رواية جديدة أنا لست هي مكتملة لبسمة بدران - الفصل 20 - 1 - الجمعة 29/11/2024
قراءة رواية أنا لست هي كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية أنا لست هي
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل العشرون
1
تم النشر يوم الجمعة
29/11/2024
كان يسير خلفها بسيارته يراقبها عن كثب حتى تمكن من التوقف بسيارته أمام سيارتها مما جعلها تشعر بغضب شديد.
وكعادتها ترجلت من سيارتها واقتربت منه تهتف بانزعاج: "جرى إيه يا كابتن؟"
لكنها توقفت عن الحديث عندما رأته يترجل هو الآخر من سيارته ويقف أمامها بقامته المديدة وعلى وجهه ترتسم ابتسامة باردة.
لم تستطع إخفاء غضبها: "هو انت! جرى إيه يا سيادة اللوا مش هتبطل شغل العيال ده؟"
اقترب منها حتى اقتحم مساحتها الخاصة وأجابها بحدة طفيفة: "أعمل إيه ما هيام هانم رافضة تسمعني أو حتى تتكلم معايا. آخر مرة قلتِ كلام زي الزفت في وشي وبعدين مشيتِ فقلت لأ، ما بدهاش لازم أعرف إيه اللي بيحصل بالظبط."
عقدت ساعديها أمام صـ درها وهتفت بعناد استفزه أكثر: "وأنا قلت قبل كده إني مش عايزة أتكلم معاك. إيه؟ هو بالعافية؟"
قالها بصوت حازم وهو يجذبها من ذراعها ليُدخلها سيارته قسرًا: "أيوه بالعافية."
ثم أغلق الباب واستدار ليحتل مكانه خلف عجلة القيادة.
أما هي فكانت تصـ رخ بقوة تطالبه بفتح باب السيارة، لكنه تجاهل صـ راخها وتحرك بسيارته غير عابئ بتصرفاتها التي لم تعد تناسب عمرها.
❈-❈-❈
بهدوء شديد أخبرها مختار بأنه باع منزلهم القديم.
فهتفت بغضب: "انت اتجننت يا مختار؟ إزاي تعمل كده من غير ما ترجع لي؟ ما تنساش—"
قاطعها بصرامة: "ما أنساش إيه يا أمي؟ البيت ده بتاعي زي ما هو بتاعك وبعدين هنعمل بيه إيه يعني ما هو مركون! قلت أستفيد من تمنه وأكبر السوبر ماركت بتاعي. وأديكي قاعدة معانا معززة مكرمة."
ضغطت على أسنانها بغيظ في حين تابعت الأخرى ما يحدث بصمت متيقنة من أنها السبب فيما جرى يبدو أنها هي من أقنعت مختار بفعل ذلك.
أما عن نرجس فقد رمقتها بلا مبالاة ثم راحت تنظر إلى أظافرها مدعية أن الأمر لا يهمها.
خرجت الأم عن صمتها هاتفة بغضب: "اسمعني يا ابن بطني أنا مش موافقة على بيع بيت أبوك الله يرحمه ده اللي فاضل لي من ريحته!"
قهقه مختار بسخرية مقاطعًا: "ريحة مين يا حاجة الحي أبقى من الميت! ما تشغليش بالك بالكلام ده. مش المهم إنك تاكلي وتشربي وتنامي؟"
رمقتها نرجس بنظرة شماتة ثم نهضت واقتربت من زوجها وهي تهتف بخفوت مصطنع: "ليه بس كده يا مختار؟ ما بالراحة يا حبيبي ما تعصبش نفسك أهم حاجة صحتك إحنا عايزينك... مش كده ولا إيه يا ماما؟"
قالتها وهي تنظر مباشرة إلى عيني حماتها التي رمقتها باشمئزاز ثم استدارت إلى ابنها بعينين ملؤهما العتاب.
بعد لحظات انسحبت الأم إلى غرفتها تجر أذيال الخيبة غير مصدقة أن ابنها قد عاملها بهذه الطريقة.
لطالما كان مختار طائعًا لها حتى في زواجه من تلك المرأة سهام والدة ليلى.
ترى ما الذي حدث له؟ وكيف استطاعت تلك الأفعى أن تسيطر على عقله؟
صكت على أسنانها بغضب حارق وهي تهتف بصوت مملوء بالوعيد: " ماشي يا زبا لة إن ما خليتك للترجعي الشارع تاني ما أكونش أنا سميحة!"
