رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 1 - 3 - السبت 9/11/2024
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الأول
3
تم النشر السبت
9/11/2024
أنهت جميع المهام المطلوبة منها ، حتى والدة زوجها نالت نصيبها من النظافة والرعاية ككل يوم .
كذلك طفليها وبيتها ومطبخها ، الشيء الوحيد الذي لم تستطع تلبية نداءه هو حقه الشرعي ، لم تستطع فعلها بعد التعب الذي لم يكلف نفسه ويمد لها يد العون حتى لو بكلمة طيبة ، لم تستطع أن تفصل بين معاملته وحقوقه لذا فضميرها يتأرجح بين ذنبٍ وعدمه ، خاصةً وأنه خاصمها قبل ذلك بعدما أخبرها كم أن الملائكة تلعنها وأنها خارج حدود الرحمة لعدم تلبيتها حقوقه الشرعية .
في بادئ الأمر كانت تبكي وتخشى أن تلعنها الملائكة حقًا لذا كانت تذهب إليه مرغمة ولكن بعد سنوات اعتادت فيها على قسوته وباتت تشعر بثقل يفوق طاقتها لذا لم تعد تبالي .
انتظرته حتى ذهب في سباتٍ عميق وبعدما نام صغارها اتجهت تجلس في ركنٍ خاص بها وتناولت هاتفها وعادت تدون ما يجول في خاطرها ، تكتب خواطرًا تعبر بها عن الألم القاطن داخلها ، وعن الألم الذي تعيشه ، وعن الثقة واليقين والحب الذي لم تحظَ به .
تنفث بهذه الخواطر ما يعتليها فتصبح بعدها على استعداد لاستقبال جولة أخرى معه ، الكتابة تجعلها تستقبل الأيام بعازل ضد الألم والسأم واليأس وهذا ما تفعله ، لم تتخلَ يومًا عن ابتسامتها وتوزيع الأمل والتفاؤل عن كل من يعرفها لذا فهي محبوبة كثيرًا للدرجة التي تجعله يغار من هذا الحب ويتعمد تحطيم ثقتها بنفسها ولكن عبثًا يحاول .
دونت ما تشعر به وجلست تتنهد بارتياح ، ابتسمت فسطعت الشمس على ملامحها الجميلة التي ورثتها عن أمها ، جميلة بعيونٍ لامعة وبشرة راقية وابتسامة عرفت بها دومًا .
اتجهت لموقع الانستغرام الخاص بها لتدون عليه خاطرة تتحدث عن الأمل والثقة بالله ولكن لفت انتباهها منشورًا آخر لذلك المدعو ثائر ذو الفقار .
نصًا آخر من كتابه يعبر فيه عن استياءه من العرب وتصرفاتهم وخاصة مصر حيث دوّن
( بلد أفريقي يفتخر شعبها بحضارة من آلاف السنين ويعيش على أنقاضها ويتباهى بها ويسجل ذلك عبر الهاتف الذي اخترعه الغرب ، ألم يكن من الأفضل أن يخترعوا بأنفسهم آلة يسجلون بها افتخارهم بجدودهم المزعومين بالعظمة مع أنني لم أرها أبدًا )
شعرت بالدماء تغلي مجددًا في عروقها ، من أي ملة هذا الرجل؟ لا تستوعب أنه مصري مسلم .
بالرغم أنها اعتادت منذ برهة من الزمن على الثبات الانفعالي ولكن عند ذكر بلدها بسوء لا تعرف ثباتًا ولا نباتًا بل تصبح أكثرهن شراسة لذا أسرعت تدون تعليقًا بالعربية برغم أنها تتقن قليلًا من الفرنسية ولكنها فضلت أن تدونها بلغتها فكتبت :
( كيف لك أن تكون كاتبًا مشهورًا ولا تعلم أن الخوارزمي ( عراقي الأصل ) كان هو السبب في صناعة الكمبيوتر والإنترنت ونظام الإلجوريزم الذي يعتمد عليه النظام العالمي الآن وأطلق عليه الخوارزميات نسبة له ، ألا تعلم ان ابن الهيثم ( العربي) هو الذي اكتشف الجاذبية الأرضية قبل نيوتن ب 600 عام ؟ ابحث عن علماء العرب والمسلمين أولًا قبل أن تتباهى بالغرب سارقي الحضارات ولتعلم أن مكتبة العراق تمت سرقتها ومكتبة الإسكندية تمت سرقتها وأحرقوا الحقيقة كي ينبهر بكذبهم أمثالك ) .
أرسلت تعليقاها وجلست تتنفس بقوة تحاول أن تهدأ ولكن رنين هاتفها أخذها من جولة الغضب لتجده والدها ، خرجت من دائرة غضبٍ لتدخل دائرة غضبٍ أخرى ، لمَ يهاتفها الآن وماذا يريد ؟
ولكنها لم تعتد تجاهله برغم كل ما فعله لذا فتحت الخط تجيبه بنبرة خافتة :
- أيوة يا بابا ازيك ، فيه حاجة ولا إيه ؟
تحمحم والدها وتحدث بنبرة مباشرة :
- أزيك يا ديما ، عاملة إيه ، كنت محتاج منك خدمة .
