-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 16 - 1 - الثلاثاء5/11/2024

  

 قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل السادس عشر

1

تم النشر الثلاثاء

5/11/2024


"أن لم تتذوق طعم الغيرة فإنك لم تعلم معني الحب من الأساس"


توقف مكانه وعينيه تقطر شراً ما أن رأي هذا الدخيل يقترب منها ويمازحها والأدهي أن هذه الحمقاء تبتسم له ببلاهة، مهلاً مهلاً أنه جلس جوارها ويتناول طعامه من نفس الطبق الخاص بمتمردته. 

تحرك صوبهم ووقف أمامها مباشرة، رفعت الأخري نظرها عن طعامها وجدته أمامها، تبسمت بفرحة:

-أمير مش معقول ؟

نظر إلى غريمه الذي انتبه لغريمه، وتحدث أمير بثقة :

-أخبارك يا نور ؟

تبسمت ببلاهة وقالت:

-بخير أخبارك أنت أيه أخبارك ؟

رد مبتسماً:

-بخير. 

"مش هتعرفيني بالأستاذ"

قالها أمير بإستهزاء وهو ينظر إلي غريمه بحقد.

رد الأخر بإنزعاج:

-أستاذ هو حضرتك مش شاف البالطو ولا ايه ؟

تبسم بإستهزاء وقال:

-لأ شايفه بس علي حد علمي طلبة الدبلومات الفنية بيلبسوه، وكمان طلبة الاقتصاد الاقتصاد المنزلي بيلبسوه أكيد طالما هنا في الكافيه ممكن تبقي الشيف صح؟!

رمقه الآخر بإزدراء وعدل من ياقته وتحدث بزهو:

-أنا الدكتور حسن دياب أيه مسمعتش عني ؟

تبسم أمير بإستهزاء وتهكم قائلاً:

-تطلع مين يعني يا حسن يا دياب. 

صمت قليلاً مفكراً وشهق بإصطناع، وهو يضرب علي صدره بطريقة مسرحية:

-تكونش أخو عمرو دياب وأنا معرفش؟ هتكون مين أنت يعني أنا ولا أعرفك ولا سمعت عنك ولا هسمع عنك في طبق اليوم حتى.

أشتاظ الآخر ونظر إلي نور وتسأل بحقد:

-مين ده يا نور ؟

صحح أمير مبوخاً:

-إسمها دكتورة نور يا شاطر. 

اتسعت عين الآخر وهو يشير الي نفسه بصدمة:

-نعم ؟ شاطر أنت بتكلمني أنا ؟

قلب الآخر عينيه بملل وعقب بنبرة ذات معني :

-أنت شايف أيه هو في حد غيرك هنا ؟

نهض بضيق، ونظر الي نور وهتف منزعجاً:

-بعد إذنك يا أنسة نور عندي عملية مهمة سلام. 

غادر أسفل نظرات أمير المشتعلة، جلس  مكانه وتحدث بفحيح:

-ممكن أعرف مين الواد أبو فيونكة ده ؟ أيه سبب أنه يقعد معاكي ولوحدكم ؟ لا وكمان بيطفح معاكي من نفس الطبق ؟ ساكته ليه أنطقي ولا القط أكل لسانك ؟

أتسعت عيناها وهي تنظر حولها بترقب، تنهدت براحة أن الموجودين كلاً منهم منشغل بطعامه، اتجهت بنظراتها إليه وتحدثت ساخرة :

-أفندم؟ أمير ممكن أفهم أيه الي عملته مع دكتور حسن ده؟ علي فكرة ده دكتور كبير وليه إسمه كنا قاعدين نفطر سوا وكنا بنتناقش في حالة أيه مشكلة حضرتك أنت؟

أشتعلت عين الآخر وتحدث بتبرير:

-أزاي يقعد معاكي ولوحدكم ؟ لأ وكمان يأكل من نفس طبقك ؟

زفرت بحنق وعقبت متهكمة:

-أولاً ده طبق ساندوتشات أيه مشكلة سعادتك؟ ثانياً ده دكتور وليه أسمه، ثالثاً بقي والأهم محدش هيقدر يتكلم ولا يقول حاجة لأن أحنا زملاء وده طبيعي لكن الي مش طبيعي إلي حضرتك عملته ومع الأسف هحتاج أعتذر لدكتور حسن كمان والمفروض أبرر ليه حضرتك مين ؟

رد بزهو:

-أيوة عرفيه أنا مين عشان يلتزم حدوده بعد كده.