❈-❈-❈
فغرت فاها بعدم تصديق ثم تساءلت بتلعثم بعدما ازدردت ريقها بصعوبة: "انت بتقول إيه؟"
أجابها ببروده المعتاد: "قلت إننا هنتجوز."
قاطعته بعصبية: "بس أنا ليلى مش سيلا يا رائف!"
غمغم بسخرية: "ما فرقتش كتير أنتم الاتنين أز بل من بعض."
اتسعت عيناها من قسوة حديثه فردت بصوت مختنق: "طب وعايز تتجوزني ليه لما انت شايفني كده؟"
ببساطة شديدة هتف دون أن يراعي مشاعرها: "أنتقم بيكي من الكل يا حلوة."
شهقت بقوة ثم رفعت أصابعها تمسح بقايا دموعها التي بدأت في الهطول.
فتابع هو: "حسن بيه عايزني أتجوز سيلا ولو اتجوزتك هبقى بتحداه وببوظ له كل تخطيطاته عشان كده هتجوزك.
أما عمي ماجد فرفض جوازي من بنته. تخيلي بقى لما أروح له وأقول له إني اتجوزت بنته من غيره ومن غير حتى ما ناخده يشهد على العقد مش حتى يكون وكلها.
أما بقى سيلا هانم لما تفوق هتلاقي واحدة أخدت كل حاجة وده هيبقى انتقامي الحقيقي منها هي كمان.
عشان كده ما كانش قدامي حل غير إني أعمل كده. وما تخافيش هاكتب كتابي عليك رسمي إحنا دلوقتي هنروح لأبوكي اللي رماكي ومش معبرك عشان يكون وكيلك."
أنهى حديثه المسموم ثم ألقى نظرة جانبية فأبصر دموعها تغطي وجهها بالكامل
شعر بارتياح فقد استطاع أن يؤلمها كما فعلت هي
لكن ما تشعر به الآن كان هو يشعر به أضعافًا مضاعفة.
❈-❈-❈
توقف بسيارته في مكان خالٍ من المارة ثم استدار نحوها يسألها ببرود: "ها هديتي ولا تحبي أجيب لك حاجة ساقعة؟"
رمقته بسخرية ثم أشاحت بعينيها بعيدًا، فاستطرد حديثه بجدية: "هيام هانم من فضلك بلاش تصرفات العيال دي واتكلمي معايا بصراحة. أنا عملت إيه خلاكي تاخدي مني الموقف ده؟ صرحيني وأوعدك لو كلامك أقنعني وإنك فعلاً مش حابة تشوفيني مرة تانية هحترم رغبتك. بس إنك تعملي كده من غير ما تقولي أسباب ده اللي مش هقبله أبدًا خصوصًا إن أنا واحد مش قليل."
صمتت قليلًا تفكر.
ماذا لو أخبرته بما قالته ليان؟ بالطبع سيغضب منها كثيرًا. لكن لو لم تخبره فلن يتركها أبدًا وسيظل يطاردها يوميًا.
خطرت لها فكرة لو أخبرته بما باحت به ابنته قد يخجل من نفسه ويبتعد عنها نهائيًا.
أغمضت عينيها قليلًا ثم أخذت نفسًا عميقًا وزفرته على مهل قبل أن تهتف باندفاع: "لأني باختصار ما أحبش أتعامل مع بني آدم سا دي."
اتسعت حدقتاه في دهشة ثم غمغم بعدم تصديق: "سا دي؟!"
ردت عليه مؤكدة: "أيوة، سا دي."
استطرد بخفوت: "إنت اتجننتِ؟ إيه الكلام الفارغ اللي بتقوليه ده؟"
ردت بقوة: "ده مش كلام فارغ يا فريد بيه ده كلام ليان بنتك حكت لي كل حاجة. قالت لي إنك كنت بتعمل ايه مع مامتها الله يرحمها وإن تصرفاتك المجـ رمة دي هي اللي مو تتها."
شعر بوخزة قوية في قلبه. كيف لابنته أن تسيء سمعته بهذه الطريقة وتفتري عليه أمام الآخرين؟
مر شريط ذكرياته كشريط سينمائي في ذهنه يتذكر فيه كل ما دار بينه وبين ابنته في الآونة الأخيرة منذ أن أخبرها برغبته في الزواج من هيام نصار وموافقتها السريعة التي أدهشته وحتى الآن.
أدار سيارته وانطلق بها سريعًا دون أن يتفوه ببنت شفة.
❈-❈-❈
"شو عم بيصير يا نهال؟ وليش الجو متوتر هالقد."
