-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 44 - 1 - الأحد 29/12/2024

 

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الرابع والأربعون

1

تم النشر يوم الأحد

29/12/2024


"اتركني أرحل بلا ندم، دعني أتحرر من قيودك حتى أحيا من جديد. اتركني أسقط حتى أنجو من شرنقتك. لو كان بعدي عنك عذابًا، دعني أتذوقه."


#بهجة


إهداء إلى القارئة الجميلة أم نور أسما


❈-❈-❈


ماذا حدث؟ وما سر هذا الاختفاء المفاجئ؟ لماذا تصر على تجاهله وعدم طمأنته عليها؟ وقبل كل ذلك، ما الذي دعاها لتصل إلى المنزل في غيابه بعد انقطاعها عنه منذ شهور؟



يجزم في داخله أن هناك أمرًا جلل، لكنه لم يعلم كامل الحقيقة حتى يتأكد.


لقد أخبرته تلك الملعونة "نادين" بقصة لم تدخل عقله الواعي، رغم سعادته الوقتية بشكواها من معذبة قلبه وغيرتها المجنونة نحوها، سبابها وشتمها دون أسباب! هل هذا معقول؟ كيف لها أن تشك وقد علمت بهويتها وصفة قربها من شقيقه؟ ذلك المراوغ الذي تفنن في تضليله حتى لا يدحض قصة خالته ولا يؤكدها في الوقت ذاته.


حتى "جوليا" لم يجد منها إجابة وافية نظرًا لعدم حضورها كامل اللقاء كما قالت. طال الوقت وطال البحث، ولم يعثر عليها حتى الآن.


توقف بسيارته أمام المنزل الذي وصله منذ ساعات بعد علمه بما حدث، لكنه لم يجدها أو يجد من يدله عليها.


دلف داخل الممر الصغير المؤدي إلى درج   المنزل، ليصعد إليه، ثم يطرق الباب بأدب دون استخدام المفتاح كما حدث في المرة السابقة.


فتحت الباب تستقبله "عائشة":


عمو رياض، أنت جيت تاني؟



قبل رأسها وولج معها داخل المنزل ليسألها:


جيت عشان أشوفها رجعت ولا لسه كمان؟


لا للأسف يا باشا، لسه كمان.

قالها "إيهاب" من الداخل يستقبله بوجه متجهم ويستطرد:


والله كان قلبي حاسس إنك السبب في اختفائها المفاجئ، اللي عايز أفهمه بس، إيه فايدة إنك تسيبها معلقة في حبالك تتعذب؟ ما تسيبها في حالها بقى وخليها تعيش! ده حتى حرام عليك يا أخي.


أنا برضو اللي حرام عليا وأنا كمان اللي معلقها؟!

قالها رياض مشيرًا بسبابته نحو صدره، ثم سحب نفسًا طويلًا وطرده، يستجدي من الله الصبر داخله، قائلًا بعد ذلك:


ممكن تندهلها لو جوا عشان أسوي أموري معاها لو سمحت؟



صاح "إيهاب" يجيبه بانفعال:


ما هي مش موجودة! زهقت من الكل، حتى إحنا

حتى البيت اللي قاعدين فيه مش طيقاه.



تجاوز عن كل ما تفوه به، وقد وقع قلبه خوفًا عليها:


أمال راحت فين؟ أنا بقالي ساعات بدور عليها، من ساعة ما رجعت من شغلي! بهجة راحت فين يا بني آدم؟ أنت! ولا هي عملت في نفسها حاجة؟



نبرته الجزعة في السؤال عنها جعلت "جنات" تسارع للتدخل وطمأنته:


ما عملتش حاجة في نفسها والله، هي بس مخنوقة، وحبت تغيّر جو في مكان ترتاح فيه.


تغيّر جو تروح فين بالضبط؟


بتقولك عايزة ترتاح، يعني كفاية عليك إنك اطمّنت عليها ومتشكرين أوي.


وأنا مش هسكت غير لما أشوفها حالًا دلوقتي.

قالها بحزم وحسم ليجبر "إيهاب" على الانصياع والذهاب معه إلى مكان تواجدها.



❈-❈-❈


تشاجرت، أخذت حقها من تلك الأفعى وشتمتها، ولكن هل هي استراحت الآن؟ لا، للأسف لم يحدث، فالكلمات السامة من تلك المرأة ونظرتها الدونية نحوها بقصد تذكيرها بقيمتها كامرأة في الظل، رضيت بالبيع والشراء ثم غلبها العشق وجعلها معلقة في الوسط؛ لا هي بالزوجة التي يفتخر بها زوجها أمام البشر، ولا حتى بالحبيبة السرية بعد أن تمرر حلقها ولم تعد لديها القدرة على المواصلة ك... كعشيقة قبلت بالدور منذ البداية. هذا هو التفسير لحالتها الآن، ولكن إلى هنا انتهى كل شيء. لقد جاءت إلى من تُنصِبه لمساعدتها كي يحسم قرار الفراق الذي للأسف في كل مرة تضعف وتتراجع عن تنفيذه.