❈-❈-❈

زفرت بحنق وقالت:

-وحضرتك تطلع مين أصلاً ؟! مجرد صديق ليا يعمل ده كله في دكتور محترم زي ده ؟

رمقها محذراً وأضاف :

-نعم أنت هتقللي مني عشان البتاع ده ولا أيه ؟ شكلك ناسية أنا مين؟! وأنا الفيونكة ده شغال في أملاكي وسهل جداً أرفده. 

تسألت بهدوء:

-ترفده ليه ؟

رد ببرود:

-مزاجي فلوسي وأنا حر فيها أرفد وأشغل الي نفسي فيه. 

إمتعض وجهها ورمقته شذراً، ونهضت بهدوء وقالت :

-وأحنا مش عبيد عند حضرتك وعند فلوسك علي الأقل أحنا وصلنا للي أحنا فيه ده من غير فلوس بابي ومامي أحنا طلعنا من بيوت شقيانة عارفة القرش جاي منين ورايح فين، الفلوس بتاعتك مسيرها هتخلص وتبقي في الشارع لكن حتي لو أحنا أطردنا من الشغل هنلاقي ألف مكان عايزنا الفلوس والشغل هما الي بيجروا ورانا عشان إحنا معانا علم بعد إذنك.

غادرت تاركة إياه يتأكل ندماً هو لم يقصد بالفعل ما فهمته، تبسم ساخراً تظنه ولد وفي فمه ملعقة ذهب لا تدري أن والده كان عاملاً بسيط، وبعد أن توفي بسن العاشرة أصبح يعمل ويعول والدته حتي وافتها المنية بعد خمس سنوات، وانتقل وقتها للعيش برفقة خالته ومع ذلك كان يعمل لدي زوجها في شركته حتي لا يقال أن أحد له الفضل عليه في يوماً من الأيام.

❈-❈-❈

أما على الجانب الآخر عند صفا، طرقت باب المكتب بخفة ودلفت بإستئذان:

-ممكن أدخل يا دكتور؟

تبسم بهدوء،ونهض مرحباً :

-تفتكري ده سؤال يا صفا بردوا؟ أتفضلي يا بنتي أتفضلي. 

أغلقت الباب وجلست علي المقعد المقابل له، وجلس الآخر علي مقعده، عاد بظهره إلي الخلف وخلع عويناته الطبية وتحدث بحنو:

-أخبارك أيه يا دكتورة صفا طمنيني عنك ؟

تبسمت بهدوء وأجابت:

-بخير الحمد لله.

تنهد براحة، وتسأل:

-ياسين باشا سافر ؟

غام الحزن علي وجهها وردت بحزن :

-أيوة سافر إمبارح.

أومأ بتفهم:

-ربنا يقومه بالسلامة يا بنتي .

دعت بتمني :

-يارب يا دكتور يارب. 

تسأل بفضول:

-للدرجة دي بتحبيه يا صفا ؟

عضت علي شفتيها بخجل وردت:

-أيوة يا دكتور. 

تنهد بقلق وتسأل :

-طيب هو ؟

تبسمت براحة وقالت:

-هو كمان بيحبني يا دكتور. 

أومأ بتفهم وعقب بنبرة هادئة :

-ربنا يخليكم لبعض يا بنتي ها ناوية ترجعي الشغل بقي ؟

حركت رأسها بلا وتحدثت بهدوء :

-لا هاخد أجازة طويلة لما ياسين يرجع هنشغل معاه وكمان هو لسه ميعرفش أني دكتورة أصلا.

