-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 19 جـ 2 - 2 - السبت 30/11/2024

 

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل التاسع عشر 

الجزء الثاني

2

تم النشر يوم السبت

30/11/2024



أحضر "رؤوف" إحدى عُلب العصير ثم مد يده تجاه "مودة" التى ترددت لقبولها فهي لا تحب أى من المأكولات و المشروبات الغريبة خاصة تلك المعلبة ، لكنها أول شئ يقدمه لها فحتى لو لم تتناوله ستأخذه من يده ...

- إتفضلي يا "مودة" ... دى حلاوة أول يوم .. تخيلي بقى لو كل يوم معانا ...

تمنت أن تهتف بسعادة (يا ليت) لكنها إكتفت بإبتسامة خجولة ..

خجلها وبسمتها العذبة سرقا قلب "حمدي" الذى كان يترصد بردود أفعالها الرقيقة بينما أخذ "رؤوف" بإيضاح عملها وما يتطلب منها ، كادت أن تحلق بسعادة لقربها منه وإختصاصها بحديث حتى لو عن العمل ..

كل تفاصيلك لها بعيوني مكان ، سيكون قربي غايتي ولا أريد سوى هذا القرب ...

هل يمكن أن يحلق المرء وهو ساكن دون حراك ، هل يمكن أن يحلق ومازالت قدميه تطأ الأرض ...

يكفيني إحساس السعادة هذا فلا أريد شيئًا بعد ...


❈-❈-❈


شقة عهد ...

لم تكن لحظة غضب بل كان تراكم من الكتمان ، إهتزاز وإرتجاف وأصوات صاخبة تمامًا كبركان ثائر بداخل نفسها ...

لكن آن الأوان لأن تهدأ وتخرج ما أخفته بقلبها فاليوم يوم الإعتراف ...

صمت لاح بين كلاهما بعد إنهيار "وعد" وإنتظار "عهد" لفهم كل شيء ، فرصة للهدوء سمحت بها "عهد" أخيرًا حتى تستطيع فهم ما سبب قرار "وعد" الأعمى ...

بعد أن هدأت نفسها قليلًا نظرت "وعد" تجاه تلك العينان العسليتان اللاتى تحدقان بها تتوق لإدراك ما يثور بداخلها ...

لأول مرة منذ سنوات طويلة "عهد" تستمع بإنصات دون إنفعال ودون غضب ...

جلست بهدوء تنتظر صافرة البدء وعيناها معلقتان بأختها المنهارة تمامًا ...

ضمت "وعد" شفتيها المرتعشتان قائله ...

- خليكِ جنبي يا "عهد" ... أنا ماليش غيرك ...

لم يرهف قلبها لها الآن ؟!!  أليست هي القوية !!! ، ألهذه الدرجة تغيرت دون أن تدري ؟؟ هي من تتعامل بالصواب والخطأ وإعمال العقل ، أصبح قلبها يرهف لبعض المشاعر والشفقة ...!!!

تهدج صدرها ببطء وهي تومئ بخفة شديدة ربما تخشى أن يلاحَظ لينها الذى لم تعتاده ، لكن أختها تستحق ذلك ، تستحق أن تشعر ببعض الأمان ، هنا أردفت "عهد" بيقين تام ...

- أنا معاكِ فى أي حاجة حتعمليها ... بس فهميني ... لما إنتِ خلصتي من البني آدم ده وربنا فكك منه ... بتعملي فى نفسك ليه كدة ... إنتِ غاوية عذاب وتعب ...؟!!!

إستطردت "وعد" توضح الأمر من بقية الجوانب لها حتى تتفهم لم إتخذت هذا القرار ...

- ساعة ما "عاطف" وقع .. أنا خوفت أوى ... حسيت إن قلبي وقع معاه ... أنا فاكره اليوم ده كأنه إمبارح ... مش من خمس شهور ...


تذكرت "وعد" المشهد كاملًا أمام مرآها كما لو كانت تعيش تلك المأساة مرة أخرى ...


فلاش باك ...

﴿ إختل توازن "عاطف" ليسقط من فوق درجات السلم يتخبط هنا وهناك حتى إختفى عن أعينها وقفت مذهولة متيبسة دون حراك كما لو أنها أصبحت تمثال من صخر ، إرتعد جسدها فزعًا لكن دون حركة ...

لم تفق من شتاتها إلا بسماعها صرخات من "عتاب" بالأسفل لتحرك ساقيها المتيبستان تهبط درجات السلم بتخوف وتشتت ...

