رواية جديدة قلب نازف بالحب لهاجر التركي - الفصل 25 - 2 - الثلاثاء 5/11/2024
قراءة رواية قلب نازف بالحب كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قلب نازف بالحب
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة هاجر التركي
الفصل الخانس والعشرون
2
تم النشر الثلاثاء
5/11/2024
ضحكت" رضوى" بصوت خافت وهي تهز رأسها:
"لا، أنا شايفاك بعيد خالص عن الوصف ده… يعني يمكن عندك لمسة من الشجاعة، بس كفاية عليك… لسه مفيش جديلة عشان تتسلقها!"
رفع حاجبه متظاهراً بالاستياء وقال:
"يا لهوي! ده معناه لازم أشتغل على مهاراتي في التسلق والسرقة علشان أرضي الأميرة؟!"
عندها، ربتت رضوى على كتفه مازحة:
" والأميرة راضية عنك.... "
ساد بينهما صمت قصير، ثم التفتت "رضوى"نحو الشاشة من جديد، لكنها شعرت بشيء أعمق يسري بينهما، كأن مراد كشف لها جزءًا من حقيقته الخفية، تمامًا مثلما حدث في القصة الشهيرة....
أوشكَ الفيلم علي الأنتهاء، بينما وهم مندمجين مع أحداث الفيلم، أتت فتاة لم يتبين ملامحها بسبب الأضائة المنخفضة، وجلست بجوار" مُراد "، نظرت لها" رضوي "برفعة حاجب، تحاول أن تري شكلها.... لكن لا داعي، فتاة فرنسية، كيف ستكون برأيها..... بالطبع كتلة من الجمال، الفتاة كانت قريبة جدًا من زوجها، ولاحظت أنها نظرت له بأنبهار للحظات بالرغم من الأضائة المنخفضة إلاَ أنه كان يظهر جذاب ووسيم، بدأت تحرك قدميها بقلق تحت المقعد وكان بإمكانها أن تشعر بأن الحرارة تتزايد في وجهها. ثم حاولت التركيز على مشروبها، لكن حتى تلك اللحظة كانت تشعر بأن طعمه مُر..... تغار، تغار لأبعد حد، تبًا مبردها نسيت أن تأتي بهِ معها، غبية كيف لها أن تنسي سلاحها... لكن لا بأس أظافرها ستقوم بالمُهمة....
أنشغلت تمامًا عن الفيلم وظلت تتابعهم، تتابع زوجها الذي بحركة تلقائية عينيه وقعت علي الجالسة بجواره، بسبب رائحة عطرها الجريئة والقوية، لكن عاد بنظره سريعًا إلي الشاشة الكبيرة أمامه بعد أن أبتسم لزوجته، وبادلته الأبتسامة بأخري صفراء......
بدأت تحلل مشاعرها، فاستنتجت أن غيرتها لا تتعلق فقط برغبتها في أن تكون في قلب" مراد"، ولكن أيضًا بخوفها من فقدانه. كان لديها شعور بأن ارتباطهما لا يزال هشًا، وأن أي شيء يمكن أن يهز هذه العلاقة.....
عملَ عقلها بثواني ووضعَ خطة، وسريعًا ما أخرجت زجاجة عطرها الخاص من حقيبتها، وقد لاحظت هي الأخري عطر الفتاة القوي... بدأت تنثر علي ملابسها، وأقتربت من زوجها ونثرت حوله وعليه أيضًا مما جعلته يطالعها بتفاجئ، يصيح بها: غ
_"بتعملي أي يخربيتك؟ ده حريمي.. ".
_" أسكت "
❈-❈-❈
في تلك الليلة، عندما تجسدت النجوم في السماء كأنها كانت تُراقبها بعناية، جلست "رانيا "على حافة سريرها، تحيط بها الظلال. قلبها كان يحمل ثقل العالم، ومشاعرها كانت تتصارع كعواصف في محيط هائج. صورة" طارق"، الذي لم يكن في حياتها سوى طيف، كان يتلاعب بأفكارها، يأخذها إلى أماكن لم تكن تتخيل أنها قد تُدخِلها.
