-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 7 - 3 - السبت 30/11/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل السابع

3

تم النشر السبت

30/11/2024


في المبنى التجاري  . 


تجلس ديما تستمع إلى هموم صديقتها ويجاورهما الصغيران يلعبان في الألعاب حيث الركن الخاص بهما  . 


انتهت يسرا من سرد ما حدث معها عند الطبيب الألماني وعن ردة فعلها وعن حزن دياب لتزفر ديما بقوة وتطالعها بنظرة معاتبة ولكنها لم ترد زيادة وضع الحمل عليها لذا تحدثت بنبرة لينة  : 


- يمكن إنتِ بالغتي شوية يا يسرا  ،  دياب بيحبك بجد وأكيد زعله على أد محبته  ،  وبعدين إنتِ إزاي مش عارفة تصالحيه  ؟  أنا اللي هقولك بردو  ؟ 


نطقتها بنبرة معنية لتبتسم يسرا متنهدة ثم تردف موضحة بحزن  : 


- مش قصة مش عارفة يا ديما  ،  بس أنا بحس إن دياب أحيانًا مش بيفهم اللي جوايا  ،  هو حرام يا ديما لما أحاول ألاقي حلول  ؟  حرام إني نفسي أكون أم لطفل منه ويجمعني بيه رابط قوي  ؟  أنا جوايا دايمًا خوف إن دياب هيبعد عني وده مش بيخليني عارفة أنام  .


نهضت ديما من مقعدها واتجهت تجاورها وتحتضنها بدعمٍ وحزنٍ لأجلها مردفة  :


- ليه بس كدة يا يسرا ده شيطان يا حبيبتي  ، دياب بيحبك جدًا ومايقدرش يبعد عنك  ، وموضوع الخلفة ده سيبيه على ربنا لإن بصراحة أنا شايفة إنك اللي علطول بتفتحيه  .


هزت رأسها بالرفض وهجمت عليها مخاوفها تردف بملامح منزعجة :


- بس إحساسي غير كدة يا ديما  ، هو أكيد نفسه يكون أب حتى لو مش بيبين  ، مين في الدنيا دي مش عايز أطفال  ؟ 


ابتلعت لعابها بخوفٍ كلي وتابعت  :


- وبصراحة أنا كنت مطمنة أكتر لما دكتور محب قال إن دياب عنده مشاكل  ،  إنما كلام الدكتور اللي روحناله ده خوفني  ،  أنا خايفة أوي يا ديما دياب يبعد عني  ،  مع إني أنا اللي صممت نروح له على أساس نلاقي حل بس اللي حصل العكس وحاسة إنها بتتعقد أكتر  ،  أنا مش عارفة أعمل إيه  ؟ 


أدركت ديما أن صديقتها تعاني  ،  تعاني كثيرًا وتحتاج لمساندة لذا نظرت لها بقوة تردف بتحذير  : 


- يسرا بلاش تمشي ورا تفكيرك ده بجد  ، خوفك ده هو عدوك الأول لازم تتحكمي فيه  ،  هو علشان خايفة دياب يبعد عنك تقومي تفرحي إن عنده مشكلة وتزعلي لما يبقى سليم  ؟  لا يا يسرا كدة مش صح أبدًا  ،  خليكي زي ما كنتِ دايمًا وخلي حبك لدياب يبعد عن الأنانية علشان هتتعبي  . 


هذا ما تسعى لتعود إليه وأتت كلمات ديما تحذرها من الانقياد خلف هذه الهواجز لذا زفرت بقوة تومئ بملامح حزينة لتأتي رؤية الصغيرة تلتصق بها قائلة بحبٍ ورجاء طفولي  : 


- طنط يسرا تعالي العبي معانا  . 


انتعشت يسرا من التصاق الصغيرة بها لذا نهضت تحملها قائلة بنبرة تناقض ما كانت عليه  : 


- من عيوني يا عيوني  ،  يالا نلعب  . 


