-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 18جـ 1 - 1 - السبت 23/11/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل الثامن عشر 

الجزء الأول

1

تم النشر يوم السبت

23/11/2024

« سأعترف بكل شيء ...» 



عندما يثقل القلب والفكر بالخبايا والأسرار يأتي الوقت الذى تنفذ عنده طاقة التحمل ويبقى حل واحد أخير ... الإنفجار ...

لقد خبأت كل أسراري بداخل بئر عميق لم أدرى أنا نفسي نهايته ، لكن هذا البئر قد إمتلأ ولم يعد بالإمكان الكتمان لأكثر من ذلك ..

فلابد من الإعتراف ، لكن من يتحمل مشقة هذا الحِمل المُنهك معي ؟!! ، من أستطيع أن أثق به لأسكب إليه كل ما خبأته بداخلي ؟!! ، ليس سوى أشقاء القمر ، من يحمل همي وحزني و ...دمي ...


❈-❈-❈


أُهدل ستار الليل لكن مازالت العيون مستيقظة و القلوب حائرة ..


بيت النجار ...

إنتفضت "راويه" من وقفتها بصوت أمها الخشن يناديها من داخل الشقة عندما كانت تقف بالشرفة تتطلع نحو بنات عمها أثناء عودتهم من عملهم ...

لوت فمها بنفور ثم أجابتها بأعين ساخطة ..

- أيوه حاضر ...

دلفت "راويه" نحو الداخل تطالع والدتها بضيق ثم سألتها ...

- خير .... عاوزه إيه ؟!! .. هو إنتِ يعني جايه على الحبة إللي بقف فيهم أخذ شويه نَفَس في البلكونة و لازم تناديلي وتعكنني عليا !!!!!

رفعت "صباح" ساقيها بصعوبة وهي تثنيهما أسفلها قائله ....

- بتهببي إيه يا آخر صبري ...؟؟! ... تعالي أقعدي هنا أهو قدامي عايزه أقولك حاجة ..

جلست "راويه" بتأفف تنتظر أن تَغدق والدتها عليها بالحديث الذي لا تطيقه الآن ...

- أهو .. قعدت ...

لم تعطي "صباح" بالًا بتأفف "راويه" ، فهي تفكر بما هو أبعد من ذلك ، لقد أحضرتها الآن لأمر آخر ....

- مش راضية برضه بالعريس إللي جابته "حنين" ..؟!!! 

زمجرت "راويه" بغضب وإتسعت عيناها ببريق مخيف ألجم والدتها بموضعها لتهتف برفض تام ...

- وربنا لو فتحتي السيرة دي تاني ما حيحصل كويس ... آخر مرة تجيبي لي سيرة المخفي ده هو والست "حنين" بتاعته .... 

إضطرت "صباح" للرضوخ لرفضها لتردف قائله ...

- طيب ... بس برضة ما ينفعش بنات الخدامة يتجوزوا وإنتِ تفضلي قاعده لي كده !!!

- يعني أنا حعمل إيه .. !!! هو بإيدي ..؟!!

زفرت "صباح" بقوة فلم يعد لديها سوى حلها الأخير والذي سينهي هذا الأمر تمامًا ...

- بصي بقى ... أنا لقيت حل للخدامة وبناتها ...

- حل ... حل إيه ؟!!! حنعمل لهم إيه يعنى !!!

إستكملت "صباح" بزهو لفكرتها التي ستنهي أمر "زكيه" وبناتها تمامًا ولن تفكر بهم مرة أخرى ...

- نعمل لهم إيه ... نعمل لهم عَمَل .... أنا أعرف واحد شيخ حيجيب من الآخر ...

بذهول شديد نظرت "راويه" وقد فغرت فاها بلا تصديق لما تتفوه به والدتها لتشهق بصوت مرتفع ...

- عَمَل !!!!!!!!

زجرتها "صباح" وهي تلكزها بقوة في ساعدها لتخفض من صوتها حتى لا ينتبه إليها زوجها الذى دلف للنوم منذ قليل ....

- اششش وطي صوتك إنتِ عايزة تفضحينا ...!!!

زاغت عينا "راويه" بصدمة وقد إتسعت عن آخرهما لتحاول إجابتها بنبرة خفيضة ...

- إنتِ بتقولي إيه يا ماما ...؟!! على آخر الزمن حنعمل لهم عَمَل ..!!!

بإستهزاء شديد وهي تقلب نظراتها تجاه إبنتها من أعلى لأسفل ....

- أيوه يا أختي عَمَل ... أمال نسيبهم لحد ما الفاس تقع في الراس ... لازم من دلوقتِ نوقف كل حاجة ...

ضمت "راويه" شفتيها بإمتعاض وهي تنصت لما سوف تقوم به والدتها ...

- إنتِ عايزه تعملي إيه بالظبط ...؟؟!

