رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 31جـ2 - 2 - الخميس 7/11/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الواحد والثلاثون
الجزء الثاني
2
تم النشر يوم الخميس
7/11/2024
انفعلت بها، بغفلة منها عن تأثيرها عليه، وقد سقط قلبه بين قدميه ان تصدق بذكر الإحتمال الثاني بالفعل، لكن سرعان ما ادراها بعقله ليصل إلى يقين استنتاجه، انها تتلاعب به، كما يفعل هو ايضًا، ليستدرجها بذكائه:
- خلاص اعذريني طيب لو غلطت يا مدام صفية.....
- يخرب بيتك .
صرخت بها لتواصل بنفاذ:
- لا تقولي مدام ولا اَنسة ولا زفت حتى، ممكن لو تكرمت تفضل ساكت لحد ما نوصل للنيلة المستشفى اللي قولت عليها؟
كادت تفضحه ابتسامته، ولكنه استطاع ان يكبتها ليميل إلى الخلف، يريح رأسه على المقعد ويعود إلى اتقان التمثيل؛
- زي ما تحبي يا أستاذة، انا كمان تعبان ومش قادر اتكلم، لما نوصل المستشفى اللي قولتلك عليها تبقي تصحيني، دا لو مروحتش في غيبوبة الله اعلم بقى.
تطلعت اليه بعدم استيعاب تجده اغمض عينيه بالفعل لتعقب بضجر:
- دي مكنش بوكس ده يا ربي، يارتني اخدته انا .
❈-❈-❈
توقفت اخيرا السيارة امام البناية التي تعرفها عن ظهر قلب، ورغم اشتياقها الشديد لها، إلا أنها ترفض رفضًا قاطعًا أن تدخلها مرة اخرى دون ان تتغير صفتها من زوجة سرية إلى اخرى في العلن.
- نعم! ممكن افهم انت جايبني هنا ليه؟
التف اليها بتجهمه يتحدث بجدية لا تقبل النقاش.
- خلي بالك ان معنديش الميزة دلوقتي اللي تخليني اسمع ولا اجادل معاكي، انزلي من العربية حالا يا بهجة ومسمعش نفس، اخلصي ياللا.
صاح الاخيرة بحزم جعلها تترجل على الفور، رغم تذمرها، لتتبعه بعد ذلك في الدلوف إلى داخل المنزل الذي كان عشها الجميل، وربما مايزال ولكن هذا مشروط بإعلانه.
توقفت في الوسط بعدما القت بالتحية على الخادمة الأجنبية، والتي انصرفت بعد ذلك حينما شعرت بتوتر الأجواء.
وقد وقف هو ايضًا يقابل عنادها بتغطرس، واضعًا كفيه بجيبي بنطاله، ليعود إلى الصمت الذي يثير انفعالها:
- وبعدين يعني؟ انا هفضل اليوم كله ابصلك وانتي تبصلي من غير ما تتكلم بحرف، لو مش لاقي كلام اللم نفسي واروح احسن .
همت لتلتف ولكنه اوقفها بصيحة جهورية:
- اقفي مكانك يا بهجة ومتخرجيش شياطيني عليكي، انا محجمهم بالعافية.
ابتلعت رمقها تجاهد للثبات امامه، وفي محاولة منها لامتصاص غضبه:
- وانا عملت ايه يعني لغضبك عليا؟ انا اصلا مستغربة نرفزتك من البداية، انا خارجة من الجامعة، مش من مكان وحش لا سمح الله .
تقدم بخطواته البطيئة نحوها يردد خلفها ساخرًا بغيظ :
- لا طبعا وانتي تعملي حاجة وحشة اصلا؟ ست متجوزة رايحة تقدم طلب عودة للدراسة ومبلغة الجميع بخطوتها إلا جوزها، غلطت في ايه يعني؟
جاهدت للثبات امامه، رغم ارتجاف قلبها في الداخل فهيئته كانت غير مطمئنة على الإطلاق، وهي تبرر بصوت مهتز:
- انا شوفت انها حاجة متهمكش ان ابلغك بيها.
احمرت عيناه ليتخلى عن هدوءه صائحًا بها:
- تعليمك ميهمنيش يا بهجة، تهميشك ليا في خطوة تقومي بيها لنفسك او لاخواتك متهمنيش يا بهجة.
واقترب يمسكها من عضديها مزمجرًا بها:
- انتي ايه حكايتك بالظبط؟ سايقة في تمردك وانا صابر عليكي وبقدر زعلك من آخر موقف ما بينا، لكن لحد امتى بالظبط هفضل مستحمل؟ انا فاض بيا خلاص منك ومن عمايلك.
شحذت همتها، لتدفع بقبضتيه عن ذراعيها، فتواجهه بشراسة:
- يبقى ريح دماغك ومتتعبش نفسك معايا، انا واحدة سايقة الاستعباط، تتحمل ليه انسانة زيي؟....
- اخرسي يا بهجة.