ابتسمت ديما لها ونهضت تردف بترقب  : 


- طيب العبي معاهم وأنا هروح المحل ده اشتري كتب وارجع لكم علطول  . 


- تمام يا باش كاتبة روحي  ،  ومش هتنازل عن إنك تعملي قصة حياتي رواية  . 


قالتها يسرا بنبرة مرحة وتحركت مع الصغيرة تتجه نحو شقيقها وتلعب معهما والصغيران يصرخان بمرح وسعادة  . 


أما ديما التي توجهت نحو محل بيع الكتب لتنتقي مجموعة أخرى تقرأها بالرغم من أنها لم تنهِ كتاب بحر ثائر بعد  أو تخشى أن تنهيه فتفقد المشاعر التي تعيشها عند قراءته بالرغم من أنها ألغت متابعته منذ أيام  ،  حينها شعرت أنها متناقضة مثله  ،  كيف لها أن تحب كتاباته وتكره شخصيته التي يظهر بها عبر الانستجرام  . 


هو أيضًا متناقضًا بشكلٍ يثير الفضول  ،  من يقرأ بحره يظنه طفلًا يشتهي العودة لأمه ومن يقرأ منشوراته يظنه خائنًا يشتهي أحضان الغرباء  . 


سارت بين أرفف الكتب تنتقي كتابًا عن علم النفس وآخرًا عن العلاقات الأسرية حتى وقفت عند رفٍ يحمل كتبه  ،  تفحصتهم بعينيها حتى استقرت عند أحدهم بعنوان  ( رحلة عبر الداخل  )  . 


كتاب باللون الوردي غلافه جريء بعض الشيء لتجد بين قوسين ( أسرار العلاقة الزوجية  ) وتدرك أنه يتحدث عن شيءٍ لمسها لذا استلته دون تردد وكأن فضولها هو من أخذه  . 


منذ أيام وهي تبحث عن إجابة لخيانة زوجها الملحوظة  ،  تتساءل هل هي المسؤولة عن هذا الخيانة أم أنها الضحية  ؟ 


هل حقًا أهملته وأهملت حقوقه الشرعية كما يحاول إقناعها أم أن طاقتها معه نفذت بفضل أفعاله  ؟ 


ولهذا ستقرأ هذا الكتاب ربما وجدت فيه إجابة ما تبحث عنها  . 


❈-❈-❈


ذهب يلبي دعوة العشاء التي دُعيَ إليها عند حماه  . 


برغم تعجبه من تلك الدعوة إلا أنه لم يرفض مثلما كان يفعل  ،  ربما لأن موضوع توماس يؤرقه  ،  أو ربما لأنه لم يرد إحزان معاذ  . 


جلس على الطاولة أمام السيد وليام ارتوا يملس على رأس صغيره الذي يجاوره ويضحك ويتحدث إليه  . 


لم يحيد وليام نظره عنهما  ،  منذ أن عرفه وتزوج ابنته وهو يراه مريبًا  ،  حينما ينظر إلى عينيه لا يصدق الهدوء الذي يُظهره  وما علمه عنه كان كافيًا ليؤكد شكوكه حوله ولكن أتى تصميم ابنته عليه ليُرضخه للقبول  . 


ولكن علاقته بابنه تثير تعجبه  ،  هو يحب حفيده ولكن ليس أغلى من حبه لابنته ولهذا لا يستطيع التعرض له بأي أذى بل جعله تحت أنظاره دومًا خاصةً وأنه عربي ومسلم وكاتب  .


لا يحبه ويعترف أنه يكرهه ولكنه لا ينكر إعجابه به وبشخصيته التي تناقض ابنته تمامًا  ،  لو كان يمتلك ابنًا مثله لكان الآن يمتلك قوة عظيمة ولهذا هو يسعى ليستقطب معاذ نحوه حتى يجد فيه الأمل المفقود حينما يكبر وحينما  ... ينهي حياة ثائر  . 


ابتسم على أفكاره الخبيثة وتحدث بنبرة تماثل أفكاره  : 


- أرى أن حالتك المزاجية تبدلت يا صغيري  ،  يبدو أن ضحكاتك جميعها من نصيب والدك فقط  ،  أتبخل على جدك المسن يا ولد بهذه الابتسامة الرائعة  ؟ 


نظر معاذ لوالده الذي هدأ ثم عاد يحدق في جده وأردف موضحًا بفطنة  : 


- أنا أحب أبي كثيرًا يا جدي  ،  هو يسمعني جيدًا ويعلم ما يحزنني ولا يفعله  ،  تعلم أنني أحبك أيضًا ولكنك دومًا تستجوبني وهذا يحزنني كأنني أخفي عنك شيئًا  . 


تجهمت ملامحه وبدا الانزعاج جليًّا عليه ليجيبه باستنكار  : 


- أنا  !  بالطبع لا يا صغير  ،  أنا فقط أشعر بالقلق حيالك لذا يجب علي أن أؤمنك جيدًا فأنت حفيد وليام ارتوا وليس أي فتىً عاديًا يجب أن تعلم ذلك  . 


باغته ثائر بنظرة ثاقبة وأردف بثبات مع ابتسامة باردة يظهرهما حينما يتعلق الأمر بطفله  : 


- حماية ابني مسؤولية على عاتقي سيد وليام  ،  لا تقلق حيال ذلك  . 


- كيف حمايته على عاتقك وأنت متورط مع أعدائك ثائر  ؟  سمعت أن هناك من يتربص لك ولكتاباتك المثيرة  ،  ماذا إن حاول الانتقام منك في معاذ  ؟ 


نبرته كانت مستفزة جعلت ثائر يتقلب بين الغضب والصمت لتأتي مارتينا من الأعلى وتردف بتوبيخ خاص بوالدها بعدما سمعت ما قاله له  : 


- ماذا أبي هل دعوته على العشاء لتسد شهيته  ؟  أنت تعلم جيدًا أن ثائر لن يسمح لأي أحدٍ أن يمس معاذ بسوء دعه وشأنه  . 


انحنت على ثائر تقبله من وجنته وسحبت مقعدًا مجاورًا له وجلست تستطرد بابتسامات توزعها على الجانبين ونظرات ذات مغزى  :  


- لا تفسد هذه اللحظة أبي  ،  أنا ومعاذ نحب أن نراكما في تصالح دائم  ،  ليتك تثق في ثائر وتتخذه ابنًا لك  ،  هو يستحق ذلك  . 


نطقتها وهي تتفرس ملامح ثائر القريبة منها حتى استقرت عند شفتيه تتخيل تقبيلهما ليزفر ثائر وينظر نحو ابنه مبتسمًا بينما أردف وليام يغيظٍ مكظوم وبنبرة ساخرة   : 


- لو اعتبرته ابنًا لي إذا حينها لا يجب أن تطالبي بالعودة له  ، حينها ستكونان أشقاء  . 


أردف ثائر بثقل ونبرة ملطفة حينما لاحظ الأجواء تحتد  : 


- أوه أنا ومارتينا أشقاء  ؟  هذا مزعج جدًا  . 


ضحكت عاليًا ودنت منه تهمس بجرأة عند أذنه  : 


- نعم مزعج جدًا ثائر  ،  كيف لك أن تكون شقيقي وأنا أشتهي تقبيلك الآن  . 


ابتعد قليلًا ولم يجبها بينما علق وليام ساخرًا على وضع ابنته  : 


- هيا تناولي طعامكِ مارتينا  ،  الوضع أصبح مملًا  . 


زفرت بضيق وبدأت تتناول طعامها وجلس ثائر يأكل ويولي اهتمامه إلى ابنه وعقله منشغلٌ بحديث وليام عن أعدائه  .


الصفحة التالية