إستطردت "صباح" قائله بذات النبرة الخفيضة .....

- إحنا لازم نشوف حل نهائي في القصة دي ... إنتِ حتطلعي لـ"زكيه" تجيبي قطرهم .. وأنا حوديه "للشيخ كرامه" ...

شهقت "راويه" مرة أخرى بفزع فهي ذات طبيعة متخوفة لا تقوى على تلك الأفعال ...

- أنا ... ؟!!!!!!! وأنا مالي ... !!! إطلعي إنتِ هاتيه ...

لكزتها أمها بقسوة وهي ترمقها بنظرة غاضبة نكست لها "راويه" عيناها بتخوف ....

- بس يا بت ...!! ما هو لو ما جبتيش القطر بتاعهم حسابك عندي أنا ... هو أنا بعمل كده عشان مين .. ؟!! ما عشانك يا بوز الفقر ... يعني عايزاهم يتجوزوا وتعنسي إنتِ ..!!!!

ضمت "راويه" شفتيها المرتجفتان بغضب تكظم غيظها من نهر والدتها القاسي لها لتردف بإنصياع ...

- ماشي ...

عادت تكرر "صباح" الأمر على مسامعها بتأكيد حتى لا تتغاضى عنه بتخوفها ...

- بكرة الصبح أول ما تصحي من النوم تطلعي تجيبيه على طول ...

حركت "راويه" رأسها إيجابًا رغم إستهجانها للأمر ، لكن من هذا الذي يرفض لـ"صباح" أمر ...


❈-❈-❈


بيت المستشار خالد دويدار ...

حينما يأتي المساء يكون وقعِه ببيت دويدار لأمر مختلف تمامًا فهذا وقت تجمع العائلة بدفئها وترابطها ، وقت يتمناه الجميع ...

ككل بيت يحمل أوجاعه و مشاكله و أوقاته السارة ، كان كذلك بيت هذه العائلة لكن ما يخفف وطأة العقبات بحياتهم هو ترابطهم ووحدتهم وبالأخص صراحتهم فما يميزهم جميعًا أنهم بغاية الوضوح حتى بمشاعرهم ...

دارت "منار" بعيونها نحو أصناف الطعام التي أعدت لمساء اليوم مع مساعدتها "أم مجدي" ...

تلك السيدة النحيلة الهادئة والتي تشبه طباعهم بشكل كبير ، كم توافد عليها مساعدات كُثر لم تتفق معهم "منار" بمثل ما إتفقت مع تلك السيدة التي إعتادت على طباعهم و إعتادوا على وجودها منذ ما يقرب من العام ... 

تسائلت "منار" بنبرة مازحة ...

- إوعي تكوني لسه ما خلصتيش الأكل ... شكلهم حياكلوني بره ...

أجابتها "أم مجدي" بإبتسامة لمُزاحها ...

- وده كلام ... كله جاهز وآخر تمام ..

بتقدير لمجهود تلك السيدة معهم ..

- والله أنا مش عارفه من غيرك كنت عملت إيه يا "أم مجدي" .. إنتِ طالعه نازله طول النهار ... شويه عندنا وشويه عند "غدير" كتر خيرك تعبينك معانا ...

بإمتنان شديد أجابتها "أم مجدي" ....

- وده إسمه كلام ... ده الواحد يخدمكم بعنيه والله ...

ربتت "منار" برفق بكتف تلك السيدة ثم انتبهت قائله ...

- إيه ده ... مش ده صوت الباب ..؟! الظاهر "رؤوف" راجع بدري النهارده .. أما أروح أشوفه وأسالهم لو عايزين يتعشوا ...

خرجت "منار" من المطبخ ظنًا منها أن "رؤوف" هو من عاد من الخارج فزوجها و"عيسى" و"غدير" يجلسون بغرفة المعيشة منذ بعض الوقت ...

مفاجأة سارة دبت بقلبها حينما وقعت عيناها على ولدها الغائب "معتصم" لم يكن عليها سوى نطق إسمه فقط بهذا الحماس ليخرج الجميع لمقابلته بعد غياب دام لشهور طويلة ...

- "معتصم" ...!!!

- لم يشعر "معتصم" بطول الطريق بقدر إشتياقه لأسرته ووالديه ، تلك العائلة التى كان لها الأولوية القصوى لرؤيتهم عند عودته بعد غياب بمهماته التى أبعدته عن الوطن لعدة شهور ...

رؤيته لوالدته كان كفيلًا بإشعارِه بأنه أخيرًا عاد لأرض الوطن ...

على الفور ترك "معتصم" حقيبته عن يده ليخطو خطوات متعجلة نحو والدته وقد رُسمت بسمة شقت ملامحه بسعادة لإشتياقه لها ...

- وحشتيني يا ماما .. 

