-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 39 - 2 - الإثنين 9/12/2024

  

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل التاسع والثلاثون

2

تم النشر يوم الإثنين

9/12/2024  


ترجلت تضع اقدامها على الارض، عينيها نصب عينيه بتحدي، فتغلق باب السيارة بعنف وتتجاهل إلقاء التحية له عن عمد، وتتخذ طريقها نحو مدخل البناية ثم دلفت داخل البنايه لتصعد آلى طابقها، دون ان تهتم حتى بالالتفاف للخلف، في تصميم على إظهار عدم الإكتراث ، رغم دوي قلبها الذي كان يضرب بقوة داخلها، ولا تعلم لماذا؟


 وصلت امام المصعد ولم تتوقف دقيقة فقد فتح امامها على الفور، يخرج منه عدد من البشر ، لتحل محلهم وتلج داخلها ، وما ان أعتدلت بظهرها لتضغط على ذر الطابق الذي تريده، حتى اجفلت به ينضم معها والمصعد يغلق عليهما فيتكفل هو بمهمة اختيار الطابق مرددًا بمرح يحمل غيظًا خفي:


- كدة برضو يا أستاذة تعدي من غير ما ترمي التحية، دا حتى السلام لربنا .

انتابها الحنق الشديد وانتفخت ذاتها بتلك الندية التي تجعلها على وشك التحفز دائمًا :

- واسلم ولا ارمي التحية ليه؟ ايه اللي بيني وبينك من اساسه؟ هما حيالله كلمتين لسه ما تبتش الأمر فيهم. 


وبرد فعل سريع قصر المسافة الفاصلة بينهم لتصير مجرد سنتيمترات، ويصبح بكليته امامها بالكامل، قائلا بتسلية:

- وايه اللي مأخرك؟ ما تبتي يا ستي في الامر

انتفضت يلتصق ظهرها بالمرأة من خلفها وانفاسها تصعد وتهبط بتوتر شديد أصبح يقبض على انفاسها، فترفع سبابتها امامه بتهديد وتحذير، وكلمات تخرج بصعوبة:


- سيادة الدكتور المحترم، ارجوك بلاها منها الحركات دي، احنا مش عيال صغيرين. 


رد بهدوء لا يخلو من حزم، يتأمل جمال سوداوتيها كقمرين اسودين بكامل سحرهما رغم الزعر الذي يرتسم داخلهما،  وجهها على هيئة قلب يميزه طابع الحسن اسفل الذقن،  البشرة الخمرية النضرة، جمال مصري اصيل،  رغم عدم اهتمامها بذلك الأمر ولكن الأجمل هو ذاتها.


- ما احنا فعلا مش عيال صغيرين، احنا ناضجين وفاهمين، يعني مالوش لازمة نلف وندور على بعض، انتي عايزاني زي ما انا عايزك، حتى لو بينتي غير كدة.


زاد الرعب داخلها تأثرًا بهيئته الجديدة امامها،  رغم العبث الذي يدعيه دائمًا إلا أنها ولأول مرة يكتنفها الرعب من رجل ويكون هو، 


- ابعد عني، والا والله... والله .

صارت تردد بها بصورة أثارت قلقه، حتى أنه غفل عن السبب وهو يحاول الإطمئنان عليها:

- والله ايه؟ هو انتي عندك فوبيا من الأماكن الضيقة، ولا ايه اللي حاصل معاكي بالظبط؟


ماذا تخبره؟ وهي في الأساس تخشى منه هو نفسه، ضافت انفاسها حتى اسودت الصورة امام عينيها فلم تعي بشي بعد ذلك، ولا بجسدها الذي سقط فجأة عند اقدامه:

- صفية، صفية مالك؟ 


❈-❈-❈


دفع الباب ليدلف داخل مكتب المحاماة الخاص بها حاملا لها بين ذراعيه، حتى اجفل الفتاة مساعدتها في العمل، لتنتفض في استقباله:

- يا نهار اسود، هي الأستاذة جرالها ايه؟

هدر بها بصرامة:

- انتي لسة هتسألي؟ روحي افتحي اوضتها عشان اريحها على اي كنبة وافوقها .


ركضت الفتاة تفتح له باب غرفتها ليدلف ويسطحها على الأريكة القريبة من المكتب، فتخاطبه بلهفة:

- اروح اجيب لها قزازة ريحة نفوقها بيها؟ ولا اتصل بدكتور احسن؟

هتف بها حازمًا:

- انا الدكتور يا بنتي، تعالي ساعديني عشان افوقها 

بحيرة اعتلت تعابيرها، اقتربت تسأله بفضول،  وهي تراه ممسكًا رسغ يدها بعملية يقيس النبض 


- طب انا اعمل ايه يا دكتور؟ واساعدك ازاي؟

رمقها بغيظ يأمرها:

- فكي الحجاب بتاعها الأول خليها تاخد نفسها. 


على اثر صيحته الاخيرة انتفضت تنفذ ما أمرها به ، تراقب ما يفعله في افاقتها بتركيز شديد، لكنه لم يمنعها من سؤاله:


- حضرتك تعرفها منين؟ ولا هي وقعت قدامك صدفة يا دكتور؟

كانت صفية في هذه اللحظات بدأت تحرك عينيها في بدايه للعودة لوعيها، ليطمئن قلبه بعض الشيء فيجيب تساؤل هذه الفتاة الفضولية، بجدية الواثق:


- انا خطيبها يا آنسة. 

