-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 22 - 3 - الجمعة 1/11/2024

   

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الثاني والعشرون

3

تم النشر الجمعة

1/11/2024


وقفوا أمام الشقة بعد أن ساعدهم السائق في حمل الحقائب، فتحَ هو الباب يُدخل الحقائب أولاً، ثم دنو إلي الداخل مغلقين الباب خلفهم، تقدمَ هو يجلسُ علي أحدي الارآئك، بينما هي تأملت المكان تتفقده بفضولٍ، وكما توقعت، الشقة خيالية رغم بساطة تصميماتها، تصميم عصري يجمع بين الأناقة والراحة، فتفتح بابها على ردهة صغيرة مع جدران مطلية بألوان هادئة تعكس الإحساس بالسكينة.


تتكون الشقة من غرفة معيشة فسيحة، تحتوي على أريكة مريحة بلون رمادي فاتح، والتي أستقلَ عليها" مُراد" محاطة بعدد من الوسائد الملونة التي تضفي لمسة من الحيوية.... 


المطبخ متصل بغرفة المعيشة، مزود بخزائن خشبية أنيقة وسطح عمل من الرخام، مع أدوات مطبخ عصرية تسهل من عملية الطهي. رغم بساطة التصميم  ألاَ أنه مريح، وقفتها فقط بمكانها سمحت لها برؤية نصف الشقة.... 


_"الشقة جميله أوي، أنا هدخل الشُنط فالأوضة وهرتبها، وبعدين هاجي أعملك أكل، بدل أكل المستشفى اللي أنتَ مُش بتحبه". 


جرت حقيبتين مملؤتين بالملابس خاصتهم، وأتجهت إلي الغرفة الوحيدة بالشقة،الغرفة الرئيسية والتي كانت تحتوي على سرير مزدوج مغطى بغطاء نوم مريح وأنيق، مع خزانة ملابس واسعة وجدران مزينة ببعض اللوح الفنية الصغيرة، أتجهت أولاً لفتح النافذة، والتي كانت كبيرة، تسمحُ لكَ برؤية المنظر كُلهُ أمامك. ومن مكانك فقط......أنتقلت إلي الحقائب تضعهم علي السرير، من ثُم شرعت في تفريغ محتواياتهم بعناية، تقومُ برصهم بالخزانة.... لأنه وكما ترون، أقامتهم هنا ستكون طويلة قليلاً، نظرًا لتعب "مُراد" وذالكَ الحادث المفاجئ، والذي لم يكن بالحُسبان...... 


❈-❈-❈


بدأت رضوى تساعد مراد على ارتداء قميصه ببطء وهدوء، وكأنها تضع يديها على أثمن ما تملك.رفعت ذراعه بتأنٍّ لتسحبه داخل الكم، تمسك القماش بلطف وتضبطه على كتفيه بحرص  بينما تتابع كل حركة، كانت نظراتهما تلتقي بين الحين والآخر، فتبتسم له بحنان قالت بنبرة تحمل مزيجًا من الحنان والمزاح: 


_"واضح إني هبقي المسؤلة عنك طول الفترة الجاية دي ، خليك مُطيع وأسمع الكلام ها؟ "


_"حاضر يامامي "


ضحكت رضوى بصوت ناعم ثم ركزت على مساعدته بيدين رقيقتين، وبدأت بإدخال يده السليمة أولاً، ثم اقتربت من ذراعه المصابة بحرص شديد. رفعت الكمّ برفق كي تضمن أن لا تلمس الجبيرة بطريقة تسبب له الألم، وكانت تلمس ذراعه بحذر ودقة، محاولة ألا تسبب له أي ضيق وقد أختارت قميصًا فضفاض أكثر كي يُريحهُ بالحركة.... 

وفي لحظات قليلة، وجدت نفسها تركز على تفاصيله أكثر، وكأن لمساتها تحكي لغة من الرعاية التي لا تحتاج لكلمات.


أخذت تغلق أزرار القميص واحدًا تلو الآخر، أصابعها تمر برفق على القماش البارد، تلمسه وكأنها تحاول أن تنقل له دفئًا عميقًا. عندما انتهت، عدلت ياقة القميص بيدها وتراجعت قليلاً لتنظر إليه


كان" مراد" يراقب وجهها، يرى التعبيرات الدقيقة التي ترتسم عليه، ابتسامتها الطفيفة، وملامحها التي تشع دفئاً واهتماماً. حينما اقتربت لترفع ياقة القميص وتعدلها، شعر بأنفاسها الرقيقة بالقرب من وجهه.... 