مالت "عتاب" على أخيها الساكن بلا روح وهي تصارخ ببكاء يهز جوف "وعد" الفزعة ...

- أااااااه يا أخويا ... اااه ... يا حبيبي يا "عاطف" ... اااه يا "عاطف" ...

صرخاتها كانت كفيلة بإيقاظ الغافلين حولهم لتقف "قسمت" أسفل الدرجات تنظر بهلع نحو ولدها الساكن وإبنتها الصارخة لتفهم ما حدث على الفور ، فقد مات "عاطف" ولدها البِكر وأحب أبنائها لقلبها ..

لم تقوى على التقدم أو الإبتعاد كما لو أن الزمن توقف هنا ، ما تراه حقيقة بعينيها يصعب عليها تصديقه ، فإن تحملت وفاة زوجها لا تقوى على تحمل فقدان إبنها الغالي ...

سقطت "قسمت" أرضًا فقد إنهارت حصونها القوية معلنة الإستسلام والهزيمة ...


رفعت "عتاب" رأسها نحو "وعد" التى تتطلع نحو "عاطف" بصدمة وقد بُهت لونها الأبيض حتى كادت تشبه الأموات ، صرخت بها "عتاب" بكلماتها القاسية الجارحة ووجه متعنت متوعد لها ...

- قتلتيه ...!!! قتلتي أخويا ... 


سُحِب الهواء من رئتي "وعد" وإرتجف جسدها الضعيف لتتسند بالجدار الذى يجاورها لتتهاوى جالسة وقد إتسعت خضراوتيها بغير تصديق ، حركت رأسها بعنف تنفى تصديقها لما حدث لتشاهق بالبكاء وقد إرتعد جسدها بقوة تخفى بكفيها هول ما تراه بأعينها ...

قبعت "عتاب" و "وعد" إلى جوار "عاطف" بينما مازالت "قسمت" ملقاة أرضًا لا تدري عن الواقع شيئًا ...

خطوات رزينة تقدمت نحوهم ليطل "محب" بوجه مقتضب دون فهم ...

- إيه إللي حصل ...؟؟! ماله "عاطف" ...؟؟؟

بوجه برئ تمامًا رفعت "عتاب" رأسها لتظهر دموعها الغزيرة التى غطت وجنتيها النحيلتان قائله بحسرة ...

- أخوك مات ... ماااات يا "محب" ...

لم تكتفي بحديثها المشؤوم بل إستطرت مستكملة إتهامها لـ"وعد" ...

- هي إللي موتته ... هي اللي زقته من فوق السلم ... 

قلب "وعد" الضعيف لا يتحمل رؤيته بهذه البشاعة فكيف ستتحمل فكرة أنها السبب بفقدانه حياته ، رفعت "وعد" رأسها تجاه "محب" تود لو تنفى ما حدث وأن ليس لها علاقة لكنها لا تقدر ، شهقاتها اليائسة كانت إجابة عما حدث ...

أسرع "محب" تجاه "عاطف" محاولًا إسعافه فربما مازال هناك أمل لكن قدر الله قد نفذ ليشيح بوجهه الحزين المتجهم فخلال شهور قليلة فقد أبيه وأخيه فما أقسى مصابه وأصعب فراقهم ...

حاولت "وعد" أخيرًا النطق فقد تلاشت منها الكلمات وجف حلقها تمامًا ...

- والله ما ... أقصد .. غصب عني ... هو ... هو .. كان بيخنـ .. بيخنقني .. بعدته عني ... وقع ... والله ما قصدت ... ووو ... والله ما قصدت ...

تركت "عتاب" رأس "عاطف" لتهب تجاه "وعد" تعنفها بقسوة وهى ترجها من بين يديها كعصفور مرتعد ...

- لأ تقصدي ... إنتِ لا بقيتي طايقاه ولا عايزاه ... هو ياما إشتكالي منك ... إنتِ كنتِ عايزة تخلصي منه ... إنتِ زقتيه بالقصد ... إنتِ قتلتيه يا مجرمة ... أنا حبلغ الشرطة ... لازم تتسجني ... لازم تدفعي تمن إللي عملتيه فى أخويا ...

تشتتها بين "عتاب" و"عاطف" الملقى أرضًا جعلها تنتحب بقوة فما تقوله "عتاب" سيجعلها تُحاسَب على جريمة لم تقصدها ، ستخسر حياتها وإبنها ...

