أو بالأحرى كلاهما كانتا مخادعتين بالنسبة له.

 انخرطت في موجة من البكاء وهي تهتف بين شهقاتها: أنا مش مخادعة والله أنا بحبه... عمري ما حبيت حد غيره!



شعرت بأحد يجلس بجوارها، فرفعت وجهها لتجد والدتها ترمقها باستفهام. 


ألقت بنفسها في أحضـ انها وهي تشهق بقوة مغمغمة: قولي له إني بحبه اوي يا مامي... مش بضحك عليه!



ربتت والدتها على حجابها برفق وبداخلها سؤال ملح: ما الذي حدث؟ ولماذا تبكي صغيرتها بهذه الطريقة؟ تُرى... هل قام رائف بتعـ نيفها مرة أخرى؟ 

لكن ويل له لو فعل ذلك ستكون له هي بالمرصاد.


❈-❈-❈


دلفت إلى الخارج وهي تهتف بصوت مرتفع كي تسمعها ابنتها التي ما زالت في غرفتها: "هستناكي قدام الباب يا ندى... وانجزي!"


لكنها سرعان ما شهقت بقوة عندما أبصرت مختار يخرج من منزله. ركضت باتجاهه وهي تسأله بغضب: "فين بنتي يا مختار؟ وديت ليلى فين؟"


أجابها بضجر وهو يغلق باب شقته: "ليلى؟ وإنتِ مالك بتسألي عليها ليه؟"


هتفت بصراخ: "إنت اتجننت يا مختار؟ هو إنت ما تعرفش إن ليلى بنتي ولا إيه؟!"


قاطعهما صوت جارٍة من بعيد وهي تقول: "صباح الخير يا عم مختار... حمد لله على السلامة. فين ليلى؟ جت معاك؟"


لم تهتم بكلام الجارة بل حاولت الولوج إلى المنزل، لكن مختار دفعها وهو يهتف بنفاد صبر: "اصطبحنا واصطبح الملك لله! والله ما أنا عارف اصطبحت بوش مين النهارده جرى إيه يا أختي منك لها مصدعيني ليه كده على الصبح؟ ليلى مش جوة... ليلى اتجوزت خلاص... استريحتم!"


شهقت ندى بقوة، بينما هتفت والدتها بصدمة: "اتجوزت؟ يا ألف نهار أبيض اتجوزت مين؟! وأوعى تكون غصبتها على الجواز يا مختار، إنت ولا العقربة أمك أنا عارفاكم."


أجابها مختار بحدة: "احترمي نفسك وما تتكلميش عن أمي بالطريقة دي تاني ليلى اتجوزت واحد ساري عربي وسافرت معاه الكويت وعايشة عيشة ما كانتش تحلم تعيشها في يوم من الأيام. ووسّعي بقى عشان أروح أنادي الحاج حسين اللي هيشتري البيت"


قالها وهو يدلف إلى الخارج تاركًا ندى ووالدتها يتبادلان النظرات.


هتفت ندى بصدمة: "معقولة يا ماما!  ليلى اتجوزت! مش عارفة ليه مش مصدقة كلام الراجل ده."


أجابت والدتها بصوت يائس: "ولا أنا يا ندى... بس هنعمل إيه ما باليد حيلة. كل اللي بنقدر نعمله إننا ندعي ربنا تكون ليلى بخير... ويكون كلام بوز الأخص ده حقيقي."


❈-❈-❈


استقبلته بعنـ اق دافئ ثم ابتعدت عن مرمى يديه وهي تهتف بخوف: "شو صار يا حسن؟ وليش ما حاكتني متل ما اتفقنا؟"


تبدلت معالم وجهها وهي تستطرد بقلق: "ولا تكون ما حكيتن؟ 


 ازااي؟ ودي تيجي برضو يا مرات أخويا؟"


أكملت هيام بابتسامة مطمئنة: "لا يا ستي حكى لنا وجيت بنفسي عشان أخدك على بيتك."


ابتسمت ابتسامة واسعة زادت من جمالها ثم غمغمت بسعادة: "أهلاً وسهلاً فيكِ يا هيام."


تطلعت إلى شقيقها بمرح وهي تقول: "إيه ده دي عارفاني!


 ايه طبعاً بعرفكن منيح. رائف ورانيا وإنت وماجد وسيلا ونهال... بعرف عيلة نصار كلا"


دّنت هيام منها بابتسامة واسعة ثم ضمتها بقوة وهي تهتف بسعادة: "نورتي عيلة نصار يا مدام ماجي"


بادلتها ماجي العنـ اق وهي تهتف باطمئنان: "الحمد لله... كنت فاكرة إنكن ما راح تتقبلوني."


