-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 26 - 1 - الثلاثاء 26/11/2024

  

 قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل السادس والعشرون

1

تم النشر الثلاثاء

26/11/2024



"عندما تصم عقلك عن التصديق، فلا داعي أن تجعل أذنك تستمع إلي حقائق تحسبها أن تراهات لا قيمة لها"


توقف بسيارته أخيراً أمام إحدي الكافيهات، هبط من السيارة واتجه إلي الجهة الأخرى وقام بفتح الباب وتحدث متهكماً:

-أتفضلي أنزلي يا برنسس.

رمقته شذراً وهبطت من السيارة وشبكت ذراعيها أمام صدرها وتحدثت بنفاذ صبر:

-خير عايز أيه مني ؟

تجاهل ردها وهتف ببرود:

-أكيد مش هنتكلم في الشارع أتفضلي ندخل جوه أكيد مش هنتكلم في الشارع.

صاحت معترضة:

-جوه فين أنت مين أصلا عشان تكلمني كده وبعدين كلام أيه إلي هنتكلم فيه ؟ حكايتنا خلصت خلاص ياريت تشوف حالك وتسبني في حالي بقي.

-"سبتي المستشفى ليه؟"

سألها مباشرة وعينيه منصبه علي عينيها بتركيز منتظراً ردها.

تبسمت بمرارة، وحدقت في عينيه تستشف منه مغزي سؤالها، لكن مع الأسف لن تري بهم شئ سوي البرود لا غير:

-أظن ده شئ ميخصكش من الأساس.

امتعض وجهه وتحدث بكبرياء:

-يخصني أنتِ ناسية أن المستشفى دي تبقي بتاعتي ؟ وأنتِ بتشتغلي عندي عايز أعرف سبتيها ليه مش ممكن تشتغلي مع مستشفى منافسة عشان تضريني ؟

رمقته بعدم فهم وتسألت بحيرة:

-أشتغل في مستشفى منافسة عشان أضرك؟ هضرك أزاي ؟ وهستفيد أيه من الأساس ؟

-"تنتقمي مني كالعادة وتطمعي في فلوسي"

نطقها بتلقائية، مما جعل الآخري تبتسم ساخرة وعقبت:

-انتقم منك كالعادة ؟ هو أنا انتقمت منك أولاني ؟ عشان انتقم منك تاني؟ أو أنا أخدت منك فلوس من الأساس ؟

رد بضيق:

-والي عملتيه فيا وانتقامك لما طردتك من المستشفى 

وطمعك الفلوس ده تسميه أيه؟ ها ردي والمليون جنيه إلي أخدتيهم من أبويا نسياهم ؟! وصلات الأمانة إلي عليها إمضتك .

زفرت أنفاسها بضيق وعقلها لا يستعب ما يقول لكن كل ما توصلت إليه أن ما يقوله ما هي أكذوبة من والدة للتفرقة بينهم تذكرت وصلات الأمانة وقامت بربط كل شئ حسناً ستتركه كما هو حتي يكتشف الحقيقة بمفرده ويعود نادماً آخذت نفس عميق وقالت:

-أنا انتقمت منك؟ أنا طمعت في الفلوس ؟ أنت شايف كده ومصدق تمام إلي أنا مش فاهمة هو أمتي وأزاي أنت بتتكلم عني أنت عارف أنا مش هرد عليك عارف ليه عشان أنت غبي ومتخلف حتي لو اتكلمت مش هتصدق في قاعدة حلوة أوي أنا ماشية بيها وهقولك عليها إلي عايز يصدق عنك حاجة مش كويسة هيصدق عشان يشوفك كده حتي لو أنت كويس يبقي ليه تبرر والتبرير ملوش لازمة ؟ أنا همشي ولو سمحت أبعد عني بقي سبني في حالي أنت شايف أني أذيتك أظن أخدت حقك مني ورديت كرامتك سبني أنا بقي في حالي خلينا أرمم إلي باقي مني وأبني إلي أنت هدمته أنت دمرت حياتي من غير وجه حق قدمت ليك الحب وكل الي أقدر عليه في حياتي وما أخدتش منك غير التعب ووجع القلب وبس.

تحدث بمكابرة:

-بجد ؟ هتفضلي عايشة في دور الضحية كتير ؟ خلاص لعبتك أتكشفت وظهرتي علي حقيقتك ومش هتقدري تضحكي عليا تاني وأنتِ اخدتي مني كتير أوي كفاية إنك شلتي إسمي في يوم من الأيام.

حدقت به بعدم إستيعاب وتدراكت مستفهمة:

-هو أنت إنسان طبيعي زينا إلي جواك ده لحم ودم؟ أنا بجد مصدومة فيك يا ياسين أنت هتفضل أكبر غلطة في حياتي ومع الأسف هتفضل بصمة سودة في حياتي مهما أهرب منها هتبقي قدامي بإستمرار أظن خلاص قولت إلي عندك وقلبك ونفسيتك أرتاحت؟ أقدر أمشي بقي ولو سمحت لو سمحت انساني بقي وسبني في حالي بعد إذنك.

تركته وغادرت قامت بإيقاف سيارة أجرة واستقلت بها ودموعها تنساب على وجنتيها لا تصدق أنها أحبت ولا تزال تحب رجلا ً كهذا .