لاح صوت جهوري غير معتاد أخرس كلتاهما حين صدح صوت "محب" بنبرة مغايرة تمامًا لما إعتادوه منه ...

- خلاص ... إنتهى ... إطلعي شقتك يا "وعد" ... وإنتِ خدي أمك إللي واقعه في الأرض دى ودخليها جوه ... وعلى الله أسمع الكلام ده تاني ... أخويا وقع قضاء وقدر ... لا حد زقه ... ولا حد وقعه ... الكلام منهي .. مفيش شرطة ولا بلاغات ... أخويا مات قضاء وقدر ...

حدجهما بنظرات قوية لازعة تلجمت لها ألسنة كلاهما لتصعد "وعد" راكضة نحو شقتها بينما حاولت "عتاب" حمل والدتها بصعوبة نحو الداخل تاركين الأمر لـ "محب" ...

ليلة عصيبة إنتهت بهدوء لم تتوقعه "وعد" وقضى الأمر بأنه حادث قضاء الله وقدره ولم يوجه لـ"وعد" أى إتهام كما قال "محب" ...﴾


عادت "وعد" لواقعها برفقة "عهد" التى كانت تنتظر مرة أخرى إجابة عن تساؤلها الذى لم تجيبه "وعد" ...

- أيوة ... برضه أنا مش فاهمة ... "عاطف" الله يرحمه مات من خمس شهور ... والحكاية خلصت قضاء وقدر زى ما قولتي ومحدش إتهمك بحاجة ... إنتِ ليه برضه مكملة فى بيتهم ... وليه حتعملي المصيبة اللي عاوزه تعمليها دى ....؟؟!!!

نكست "وعد" عينيها لتجيبها بصوتها الناعم الحزين ...

- يمكن وقتها محدش إتهمني بحاجة وده عشان "زين" طبعًا ... عشان ميخسرش أبوه وأمه مرة واحدة .. لكن كان دايمًا الإتهام بإني أنا إللي قتلته .. والتهديد إنهم حيبلغوا الشرطة عني ...

بفراسة إستطاعت "عهد" فهم كيف دار الأمر بعد ذلك لتعقب هي متخيلة بقية الأحداث ببراعة إندهشت لها "وعد" على الفور ...

- اااه ... فهمت ... يبقى عشان خوفك على "زين" هم إستغلوا النقطة دي و بقوا يهددوكِ يا إما تمشي على مزاجهم وتعملي إللي يقولوا لك عليه ... يا إما يبلغوا عنك ... صح ... بس يا ترى مين فيهم إللي أجبرك ... حماتك ؟!! ... لأ ... حماتك من يوم ما "عاطف" مات وهي فى دنيا غير الدنيا ومش حاسة باللي حواليها ... "محب" ..؟؟! لأ مظنش برضه لأن دي مش دماغه ... يبقى مفيش غيرها الحقودة الغلاوية "عتاب" ... هي إللي هددتك صح ...؟؟!

أومأت "وعد" بالإيجاب بإندهاش من ذكاء وفراسة أختها مجيبة إياها بإستكانة ..

- أيوة .. مظبوط ..

وقفت "عهد" ليظهر طولها وهى تشد من تشدقها للأعلى قائله بجدية ...

- بس أنا مش عاوزاكِ تخافي .. مهما حصل ... سيبي لهم الدنيا كلها وتعالي أقعدي هنا ... أنا قادرة أحميكِ ..

إضطرب تنفس "وعد" ولاحت علامات التخوف على ملامحها الرقيقة لتردف مجبرة ...

- مش حينفع يا "عهد" .. أنا الأسلم لـ"زين" إني أوافق على إللي قالولي عليه ...

جذبتها "عهد" من مرفقها لتفيقها من غفلتها ...

- متخافيش ... مش لازم توافقي ... مش حيقدروا يعملوا حاجة ...

سكنت "وعد" بعينيها بترجي ...

- إللي أنا عاوزاه إن إنتِ بس متزعليش مني ... أنا مش عاوزاهم ياخدوا "زين" مني ... أنا عشان خاطره أعمل أى حاجة ...

هتفت بها "عهد" بإشفاق لكن نبرتها كانت جافة للغاية ...

- عشان إبنك ... ترمي روحك فى النار ... عشان إبنك ... تتجوزي "محب" ...!!!!!!


...يتبع 


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة قوت القلوب، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة