-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 39 - 1 - الإثنين 9/12/2024

 

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل التاسع والثلاثون

1

تم النشر يوم الإثنين

9/12/2024  


وما كان شوقي لك إلا صفحة صغيرة في كتاب الألم والعذاب الذي أحيا به وعليه، لا اتمنى الاستغناء او الفراق مهما عانيت

ذلك لأنك انت سر سعادتي ومصدر شقائي 

انت بلسمي وترياقي


بنت الجنوب 



انقضت نصف المهمة بدفن الفقيدة في الأرض الاجنبية، نظرًا لاستحالة نقلها إلى أرض الوطن بتلك الاجراءات المعقدة، وظروف الوقت القصير مع صعوبة الأمر،  فالفقيدة كانت في الأساس في نظر ذويها متوفاة منذ سنين مضت، بعد حادثها مع حكيم ، وقد اختارت وباعت الاهل وكل شيء مقابل الاستقلال والرفاهية في الدولة الغريبة حتى صار بها مثواه الاخير.


اما عنه فقد أحسن إكرامها كما لو كانت من اهله بالفعل، وكل ذلك بالطبع كان من اجله، من أجل ذلك الجالس الآن بركن وحده في حديقة منزلهم، بعد عودتهما من دفنها، بصمت يتخذه نهجًا منذ ان قدمه  محامي العائلة، وقام بتعريف صفته من القرابة اليه، لم يعترض ولم يصدر منه أي رد فعل لرفضه،  بل ظل مستلسمًا لكل ما قد تم فعله،  ليأتي الان الشيء الأصعب على الطرفين، او بالأصح عليه هو، كيف يتواصل معه كي يتقبله؟ كيف يقنعه بالسفر وترك المدينة التي نشأ بها، وقد حان وقت الرحيل من البلد بأكملها..... 


تقدم منه عدي، والذي كان يراقب حيرته هو الاخر،  عارضًا المساعدة:

- اروح افتح معاه انا وامهدله عنك؟

اجابه بنزق:

- تمهدله ايه يا عدي؟ ما هو عرف اني اخوه، الموضوع  بقى عليا انا دلوقتي، لازم اكسر الحواجز ما بينا، مينفعش الوسيط 


اومأ عدي رأسه بتفهم:

- مهمتك صعبة بس ربنا يعينك .

زفر بتمهل، ليشجع نفسه حاسمًا هذه المرة:

- يبقى مامنوش فايدة الانتظار اكتر من كدة، عن اذنك هارحله. 


تفوه بها وتحرك يتجه مباشرة نحو شقيقه دون تردد، والذي انتبه عليه هو الاخر يطالعه بأبصاره حتى اقترب يستأذنه في الجلوس بجواره على الارجوحة متفوهًا باللغة الإنجليزية:


- I want to sit next to you.

جاء رد الصغير يفاجئه:

- اتفضل 


صعق بإجفال حين وصلت لأسماعه الكلمة بالعربية حتى تسمر امامه بعدم تصديق ليؤكد له الاخر بقوله:

- ماما كان كل كلامها معايا باللغة العربية، 


- كووويس اوي 

صدرت منه بشيء من الارتياح لم يدم كثيرًا حينما اردف ادم متابعًا :

- دا غير اني كنت عارفك من الاول، لأنها كانت دايما بتكلمني عنك انت وبابا الله يرحمه.


سأله بريبة ووجه مخطوف:

- كانت بتقولك ايه بالظبط؟

وكأن الصغير ود التلاعب به، صمت قليلًا يطالعه بملامح مبهمة قبل أن يعطف عليه بالإجابة:

- كانت بتقولي أن انت اللي بتصرف علينا من فلوس بابا الله يرحمه ، لأنه كان راجل أعمال كبير وانت زيه، وكانت عايزاني اكبر بسرعة عشان ابقى زيكم انا كمان .


- اها

تمتم بها بتفهم لشخصية الراحلة، فماذا كان يتوقع، يحمد الله انها لم تشوه صورته امام شقيقه، ليدخل بصدره بعض الهواء ويجلس على الارجوحة يجاوره مردفًا:

- كويس انها كانت مفهماك وضعك، واضح كمان ان عقلك سابق سنك، يعني بكرة ان شاء الله تبقى رجل اعمال اكبر مني ومن والدك. 


ناظره ادم بملامحه المغلفة يباغته؛

- بس انا شوفتك وانت بتحاول تخنقها 


اللعنة، انه يذكره بهذا اليوم حينما انفعل عليها ،  ليبتلع رمقه بتوتر يجاهد لإخفاءه في البحث عن رد يناسب عمره:

- مكنتش طبعا عايز اخنقها، دي بس كانت لحظة انفعال لما....


- لما ماما رفضت تسلمني ليك.

- ايه؟

- ماما قالتلي انك كنت عايز تاخدني منها و

هي رفضت فحصلت مشادة ما بينكم لدرجة انها شتمتك 


- ايه؟ شتمتني انا؟

-

- اه وانت مستحملتش الشتيمة واتعصبت عليها.

رغم غضبه من التحميل عليه بشيء لم يحدث من الاساس ، إلا أنه لم يملك الا التغاضي وتمرير القصة الوهمية التي اختلقتها هذه المرأة من أجل شقيقه ذاك الذي يتحدث بصدق وذكاء يثير الإعجاب. 


- ماشي يا ادم، ع العموم خلينا نعدي اللي فات ونركز في الحاضر،  انت هتيجي معايا على مصر، احنا دلوقتي ملناش غير بعض، واوعدك ان مش هتعصب عليك ولا ازعلك.

فرك ادم بكفيه الصغيرين بتفكير متعمق، ليتأمله رياض بإعجاب، يتمعن ملامحه عن قرب، يحمل ما بين صفات العائلة، وسمة البلد التي نشأ بها، البياض الشديد والشعر الأسود الحريري الطويل نسبيا، العيون الواسعة والأنف المستقيم بإرستقراطيه، تطغى عليه وسامة حكيم بالإضافة إلى الذكاء والمرواغة كما يحدث الآن، في جعله يحترق للإجابة التي أتت بعد فترة من الوقت؛


- تمام انا موافق.


❈-❈-❈



قلق شديد يعصف بها منذ الامس، وذلك بسبب انقطاعه المفاجيء عن مهاتفتها، حتى الرد على محاولاتها في الاتصال به لا يجيب، مكتفيًا بتلك الرسالة المبهمة التي ارسلها اليها يطمئنها انه مشغول جدا وحينما يفضى سوف يتصل بها، ومع ذلك لم يفعل، تذكر حينما أخبرها انه انهى كل اعماله هنا وهو الآن  على وشك المغادرة والعودة إلى أرض الوطن،  إذن  ما الذي حدث؟


- اللبن يا بيبو.

هتفت بها عائشة وهي تسرع بيدها لإطفاء الموقد قبل أن يفور الحليب عليه ويطفئه وقد كان على وشك. نتيجة لشرود شقيقتها التي لم تنتبه سوى الآن،  لتبدي امتنانها لها:


- متشكرة اوي يا عائشة، معلش سهيت ومخدتش بالي .

ضحكت عائشة تساعدها في وضع باقي الأطباق على صنية الطعام التي تعدها للإفطار معقبة بمكر:

- معلش يا بيبو، اللي واخد عقلك يتهنى به.

بكف يدها لطمتها بخفة على جبهتها:

- ومين هياخد عقلي على أول الصبح كدة يا مصيبة؟ شيلي يا بت الصنية دي واطلعي بيها شيلي.


اذعنت ترفع الصنية مرددة بمزاحها كالعادة:

- حاضر والله يا أبلتي حاضر، هو احنا نقدر على زعلك يا ست بيبو .

قالتها وتحركت خارجة من المطبخ تتبعها بهجة التي حملت خلفها، صنية الحليب والشاي، وقد كان في انتظارهم ذاك الذي تلقفهما من وسط الطرقة يحمل عنهما ، ليتناول الطعام بعجالة معلقًا:


- خمس دقايق كمان وكنت هروح ع الكلية من غير فطار، يرضيكي كدة يا بيبو؟

تبسمت تخطف قبلة من وجنته:

- لا طبعا ما يرضنيش، سيادة الدكتور المحترم يدخل محاضراته ولا السيكشن على لحم بطنه، دي حتى تبقى عيبة في حقنا 


- حبيبتي

تمتم بها ليأتي التعقيب من جنات التي تجهزت هي الاخرى لجامعتها:

- هيسوق لنا فيها بقى، ما تاكل اي حاجة في طريقك وانت ماشي يا سيدي، مش المهم انك ترضي بطنك وخلاص، 


عقبت عائشة هي الاخرى:

- كبري مخك منه يا جيجي دا البالطو الأبيض لحس مخه خلاص. 

رمقهم إيهاب متصنعًا التعالي والازدراء، فتدخلت بهجة بسلطتها على قلوبهم :

- انتو هتتفقوا عليه انتي وهي عشان ما هو الولد الوحيد وسطنا، لا اصحو كدة دا في حمايتي 


هلل شقيقها مغيظًا لهم:

ايوة بقى انا في حماية الكبيرة،  يعني تقفلي بوقك يا قرشانة انتي وهي، انا في حماية عُليا .


تعبيرات الامتعاض على وجهي الاثنتان كانت أجمل رد لبهجة التي صارت تضحك لمشاكساتهم، حتى قطعت بانتبهاها لدوي اتصال بهاتفها،  فركضت سريعًا تتناوله أعلى الطاولة الجانبية، لكن خاب املها حينما رأت رقم صديقتها،  وليس هو 


فتجيبها بنبرة يتخللها اليأس:

- الوو، اهلا يا صفية عاملة ايه؟....... اروح معاكي فين؟.....  لا مش هينفع النهاردة احتمال كبير اتأخر في  الجمعية، ممكن تجيني الكافيه على سبعة المسا، او بعد ما تخلصي شغلك نخرج مع بعض 


❈-❈-❈


كانت في طريقها إلى عملها،  حينما انهت المكالمة مع بهجة بعد اتفاقهما على موعد للقاء معًا، لتتوقف بسيارتها امام البناية التي بها مكتبها، فتقع عينيها عليه مستندا بظهره على سيارته، ف المكان الذي تصطف به سيارتها، بهذه الابتسامة المستفزة، يبدو واضحًا انه ينتظرها.


الصفحة التالية