قالتها ماجي وهي تجلس بجوار نهال فوق الأريكة.
كانت نهال مشغولة بهاتفها وراحت تكتب عليه: "رائف وسيلا بيحبوا بعض من زمان بس رائف بقى متغير اوي في الفترة الأخيرة حتى إنه بقى بيضـ ربها. وسيلا كمان بقت متعلقة بيه جدًا. فأنا وماجد رفضنا العلاقة دي. ما نحبش إن بنتنا تكون طرف ضعيف حتى لو كانت بتحبه. وحسن ورائف مصرين إن الجوازة دي تتم."
أنهت ذلك ثم ناولت الهاتف لماجي كي تقرأه وبعد أن انتهت أعادته إليها وغمغمت: "غريب شو اللي غير رائف هالقد مو قلتي بيحبها؟"
أومأت نهال مؤكدة
فتابعت: "طب وليش ما حدا سأله؟"
كتبت نهال مرة ثانية: "كتير بنتكلمو معاه بس ما كنش عنده إجابة."
ظل الحديث قائمًا بين ماجي ونهال، اللتين اندمجتا كثيرًا مع بعضهما.
❈-❈-❈
أمام المبنى الذي يقطن به والدها أوقف سيارته ثم ترجل منها مشيرًا لها بالنزول.
انصاعت لطلبه ثم تبعته بخطوات مترددة وقلبها ينبض وكأنه يقرع طبول الحـ رب.
فهي سترى والدها وجدتها بعد فراق طويل، ولكن أكثر ما يؤلمها هو الطريقة التي سيعاملانها بها أمامه.
شعرت بالقـ هر وهي تتذكر حديثه عن بعد عائلتها عنها فدمعت عيناها.
أما هو فاستدار فجأة ليبصر الدموع تتلألأ في مقلتيها. لوهلة، رق قلبه عليها لكنه تذكر خداعها له فارتسم الجمود جليًا على قسمات وجهه الوسيم.
أشار لها بعنجهية وهو يغمغم: "استعجلي... ما عنديش وقت أضيّعه."
أومأت برأسها موافقة
وما هي إلا دقائق حتى وقفت بجواره ينتظران بعدما قرع هو الجرس.
لحظات وفتحت لهما الباب امرأة تدعى نرجس التي رمقتهما بدهشة وهي تسأل: "أنتم مين؟"
أجابها بخشونة: "بلّغي جوزك إن رائف نصار عايزه... هو وبنته ليلى."
تأملته نرجس بإعجاب ظاهر متفحصة هيئته المنمقة ووجهه الوسيم، ثم حولت نظراتها إلى الفتاة الجميلة التي تقف بجواره.
هتفت بابتسامة وهي تفسح لهما الطريق: "أهلاً أهلاً، اتفضلوا يا ألف نهار أبيض"
قادتهما إلى غرفة المعيشة ثم ذهبت لتخبر زوجها.
لم تمضِ إلا دقائق حتى حضر الرجل بنفسه يهتف بترحاب: "أهلاً أهلاً يا رائف باشا إزي والدك؟"
رد رائف بجفاء: "الحمد لله كويس يا حاج مختار اتفضل."
جلس الحاج مختار وهو يتعمد تجاهل ليلى تمامًا، ما جعلها تشعر بالخزي والخذلان.
رفعت رأسها بشموخ محاولة كبح دموعها التي كادت أن تنهمر أمامه.
تابع مختار حديثه مع رائف قائلاً: "قل لي يا ابني في حاجة عايزني أعملها لك؟ أقصد يعني مقصوفة الرقبة دي عملت حاجة زعلت الباشا الكبير؟"
هز رائف رأسه نفيًا ثم قال بسرعة: "بص يا عم مختار باختصار أنا جاي لك النهارده علشان تبقى وكيل ليلى لما أكتب كتابي عليها."
اتسعت عينا مختار في دهشة وفتح فمه بعدم تصديق وراح يغلقه ويفتحه مرارًا قبل أن يغمغم: "نعم؟ تتجوزها؟ والله وقعت واقفة يا بنت سهام! طيب والباشا الكبير عنده علم؟"
قاطعه رائف ببرود: "ما يخصّكش. المهم أنا جاي لك علشان تنفذ اللي قلت لك عليه وإلا هعتبر الاتفاق اللي بينك وبين والدي ملغي. قلت إيه؟"
هب مختار واقفًا بارتباك ثم هتف بسرعة: "قلت هاتو المأذون حالاً!"