-->

رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 24 - 1 - الإثنين 4/11/2024

  

قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية قلب نازف بالحب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هاجر التركي


الفصل الرابع والعشرون

1

تم النشر الإثنين

4/11/2024



كانت" رضوى" مُستلقية على الأريكة في الصالة، تحاول أن تستجمع أفكارها وتضبط مشاعرها المضطربة. كانت غارقة في قلقها، إذ كانت تتخيل كل السيناريوهات المحتملة لسبب تأخر" مراد"عيناها المغلقتان لم تستطيعا أن تهدئا، وكان قلبها ينبض بسرعة، بينما كانت محاطة بهدوء الليل الذي لم يكن يعكس ما تشعر به.


فجأة، كسر صوت الباب الصمت، مما جعلها تستيقظ بسرعة، وتتحفز للتفاعل، لكن مشاعر التوتر كانت تسيطر عليها. عندما دخل" مراد"بدا عليه الهدوء، وعيناه تحملان تعبيرًا مختلطًا من الارتياح والغموض. لم يتحدث، ووقف هناك للحظة، وكأن الكلمات التي كان يجب أن تخرج منه كانت عالقة في حلقه.... أطلقت هي تنهيدة عميقة، لكنها لم تستطع كبح مشاعرها


عادت نظراتهما لتلتقي، وكانت تلك اللحظة مليئة بالتوتر. شعرت "رضوى" بشيء من التحدي في عينيه، بينما كاد قلبها يتوقف من ثقل المشاعر غير المعلنة. كان هناك الكثير مما يمكن قوله، لكن الصمت كان يحيط بهما، كأنهما في دوامة من الافتقار للتواصل، ومع ذلك، كانت الأجواء مشحونة بالشحنات المتوترة التي جعلت كل شيء يبدو أكثر حدة.....


نهضت تستقيمُ، سألته بصوت متوتر، عاقدة حاجبيها. لم تكن بحاجة إلى أن تكون صارمة، لكن القلق الذي كان يملأ قلبها استحوذ على حديثها.


_"كُنت فين؟ ". 


لم يستطع أن يفهم كيف أثر غيابه عليها. كانت تقفز في ذهنه أسئلة حول مشاعرها، هل هي خائفة عليه حقًا؟ أم أنها تشعر بشيء آخر؟ رد عليها سؤالها بسؤال آخر: 


_" أنتِ إللي أي مصحيك لحد دلوقتى؟ ". 


نظرَ لساعتهُ ثم أكمل: 


_" دي الساعه داخله علي أتنين!!. ". 


جائهُ ردَها متحفزًا: 


_" ولما أنتَ عارف أن الساعة داخلة علي أتنين، أي أخرك لحد دلوقتي؟ ". 


رفعَ حاجبيهِ كـ تعبيرًا عن أستغرابهِ، لكنهُ حكَ أرنبة أنفهِ، يقول بنبرة مازحة لا تتماشي مع الموقف بتاتًا وكأنه لا يري كيف تشتعل المسكينة أمامه: 


_" أنتِ بتخافي تُقعدي لوحدك ولا أي؟ "


قالها بنبرة ساخرة كان يريد أن يجعلها مزحة تخفف حدة الموقف، لكن خرجت بشكلٍ آخر، شعرت هي أن الكلمات لم تكن كافية. كان هناك فجوة بينهما، أكبر من مجرد تأخره، وفهم كل منهما للآخر كان لا يزال ضبابيًا، وكأنهم يعيشون في عالمين مختلفين.... لذا تنهدت بتعبٍ، وفضلت الأنسحاب بهدوء، لذا، أبعدت نظرها عنهُ قائلة بهدوء: 


_"الأكل عندك فالمطبخ ده لو مكنتش كلت يعني، أنا داخلة أنام تصبح على خير ". 

أنهت جُملتها وسريعًا ما أستدارت تواليهِ ظهرها، خطت خطوة واحدة للأمام، وأوقفها صوتهِ حينما نادىَ بأسمها: 


_" رضوي أستني! ". 


التفتت لهُ تطالعه بنظرة فارغة: 


_" نعم؟ ". 


_" تعالي كُلي معايا ". 


_" ألف هنا أنا أكلت الحمدلله من بدري! ".. 


_" طيب أنا عايز أتكلم معاكِ ". 


ربعت يداها فوق صدرها، وقد لازالت مُتضايقة من أسلوبه الساخر: 


_" مينفعش الكلام يتأجل لبكره؟ أنا محتاجه أنام دلوقتي! ". 