بدا "طارق" وكأنه الشمس التي تسللت إلى عالمها المعتم، ولكنه كان أيضًا تهديدًا. كان يعكس ضوءًا ساطعًا على جوانب شخصيتها التي كانت قد دفنتها تحت أكوام من الخوف والقلق. الحب الذي بدأ بينهما كان حقيقيًا، لكنه جاء محملاً بأسئلة لم تجرؤ على طرحها. "كيف سيقبلني" كانت تلك الأفكار كالأشواك في قلبها، تمنعها من التقدم نحو أي شيء.
لم يكن قرار الابتعاد سهلاً عليها. كانت تشعر وكأنها تسحب خيوط حبها من قلبها، تخاف من أن تنكسر في كل مرة تتذكر لحظاتهما. كان" طارق" بالنسبة لها أكثر من مجرد رجل؛ كان ملاذًا، ولمسةً من الأمل. ولكن الخوف من فقدانه جعلها تختار الاختفاء، كأنها تتجنب خطرًا محتملاً، حتى لا تعود مرة أخرى إلى عالم الحزن الذي عاشت فيه.....
كانت تسأل نفسها، بينما تتأمل صورتها في المرآة، ترى انعكاسًا لامرأة محطمة، امرأة كانت تخشى أن تُظهر ضعفاتها. لم تكن مجرد أم، بل كانت امرأة حملت على عاتقها عبء ماضيها، ماضي اختارته، لكنه لم يترك لها خيارًا في كيفية عيش حاضرها. كانت تشعر بالذنب حيال ما فقدته، وبالضعف بسبب ما لا يمكنها السيطرة عليه. ترك زوجها السابق فراغًا في قلب ابنها، وفي حياتها، وها هي الآن تخشى أن تترك فراغًا آخر في قلب "طارق"
كان بإمكانها أن تتخيل يديه، كيف كانتا تمتدان نحوها، وكلماته الدافئة التي كانت كعناق يحمل في طياته الأمان. كان لديه القدرة على إبعاد كل تلك الأشباح، لكنه لم يعرف بعد عن تلك الأشباح التي تسكن "رانيا" أشباح ماضيها......
قطعَ شرودها بالفراغ، طرق خفيف علي باب الغُرفة، سمحت بالدخول، ثواني وطلت "إسراء"برأسها،من ثم تقدمت لها،راقبت وجهها الشاحب،وملامحها الذابلة،سألتها بقلق:
_"مختفية فين يا رانيا؟ ليه بتهربي؟ وبتهربي من أي؟"...
تسرب ضوء القمر ليُضئ الغُرفة، لكن الغمامة التي تغلف" رانيا" تجعل المشهد كئيبًا. عيون "إسراء"، المليئة بالقلق، تبحث عن إجابات في عيني صديقتها التي تحملت الكثير.طالعتها بنظرة حزينه، متنهدة بتعب، قائلة بوهن:
_"بهرب من ماضي هيتكرر تاني".
تظهر تجاعيد القلق على جبينها بينما تمتلئ عينيها بالدموع التي تهدد بالانفجار. كان لها صوتٌ كأنه يخرج من قاع بئر عميق، مليء بالألم والمعاناة، ينفجر من أعماق قلبها.
"طارق كل شويه يرن عليا يسأل عنك، وبييجي كل يوم النادي برضو يسأل عنك، هو في أي بالضبط؟".
تسارع نبض" رانيا"، وكأن كل كلمة تنطق بها "إسراء" تضرب أوتار قلبها، تجلب معها ذكريات مؤلمة، أبعدت عينيها بعيدًا عنها تقول بإنكسار
_"لو سأل عني تاني قوليله رانيا رجعت دبي تاني، أو راحت في أي داهية".