ذراعه الأيسر المغطي بالجبيرة وقد بدأ يتعبه من وضعية عدم الحركة، يُحاول التكيف مع ثقل الجبيرة التي تغلف ذراعه، واضعًا يده المصابة على ركبته، بمجرد أن انتهت من إلباسه القميص، رفعت عينيها ونظرت في عينيه بابتسامة ملؤها الحنان، وقالت:


"أهو… شوف، الموضوع مش صعب طول ما أنا هنا،أنتَ بس خليك شطور وأسمع الكلام من سُكات متتعبنيش معاكْ.... هسيبك ترتاح شوية، عُقبال ما أخلص الغدا". 


❈-❈-❈


جلست" رضوي" على الأريكة المريحة في غرفة المعيشة، بجانب النافذة الواسعة التي تدخل منها أشعة الشمس الدافئة، بعد أطمئنت علي" مُراد" بعد تناولهُ لدوائهِ ثم الطعام وتركتهُ ينعم ببعض الراحة، كانت تُمسك برواية رومانسية جديدة بدأت في قرأتها للتو، قد جلبتها معها من ضمن الكتب التي كانت بالشقة، لفتت نظرها بالبداية وقادها فضولها نحوها خصوصًا عندما قرأت أسمها الذي يحمل عنوان "أحلام في سماء الحُب" وقد كانَ كُل شئ متعلق بالحُب يلفتُ أنظارها، خاصةً الروايات، تشعر حينها أنه هناكَ من يشاركها في أحساسه بنفس ما تشعر هي من الحُب الكامن بقلبها........ 


تستطيع أن تري بينَ سطور الكلمات، معاناة تُشبهُ معانتها مع الحُب، وخاصةً هذه الرواية، تأثرت بشخصياتها وأحداثها، وهي قصة تتحدث عن حبيبين، هما "ليلى" و"أمير"، اللذين واجها العديد من التحديات قبل أن يجدا السعادة في النهاية، وكانت تأمل أن تجد هي الأخري السعادة في النهاية 


تبدأ القصة حين تلتقي" ليلى" بـَ "أمير" في حدث أدبي، ويتكون بينهما شغف فوري، لكن هناك صعوبات في الحياة تفرق بينهما، يواجهان الكثير من العقبات، بما في ذلك العائلة والمجتمع، ولكن بالرغم من ذلك، يظلان متمسكين بحبهما، مع مرور الوقت، يكتشف" أمير" أن "ليلى" هي التي تشعره بالسعادة الحقيقية، بينما تجد هي في حبه الأمان والدعم، بعد الكثير من الكفاح، ينجحان في تجاوز كل الصعوبات، ويتزوجان في حفل بسيط ولكنه مليء بالحب.




بينما كانت تقرأ، شعرت "رضوي "بأنها تشبه" ليلى"، خاصة في مرحلة التحديات، حيث واجهت صعوبات في علاقتها مع" مُراد" والتي إلي الآن لازالت تُكافح وتواجه،ومُستعدة في مواجهة الأكثر من أجلهِ،. ولكنها لم تفقد الأمل، مثل "ليلى"، وتأمل أن تحظي بنهاية سعيدة مع أميرها هي" مُراد"


عندما أنهت الرواية، نظرت إلى الصفحة الأخيرة وابتسمت تقول بينها وبينَ نفسها: 


_"مش عايزة غير وجوده جمبي، نبدأ قصة حب، وتنتهي بالسعادة "


كانت تعرف أن تلك الرواية خيالية، وأن النهايات السعيدة تلك من نسج الخيال، ولمَ لا، هي أيضًا بأستطاعتها نسج نهاية سعيدة تجمعها بهِ، ونهايتها السعيدة تكمن في أطمئنانها بتواجده بجوارها دونَ أي عوائق تحيلُ ذالك، ويحظون بحياة هادئة دافئة، أحلام بسيطة تتمني لو تتحقق


وضعت الكتاب جانبًا، وأخذت نفسًا عميقًا، وارتسمت على شفتيها ابتسامة، وهي تفكر في المستقبل، حيث ستكتب هي أيضًا قصة خاصة بها مع "مُراد" غافلة عما تُخبئه لها الأيام القادمة...... 