وكأنها لم تتحدث بجُملتها الأخيرة من الأساس، أقترب منها أكثر، حتى باتَ يقفُ أمامها مباشرةً، وعينيهِ مُركزة علي عينيها لا تحيد، يطالعها بتحدٍ، بينما قابلت هي نظراته بنظرات متوترة حائرة،سألها دون مُقدمات، فقط القي كلماته فوق رأسها دون تمهيد لذالك: 


_" لي مُش عايزة تعترفي أنك فعلاً خايفة عليا ".


زاغت نظراتها، وقد شعرت بالحرارة تسري في خديها، أبعدت نظرها عنه تنظر للأرض تارة او لجانبها تارة قائله بنبرة حاولت أخراجها ثابتة: 


_" عادي... قلقت شويه مش أكتر، ولو ده ضايقك، أوعدك أنها آخر مرة، لو حبيت المرة الجاية  تبات بره البيت براحتك ". 


تسربت الأجواء من حولهم إلى حالة من التوتر المتصاعد، بينما كان" مراد" يقف أمام "رضوى" التي ثانية وستفقد وعيها، عازمًا على استكشاف ما كان يجري في قلبها. كان يعلم أن هناك شيئًا غير مكتمل بينهما، وأن القلق الذي كان يملأ عينيها يحمل في طياته مشاعر أعمق من مجرد الخوف على سلامته.


"ليه مش عايزة تعترفي بمشاعرك ناحيتي؟لي ؟"


سأل بصوت هادئ، لكنه يحمل قوة محاصرة. كانت لهجته تدل على تحدٍ، وكأنها تثير داخلها أشياء لم تكن لتواجهها من قبل:


"لو أنتِ خايفة عليا، فأنتِ أكيد حاسة بحاجة أكبر من كده."


تراجعت "رضوى" قليلاً، مشاعرها تتصارع في داخلها. لم يكن الأمر سهلاً، خاصة مع الضغوط التي كانت تفرضها على نفسها وعلى علاقتهم: 


_"والله أنا مُش مسئولة عن تفسيرك ده!، وللمرة التانية بعتذر إني أتدخلت في اللي ميخصنيش، مُمكن تسيبني أدخل أنام؟ "


قالت ذالك بنبرة قوة، تخفي أضطراب مشاعرها، وخفقان قلبها، والذي أن أقتربَ أنشً واحدًا، سيجدهُ يصرخ بحُبهِ، أصبح وجه "مُراد" أكثر جدية: 


_"بتهربي من مشاعرك ليه؟ عايز أفهم، أنتِ خايفة؟ ". 


_" برضو مُنتظر مني أجابة علي حاجات أنت أفترضتها من نفسك! "


نظرت إليه، عينيها تتأملان تلك النظرة القوية التي تشبثت بكيانها، كأنها كانت تبحث عن مخرج، اقترب منها أكثر، كأنه يريد أن يُضيق الفجوة التي كانت تفصل بينهما: 


_"أتكلمي أنا سامعك ". 


_" أتكلم أقول أي؟ "


استشعرت في قلبها تلك المشاعر التي كانت تحاول دفنها. لم يكن بإمكانها إنكار ما كانت تشعر به، ولكن القلق كان لا يزال يحيط بها، ولازالت لا تفهم حصاره لها بتلك الطريقة، ولا تلك الأسئلة الغير متوقعة منهُ بتاتًا، وكأنهُ أصّر علي مفجأتها كثيرًا الليلة، هتفَ بلسان ثقيل، مُقتربًا أكثر، من وجهها يضيق عليها الحصار: 


_"عايزة تطلّقي مني يا رضوي؟. ". 


بسرعة ماذا يفعلون عندما يتعطل العقل البشري؟ هل يستعينون بصديق؟ الكلمات الأفكار هربت.... هربت وتركتها بكماء أمام كلماتهِ، تلجلجت، وضربها التوتر، وشعرت بتقلصات طفيفة بمعدتها، هتفت بنبرة متوترة لأبعد حد متقطعة: 


_" أنا... أنا هو يعني، أصل مفيش داعي إني أضغطك معايا أكتر من كده، أنتَ برضو عندك حياتك، علشان كده..... علشان يعني، بما إني الحمدلله مفيش حاجه، يبقي خلاص ". 


تبًا كل هذه الكلمات المتقطعة، هل تنظر أحدهم ليأتي ويرتب كلماتها العبثية تلك؟ لقد قطعَ المسافة الصغيرة التي بينهم،وأصبحَ قريبًا منها ، تكاد أنفاسه تلتقي بأنفاسها، والجو من حولهما مشحون بالقلق والشكوك. عينا" مراد" كانت تحملان نظرة حادة، مفعمة بالشغف والرغبة في الفهم، وكأنهما تسائلان عن كل ما يجول في ذهنها دون الحاجة للكلمات. لم يكن فقط جسده قريبًا منها، بل كانت مشاعره تحيط بها، تثقل الأجواء حولهما بوطأة لا تُحتمل.