مهما علا شأنه وقوته إلا أنه يظل ولدها الصغير بعينيها مما كَبُر وزاد طولًا وقوة ، سيظل بقلب أمه لن يتغير أبدًا ، تلقته بين ذراعيها بحنان تلتمس الراحة والسكينة التي غابت عنها لشهور عدة لغيابه .. 

- حمد لله على السلامة يا حبيبي ..

إثر ندائها فقط خرج "خالد" و"عيسى" بينما تشدقت "غدير" من خلفهم فهم يفوقونها طولًا ليحجبوا رؤية "معتصم" عنها ...

رغم إشتياق "خالد" لولده إلا أنه وقف برزانة ينتظر قدومه إليه فهو ليس معتادًا بإظهار مشاعره خاصة تلك اللينة التي تُظهر ضعف قلوبهم ...

لم يخب ظنه حينما تقدم "معتصم" بإبتسامته الخفيفة نحو والده ينظر له بترقب فتلك المشاعر الفياضة لا تليق بكلاهما ، فهما أقوى و أَحَد من لين المشاعر والقلوب ، لكن لكل قاعدة إستثناء فبلحظة غلب الحنين القوة ليسمح "خالد" بعناق خفيف بينه وبين "معتصم" الذى سعد به قلبه ...

- حمد الله على السلامة يا حضره الظابط ...

بينما كان تقابل الأخوة كان أقل حِدة وتفكيرًا لم يلبث "عيسى" إلا ورفع ذراعه يصافح أخيه بقوة ليرد "معتصم" بالقوة نفسها قبل أن يسحبه بعناق أخوي تظهر به جسارتهم وعنفوانهم ...

- لك وحشه يا "عيسى" .. 

بالكاد ظهرت "غدير" وهي تقفز من خلفهم قفزات مستمرة بمزاحها اللطيف ليُستَمع لصوتها فقط من خلف "عيسى" ... 

- إنتوا يا جماعة وسعوا شوية ... إعملوا حساب القصيرين عايزة أتفرج ...

ضحكوا جميعًا لخفة ظلها فحتى بتلك اللحظات المؤثرة إستطاعت وضع بصمتها الطريفة بينهم ليجيبها "معتصم" ... 

- والله وحشتني شقاوتك يا "غدير" ... 

أعلت من صوتها وهي تضع كفها خلف أذنها كمن صَعِبَ عليها الإستماع لبُعدها عنه ..

- بتقول حاجة يا "معتصم" ... معلش أصل الصوت مش واصل عندي ...

ضحكات أخرى ملأت أرجاء البيت لطرافتها وحيويتها ، وها هم قد إكتمل شملهم أخيرًا لم يبقى سوى حضور "رؤوف" لتغلق دائرة العائلة أخيرًا ..

تلك اللحظات الحميمة لم تُغفِله عما حدث بمهمته الأخيرة ، لكن الإعتراف هنا بأن شيء ما تحرك بداخله هو إعتراف يكمن بداخل نفسه فقط ...


❈-❈-❈

رؤوف ونيره ... 

الإعتراف بالخطأ ليس خطيئة ، لكن التهرب منه هو جريمة بحد ذاتها ، الصادق هو من يعترف بخطئه دون إلقاء باللوم على الطرف الآخر فسياسة قلب الأمور لا تجدي نفعًا ولا تُقيم حياة ...

لاذت "نيره" بالصمت خلال الطريق بمرافقة "رؤوف" بعد تهجمها مكتب رئيسته بالعمل ..

إدراكها لخطأها الجسيم جعلها تتفكر بصمت بأن عليها أن تتهرب من اللوم الذى بالتأكيد سيلقيه عليها الآن وعليها إستباق ذلك بوضعه هو بخانة المخطئ حتى تتساوى الرؤوس او على الأقل تتهرب من إلقائه اللوم عليها ...

بطبعه الودود بدأ "رؤوف" يكسر الجمود بينه وبين "نيره" قائلًا ...

- حنروح على فين ...؟!!

أدارت "نيره" كتفها معترضه طريقته بالحديث كما لو أن شيئًا لم يكن وفضلت الصمت ...

خطف "رؤوف" نظرة بجانب عيناه تجاه "نيره" التى لم تبالى بحديثه أثناء قيادته للسيارة ليكملها بإلتفاته كاملة وهو يتعجب من ضيقها الواضح والذى من المفترض أن يكون هو صاحب هذا الضيق وليس هى ..

- فيه إيه يا "نيره" ...؟!!

رفعت "نيره" حاجبها بإستنكار وهى تناظره بإستعلاء وتحقير قبل أن تجيبه ...

- إنت بتتكلم بجد ولا بتستعبط .. ؟!!

بعدم فهم لمقصدها قضب "رؤوف" بين حاجبيه بقوة ..

- جد إيه .. وبستعبط إيه ... هو مين إللي المفروض يزعل ... إنتِ بتقلبي الآية ...!!!!!


الصفحة التالية