صرخ بها يرفع قبضته للأعلى حتى خشت ان يضربها، ليفاجأها بسحبها وضمها اليه على حين غفلة منها، يطبق عليها بقوة، وكأنه يريد إدخالها بين اضلعه، انفاسه الخشنة تهدر بقوة حتى كانت تشعر بها في صدرها، وصوته المتحشرج:
- ليه مصرة تطلعي أسوء ما فيا، دا انا ملقتش روحي غير معاكي، ليه عايزاها تتوه مني من تاني؟ ليه؟ ليه ماحبتنيش زي ما انا حبيتك يا بهجة؟
انشق قلبها نصفين تأثرًا بعذابه، حتى كادت ان تضعف وتخر راكعة طالبة السماح، تعترف بعلو صوتها انها تعشقه، بل تتنفسه كالهواء، كما انها اشتاقت اليه وبشدة، براح العالم في ضمته، رائحته التي تغمرها، دفئه الذي يغنيها عن العالم هو امانها، ولكن مهلُا، ان سلمت وضعفت الاَن فعليها ان تسلم بضياع حقها إلى آخر العمر، ولكن هذا لن يحدث ابدًا.
لتتمالك وتنزع نفسها عنه فجأة بعدما ظن تجاوبها وارتخاء حصونها امام غزوه، فتذهله بقناع القوة الذي ترتديه:
- ومين قالك اني ماحبتكش، بس العشق زي الزهرة يا باشا، بتزهزه وتزهر في ضي الشمس، انما لو خبيتها في أوضة ضلمة، مهما راعيت ولا سقيتها من قلبك عمرها ما بتكبر، بل بالعكس دي بتموت.
- قصدك ايه يا بهجة؟
يسألها وكأن المعنى لم يصله بعد، او ربما لا يريد تصديقه، ورغم الوعد الذي قطعته على نفسها، إلا أنها ترى هذه المرة الضرورة الملحة لإظهار رغبتها:
- مش محتاجة شرح يا باشا، بس انا عايزة افكرك كويس بأول يوم كلمتني فيه عن جوازنا، ساعتها كنت واضح اوي لما اظهرت الأمر مجرد رغبة، وانا اسست نظامي على كدة، بمجرد انتهائها تخلص كل حاجة ما بينا وكل واحد يروح لحاله، انما انت دلوقتي بتكلمني عن غرام وعشق، يعني انا لو هوافقك وابادلك احساسك.... يبقى في النور، لأن العشق اللي في الضلمة ليه اسم تاني؟
بدت الصدمة على ملامحه، وقد وضحت ما تريده الآن وبدون مواربة.
بالطبع لم يعجبها رد فعله، رغم انه لم يتكلم حتى الاَن، إلا ان الإجابة اعتلت تعابيره وبقوة، فما حاجتها لتبرير كاذب لن يجدي نفعًا منها.
- مفيش داعي تتخض اوي كدة يا باشا، انا مش بطالبك بحاجة لا سمح الله، انا عارفة مقامي أوي بالنسبالك، والفرق الشاسع بيني وما بينك، الفكرة بس اني حبيت ابقى واضحة وافكرك...... عشان متجيش وتجيب اللوم عليا بعد كدة، عن اذنك بقى عايزة اشوف اخواتي.....
- استني يا بهجة انا لسة متكلمتش اصلا
هتف بها يوقفها في رد متأخر منه ليوجه السؤال مباشرة لها:
- عايزاني اعلن عن جوازنا يا بهجة، يعني هو دا غرضك من الاول؟
ابتلعت غصتها لتجيبه بعزة نفس:
- لأ طبعا مش غرضي، بس كمان مش هفضل طول العمل عشيقة سرية لجنابك حتى لو بورقة رسمية محللها الشرع والقانون، انا بحط الأمر في ايدك وانت تقرر، ياريت ما توقفنيش تاني وانا ماشية دلوقتي.
قالت كلماتها واستدارت مغادرة على الفور، لتتركه متجمدًا محله، ما تطلبه صعب ، وفراقها ايضًا صعب، اذن ماذا يفعل؟،
سقط بجسده على الكرسي القريب منه، ينزع عنه رابطة العنق التي تخنقه
لماذا لا يسير الأمر كما يخطط له؟ لماذا لا تستمر ايام سعادته معها؟ وهي الوحيد التي احبها وبصدق، لماذا يتكرر كابوسه القديم؟ وتنعاد نفس قصة ابيه، حتى وبهجة لا تشبه ابدا تلك الملعونة من قريب أو بعيد، ولكن القصة واحدة
اما هي فقد خرجت من المنزل لا ترى امامها ، بأعين تغشاها الدموع، تؤلمها النهاية التي تبدو على وشك، ولكن كرامتها تأبى التراجع، حتى وروحها تصرخ داخلها، وقلبها يأن شوقًا، لن تصبح له بعد الآن سوى في النور .
توقفت فجأة في نصف الطريق، بعدما اصطدمت عينيها باَخر شخص تتمنى رؤيته الاَن، مستندًا بظهره على جانب سيارته المتواضعة، بوقفته الغريبة وكأنه كان في انتظارها:
- واقف هنا ليه يا سامر؟
القى بنظره نحو المنزل الذي خرجت منه قبل ان يعود اليها، في رسالة واضحة وصلت اليها ليخرج صوته بعد ذلك بما يشبه الأمر: