رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 31جـ1 - 2 - الإثنين 4/11/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الواحد والثلاثون
الجزء الأول
2
تم النشر يوم الإثنين
4/11/2024
دلف اليها بداخل الغرفة ليجدها نائمة، يبدو أنها لم تشعر به، فلم يكلف نفسه تعب ايقاظها، وقد تحرك بخفة ليرتد ويغلق باب الغرفة، ثم يخلع عنه سترته العليا، ليتبقى فقط بالفانلة البيضاء على البنطال ، واندس بجوارها تحت الغطاء على الفراش، يلف ذراعه حولها
شعرت به لتستيقظ من غفوتها البسيطة، حتى كاد ان يصيبها الهلع، لولا همسه الخفيض:
- اشش انا عصام
غمرها الإطمئنان بغمرته لتحاول الاعتدال نحو جهته او الجلوس بجذعها ولكنه قربها بذراعيه التي تضمها من الخلف:
- خليكي براحتك ماتتحركيش، انا اصلا مرتاح كدة.
تبسمت مزعنة لأمره تسخر:
- انت شكلك تعبان من الشغل وجاي تنام؟
لم ينكر ، فجاء رده وانفاسه تلفح بشرة عنقها:
- بصراحة اه، الليلة اللي فاتت مرت عليا زي الكابوس وانتي مش معايا، وعمال أأنب نفسي اني سمعت كلام الدكتور وجيبتك هنا تريحي عند مامتك، كان واجب تقعدي في شقتنا واقعد انا جمبك واراعيكي.
هذه المرة غلبها الشوق لتعتدل بجسدها وتقابل وجهه، تمسح عليه بكفها الحانية تطمئنه:
- بس انت مهما عملت لا يمكن هتبقى زي امي، هتبقى عطلة ع الفاضي لاني برضو كنت هبعتلها تساعدك
تناول كف يدها التي تلامس بشرته، ليردف باستسلام:
- ماشي انا اتأكدت أنها هتعرف تساعدك وتريحك على ما نعدي الفترة الصعبة دي اكتر مني، لكن انا بقى هعمل ايه في بعدك وانتظار الايام دي اللي محد عارف هتبقى كام يوم لحد ما يطمنا الدكتور،
واستطرد يقرب نفسه أكثر ويقبلها من وجنتيها:
- انا اتعودت خلاص انام على دفى حضنك، حتى لو مفيش اي حاجة بينا، يكفي نفسك جمبي على السرير.
رغم تأثرها الشديد بكلماته، إلا أنها فضلت اخذ الأمر بمزاح حتى لا تدمع عيناها امامه:
- خلاص يبقى انتقل معايا هنا، هات هدومك وكل حاجتك، واهي الأوضة واسعة وتساعي كتير.
قرصها بإصبعي السبابة والابهام على وجننتها مرددًا:
- واضيق على امك واختك في بيتهم يا مجنونة يا أم عقل طاقق.
- ااه براحة يا عصام خدي وجعني.
قابل قولها بابتسامته:
- احسن عشان تبطلي جنان واقتراحات هبلة، اهم حاجة بس طمنيني حاسة بإيه النهاردة؟
أغمضت عينيها بتعب مرددة:
- تاني يا عصام ، ما انا قولتلك كذا مرة في التليفون كويسة، اسجلها ريكورد عشان تسمعها كل دقيقة.
عبست ملامحه يدعي الضيق في رد لها:
- لا يا ظريفة متسجليش عشان انا مش هبطل سؤال والمطلوب منك برضو تجاوبي بصدق، يعني لو في حاجة كدة ولا كدة تقولي ، مش تهملي زي المرة اللي فاتت، فاهمة كلامي.
قال الاخيرة بتحذير فهمت عليه، لتسارع في ترضيته على الفور بقولها:
- خلاص يا عصام والله فهمت ومش هكررها تاني .
- يبقى تسمعي الكلام وانتي ساكتة.
اومأت بطاعة ليضمها اكثر ويغمض عينيه مردفًا:
- شطورة وياللا نامي بقى، عشان اعرف انام انا كمان ، واخطفلي ساعتين بعد سهر الليلة اللي فاتت .
❈-❈-❈
تقدم بخطواته داخل المخزن المهجور منذ سنوات، حتى لم يعد احد يتذكره، نظرا لتوسع تجارتهم واختيار غيره بمسافة أقرب،
نظر إلى داخل المكان الذي تركها به ولم يجدها ، فجالت عينيه يبحث عنه حتى وجدها واقعة بالمقعد الموثفة به، وقد بدا جليًا محاولاتها الحثيثة لفك قيدها حتى انقلبت بهذه الهيئة، وحينما يأست من فشل محالولاتها المستمرة اضطرت للنوم بهذه الصورة، انتابه شيء من الشفقة نحوها، ولكن سرعان ما أخمد هذا الإحساس بداخله،
ليقترب منها ويعدلها بالمقعد المقيدة به، مما جعلها تستقيظ فتصطدم عينيها بوجهه بهذا القرب، لتخاطبه على الفور برجاء:
- انت جاي عشان تفكني صح؟ اكيد رجعت لعقلك وعرفت انا مين ؟
تبسم بثقة يتركها ، ثم قرب احد الكراسي يمسحها من الغبار اولا ثم يجلس مقابلا لها واضعًا قدما فوق الأخرى، يتحدث بهدوء:
- للأسف كان نفسي افرحك، بس الحقيقية هي ان انا واحد مخه طاقق، حتى وانا عارف انتي بنت مين؟ برضو مُصر اعلمك الأدب على عملتك معايا.