❈-❈-❈


استيقظت رضوى في الصباح بهدوء، وهي تجد نفسها بجوار مراد النائم، الذي ما زالت ملامحه متعبة، رغم انحناء زوايا شفتيه بارتياح خافت. أبقت عينيها عليه للحظات، تراقب أنفاسه المتثاقلة ترتفع وتنخفض ببطء، كأنما تُحصي كل لحظة يقضيها في الراحة بعد أيام طويلة من التعب.


مررت يدها على جبهته برفق، تتلمس حرارته بحذر، ثم أبعدت الخصلات التي انسدلت على جبينه ببطء، كأنما تخشى أن توقظه. كان قلبها يزداد خفقانًا وهي ترى وجهه الهادئ، ملامحه التي طالما أحبّتها تبدو أكثر رقة الآن في سكونه. شعرت بشيء من الراحة، وقد انعكست على عينيها نظرة دافئة، شعرت في ذلك الحين بشعور غريب جدًا، لم تستطع أن تسميه، تكادُ تنسى ما هو؟ حتى قيل لها بأنه الإطمئنان...... 


الشيء الأكثر نُدرة في حياة كُل شخص، كان إحساسًا يعانق الروح، يزرع في أعماقها  بذر السكينة التي كانت تنقصها طوال سنوات من الصراع حتى جاء هو 


تلك اللحظة، حين انطفأت همسات الخوف في قلبها من هلعها فقط من فكره فُقدانهِ، أخيرًا أستكانت، هادئة مُطمئنة عليه، وعلي حياتها بجوارهِ،همست بصوت بالكاد يُسمع، وكأنها تخشى أن تقطع عليه نومه: 


_"بحبك ". 



بينما كانت تتأمل وجه النائم، لاحظت أنه بدأ يفتح عينيه ببطء،أشتعلَ وجههَا خجلاً،لو لم تكن متأكدة أنه نبرتها السابقة في نطق كلمتها كانت منخفضة جدًا،لشكت أنه سمعها، على الفور، ابتسمت وقالت بنبرة لطيفة:


"صباح الخير… عامل إي النهاردة؟"


مراد تنهد بصوت خافت،يرمشُ بأهدابهِ وأثر النُعاس لازال متعلق بوجههُ،حاول أن يتعدل في مكانه، ثم نظر إليها وقال بنبرة متعبة لكنها دافئة، ناطقً بكلمات خرجت سَلِسَة دون التفكير، فقط لأنه شعرَ بتلك الكلمات بقوة في هذه الثانية تحديدًا: 


"صباح الخير يا رضوى… لسه شوية تعب كده، بس كفاية إنكِ جمبي، ده أحسن من أي دوا."


ضحكت بخفة وضربت كتفه بلطف،  من ثُم قالت بمزاح:


"أها، بقت كده؟ يعني أنا بقيت دواء متحرك؟ طيب كده هنكتبلي جرعات ولا إيه؟"


رد عليها مبتسمًا، وحاول الجلوس بتعب خفيف:


"لو توافقي على جرعات زيادة، أنا مستعد أرجع المستشفي تاني ."


وضعت وسادة خلف ظهره لمساعدته على الجلوس، وقالت بنبرة جادة مغلفة بالدفء:


"لا، كفاية عليك التعب ده…أن شاءلله تقوم بالسلامة وتبقي أحسن من الأول"


مراد نظر إليها نظرة عميقة وكأنه يبحث عن شيء في عينيها، ثم قال بخفوت والكلمات تنزلقُ منه بصدقٍ حقيقي :


"عارفة، فكرة إنك قعدتِ جنبي طول الوقت ده… حسستني بأمان غريب، كنت دايمًا بفكر إن الناس بتمشي وقت التعب… لكن انتي فضلتي موجوده بالرغم من إنك أول مرة تتحطي فالموقف ده "


لمعت عينيها، تقول بهدوء: 


"وأمشي ليه؟ دا أنت مراد، الوحيد اللي عمره ما خذلني، إزاي أسيبك؟ أنتَ وقفت جمبي في حاجات كتيرة أوي، ده مجرد جزء بسيط من جميلك عليا"


أكملت بمرح محاولة كسر الأجواء العاطفية الثقيلة:


"على فكرة، أنتَ بعد ما تخف ناوية ألففك ورايا أحياء فرنسا كلها،من ساعة ما جيت وأنا مش عارفه أستغل المكان كويس".



الصفحة التالية