رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 16 - 1 الأثنين 9/12/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل السادس عشر
1
تم النشر يوم الأثنين
9/12/2024
الحب هو الشيئ الوحيد الذي لا يؤخذ بالقوة ولا يسترد بالقوة، بل يؤخذ بالضعف ويسترد باللين.
أسماء المصري.
❈-❈-❈
هرول مسرعا بفزع بعد أن علم سقوطها مغشيا عليها وتابع الرجال الجالسون بالشادر حالته المتوجسة فتبعوه متسائلين عما حدث، وقبيل أن يصعد لمنزل رشوان وجد زوجته تقف بالشرفة مبتسمة تطمئنه:
-متقلقش يا حاج، البت كويسه الحمد لله بس الزحمة والحر خنقوها شوية.
أشاح أنور لها بيده ممتعضا:
-يا شيخه خضتيني، الحمد لله.
التفت فوجد ابن اخته ينظر له مهتما أن يعلم حالتها فهدأه:
-خلاص يا بني جت سليمة الحمد لله.
ربت على ظهره وتوجه للعودة لشادر الرجال، ولكن حمزة توقف بعد أن شد انتباهه تلك الجميلة الواقفة بالشرفة تتابع رقص الرجال ولكن عينيها مرتكزة بركن ما لم يستطع تمييز أي من الشباب يحوز على اهتمامها بهذا الشكل.
ظل معلقا رأسه بهذا الشكل حتى انتبهت له ورد فشعرت بالحرج وأطرقت رأسها وعادت للداخل فوجدت سهر وقد غيرت ملابسها بأخرى أحضرتها لها والدتها وخرجت ترسم الابتسام على وجهها ولاحظت همس والدتها لها:
-متنسيش يا سهر لازم تروحي المستشفى.
أومأت لها وذهبت لتجلس بجوار والدتها وشقيقتها فدلفت ورد على الفور لغرفتها حيث ملك الجالسة على فراشها تنظر للفراغ شاردة بعينين حزينتين ووجه مقروء:
-ملك.
رفعت وجهها وقد تجمعت العبرات بحدقتيها فاقتربت منها الأخرى سريعا لترتمي الأولى بحضنها وتترك العنان لبكائها وحزنها أن يخرج أخيرا دون قيد أو شرط أو تصنع للقبول أو حتى القوة:
-خلاص مش قادرة استحمل يا ورد، حسن دخل عليها.
كادت أن يختل توازنها بالرغم من استنادها كليا على صديقتها:
-يعني منين بيقولي بحبك وعايزك وفي نفس الوقت دخل عليها، البني آدم ده ايه؟ ده لحد امبارح كان واقف في اوضته بيبص عليا وبيترجاني بعنيه افركش كل حاجه، ازاي يقول بيحبني ويرجع يترمي في حضنها، أزاي؟
بكت فربتت عليها ورد:
-الرجالة بتقدر تحب أكتر من واحده في نفس الوقت، ما أنتي عندك بابا أهو متجوز 3 و...
صمتت فجأة لتصحح حديثها:
-أقصد 4 وبيحكبم كلكم يا ملك وانتي مش المفروض تفكري في حسن وانتي خلاص كلها دقايق وتبقى مرات رشوان الدخاخني.
تركتها وجلست على طرف الفراش فتبعتها الأخرى وجلست بجوارها تربت عليها:
-صدقيني يا ملك، بابا المرة دي غير كل مرة.
رفعت ملك وجهها تنظر لها بتدقيق وهي تتابع:
-كل جوازه من اللي لسه على ذمته أو حتى اللي طلقهم كان بيتعامل عادي جدا من غير مشاعر ولا بيحاول يراضي ويدادي ويدلع، بس معاكي أنا شيفاه بيعملك كل اللي نفسك فيه وبيحاول يسعدك وده غريب من رشوان الدخاخني.
مسحت عبراتها وتوجهت لمرآة الزينة الخاصة بورد وجلست على مقعدها وبدأت تعيد ترتيب زينتها ووضع مساحيق تجميل لتخفي أثر بكائها كل هذا وورد تكمل:
-وبعدين الحب بييجي بعد الجواز حتى لو فرق السن كبير، ما انتي متعلقة بحسن اللي أكبر منك ب10 سنين فمفرقتش بقى.
ابتسمت ملك ساخرة من مقارنتها ولم تعقب عليها وتركتها تكمل:
-الدور والباقي على اتنين كانو بيحبو بعض وخسرو حبهم ده بسبب اللي حصل، أنا خسرت يوسف يا ملك بسبب جوازك من بابا.
وضعت أحمر الشفاة أمامها ووقفت تبتسم لها وتؤكد:
-يوسف مضايق لكن لسه بيحبك، متخافيش هيفوق من صدمة جوازي ويرجع يتعامل معاكي زي الأول بس المهم انتي اقفي جنبه وبلاش الدبش اللي بتحدفيه ده عشان الكل بدأ يضايق منك.