شهقة عالية صدرت من الفتاة حتى ارتد اثرها على صفية لتفتح عينيها بالكامل  فيصلها صوت الفتاة :

- يعني إنت بجد خطيب الأستاذة صفية؟ طب هي مقالتش ليه؟ مقولتيش ليه أستاذة انك مخطوبة لدكتور وزي القمر كده ؟


تبسم بمكر وقد أعجبه رد فعلها، وعيناه لا تفرق تلك التي بدأت تنتبه اليه والى وضعها امامه، وارتسم الجزع على ملامحها لتنتفض بجذعها صارخة به؛

- انا جيت هنا ازاي؟ وانت قاعد قدامي كدة ليه؟ ايه اللي حصلي؟


جاء الرد من الفتاة مساعدتها بلهفة:

- يا أستاذة متقلقيش ولا تخافي، انت كان مغمي عليكي والدكتور خطيبك هو اللي فوقك. 


- خطيبي!

تمتمت بها بأعين توسعت فجأة ليلحق هو مخاطبًا الفتاة:

- بسرعة يا اسمك ايه هاتيلي كوباية ميه عايز اشرب، وياريت تعملي كوباية عصير للأستاذة الآنسة صفية. 


- من عيوني. 

قالتها الفتاة وركضت بحماس تترك لهما المجال لتبدأ بينهما جولة من النقاش المحتدم:

- البت سندس بتقول عليك خطيبي، مين فهمها كدة؟


ردد بمرواغة:

- يعني اللي خرجت دي اسمها سندس؟  والله ما اعرفها، بس هي اكيد مش هتألف من مخها، ما هو انا كمان، كان لازم ارد على سؤالها لما سألتني وانا داخل بيكي شايلك. 


- داااخل بيا شايلني! يعني انت شيلتني بجد؟

تردد بها بهلع وهو يزيد عليها بقوله:

- ايوة طبعا بعد ما اغمى عليك في الاسانسير، كان لازم اطمن عليكي، دا انتي قعدتي ساعة افوق فيكي. 


- ساعة كمان تفوق فيا. 

استدركت لكلماته لترفع يدها على شعرها، فتعي على وضعها بدون حجاب لتتفض فجأة من جواره ناهضة بهلع، حاول تتخفيفه عنها:

- خلي بالك ان سندس كانت معانا، وهي اللي قلعتك الحجاب عشان تفوقي .


تجالهت كل ما تفوه به، وقد توقف عقلها على شيء واحد:


- قاعدة ولا مش قاعدة ميهمنيش،  المهم اني كنت بشعري! بقالي ساعة قدمك بشعري! يا نهار اسود، يعني انا شعري انكشف قدامك ؟!! 

تبسم بخبث يجيبها ببساطة:

- وليه الخضة دي بس؟ ما انا يعتبر برضو خطيبك ، ولو مكانش يبقى الاسلم توافقي عشان ما يبقاش شعرك انكشف على حد غريب 


سمعت منه، فتحولت ملامحها لقطة شرسة على وشك الهجوم على خصمها لولا دخول مساعدتها بصنية تحمل ما قامت بإعداده:

- العصير والميه يا حضرة الدكتور 


❈-❈-❈


حطت الطيارة التي تحمل الشقيقين على أرض الوطن، فكان في استقبالهم كارم، في بادرة منه للدعم والمؤازرة، بعدما علم من صديقه عدي بالقصة كاملة، والذي اوصاه من جانبه هو الاخر بالاهتمام. 


ليتكفل ويقلهما داخل سيارته، وحديث دائر بين الشريكين لا يُخفي القلق.


- كل حاجة تمام في الشغل، متقلقش خالص.

- اكيد مش قلقان يا كارم، حتى لو تقلت عليك، انا عارف انك قدها وقدود.


تفوه بها رياض يعرب عن امتنانه الشديد له، حيث كان جالسًا على الكرسي المجاور له في الامام، وشقيقه في الكنبة الخلفية، يشاهد من نافذة السيارة أجواء البلد التي يراها لأول مرة، ليشاكسه كارم بقوله:

- عجبتك البلد يا آدم؟ اوعى تقول لا وتقارنها بالبلد اللي عيشت واتربيت فيها ، ازعل منك. 


اومأ له ادم بإجابة مقتضبة قائلا:

- بالعكس هنا أجمل،  على الاقل الشمس في كل مكان ودافية.


تبسم كارم يردد ضاحكا باستدراك؛

- اااه، ياعيني انت صحيح متربي ع التلج والضباب،  الشمس بتطلع زي هلال العيد عندكم .

هذه المرة كان الرد مستجيبا لمزاحه بابتسامة صافية، ليردف كارم في ترحيب له:

- منور بلدك يا آدم، وان شاء الله بكرة تبقى سعيد بصحبتنا .


أضاف على قوله رياض:

- ان شاء الله..... وبكرة هو يشوف بنفسه....

شعر كارم من نبرته بثقل لسانه، ومدى ما يعتريه من هم، ليعقب بسؤاله مستفسرا عن القادم:

- طب انت كدة هتعمل ايه؟ هتروح بيه على بيتكم ولا فين بالظبط؟


رد يجيبه بتنهيدة خرجت من العمق:

- انا هقولك دلوقتي على فين تروح بينا؟



الصفحة التالية