-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 19 جـ 2 - 1 - السبت 30/11/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل التاسع عشر 

الجزء الثاني

1

تم النشر يوم السبت

30/11/2024

 « لا أصدق ....!!»


أحيانًا نتمنى ألا نفهم ، أن نترك الأمور على سجيتها يُفهم ما يُفهم و يُترَك ما يُترَك ، أن نتغافل عن الثقوب والأخطاء وأن نبقى على سكوننا بدون أى رد فعل ، كما لو أن رد الفعل سيمحو الضرر الذى سيلحق بنا ...

إدراكنا للحقيقة مُجهد للعقول مؤلم للقلوب ، مؤذى للنفس ... ففي بعض الأحيان نفضل ألا نصدق ...


بيت النجار ( شقة فخري) ...

لمعت عين "حنين" بغيظ مكتوم لم تستطع إظهاره أنقذها من شلال الإهانات التى كانت ستتلقاه طرقات أخرى على باب شقة "صباح" ....

قفزت "حنين" بخفة مبتعدة عن "صباح" ولسانها السليط لتلبي الطارق ظنًا منها أنها بذلك تهرب من ضيق نفس بوجودها إلى جوارها ، لكنها فوجئت بمن يكتم أنفاسها كمن يسحب الهواء من حولها ...

رفعت "حنين" حاجبيها وإتسعت عيناها بذهول قبل أن تفغر فاها قائله ...

- "ريهام" ....!!!!


منذ بدأ خلافاتها مع "مأمون" لم تخطي "ريهام" بيت العائلة ، بل ظنت "حنين" أنها تخلصت نهائيًا من وجودها ورؤيتها ، تلك المتعالية التى كادت تسرق كل الأضواء منها ، فما الذى أتى بها إلى هنا اليوم ..


بطرف عيناها الواسعتان رمقتها "ريهام" بتقزز لتعبر من جوارها دون الإكتراث حتى بإلقاء السلام عليها ...

خطوات متمايلة متغنجة وهي تدلف نحو الداخل لتميل برأسها فى خيلاء لتتحرك خصلات شعرها العسلية المموجة تكيد بجمالها تلك الواقفة إلى جوار الباب من خلفها ...

شابة تتمتع بحسن طبيعي بيضاء البشرة وفم رفيع وأعين صغيرة لكنها تتمتع بجاذبية شديدة لدلالها وتغنجها الدائم فهي معجبة بحُسنها لدرجة الغرور ، تدرك أن الأبصار تتجه صوبها فور تواجدها بأى محل تنزل به ...

تقدمت نحو "صباح" الجالسة بالصالون لتلقى تحيتها وهي تجلس دون دعوة صاحبة البيت لها ...

- صباح الخير ...

إعدلت "صباح" جسدها المائل بإهتمام بالغ لم تظهره يومًا لغير تلك المرأة ...

- "ريهام" ... !!! إزيك يا حبيبتي ...

ضمت "ريهام" شفتيها الرقيقتين وهي تلقى بنظرة أخيرة على "حنين" كما لو كانت تخبرها أن وجودها ليس مرغوب به لتعود ببصرها الكامل تجاه "صباح" لتجيب تحيتها ...

- كويسة ... اوووى ...

قالتها تكيد بـ"حنين" صاحبة المشكلات والإستفزاز لها حينما كانت تقطن هنا بهذا البيت ..

لم تتحمل "حنين" وجود "ريهام" فحتى مع غيابها إلا أنها تظل الأجمل وسارقة كل الإهتمام رغم المشاكل والقضايا بينها وبين "مأمون" ، هتفت "حنين" بعجالة دون إنتظار ...

- طب أنا حنزل أشوف العيال تحت ... حبقى أجيلك بعدين يا ماما "صباح" ...

خرجت على الفور وهي تسحب الباب من خلفها فقد فشلت مساعيها اليوم وإنتهى أيضًا برؤيتها لغريمتها زوجة "مأمون" السابقة ...

بحفاوة غير معتادة أخذت "صباح" ترحب بـ"ريهام" بشدة ...

- ليكِ وحشه والله يا "ريهام" ... بس مش كنتِ تقولي إنك جايه عشان نحضر لك غدا محترم ...

أعادت "ريهام" جذعها للخلف بعنجهية وهي ترفع ساقها فوق الأخرى قبل أن تجيب ...

- وهو أنا غريبة ... أنا صاحبة بيت يا حماتي ...

بسمة مهتزة إحتلت ملامح "صباح" وهى تردد كما لو كانت مجبرة على الترحيب بها ...

- طبعًا يا حبيبتي ... طبعًا ...

دارت "ريهام" بعيناها بداخل الشقة تكشف ما بها متسائله ...

- أمال فين "راويه" و عمي "فخري" ...؟!!

- عمك "فخري" فى الوكالة ... و "راويه" فى البلكونة ... أناديها لك ...؟!!

أنهت عبارتها وهي تدفع بجذعها الثقيل تحاول النهوض من فوق الأريكة ، لكن كف "ريهام" أوقفها قائله بلا إهتمام ...

- لالالالأ ... خليها خليها .... أنا جيالك إنتِ ...

توجست "صباح" من زيارتها لتهتف بترقب ...

- خير ...!!! 

أجفلت "ريهام" بعينيها الصغيرتين بتعالي ثم أردفت تطلب ما جائت لأجله بنبرة آمره ...

- عايزة فلوس ... "مأمون" كل ما أكلمه يطنش ... فقلت آجى لك ... أنا عايزة فلوس ... كتير ... الولاد عايزين حاجات ضرورية أوى ... ومش حستنى لما المحكمة تحكم ..

هبت "صباح" تلبي طلبها والذى رفضت مثيلهُ منذ قليل ، لكنها لا تقوى على رفض طلب "ريهام" ...

- بس كدة ... من عيني ... ثواني ورجعالك ...

دلفت لغرفة نومها لتخرج بعد قليل من الوقت تحمل رزمة من الأوراق المالية تأشر بها تجاه "ريهام" ...

- خدي يا حبيبتي ... كله إلا ولاد "مأمون".... وأمهم حبيبة قلبي ...

بسمة متكلفة علت ثغر "ريهام" وهي تضع المال بحقيبتها الحمراء قبل أن تقف إستعدادًا للمغادرة فقد تمت مهمتها ولا داعي لبقائها هنا ...

- طيب ... سلام بقى ...

رغم توجهها لباب الشقة إلا أن "صباح" هتفت مجاملة ...

- ما تخليكِ نتغدى سوا ...

أجابتها "ريهام" بتعجل ..

- لأ ... بعدين ... سلام يا حماتي ...

تنفست "صباح" الصعداء بعد مغادرة "ريهام" فهي الوحيدة التى تحسب لوجودها ولطلباتها ألف حساب ...

إنتبهت لأن الوقت يمر بها وعليها الذهاب للشيخ "كرامه" قبل عودة "فخري" من الوكالة لتدلف لغرفتها لتبدل عبائتها بأخرى لتقضى هذا الأمر بعجالة ...


❈-❈-❈


(نيره إستور) لمستحضرات التجميل ...

جمال الشئ يكمن في بقائه سرًا ، وليس علينا البوح بكل ما يحدث لنا ولا يبقى لأنفسنا حلاوة نخفيها عن الأعين والآذان ...

فلقضاء حواجئنا يجب علينا أن نستعين بالكتمان ، حياتنا الخاصة سميت خاصة لأنها تخُصنا وحدنا لا دخل فى المحيطين بها ...


بجلسة معتادة بين "نيره" و "إسراء" بالمتجر الخاص بـ"نيره" أخذت "نيره" تقص على مسامع صديقتها كل ما حدث بالأمس بالتفصيل بينها وبين "رؤوف" وكيف غضبت منه ومحاولته لإرضائها ...

دفعت "إسراء" خصلة شعرها الصفراء المصبوغة للخلف بتفكير قبل أن تجيب صديقتها ...

- حلو جدًا ... بس إوعي إللي حصل ده يخليكِ تسمعي الكلام ومتروحيش الشركة عنده تاني ... لأن هو ده إللي هو عاوزه ... عمل الزعلة دى مخصوص عشان تخافي تروحي له هناك تاني ...

كالمغيبة تمامًا أردفت "نيره" بإقتناع فقد أصبحت الآن كالقطة الوديعة التى تنصت لكل ما تقوله "إسراء" بينما تعترض كل ما يقوله "رؤوف" طيلة الوقت ...

- معاكِ حق ... هو كدة حيتطمن ... لأ ... أنا لازم أروح ... عشان يبقى عامل لي حساب فى كل مكان ...

- برافو عليكِ ... خليكِ واعية كدة ... 

دارت "إسراء" بعيناها الجاحظتان قبل أن تتردد في سؤالها ...

- بس إنتِ مقولتيليش ... أمه وأبوه أخبارهم إيه معاكِ ؟!! ... الناس دى لازم تكسبيها ... 

إمتعضت "نيره" قليلًا فهي ليست ذات شخصية مُحبة إجتماعيًا لتردف بثقل ...

- عمو "خالد" مشغول فى الشركة إللي بيشتغل فيها ... وطنط "منار" ما بين المستشفى والبيت ... بصراحة أنا مش ببقى عارفه أقول إيه يخليهم يحبوني ... ( ثم لوت فمها بإستياء مستكملة ) ... كفاية عليهم حبيبتهم "غدير" ... واكله عقلهم بصورة غريبة ...

أجابتها "إسراء" بتحفيز ...

- لأ ... لازم تبقى زيها وأكتر ... لازم يحبوكِ أكتر منها ... 

- طيب قوليلي أعمل إيه ..؟!

تفكرت "إسراء" قليلًا ثم أجابتها ...

- نفكر ...


❈-❈-❈

شركة بيكو للأدوية ...

سيكون الإنتظار غايتي إلى أن يقسم الله لنا أن نلتقى ، فقربه يعنى لي الحياة والحياة هي هو فقط ...

بقلب مضطرب وأحاسيس مربكة دلفت "مودة" بخطوات متباطئة لداخل الشركة تبحث عن وجه وحيد تكتفي به من الدنيا كلها ...

كقطة وديعة أخذت تطالع الأجواء من حولها ببعض المكاتب وأرفف الأدوية وبعض الشحنات المغلقة لعقاقير أخري ، موظفون هنا وهناك وجوه عديدة ليس بهم وجه من تأمل رؤيته ...

نجمة لامعة وسط ليل طويل وقفت بتشتت لبعض الوقت دون إدراك إلى أين تتجه ...

تقدم نحوها شاب متوسط الطول وقد ملأت إحدى إبتساماته المتصيدة لتلك الحسناء قائلًا بلباقة ...

- تحت أمرك يا آنسه ...

تطلعت "مودة" بوجهه فليس هو من تقصده لكن ربما يساعدها للوصول إليه ، أجابته بهدوء ..

- لو سمحت كنت عايزة الدكتور "رؤوف دويدار" ...

سنحت له فرصة حديث مع فتاة جميلة ليجيبها الشاب بتساؤل مازح ..

- "رؤوف" ... !! مكنتش أعرف إن له معارف حلوين كدة ...

هي ليست ساذجة لتدرك أن هذا الشاب يتغزل بها ، نظرت له مطولًا بصمت لتجعله يضطرب من نظرتها التى أشعرته بحقارة تصرفه ليتنحنح مستطردًا ...

- إحم ... أسف ... "رؤوف" فى المكتب بتاعه .. إتفضلي من هنا ...

أشار نحو أحد الإتجاهات بتعقل لتتخذ "مودة" طريقها نحو المكتب الذى أشار إليه ليتبعها بدافع الفضول لمعرفة هوية تلك الحسناء ذات الشخصية المتفردة ...

طرقت "مودة" باب المكتب لتسمع صوته الحماسي من الداخل يرحب بالزائر ...

- إتفضل ... إتفضل ... 

دلفت "مودة" وقد تغيرت نظرتها الجدية لأخرى متشوقة للغاية ، فهو دقات القلب وحنينها ...

- صباح الخير ...

إنتفض "رؤوف" بحماس مهللًا فور رؤيتها ليتقدم مرحبًا بقدومها ...

- "مودة" ... أهلًا أهلًا نورتي ... تعالي إدخلي ...

تقدمت بهدوء تتأمل تفاصيل ملامحه التى تعشقها وتذوب بعذوبته و لطافته ..

- أنا جيت فى المعاد زى ما "غدير" قالت لي ...

تمسك "رؤوف" بظهر أحد المقاعد الجلدية يطالبها بالجلوس ...

- طب مش نقعد الأول ونرتاح كدة وبعدين نتكلم فى الشغل ... هو ينفع الجميل يفضل واقف على الباب ...

كم تعشق إسلوبه الساحر وضحكته المشرقة ، نظرت بتعمق لوجهه المرحب وهى تبتسم بخفة لتجد نفسها لا إراديًا تجلس حيث أشار دون إثناء عيناها عنه ...

- شكرًا ...

إلتف "رؤوف" تجاه صديقه الذى مازال واقفًا بالباب يتابع إستقبال "رؤوف" لزائرته الحسناء ..

- مالك يا "حمدي" ... واقف زى العمود كدة ليه ...؟؟!!! ما تدخل ..

كانت تلك إشارة لمشاركتهم جلستهم ليتجه صوب المقعد المقابل لـ"مودة" متأملًا بصمت وجهها الطفولي الساحر وبراءة عيناها السوداوتين ...

- أوى أوى ... 

بدأ "رؤوف" بتعريف بعضهما البعض ...

- ده بقى "حمدي الكاتب" زميلنا هنا فى الشركة ... دى بقى "مودة" ... أخت "غدير" مرات "عيسى" ... حتشتغل معانا من النهاردة ...

هلل "حمدي" بإستحسان وحماس شديد ..

- هو ده الكلام ... نورتي الشركة يا آنسة "مودة" ...

لم تستساغ "مودة" طريقة هذا الرجل لكنها أومأت بخفة مجاملة له ...

- شكرًا ...


الصفحة التالية