"رضوى" في تلك اللحظة، كانت متوترة إلى حد كبير. كانت تشعر كما لو كانت عالقة في دوامة من العواطف المتضاربة. قلبها كان يخفق بشدة، وكأن كل نبضة كانت تناديها للاعتراف بما كان يختبئ في أعماقها. شعرت بجسدها يتفاعل مع قربه، لكن في ذات الوقت، كانت تدرك تمامًا المخاطر التي يمكن أن تنجم عن تلك المشاعر.


في تلك اللحظة، تساءلت إذا كانت مشاعرها ستقودها إلى النور أم إلى الهاوية. نظرت إلى "مراد"، ورأت في عينيه مزيجًا من الحماس والقلق، كأنه يترقب اللحظة التي ستخرج فيها من قوقعتها. لكن الشعور بالخوف كان يثقل كاهلها، وكأنها تخشى من أن تتفجر كل تلك المشاعر المكبوتة فتجعلها عارية أمامه، بلا دروع........... 


رفعَ يدهِ السليمة، وأبعدَ خُصلة متمردة عن غُرتها يرجعها إلي خلف أُذنيها بلمسة إذابتها، قائلاً بنبرة رخيمة قُرب وجهها مباشرة: 


_" عايزة تطلقي؟ طيب أنا شكلي هيبقي أي وأنتِ كنتِ متجوزاني شهر وأكتر،وتبقي لسه زي ما أنتِ....يقولوا عليا أي؟عايزاني بعد العمر ده كله أتفضح الفضيحة الشنعاء دي؟".


رمشت بأهدابها بتفاجئ، ليُكمل بنبرة أكثر لينًا: 


_"أكيد مترضليش الفضيحة صح؟ خصوصًا إني كفيل أعمل واجبي علي أكمل وجه يا روبانزل ". 


_" مش فاهمه؟ ". 


قالتها ظنً منها أنها هكذا ستخرج من حصار كلماتهِ، نظر لها بجرأة يقول بعبثية: 


_" مش عارف من حظك الحلو ولا حظك الوحش أني دراعي مكسور للأسف؟ بس ملحوقة، كلها كام يوم وأفُك البتاع ده.... وهبقي أفهمك، بس عملي مش نظري". 


غمزَ بطرف عينيه في نهاية جُملته..... بلعت ما بجوفها بتوتر بالغ، وهي تُراقب عينيه أينَ تمركزت.... بالأسفل علي شفتيها التي كانتا ترتجف ببطء: 


_" بحبك يا رضوي ". 


لقد نطقَ بها للتو من بينَ شفتيه بخفةٍ وبكل سلاسة، يناظرها بهدوءٍ وعلي وجههُ رُسمت إبتسامة هادئة لطيفة، ماذَا ينتظر؟ هل ينتظر أجابة، هي لا تُصدق من الأساس، فقط تقفُ كالبلهاء ترمِشُ بأهدابها بحركات سريعة، هل أحدكم فصلَ عن الكهرباء، لا.... إذن لِمَ هي مُتصنمة هكذا..... تصنمها بتلك الطريقة الظريفة من وجهة نظرهِ تدفعهُ للأبتسام بأتساع أكبر، مع تحريك تُفاحة أدم في منتصف عُنقهِ الطويل...... تبًا، أن كانت كاميرا خفية لأحدي البرامج السخيفة، علي الحقير صاحب الفكرة الأختباء في أحدي الكهوف أو ينتحر قبل أن يتجرأ ويُخبرها أنها مزحة للعبثِ معها ليسَ إلا أيّا كانَ صاحب برنامج المزحات المقرفة والسخيفة تلكَ...... 


صمتها طالَ عن الحد الطبيعي، مما جعلَ تقضيبة صغيرة تظهر علي وجه ذاكَ الواقف، شكَ بوجود مشكلة ما، لا يفهم صمتها ذاكَ، تحركت شفتيهِ ببطء وكان علي وشكِ سؤالها عن ماذا هناك، لكنها لم تُعطي له الفُرصة حتى، فـ سريعًا رفعت نفسها لمستواه، تقفُ علي أصابعُ قدميها مع أنها لم تصل لتوازيه طولاً لكن أصبحت قريبة منه، من ثم دون أن تُعطي له الفرصة فالترجمة أو حتى الأستيعاب، قبلتهُ...... نعم أخرست أي حرف سيخرج من شفتيهِ بتقبيلها لهم مُغمضة عينيها بأمتنان....


الصفحة التالية