ابتعدت عنها هيام ثم داعبت خصلات شعرها برقة وهي تقول بحنان: "اللي يحبه حسن إحنا كمان نحبه ونشيله فوق راسنا. حسن ده مش بس أخونا الكبير ده أبونا كلنا."


تابعت وهي تشد على يدها: "يلا تعالي عشان أساعدك وما نضيعش وقت"


ضحكت ماجي بخفة وهي تهتف: "ماشي... يلا أنا جاية."


ثم اتجهتا معًا إلى الداخل.


 بينما بقي حسن في مكانه ومعالم الحزن ترتسم جلياً فوق قسمات وجهه فهو لا يريد أن يخسر أبنائه لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.


منذ قليل خسر ابنه الوحيد. ولربما لو علمت رانيا قد يخسرها هي الأخرى.


❈-❈-❈


عند منتصف النهار اقتـ حم رحيم مكتب رائف هاتفًا بحدة: "هو فيه إيه بالظبط يا رائف الشركة كلها بتتكلم عن عصبيتك وإنك ما سبتش حد النهارده غير لما هزقته. أقدر أفهم فيه إيه؟ مش كنت امبارح رايق ومزقطط هو إنت يا ابني برج الجوزاء؟"


قال كلمته الأخيرة بمرح ينافي حدته السابقة لكنه شعر أن هناك خطبًا ما، فصديقه يرمقه بنظرات جامدة. 


دنا منه ثم جلس في أحد المقعدين المقابلين للمكتب مخاطبًا إياه باهتمام: "فيه إيه يا رائف؟ ما لك يا صاحبي؟"


أجابه رائف بجفاء: "ما فيش... بس للمرة التانية ينضحك عليّ واخد على قفايا."


رد رحيم محاولًا فهم الأمر:

"طب ممكن تفهمني إيه اللي حصل وتحكي لي؟"


أخذ رائف نفسًا عميقًا وضغط على أظافره بقوة ثم قصّ على صديقه كل ما حدث بداية من معرفته بحقيقة ليلى وحتى زواج والده.


 فهتف رحيم بتوهان: "بقى كل ده يحصل من امبارح للنهارده! وباباك إزاي يخبي عليك حاجة زي دي وهو شايفك بتتعلق بالبنت!"


أجابه رائف بسخرية مريرة: "مش عارف هو عمل اللي عليه تقريبًا في الفترة وما كانش موافق على جوازي منها. هو ده اللي قدره عليه ربنا ومش بس كده... ده البيه طلع مغفلنا ومتجوز والمدام بتاعته حامل. تخيل! بعد تلاتة وتلاتين سنة هيجي لي أخ صغير!"


قالها ثم قهقه بلا مرح

 فأدرك رحيم أن صديقه على شفا الانهيار. هبّ واقفًا يهتف بحنو: "قم يا رائف خلينا نروح نقعد في مكان غير هنا."


هزّ رائف رأسه نفيًا ثم هتف بجدية: "ما تقلقش عليّ يا رحيم أنا هبقى كويس بس ورحمة أمي ما هسكت."


تساءل رحيم بقلق: "هتعمل إيه يعني يا رائف؟"


التفت له رائف وهو جالس على المقعد يتلاعب بأحد الأقلام بشرود وقال بصوت منخفض مشحون بالغضب: "هاخد حقي بنفسي... منها ومن حسن باشا نصار. هخليها تندم على الساعة اللي فيها ضحكت عليّ ومثّلت عليّ الحب."


حاول رحيم تهدئته قائلاً: "بس يا رائف هي مالهاش ذنب."


هبّ رائف واقفًا يهتف بصراخ كاسر: "وأنا كمان ماليش ذنب ليه يضحك عليّ؟ ليه أتخدع مرة واتنين؟! الناس بتلعب بمشاعري وكأني حجر مش بني آدم!"


ثم أكمل وهو يحاول السيطرة على غضبه: "لو باقي على صداقتنا يا رحيم بلاش نصايح وخليك بعيد عن كل ده... سامعني يا صاحبي؟"


نظر له رحيم بحزن لكنه لم يرد. وبداخله كان يخاف كثيرًا على صديقه الوحيد فقد كان واضحًا أن الأيام المقبلة لن تمضي بخير أبدًا.


الصفحة التالية