تجمد ملامح" إسراء" وظهر الارتباك في عينيها، تحاول فهم مدى حجم الألم الذي تعيشه الأخري، وكأن كلماتها صادمة كالرصاص.
_"ليه؟ ليه كل ده؟ فهميني اللي بيحصل يا رانيا؟ من أمتا وأنتِ بتخبي عليا؟".
صوت" إسراء" يزداد حدة، مملوء بالقلق، وكأنها تحاول تقويض جدران الصمت التي بنتها" رانيا "حول نفسها.
_"أنا تعبانة أوي يا إسراء، خلاص جبت آخري...".
تسقط الكلمات من شفتيها كالحجارة، تكشف عن ضعفها، وتعبها، وكل الضغوط التي تعيشها. عيناها تنظران بعيدًا، وكأنهما تبحثان عن هرب من هذه اللحظة.
_"أحكيلي مالك؟ أتكلمي أنا سمعاكِ".
يُخيم صمت ثقيل على الأجواء، كأن الزمن توقف، فيسود الهدوء ليعطي الفرصة لرغبتها في البوح، بينما تتوجه نظرات" إسراء" نحوها بعينين مليئتين بالتعاطف والدعم.
_"طارق طلب إيدي..... شوفي أنتِ أتصدمتي أزاي وسكتي، علشان مش مصدقة، مش مصدقة أن طارق الشاب هيتجوز واحد مطلقة ومعاها عيل".
يتجمد الوقت عند هذه اللحظة، وتبدو" إسراء "كأنها تواجه عاصفة من الصدمة، ذهولها يترك أثرًا عميقًا على وجهها. تشعر كما لو أن العالم قد انقلب رأسًا على عقب، وبختها بضيق علي تفكيرها هذا:
_"أي ده؟ أي ده؟ اي الهبل ده؟ أنا بس بحاول أستوعب، أنتِ بتتكلمي بجد والله؟".
ظهرت معالم الحيرة بوضوح في تعبير" إسراء" تتأملها وكأنها تحاول العثور على معاني جديدة وسط كلمات صديقتها.
تخرج الكلمات بصعوبة، وكأن كل حرف يعبر عن آلامها، بينما تسكن نظرات إسراء عميقًا في عيني رانيا، محاولا فهم كل ما يحدث.
_"للأسف أيوه".
_"وللأسف ليه بقا؟ أنا كنت حاسة حالك مكانش عاجبني، ولقيتك متغيره أنتِ وهو.... طيب قوليلي أنتِ بتتهربي منه ليه؟".
نظرت رإلى الأرض، تبتعد عن المواجهة وكأنها تخشى أن تكون الكلمات التي ستخرج منها بمثابة الحكم عليها.
_"طارق ميعرفش إني مطلقة يا إسراء".
تتجلى الشكوك في عيني" إسراء" كأنها تُعيد تقييم كل شيء، بينما تتلاشى الألوان في عيني "رانيا"، كما لو أن ماضيها قد استحوذ على كل الأمل في المستقبل.
ظهرت علامات الإصرار على وجه" إسراء"، وهي تسعى لإضاءة الطريق أمام صديقتها ولكن التوتر لا يزال يسيطر على الأجواء.
"عرفيه وهو لو بيحبك بجد صدقيني مش هيفرق معاه، طارق مش بالجهل ده صدقيني، أنا عارفاه كويس، أختيارك للهروب ده مش حل.... أنتِ مش شايفة شكلك عامل أزاي؟".
سقط دمعة على خدها، ترمز إلى حجم الألم الذي تعيشه، كما لو كانت تسجل كل جرح في ذاكرتها، تقول بنبرة واهنة والقلق ينهش قلبها:
_"خايفة، خايفة يعرف وميتقبلش الموضوع وكل حاجه تتغير، ويختار هو يبعد، علشان كده أنا أخترت أنا اللي أبعد من الأول، مش عايزة الوجع يتفتح تاني يا إسراء والله أنا مش حِمل وجع تاني، أستكفيت والله العظيم....".