بينما ظل هو واقفاً يتأمل طيفها بشرود، كم ود أن يركض خلفها ويضمها بين ضلوعه ويبدأ معها من جديد وسحقاً للماضي اللعين ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه كبريائه وكرامته تمنعه من هذا.


اتجه إلي سيارته وهو ينظر في طيفها وداخله تناقض كبير جزء منه يصدقها ويود الركض خلفها وآخذها داخل أحضانه وشيطانه يخبره أنا ما تفعله ما هو إلا جزء من مخطتها الدنئ، وكالعادة أنتصر شيطانه وأستقل سيارته بكبرياء وقادها بسرعة كبيرة كي يبتعد عنها وداخله يحترق.

❈-❈-❈

هبطت الدرج بسأم واتجهت إلي طاولة الطعام، وجلست علي مضض بعد أن رمقت الجالس بنظرة حارقة.

تحدث ببرود:

-محدش علمك أنك لازم تقولي صباح الخير ولا أيه ؟

ردت بنفاذ صبر:

-صباح الخير.

رد ببرود:

-صباح النور.

تسألت بفضول:

-خير حضرتك عايز مني ايه؟ أكيد مش باعت الخدامة تصحيني عشان أقولك صباح الخير.

دارت بنطراتها علي السفرة وأكملت متهكمة:

-حضرتك كمان فطرت يعني أكيد مش هفتح نفسك علي الفطار.

تبسم ببرود وعقب:

-هو أنتِ تفتحي نفسك أنتِ تسدي النفس عن الدنيا كلها بس ما علينا محتاج ليكي ومضطر استحمل.

قلبت عينيها بضجر وتسألت:

-خير؟

تحدث بحذر:

-ياسين قالي أنك عايزة تخلفي منه صح الكلام ده ولا بتجري رجله وخلاص؟ 

ردت بحرج:

-أيوة طبعاً عايزة أخلف عايزة أبقي أم وأستقر.

أتسعت إبتسامته وقال:

-وأنا هساعدك في ده يا فريدة عشان تحقق أمنيتي ويبقي عندي حفيد .

رمقته بعدم فهم وتسألت:

-بجد هتساعدني ؟ طيب أزاي  ؟

تحدث بثقة:

-ياسين مش طايقك ولا طايق يبص في وشك وفي نفس الوقت مش طايق الزفتة التانية بس الفرق بقي أنه بيحبها ودايما يفكر فيها أحنا بقي هنلعب علي ده.

قطبت جبينها بحيرة وتداركت قائلة:

-مش فاهمة بردوا ؟

رد بهدوء:

-كل إلي أحنا محتاجينه أن ياسين يقرب منك عشان يحصل حمل وده إستحالة يحصل لو انطبقت السماء علي الأرض يبقي كده مفيش قدامنا غير حل واحد وبس .

تسألت بفضول:

-حل أيه ؟

استطرد بتوضيح:

-مخدر يخلي عقله يغيب بحيث يكون فاكر إنك أنتِ صفا إلي هيتجنن عشان يشوفها مش بس يلمسها.

أتسعت عيناها بصدمة وهللت بإعجاب:

-فكرة حلوة أوي بس لو إبنك عرف هيهد البيت علينا.

تهكم ساخراً وعقب:

-هيعرف منين هو حباية تتحط ليه في فنجان القوة بتاعه والباقي سهل.

صفقت بحماس وقالت:

-حلو جداً طيب هنفذ أمتي ؟

رد بعزم:

-النهاردة بإذن الله.

❈-❈-❈

في غرفة الكشف الطبي، تستلقي صفا علي الفراش بينما الطبيبة تجلس علي المقعد وعينيها منصبة علي الشاشة، ويدها تحرك جهاز السونار علي بطن الاخيرة.

تسألت صفا بقلق:

-طمنيني يا دكتور هو بخير؟

تبسمت الطبيبة بعملية وقالت:

-أطمني بخير والوضع مستقر أنتِ إمتي عملتي فحص ؟

عضت الآخري علي شفتيها بإحراج وقالت:

-آول مرة.

رمقتها الطبيبة معاتبة وعقبت:

-علي ما عرفت أنك دكتورة يعني لازم يبقي فيه وعي واهتمام أكتر من كده لازم فحص بعد كده كل أسبوعين عشان نطمئن، عادت بنظراتها إلي الشاشة وتسألت:

-حابة تسمعي نبضه؟

اتسعت إيتسامتها بفرحة وقالت:

-ياريت.

أومأت الطبيبة بإيجاب، وما هي إلا ثوان وصوت نبضات طفلها تشق الصمت، دمعت عيناها من الفرحة شعور جديد عليها، تحركت غريزة الأمومة داخلها وهي تنظر إلي الشاشة بتمعن شديد وهي تطوق إلي اللحظة التي يأتي وليدها علي قيد الحياة وتنفصل روحه عن روحها ويأتي لأحضانها، توعدت داخلها أن تحافظ عليه وأن تكون له الأب والأم وستفعل قصاري جهدها حتي لا يشعر بمرارة اليتم كما عاشته هي لكن الفرق أن والدها قد توفي بالفعل بينما والده مازال علي قيد الحياة حي يرزق، ويا أسفاه بعد ما دار بينهم اليوم علمت أنها علي صواب بعدم إخباره بوجود هذا الجنين بأحشائها مؤكد سيطلب منها إجهاضه، فاقت من شرودها علي صوت الطبيبة.


الصفحة التالية