رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 20 - 1 الخميس 26/12/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل العشرون
1
تم النشر يوم الخميس
26/12/2024
الحب،
هو أن تتشارك لحظاتك السعيدة مع من تحب،
هو أن تحنو عليه وتطمئنه،
هو أن تحتويه وقت حزنه وغضبه،
هو أن تضحي لأجله بكل نفيس وغالٍ،
أما التحدي والتعصب، الاستغلال والسيطرة فليست حباً إنما تملك.
أسماء المصري.
❈-❈-❈
يأست من كثرة مهاتفته وفقط رنينه المتواصل يخبرها أنه لم يغلقه، ولكن نخر الشك والقلق قلبها بدرجة عالية وما زاد الأمر عليها هو حديث والدتها منذ أمس عن حالته عندما غادر المنزل فور عودتها ﻷحضانهم فلم تجد مفر سوى التحدث مع آخر شخص تود التحدث معه وهو ذلك الضابط الذي اتخذت قرارها بعدم مساعدته بعد أن فكرت بعقلها وقلبها معا.
فهل يستحق منها رشوان أن تشي به بل وتصبح جاسوسة بداخل بيته فقط لتنتقم من أجل زواجه القسري منها؟ وماذا عن تلك السنوات التي مضت وعاملها بأفضل معاملة قد تجدها وربما إن ظل والدها على قيد الحياة لما عاملها بتلك الطريقة الجيدة.
ربما حتى وإن كانت أسباب معاملته هو وضع أنظاره عليها كزوجة مستقبلية، فهل نست سريعا أنه لم يجبرها على معاشرته ووافق على تأجيل الأمر حتى ترضى وتريده؟
كل تلك المعارك الطاحنة دارت برأسها وهي تفكر فيما تفعله وبالأخير اتخذت قرارها ليس فقط من أجل رفيقة دربها الوحيدة:
-السلام عليكم.
ردت سلامه بصوت مقتضب وهتفت على الفور:
-يوسف مختفي من امبارح ومش عارفه اوصله وخايفه عليه أوي.
هز رأسه وكأنها تراه:
-عارف متقلقيش احنا متابعينه.
اتسعت حدقتيها ولمعت بشدة:
-يعني أنت عارف هو فين؟
ابتسم ربما ﻷنها أزالت التكليف بينهما بتلك السرعة ولم تحدثه بصفة رسمية، آه ربما فعلت ذلك لصغر سنها وعدم معرفتها الجيدة بآداب الحديث:
-قولتلك متقلقيش.
صرخت به فورا أخرجته من حالته الهادئة:
-مقلقش ازاي؟ بقولك معرفش عنه حاجه من امبارح.
رد فورا بصوت غليظ:
-آنسه ملك، متنسيش انك بتكلمي رائد في الأمن الوطني مش عيل صغير.
تجهم وجهها وزفرت بضيق:
-طيب ممكن تفهمني عشان مقلقش زي ما بتقول.
جلس على مكتبه وأراح ظهره وقد انشغل كليا بمكالمتها تاركا العمل وكل ما يجري حوله:
-مكانش ينفع اسيبه بعد ما قولتيلي إن مطلوب منه يوقعني في فخ، فهو في الحفظ والصون لحد ما نشوف آخرة الحوار ده، اطمني.
لم تعي تماما حديثه فهل قام باحتجازه:
-انت قبضت عليه يعني؟
عاد للضحك من جديد فحديثها معه يخلو تماما من التكليف:
-ﻷ أنا مقبضتش عليه، هو موجود في مكان ومؤمن عليه لحد ما أعرف الشبكة دي ناوينلي على ايه.
تنفست بقلق وهو لم يتركها كثيرا فتابع:
-قولتلك متقلقيش بقى، أنتي مش واثقه فيا؟
نفت هادرة:
-ﻷ ولا عندي ثقه في اي حد لا جوه البوليس ولا بره، لو سمحت سيبه لإن ده مكانش اتفاقنا.
نفذ صبره أخيراً فتكلم بجدية ربما كان أولى به أن تكلم بها من البداية:
-يا آنسه ملك حضرتك مش مطلوب منك غير تنفذي المطلوب منك وبس، ومتتدخليش في اي حاجه تانيه ده عشان أمانك أولا وأمان افراد اسرتك ثانيا.