❈-❈-❈
لم يرقص بهذا الشكل وتلك الفرحة منذ أمد طويل، حتى أنه لم يتذكر أن رقص بتلك الفرحة بأي من زيجاته الست، حتى أقدم زوجاته التي تزوجها بعد قصة حب أشعلت قلبه اليانع آنذاك، لم يكن يشعر بهذا الكم من النشوى والسعادة.
جلس بعد أن شعر بالتعب فاقترب منه أحد صبيانه يهنئه:
-ألف مبروك يا معلم وعقبال ما نفرحو بولي العهد عن قريب إن شاء الله.
ربت على ظهره مبتسما فانحنى العامل هامسا:
-جبتلك المطلوب يا معلم بس الدكتور بيقولك خد بالك وفي الخفيف منه عشان متهبطش.
أومأ ومد ساعده ساحبا تلك اللفة المغلفة ودسها بجيبه وعاد للرقص والمرح من جديد ووقف حمزة بعد أن سحبه خاله ليرقص أمام رشوان بخفة وفور أن انتهى احتضنه مهنئا:
-ألف مبروك يا معلم.
أجابه الآخر:
-الله يبارك فيك يا حمزة، ومتقلقش شغلك ماشي حتى وأنا في الأجازة، جوز بنتي هيخلصلك كل حاجه متخافش.
عاد جالسا بجوار نسيبه وزوج ابنته واقترب من أذنه يسأله:
-واد يا هاني، ابوك مجاش ولا ايه؟
ابتسم مجيبا:
-هتلاقيه على وصول يا عمي.
هز رأسه وأبعد عينيه عن مرمى الرجال أمامه وهمس مجددا:
-طيب سأل في الداخلية عن اللي اسمه حمزة ده؟ انا مش مطمنله.
أومأ مؤكدا:
-متقلقش، مش بابا بس اللي بيدور وراه، الناس بره وصلهم خبر وبدأوا شغل ولو وراه حاجه هيتقفش.
تنهد مخرجا زفيرا قويا:
-أصل صدفه مش طبيعية ظابط سابق وييجي يأجر مني أنا بالذات وبعدها يحتاج مساعدتي، تحسه داخل يتسرسب واحده واحده بينا عشان يوقعنا.
ضحك هاني مربتا على كتف حماه:
-متقلقش يا عمي الجماعة مش سهلين للدرجة دي ومش هتفوتهم الحكاية دي.
هز رأسه عدة مرات متتالية ورمق شاكر الجالس بجوار يوسف نظرة فمهما الأخير فترك مقعدة وتحرك ناحيته مطئطئا رأسه يستمع له:
-فُضلي الليلة دي يا شاكر بقى أنا زهقت وعايز أروح.
ابتسم ووافقه فعاد ليوسف يخبره طلب رشوان فتجهم وجه الأخير وشعر بدمائه تنسحب من داخل عروقه وابتلع ريقه ببطئ ووقف ينتظر خاله أن ينهي الليلة بعد أن صعد المسرح وهلل بمكبر الصوت بتفاخر:
-النقطة دي آخر نقطة لليلة، وكفايه ع العريس كده يا جدعان.
وضع النقود بشق نهدي الراقصة وتابع:
-رقص خال العروسة يا بني اللي الدنيا مش سيعاه عشان بقى نسيب المعلم رشووووان الدخاخني على سن ورووومح.
ليتراقص على أنغام الموسيقى بشكل مبتذل لا يتناسب مع عمره وبنفس اللحظة ترك رشوان مقعدة ووقف بجوار يوسف ساحبا إياه لينأى به بعيدا عن الضوضاء وتكلم معه بصوت جاد وبشكل قاطع:
-فرصتك عشان تجدد تعاملك مع الظابط اللي اسمه يحيي وأنا وملك بنقضي شهر العسل، عشان بمجرد ما ارجع هتنفذ باقي الإتفاق.
صمت ولم يعقب ولكن الآخر استمع لصوت صرير أسنانه الذي لم يهتم له مطلقا وأكمل:
-الكبار مش هيستنو عليك أكتر من كده يا يوسف ومش عايز ملك تزعل عليك ولا ورد.
ابتلع يوسف ريقه وأغلق عينيه بأسى ورشوان يضيف:
-نفذ اللي يتطلب منك عشان نخلصو من الحكاية دي وطالما اتحطينا في اختيار ما بين حياتك ولا حياة الظابط يبقى حياتك أغلى عندنا كلنا يا يوسف.
ظل يوسف صامتا ود لو استطاع البكاء، ولكن غصته علقت بحلقه فربت رشوان على كتفه يحثه عندما وجد الليلة قد انقضت:
-اطلع افتح سكه كده عند الحريم، واقف جنب العروسة لحد ما اطلع اخدها.