تنهد بقلة حيلة وقال :

-أنا أسف يا صفا. 

قطبت جبينها بعدم فهم وتسألت:

-حضرتك بتعتذر ليه ؟

رد بحزن:

-عشان أنا إلي رشحتك يا بنتي. 

تبسمت براحة وقالت :

-خضتني يا دكتور وبعدين حضرتك عملت فيا أكبر جميل أصلا ها موافق على الاجازة ؟

تبسم ساخراً وعقب :

-جوزك نفسه صاحب المستشفى عايزاني أنا أترفد ماشي يا ستي أسمعيني يا صفا أنا مش بس مديرك يا بنتي لأ أنا كمان في مقام والدك أي وقت تحتاجيني فيه متتردديش تكلميني. 

تبسمت بإمتنان وقالت :

-شكراً لحضرتك.

❈-❈-❈

أنتهت مما جاءت إليه وغادرت المشفى، وجدت سيارة أمير ما زالت في إنتظارها، أستقلت السيارة جواره وتحدثت معتذرة:

-أسفة بجد أني عطلتك عن شغلك. 

تبسم بإقتضاب وقال:

-ولا تعب ولا حاجة. 

تعجبت من طريقته فتساءلت بحذر:

-أنت كويس ؟!

زفر أنفاسه بضيق وقال:

-لأ مش كويس أنا أتخانقت أنا ونور بسبب الزفت إلي إسمه حسن.

رمقته بعدم فهم وتسألت:

-نور مين ؟ ودكتور حسن مين ؟

رد بنفاذ صبر :

-نور صاحبتك ودكتور حسن دياب ده. 

قطبت جبينها بحيرة وقالت :

-طيب اتخانقت معاهم ليه مش فاهمة ؟

إنفجر بها وسرد كل ما حدث.

أومأت بتفهم وتسألت:

-طيب وأيه يزعلك في ده ؟

رد بتلقائية:

-عشان بحبها. 

تبسمت بهدوء وقالت:

-طيب والي يحب حد يزعله ؟

رد بتبرير:

-أنا مكنش قصدي أزعلها أنا يعني كنت.. 

-"أنت كنت غيران عليها" 

قالتها صفا ببساطة. 

تنهد بهدوء وقال :

-أيوة. 

هتفت بثقة :

-وهي زعلت منك صح كده ؟

تنهد بنفاذ صبر وقال:

-أيوة يا ستي ها هتساعديني أصالحها؟

أومأت بإيجاب:

-حاضر. 

تبسم بفرحة :

-شكراً يا صفا بجد. 

ردت بهدوء:

-لا شكر على واجب.

نظر لها بتردد وتحدث بلطف:

-صفا أنتِ أزاي حبيتي ياسين وهو وضعه كده ؟ أنا عارف إنك بتحبيه طبعاً والله بس أزاي ياسين كان زي التور الهايج رافض أي حد يقرب منه أزاي قدرته ترويضه ؟

أردفت بصدق:

-قدرت أروضه بالحب ياسين كل إلي كان محتاجه يحس بالحب والأمان بس عشان يقدر يسترد الثقة في نفسه من تاني أما أنا حبيت ياسين أزاي ياسين مكنش فيه عيب أنفر منه ياسين فتي أحلامي إلي قلبي نبض ليه من غير ما أحس الحب مش بيدق الباب ولا بيستئذن الحب بيخترق القلب بدون سابق إنذار بس كده.

أومأ بتفهم وقال:

-ربنا يسعدكم يارب يا صفا وياسين يرجع بالسلامة وتعيشوا في نبات ونبات وتخلفوا صبيان وبنات.

تبسمت ممتنة وعقبت:

-اللهم أمين يارب العالمين.

صمت الإثنين حتي أوصل أمير صفا الي المنزل وذهب هو إلي عمله، ظلت طوال اليوم حبيسة غرفتها.



الصفحة التالية