-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 37 - 5 - الأحد 1/12/2024

  

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل السابع والثلاثون

5

تم النشر يوم الأحد

1/12/2024  


صار مستندًا بمرفقيه الاثنان يتحدث بأريحة غير مبالي بثورتها:

- بس انتي مش محتاجة بحلقه يا أستاذة يا آنسة صفية، عيونك وسع الفنجان يعني ولو انا على مدخل  الاوضة هنا هعرف لونهم،


- الله اكبر .... في ايه يا حضرة؟ هو انت هتقر، انا نظري اصلا ضعيف على فكرة ودا لينسز عشان يكون في علمك يعني 


- طب اللون الأصلي يبقى ايه؟

- يبقى الأسود يا سيدي، استريحت 


تبسم هذه المرة بانتصار بعدما استدرجها بمكره للحديث الذي يريده قائلا:

- انا برضو عجبني الأسود اوي وشايف انه يليق على بشرتك. 


تأثرت في البداية لإطراءه لكن سرعان ما استدركت لهفوتها، فهدرت  به بانفعال:

- في ايه؟ هو انت جاي في قضية ولا عن حديث العيون؟ سيادة الدكتور المحترم انت جاي عشان ايه؟ قول من الاخر .


نهض يجيبها وبيده يغلق زارار سترته:

- في قضية طبعا ، بس اديني فرصة كدة يومين تلاتة كدة اروح البلد اقنع امي، سلام يا أستاذة يا آنسة صفية 

وخرج مغادرا تنظر في أثره لمدة من الوقت متمتمة بدهشة:

- دا ماله ده؟


❈-❈-❈


عودة إلى درية التي ضاقت وفاض بها من أفعال ابنتها، وهيئتها المتغيرة، حتى انتظرت خروج الضيفة العزيزة لتختلي بها داخل غرفتها وترى ما بها:


- انا عايزة اعرف بقى يا روح امك آخرة القلبة دي ايه؟


رفعت لها حاجبًا متسائلة باستخفاف مستفز:

- قلبتي انا؟! ليه بقى؟ هو انا اللي ما صدقت ان سامر اتكتبله على خروج،  وقومت خدت ديلي في سناني ومشيت بحجة ان ورايا شغل ولازم اخلصه بسفرية مستعجلة. 


شهقة استنكار صدرت من درية لتعقب على قول ابنتها الغريب:

- ودا ايه اصله ده؟ انا بسألك عن نفسك، بتحولي علي ابوكي ليه يا بت؟


صاحت بها:

- عشان ابويا سبب قلبتي ياما،  مخنوقة ومبقوقة من افعاله، الراجل جوزك ملبسنا كلنا العمة ياما. 

سمعت منها لينعقد حاحبيها بشدة فتجلس جوارها على الفراش تلكزها بعنف تريد التوضيح:

- عمة ايه يا بت؟ هو انتي تعرفي عنه حاجة مش مظبوطة؟ قولي يا سامية بدل ما اخلص عليكي. 


نزعت عنها يدها تصرخ بها:

- وتخلصي عليا ليه بقى ان شاء الله؟ ما ترحيلو هو وشوفيه، اسأليه بيضيع فلوسه على صفاء العايقة ليه؟


استبد بدرية الغضب حتى صار مقاربًا للهياج، لتطبق بكفيها على قماش بلوزتها مردفة:

- انتي دلوقتي حالا تفهميني يا بت الكلب،  مين هي صفاء العايقة؟ وايه دخلها بابوكي؟


❈-❈-❈


انتهى الاجتماع أخيرًا، بعد إقرار عدد من البنود الهامة والقرارات الفاصلة في عدد من الموضوعات، حاولت بهيرة عدة مرات احراج بهجة بالاسئلة ولكن شقيقتها كانت لها دائمًا بالمرصاد وكأنها وكلت بالدفاع عنها، مما ضاعف حالة الغضب والهياج الذي تكتمه داخلها،  حتى إذا انفض جمع النساء الحاضرات طرقت عصاها بعنف تظهر ذلك الجزء من شخصيتها المتعجرف بتعالي يتخطى الحدود :


- زودتيها اوي يا نجوان،  انا لما كلمني المحامي امبارح وقالي على اتفاقه معاكي وافقت على اساس انك تلاقي حاجة  تشغلك وتنضمي لصف نساء المجتمع اللي يناسب مكانتك واسم عيلتك، مش تنزلي بمستوى الجمعية كلها وتجيبي جليستك وتعينيها في منصب هام زي ده، مع ستات من أرقى نساء العاصمة. 


شعرت بهجة بالاختناق، فهي بالكاد قضت تلك الساعتين من النقاش الممل على مضض، وسط ترقب دائم لرد فعل هذه المرأة المتسلطة، فلا ينقصها الآن قسوة الحديث الجاف منها، وبدون أن أدنى رد منها، دفعت كرسيها للخلف بجذعها تهم بالنهوض ولكن نجوان منعتها بالقبض على كفها، لتوجه ردها نحو الأخرى :


- اولا عايزة افكرك ان انتوا اللي ساعيتو ورايا عشان متأكدين من صحة موقفي في القضية واللي كانت هتخسركم كمان سمعتكم كجمعية محترمة،  يعني الموافقة كانت مني، انا اللي اتفضلت عليكم منعًا للشوشرة والقيل والقال على اسم العيلة الكريمة، ثانيًا وهو الأهم، انا مسمحلكيش تقللي منها، وحطي في بالك ان اللي يمسها يمسني، التجريح دا لو اتكرر تاني انا هنسى صفة الأخوة، ولا حتى فرق السن ما بيني وما بينك يا اختي يا كبيرة .


ونهضت فجأة امام زهولها، تعاود سحب بهجة للخروج بها هذه المرة، من غرفة الاجتماعات تلك، فكانت فرصة بهجة للتعبير عن رفضها ، تنزع يدها منها:

- نجوان هانم ارجوكي، لحد كدة وكفاية، انا جيبت اخري وشايفة كل اللي بيحصل ده عبث، سيبني بقى امشي....


قالتها وكادت ان تشرع بالذهاب، ولكن نجوان قاطعتها:

- مش هتمشي يا بهجة ولا تروحي في اي حتة، لأن احنا مش بنعمل عبث، وياريت بقى تخلي بالك من كلامك يا بنت .


قالت الأخيرة بحدة انتبهت لها بهجة لتشعر بخطأها على الفور، فتبدي اعتذارها:

- انا اسفه، بس انا اصلي....

قاطعتها مرة أخرى:

- يا بنتي ما قولتلك لا اصل ولا فصل، تعالي كدة بدل الرغي.


قالت الأخيرة لتعاود جذبها من يدها، وتتحرك بها الى جهة اخرى ، حتى أجبرت بهجة على التذمر:

- يالهوي عليا هتروحي بيا فين تاني؟


- يالهوي عليا.

غمغمت بها بابتسامة لعفويتها لكن سرعان ما تحولت للجدية تنهاها برقة اختلطت بالمزاح:

- خلي بالك يا بيبة، مش عايزين يالهوي ويامصيبتي والحاجات دي، طنتو بهيرة شوكت هتعلقني انا معاكي لو اللفظ دا سمعته بين أعضاء الجمعية،  دا غير ان ممكن يحصلها حاجة ودي برضو اختي وتهمني. 


- تقبلت بهجة نقدها، لتتخيل رد فعل الأخرى ان وقع هذا اللفظ على اسماعها فتتبسم قائلة بخبث؛

- تصدقي انا نفسي فعلا اشوف رد فعلها لما تسمعيها، يالهوي دا يبقى شكلها مسخرة،  لتكمل بضحك، فتعفب نجوان :

- تاني يا بهجة تاني يا لهوي. 


❈-❈-❈


برد فعل سريع عقب سماع الحديث من ابنتها عن المدعوة صفاء والشكوك الدائرة حول علاقتها بزوجها الذي سافر اليوم حتى قبل خروج ابنه من المشفى، تحركت على الفور نحو خزانة الملابس دون انتظار او الاخذ والرد في التفكير، غير مبالية بإلحاح ابنتها التي تريد منها الانتظار:


- استني ياما، طب حتى لما نسأل ولا نشوف الأمر ايه؟

نهرتها تدفعها عنها لتواصل ارتداء عبائتها السوداء وطرحتها:

- لا تشوفي ولا تزفتي، انا رايحة دلوقتى بلدها البت دي، مش ههمد غير لما اعرف كل حاجة بنفسي، ويا ويله لو طلع كلامك صح وله اي علاقة بيها، هدفنهم هما الاتنين ان شاء الله. 


صارت تلطم بكفيها على وجنتيها:

- يا مصيبتي يا مصيبتي، يا خوفي لا تفضحينا وتخلي سيرتنا على كل لسان، ساعتها ولاد هيحطو غلبهم فيا ويقولو عليا فتانة .


- يقولو ولا يعيدو يا بت ، محدش اصلا هيجيب سيرتك،  انبطي بقى وغوري شوفي وراكي ايه؟


وارتدت حذائها لتتحرك مغادرة بعدما التقطت محفظة النقود خاصتها، فتردد سامية في اثرها:

- مصيبة لا البسها انا كمان المرة دي والنعمة اروح فيهم في داهية 


❈-❈-❈


والى تركيا 

وبعد أن ترك جلسته مع ابن خالته، ودلف الآن إلى الفراش من أجل اخذ قسطًا من الراحة، نتيجة تعب السفر وارهاقه، 

ولكن عقله الساخن بالأفكار الطاحنة، أبى أن يعطيه غايته،  صدى كلمات عدي مازال يتكرر برأسه، الحزن الذي كسي تعابيره، والحسرة التي تخللت وجدانه، ذلك العابث الذي تربى معه وكان في وقت ما ، أقرب الأشخاص اليه، يعلم جيدا بشخصيته، كان يظنه ابعد ما يكون عن العشق والهوى، ليس بالعاطفي او الحالم كمصطفى شقيقه، ولكن لما الاستغراب؟ من كان يظن أن رجل مثله هو ، يحمل كل عقد الماضي، يعشق ويحب امرأة مثل بهجة؟ يبدو أن سلطان الهوى أقوى من اي شيء .


اعتدل بجذعه فجأة،  ليتاول الهاتف غير عابئًا بكل الوعود التي قطعها على نفسه قبل ان يأتي إلى هنا، ويعطي لنفسه مساحة للتفكير بعيدا عن تأثيرها عليه، اللعنة انه حتى لم يمر يوما واحدًا وقلبه أصبح يتلظى نار الشوق اليها .


الصفحة التالية