صرخت به بعد احباطه لأملها الاخير:
- لا دا انت فعلا مجنون بقى؟ انت مقيدني من امبارح صبح يا معتوه انت، لا اكلت ولا شربت ولا دخلت حمام.
رد ببساطة:
- بس انا ممنعتكيش من الأكل، عرضت عليكي الأكل والشرب امبارح بس انتي رفضتي.
عبرت مشمئزة:
- بقى عايزني انا اكل من ايدك، انا اش ضمني ان كانت نضيفة ولا هببت بيها ايه؟
ضحك يرفع الكفين امام عينيها:
- اهو يا ستي عشان تتأكدي أنها نضيفة، ما هو انتي مفيش قدامك غير الطريقة دي، لأن انا مش هحلك دلوقتي، انسي.
- انسى دا ايه؟ هو انت ناوي تضربني ولا تقتلني.
رددت بها بخوف غلف نبرتها، ليسارع هو بالتوضيح غاضبًا:
- مش انا اللي أمد ايدي على واحدة ست ولا أذيها، حتى لو كانت هي تستاهل
صدرت الاخيرة منه بعنف جعلها تجفل لتستعيد شراستها مرة أخرى في الرد عليه:
- ولما هو كدة حبسني ليه في ظروف غير ادميه، رابطني ومانعني اكل ولا اشرب ولا ادخل حمام.
- لا حول ولا قوة الا بالله
تمام بها ضاربًا كفيه ببعضهما من تذمر يراه غير مجدي معه:
- تاني برضو بتعيدي وتزيدي في نفس الكلام، ما قولتلك يا بنت الناس، اكل مش هتاكلي غير من ايدي، والشرب نفس الأمر، هتدلعي بقى وترفضي براحتك، وخلي الجوع يقرصك بقى.
زامت بقلة حيلة تستلم اخيرا، اذعانًا لصوت الوحوش بمعدتها التي كانت تصرخ من الجوع، لتوميء برأسها قائلة:
- طب الاول قبل ما اكل، عايزة اغسل ايدي، امسح المكياج اللي زمانه بهدل بشرتي.
- وماله يا ستي يعني جيتي في جمل
قالها يضحك بمرح، لينهض من امامها، ثم يقرب الطاولة التي وضع عليها الطعام وزجاجات المياه، ثم تناول محرمة ورقية وما ان رفعها امامها حتى ارتدت رأسها للخلف بخوف منه، ليزفر بضيق قائلًا:
- دي عشان أمسح المكياج اللي باظ في وشك، مش هعملك حاجة وحشة يا ست..
اضطرت للأستسلام، ثم امتدت يداه ليبدأ بالجبهة ثم ينزل بخفة على باقي ملامحها، برقة متناهية، فكلما مسح من المساحيق، كلما ظهر جمال بشرتها الصافية والخالية من أي شوائب، حتى وصل الى الشفتين والتي ما ان أزال اللون القاني منها حتى ظهر لونها الوردي، ليلعلن داخله غباء امرأة مثلها، تتمسك بأحدث صيحات الموضة، وتخفي ما وهبها الله من جمال فاتن.
زفر مرة اخرى ، ليلقى المحرمة من يده، شاعرًا بأشياء لا تصح ابدا مع امرأة مثلها، وجلس بغضب يكتمه ، ليقرب شطائر الطعام المعروفة، ليتهكم مخاطبًا لها:
- مرديتش اجيبلك من البيت ولا اي محل عادي من الشارع، عشان تعرفي غلاوتك عندي، قولت اجيبلك من حاجة مشهورة تفتح نفسك
لوكت قليلًا بفمها تمضغ القطعة التي قطمتها، لتعبس ردا له:
- وانت فاكر يعني ان اكل ال Fast Food حاجة حلوة ولا مستحبة عندي، دا انا بس عشان جعانة.
مط بشفتيه يظهر عدم اكتراثه، ليظل صامتًا في انتظارها حتى تنتهي من طعامها، قائلة:
- انا خلصت اكل، فاضل الحمام هتعملها ازاي دي بقى.
تبسم بمكر ليعود إلى كرسيه مسترخيًا:
- دا حاجة سهلة، المخزن هنا فيه كذا حمام، المهم نتكلم شوية ناخد وندي مع بعض.
جحظت ابصارها نحو الجهة التي أشار اليها، مبنى صغير وضح جليًا فائدته، وقد كان يشبه المراحيض العامة التي تتصادف برؤيتها احيانا في الطريق لتصرخ:
- لا بقى كل الا ده، اتنازلت واكلت من ايدك ، شربت من ازازة مية معدنية مش معروف مصدرها، لكن اسكت على ده اهو دا اللي يمكن يحصل، انا لورا، عيلتي متأصل جذورها لأسرة محمد علي، يعني أمرا وباشوات....
ظل صامتًا، يتركها تهذي وتصيح بالتهديد والوعيد ، يتأملها جيدًا بعدما أزال عن وجهها تلك المساحيق التي كانت تخفي جمالها الطبيعي، فكلمة فاتنة قليلة عنها ، ولكن لسانها وروحها الخبيثة تحتاج المزيد من الترويض، وهو مستعد تمام الاستعداد لذلك
- انت يا بني أدم انت، هتفضل سايبني كدة من غير ما ترد وكأني بكلم نفسي.
تبسم بتكاسل:
- دا ذنبي يعني، اني سايبك تخرجي كل اللي في قلبك، شتيمة وأي كلام زفت على دماغك، المهم انك في الآخر تهدي او تتهدي بمعنى أصح .
فغرت فاهها بانشداه تشعر أنها على وشك الإصابة بجلطة من افعاله:
- يا نهار اسود على برودك، انتي ازاي طايق نفسك كدة؟ لوح تلج.