دوى صوت جرس المنزل الذي تتواجد به، لتنتبه بعدها بقليل إلى صوته يدوي في قلب المنزل ويصل إليها داخل الغرفة التي انزوت فيها. مسحت بيدها دموعها الغزيرة لتنتصت وتستمع إلى الحديث الحاد بين معذب قلبها وابن عمتها الذي أتت تستنجد به من نفسها الضعيفة.


جِبته ليه معاك يا إيهاب؟ أختك تعبانة ومش حمل مقابلة أي حد النهاردة.

قالها شادي بتهكم فور دخولهما إليه، ليقابل قول الآخر بحدة:


والله أنا جاي لمراتي، ومحدش يقدر يمنعني عنها.



عقب إيهاب على قوله:


أديك شايف بنفسك يا شادي، الباشا مستميت فيها، وأنا بصراحة زهقت منه، اتصرف انت معاه بقى، يا تنده لها هي وتخلص الموضوع اللي طول ده.



صاح شادي بحدة:


هي خلاص وكلتني عنها عشان أخلصها ونخلص، لا هي هتشوفك ولا هتستمر في لعب العيال ده تاني.



هدر رياض بغضب عاصف:


لعب عيال مين؟ هو الجواز فيه لعب عيال؟ ابعد من قدامي يا بني آدم انت، وما تدخلش نفسك في اللي مالكش فيه، سيبني أشوف مراتي.



جاءه رد الآخر بعدم اكتراث:


وأنا بقولك مالكش ستات عندنا، روح يا سعادة الباشا بهيلمانك ده، دور عليها في وسطكم وطبقتكم العالية، إنما اللي هنا دي...



توقف لتعلو نبرته مشددًا:


اللي هنا دي تنساها من تاريخك أصلًا، لأن قريب أوي هنخلصها منك، يعني لمّ نفسك وعلى بيتك كده من غير تعب ولا رغي كتير، إحنا ناس بنام من العشا.



وكأنه ضغط على زر اشتعاله بذكر الفراق وإبعادها عنه، ليصيح به:


انت بتقول لمين الكلام ده؟ اصحى وفوق لنفسك واعرف انت بتكلم مين؟ مش أنا اللي يجي واحد زيك ويحكم عليا، روح شوف حالك يا بابا بدل ما أذيك.



رد شادي مستفزًا وهو يميل برأسه متحديًا:


ده على أساس إني في الروضة ولا شاب صغير وعودي طري؟ اعمل ما بدالك يا حبيبي، وبرضو مش هخليك تطول ضفرها تاني.



إلى هنا انفلت زمامه حتى كاد يهجم عليه ويحقق ما يتمناه في هذه اللحظة بتهشيم رأسه ليصمته إلى الأبد، إلا أنه تراجع فجأة برؤيتها، حينما أطلت أمامه خارجة من إحدى الغرف، بوجهها البهي وقد اكتسى بحزن قبض على قلبه، ليهتف معاتبًا لها:


أنتِ قاعدة جوا وسامعة كل الخناقة؟! بقى يرضيكي اللي بيعمله الزفت ده؟



أومأت بثبات تُحسد عليه:


آه يرضيني، وكل كلمة ولا حكم يحكم به، أنا موافقة عليه.



خرج صوته بصراخ وقد فاض به من عنادها:


وبتقوليها في وشي إنه يفرقنا عن بعض كمان؟! ده مهما كانت معزته، صفته إيه ده عشان يمشي حكمه علينا؟ ما تفوقي نفسك وبطلي جنان بقى... طب جنان بجنان بقى، هتطولي نجوم السما ولا هتطوليها، أنتِ مراتي، وهتفضلي مراتي، سواء كان برضاكي أو من غيره، وأما أشوف الحلو ده هيفرقك إزاي عني؟



توقف يرمقها بنظرة مناقضة تمامًا لكل ما تفوّه به وما أظهره من عجرفة؛ نظرة يفيض منها الألم وكأنه مذبوح والسكين بيدها هي، يستجديها أن تتوقف عن عنادها، أن تسمعه ويسمعها، لكن يمنعه التعالي والاعتزاز بنفسه أن يعبر عن ذلك بفمه.


ثم، وبدون أي كلمة أخرى، تحرك مغادرًا دون استئذان.


سقطت هي بجسدها على الأريكة التي كانت خلفها، وأكملت وصلة البكاء التي لم تنقطع عنها منذ ساعات. اقتربت إليها "صبا" لتشاركها الجلوس على الأريكة وتهون عليها بالكلمات:


حبيبتي، براحة شوية على نفسك مش كده، مدام شادي اتصدرلك يبقى أكيد هيلاقي طريقة ويخلصك.


أخلصها من إيه بالظبط؟ مش لما أنا نفسي ما عدتش عارفة إيه اللي يريحها.

تمتم بها المذكور ليجلس مقابلًا لهما مع إيهاب الذي أطرق بصمت وحزن، وكأنه هو الآخر يشاركه الحيرة. لفتت كلماته انتباه بهجة التي رفعت رأسها نحوه بتساؤل تكفلت به زوجته:


جصدك إيه يا شادي؟



أجاب وعيناه على بهجة:


قصدي إني محتار، خايف أقف جنبك وأخلصك منه فعلًا، وبعدها أندم إني طاوعتك. تمسكه الكبير بيك يدل على حاجة واحدة...



قاطعته بهجة مرددة بانهيار:

الصفحة التالية