ترقبت السمع تنتظره ليتابع بنبرة مترددة وزوجته تجاوره تشجعه على الحديث فقال :
- يعني لو تكلمي كمال يشوفلي 50 ألف جنيه سلف وهردهملوا في خلال شهرين .
سكنت تستوعب ما يقوله واتشحت ملامحها بالصدمة ليتابع والدها مترقبًا :
- سمعاني ؟
- مش هعرف أكلم كمال في حاجة زي دي يا بابا .
- طيب 30 ألف ؟
نطقها مسرعًا لتعاود الرفض بنبرة أعلى وهي تشعر أن قلبها سيخرج من مكانه :
- مش هعرف يا بابا ، شوفلك مكان تاني .
نظر والدها لزوجته بتجهم لتقابله بملامح مكفهرة قبل أن تشير له بأن يغلق الخط وبالفعل تحدث بجمود قبل أن يغلق :
- تمام متشكرين .
أغلقت وجلست تتنفس بقوة وتحاول أن تهدأ ، تسعى لتنتشل الهدوء ، ربما لو كانت تمتلك ذلك المبلغ لكانت أعطته له ولكنها لن تطلب من زوجها شيئًا كهذا أبدًا فهي تعلم جيدًا ردة فعله على هكذا طلب .
حاولت أن تنتشل نفسها من هالة الضيق التي تحاوطها لذا عادت تفتح الموقع لتقرأ تعليقها متباهيةً به ولكنها لم تجده .
بحثت عنه بين التعليقات ولم تجده لذا اتسعت عينيها وأردفت بهمس :
- حذفه ؟ معقول ؟
عادت تلكم رأسها معنفة نفسها تستطرد :
- حذفو إيه ؟ فكرك إنه قاعد مستني تعليقك ؟ تلاقيكي نسيتي تبعتيه ، يالا أحسن بلاش وجع دماغ مع واحد غبي زي ده .
❈-❈-❈
بعد ساعة
في فرنسا تحديدًا العاصمة باريس
يقف ينظر بانتشاء لخصمه الذي أبرحه ضربًا ، إلى الآن يصعب على أحدهم الوقوف في وجهه صامدًا ومع ذلك يرفض بشكلٍ قاطع الدخول في مبارزات رسمية ، كل ما يفعله هو التنفيس عن شيءٍ ما لا يدركه سواه .
ابتسم ساخرًا من نفسه ، متناقضًا بشكلٍ يثير الفضول ، كيف لكاتب يعبر عن المشاعر أن يتحول في جزءٍ من اليوم إلى ملاكم لايهتم لمشاعر أحد .
لهذا يلقبونه بالبحر ، لا أحد يدركه ولا أحد يفهمه ، تجده في لحظة هادئًا يلهمك التأمل وفي اللحظة الأخرى ثائرًا يبعث الخوف داخلك بينما أعماقه لا يدركها سوا الله .
انتهت الجولة بفوزه كالعادة ليجفل على نداء ابنه معاذ الذي صرخ بحماس وفخر ولغة فرنسية :
- أجل أبي أنت بطلي .
التفت له ثائر يطالعه بابتسامة صادقة ثم تحرك ومال قليلًا ليعبر بلياقة من بين الحبال ثم نزل إليه واتجه يلكمه بخفة في معدته وبملامح منكمشة ونبرة قوية نطق :
- ما رأيك في والدك يا ولد ؟
- إنه الأفضل على الإطلاق
قالها معاذ بحماس ليزفر ثائر ويحدق في ابنه لثوانٍ ثم تحدث وهو يحثه على التحرك :
- هيا تعال معي .
تحركا خطوة فأوقفهما نداء شخصٍ ما فالتفت ثائر ليراه لتتحول ملامحه إلى الجمود وهو يرى هذا الرجل يتقدم منه حتى وقف أمامه قائلًا بنبرة خبيثة :
- جولة جيدة ، كنت أراهن عليك .
باغته ثائر بنظرات مبهمة ثم تنفس وأردف بنبرة مغلفة بالغموض حتي لا يلاحظ ابنه :
- لا تراهن سيد توماس اور ليان ، لا تراهن أبدًا حتى لا تخسر الرهان .
تحرك بعدها مع ابنه حيث الغرفة المخصصة لتبديل الملابس وأسرع ثائر يبدل ثيابه ويتساءل بترقب متجاهلًا ما حدث عن عمد :
- هل هاتفتك والدتك ؟
أومأ معاذ وأردف وهو يخرج هاتفه من جيبه :
- نعم أبي هاتفتني أكثر من عشر مرات ولكني لم أجبها .
ابتسم ثائر وأومأ بعدما ارتدى ثيابه ثم مد يده يعبث بخصلات ابنه مسترسلًا بتشفي واضح :
- هيا لأوصلك ، ربما الآن أصيبت بالجنون وهناك احتمالًا كبيرًا أن تقتل والدها .
- فلتفعل .
نطقها معاذ ليضحك ثائر ثم أشار له بالتحرك وتحركا سويًا نحو الخارج يستقلان السيارة لينطلق ثائر وعينه على الطريق يفكر في ما يريده توماس أور ليان منه وما يسعى له معه .
ليأخذه عقله سريعًا إلى ما حدث قبل ساعة وقبل أن تبدأ الجولة بثوانٍ حينما قرأ ذلك التعليق الذي كتبته امرأة مصرية وقام بحذفه قبل أن يراه أحد .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية