-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 7 - 2 - السبت 30/11/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل السابع

2

تم النشر السبت

30/11/2024


وقفت في المصنع التابع لعائلتها والتي تملك جزءًا كبيرًا منه ولكن الحال لا يسرها على الإطلاق حيث وقفت في المكتب تتمعن في التقارير وأمامها عددًا لا بأس به من العمال والمهندس الذي يباشر عملهم  .


تطلعت عليهم تردف بنبرة شامخة موبخة لما رأته  :


- يعني إيه التقارير دي  ؟ ويعني إيه الإنتاج يقل عن السنة اللي فاتت  ؟ ليه إن شاء الله ده المفروض يزيد بعد الأجهزة المتطورة اللي جبناها ودفعنا فيها ملايين  ؟ ممكن أفهم إيه اللي بيحصل هنا بالضبط يا باش مهندس  ؟ 


توتر المهندس وشعر بالضيق منها ومن تسلطها ومراقبتها للأوضاع التي لم يهتم بها أحد بعد موت والدها لذا أجابها بفتور  :


- يا بسمة هانم إحنا بنعمل اللي علينا والعمال مش مقصرين بس الرواتب مش محفزة   .


قطبت جبينها تطالعه باستنكار واستياء مردفة  :


- يعني إيه مش محفزة  ؟ هو مش مرتباتكم زي اللي مكتوب قدامي ده ولا بتاخدوا أقل من كدة  ؟


تحمحم المهندس يجيب بتطاول وطمع اعتاده  :


- ايوة هي كدة بس احنا المفروض مرتباتنا تزيد كل 6 شهور وإلا الإنتاج هيقل زي ما شوفتي  .


تفاجأت من نبرته وتطاوله عليها لذا ابتسمت وأجابته بثقة وعملية  :


- أه ده لوي دراع مثلًا  ؟  طب والعمال موافقين على كلام الباش مهندس  ولا تحبوا تلتزموا بشغلكوا  ؟


لم يجبها عامل واحد بل جميعهم غلف الطمع أعينهم خاصة وأن المال المتروك يعلم السرقة لذا أومأت ونظرت لمحاميها الذي يجاورها ثم استطردت بنبرة عالية شامخة لا تقبل نقاش  :


- أستاذ ياريت تدفع لهم راتب 3 شهور لقدام  .


حالة مم الهرج والمرج عمت المكتب وانشرحت ملامح المهندس وشعر بالتباهي ولكنها استرسلت متشفية  :


- علشان مش هييجوا المصنع تاني  ، كلكم مرفودين  ، والراتب ده هعتبره كرم مني ليكم مع إن المفروض أرفع عليهم قضية إهمال بس أنا هطلع كريمة  ، ماشوفش حد منكم في المصنع بعد النهاردة  .


انقلبت فرحتهم وهاجوا يصيحون باعتراض ليردف المهندس باستنكار وغضب  :


- يعني إيه الكلام ده يا آنسة بسمة  ؟  إحنا لينا عقود عمل هنا ومش ببساطة كدة ترفدينا  ،  إنتِ عايزة تقفلي المصنع  ؟  هتجيبي عمال منين يشتغلوا  ؟ احنا مش هنمشي من هنا غير لما نبيل بيه هو اللي يمشينا  . 


باغتته بنظرة قوية برغم قلقها منه ومن هجومهم ولكنها أردفت بصمود  : 


- أنا لآخر لحظة براعي أنكم رد فعل على تقصيرنا في المصنع مع إن ده ميشفعش لإهمالكم وطمعكم بس التقارير اللي قدامي دي لو أستاذ محمود قدمها للنيابة كلكم هيتحقق معاكم  ،  وكفاية أوي لحد كدة  ،  اختاروا اللي إنتوا عايزينه  ؛  نفتح تحقيق ولا تسيبوا المصنع  ؟ 


يدركون جيدًا أنهم أهملوا عملهم كثيرًا عن ذي قبل وعمى الطمع أعينهم خاصة وأن المصنع لم يراقبه أحد منذ فترة طويلة لذا نظروا لبعضهم ثم قرروا مغادرة المكان قبل أن يحدث مالا يحمدوا عقباه  . 


نظر لها المهندس نظرات وتوعد يومئ متتاليًا ثم اندفع يغادر خلفهم وتركها تقف مع السيد محمود المحامي الذي أردف معترضًا  : 


- كدة مش صح يا آنسة بسمة  ،  المصنع هيقف تمامًا ودي خسارة كبيرة  . 


زفرت بقوة ترتد على مقعدها تفكر ثم استرسلت بشرود  : 


- إن شاء الله هيكون هنا عمال جديدة بعد بكرة  ،  أنا مش مهم عندي الخسارة اد ما مهم يكون شغال معايا ناس مخلصة وعندها ضمير يا أستاذ محمود  . 


أومأ مقتنعًا بحديثها برغم خوفه مما سيحدث خاصة رد فعل نبيل على ما فعلته  . 


❈-❈-❈


تجلس تباشر عملها باندماج وسط زملاءها  ، منذ أن بدأت عملها هنا وقد عُرفت بالالتزام والجدية  .


لا تشبه فرح التي تثرثر كثيرًا  ، ولا تشبه مايسة التي تتسم بالبرودة  ، هي فقط تحمل توازن والتزام أُعجب بهما زميلها شريف الذي لاحظ طاقة مرحٍ تدخرها داخلها وقد رأى منها القليل خارج جدران هذه الشركة حينما لمحها تتحدث مع شقيقها قبل أن يغادرا  . 


أعجب بملامحها الشرقية وشعرها الكيرلي الذي يعطيها مظهرًا جذابًا لذا فهو دومًا يختلس النظرات إليها وقد لاحظت هذا هي وزميلتيها ولكنها تتجاهله  . 


فجأة دلف مكتبهم مدير الشركة الصيني يرحب بالعربية ويجاوره شابًا من نفس جنسيته ينظر لوجوه الجميع حتى استقر عندها  ،  دقق النظر فيها وابتسم فهي نفسها ذات البنت التي قابلها هنا من قبل وتدعى  ...  دينا  ؟ 


هكذا تساءل بها بنبرة عالية أثارت دهشتهم فسأله المدير مستفسرًا بلغتهم الصينية  : 


- هل تعرفها سيد لو تشو  ؟ 


أومأ الشاب يوضح وعينيه مصوبة نحوها حيث وقفت ترحب به مثل زملائها  : 


- نعم  ،  تقابلنا صدفة هنا في آخر زيارة لي  ،  كيف حالكِ دينا  ؟ 


توترت حينما تذكرها لتجيبه بلغته بتلعثم  : 


- بخير  ،  شكرًا لك  . 


وزع المدير نظراته بينهما ثم توقف عند الشاب يهمس بترقب  : 


- ما رأيك أن تكون هي مرشدتك هنا في الشركة  ؟  هي موظفة جيدة وملتزمة  . 


أومأ له بالموافقة فنظر المدير نحو دينا يسترسل بنبرة آمرة  : 


- حسنًا دينا سوف تكونين أنتِ مرشدة السيد لو تشو هنا  ،  ستعرفينه على كل ما يحتاجه  ،  وبالمناسبة السيد لو تشو هو مدير القسم الجديد  ،  رحبوا به  . 


انحنوا بالترحاب الصيني فبادلهم الشاب وتوقف عند دينا يردف بنبرة ثاقبة  : 


- حسنًا دينا دعينا نبدأ غدًا  ،  وجهزي لي تقريرًا عن آخر أعمال القسم  . 


- كما تريد سيد لو تشو  . 


هكذا أجابته فأومأ مبتسمًا وودع البقية وغادر مع المدير من حيث أتى لتردف فرح بعدها بنبرة تلقائية تحمل حقدًا تخفيه بابتسامتها  : 


- يا بختك يا ست دينا  ،  دايمًا بتجيلك على طبق من دهب  . 


ابتسمت دينا بتكلف وأجابتها بجدية  : 


- على إيه يعني  ؟  الموضوع عادي  . 


تحدث شريف بنبرة مندفعة نسبة لغضبه  : 


- كان المفروض مستر يو هين يختار شاب زيه يبقى معاه  . 


باغتته بنظرة غاضبة وأجابته بشموخ  : 


- أومال إحنا بنشتغل ليه هنا ليه يا شريف  ؟  كلنا هنا زي بعض وبينا حدود ماينفعش نتخطاها  . 


هكذا أوقفته عن تخطي حدوده بالحديث معها فهي من النساء اللاتي تفضلن استقلاليتهن بنفسهن وإثبات هويتهن بعيدًا عن الحب والعواطف . 


❈-❈-❈


يمارس عمله بشرود حيث أن عقله منشغلًا بصالح الذي لم يأتِ بعد  . 


حاول الوصول إليه ومهاتفته ولكن دون جدوى  . 


زفر بقلق ثم أردف بانزعاج  : 


- واد يا بلية أنت تعرف المكان اللي قاعد فيه صالح فين بالضبط  ؟ 


ركض بلية أمامه وأردف بإيماءة وحماس  : 


- أيوة يا هندسة عارفه  ، أروح أشوفه   ؟ 


أومأ يحثه مسترسلًا  : 


- أيوة روح بص عليه ولو مالقتهوش اسأل الجيران عنه  . 


أسرع بلية يركض ويلبي الطلب بينما وقف داغر يحاول مجددًا الوصول إليه ويدعو الله أن تكون العواقب سليمة  ،  انفرجت ملامحه حينما أجاب صالح ولكن نبرته كانت حزينة مهمومة وهو يجيب  : 


- أيوا يا باش مهندس  ،  معلش الموبايل كان بعيد عني  . 


تساءل باهتمام وترقب  : 


- مش مشكلة بس إنت كويس  ؟  قلقتني عليك  . 


زفر صالح واسترسل وعينيه منكبة على والده الذي يرقد في المشفى يصارع الألم  : 


- أنا منيح الحمد لله بس والدي تعبان شوية  ،  ماقدرتش أتركه اليوم  ،  معلش اعذرني  . 


- طب انت فين  ؟ 


سألها داغر وهو يتحرك نحو الخارج متجاهلًا كلماته ليزفر صالح ويجيبه بحرج  : 


- أنا معاه في المستشفى  ،  خليك زي مانت وأنا هطمن عليه وآجي  . 


- طب اقفل يا صالح أنا جاي لك . 


أغلق معه وتحرك ليراه وهو يشعر بالمسؤولية تجاهه  ،  يقطن داخله حبًا لهذا الشاب خاصةً وأنه من البلد التي تصدّر للعالم العزة  .


    الصفحة التالية