لم تحبذ تهديده الصريح لها بهذا الشكل:
-أنت بتهددني يعني ولا ايه؟
عقب عليها بصوت حاد:
-من أول المكاملة بقولك حضرتك والرد تقوليلي أنت، اكلمك بهدوء تزعقي فيا، عموما أنا مش هقدر أطول معاكي في المكالمة أكتر من كده ﻷن عندي شغل وحضرتك ما عليكي غير تنفيذ المطلوب وبس.
هدرت بحدة غير متقبلة حديثه:
-يعني لو ماما ولا رشوان ولا اي حد سألني عنه اقول ايه؟
أجابها متسائلا:
-أنتي عارفه هو فين؟
نفت بتمتمة بسيطة فابتسم وأكمل:
-خلاص يبقى تقولي معرفش وبس، المهم دلوقتي في اي جديد عن رشوان؟
أجابته بعد سحب نفسا طويلا وطرده بحدة:
-معرفش، أنا رايحه اوديله أكل وهحاول أعرف منه اي حاجه.
هز رأسه مرات متتالية فأغلقت بالتو دون انتظار منه وجلست ممتعضة تهمس لنفسها:
-أكيد خطفه عشان يجبرني ابلغه بالمعلومات، أكيد حس اني ممكن متعاونش معاه بعد رشوان ما سلم نفسه عشاني.
شردت قليلا تنظر أمامها بتيه وعقلها يتحدث معها:
-رشوان سلم نفسه وهو مُهدد بمؤبد أو اعدام عشاني، معقول أخونه وابلغ عنه!
دلفت والدتها لتجدها جالسة بنفس هيئتها تنظر أمامها فنادتها:
-ملك.
رفعت وجهها تنتظرها ان تكمل:
-أم ورد كلمتني عشان تعدي عليها تاخدي الأكل وانتي رايحه القسم.
أومأت بصمت فهتفت مجددا:
-أخوكي مردش عليكي برده؟
أومأت مجددا فتذمرت والدتها:
-مش عارفه الواد ده هيفضل يقلقني عليه لحد امتى، قصره... مين اللي هيوصلك القسم؟
حركت كتفيها ﻷعلى فصرخت الأولى بها:
-يا بنتي ردي زي الناس.
ردت فورا بصوت مرتفع:
-معرفش يا ماما معرفش.
وقفت من مكانها لترتدي ملابسها وتحركت للخارج وهي تخبر والدتها:
-أكيد رشوان عامل حسابه أو هاخد اوبر وخلاص، يلا سلام.
خرجت لتتقابل معه وجها لوجه فغزت صعقة عنيفة جسدها فور وقوع عينيها عليه؛ فهي لم تره منذ فترة فقد تنجنبا أن يتقابلا منذ تم عقد قرانها على رشوان وحتى الآن:
-أزيك يا ملك.
ردت تتحاشى النظر له وتسرع للخروج من البناية:
-الحمد لله.
أوقفها بالمدخل وسحبها بقوة للداخل بجوار الدرج وهتف يسألها:
-متأكدة؟
تنبهت لفعلته وأنه لازال يمسك ذراعها بقبضته فأبعدتها تجيب:
-أيوه الحمد لله، عن إذنك.
حاولت الخروج مجددا من حصاره ولكنها فشلت للمرة الثانية وهي تجده يصلب جسده أمامها:
-ممكن تبطلي طريقتك دي وتقفي تكلميني 5 دقايق بس.
زفرت تضع راحتيها أمام صدرها:
-عايز ايه يا حسن؟ هي مش خالتي وخالتك واتفرقو الخالات، وخلصنا وكل واحد فينا بقى متجوز! ايه لازمة كل ما تشوفني توقفني و...
قاطعها مقتربا منها حد الإلتصاق:
-مش قادر ولا قابل بكلامك ده، ربنا وقف معاكي مرة واتنين وانتي مصره على عنادك، خلاص رشوان اتسجن وإن شاء الله ياخد اعدام وبعدها...
قاطعته صائحة:
-بعد الشر، تف من بوقك.
اتسعت حدقتيه بذهول وهي تكمل:
-إن شاء الله يخرج ويرجع لبيته وبناته.
صحح لها هازئا:
-قصدك يرجع لبيوته.
قوست فمها بشكل ممتعض تهتف:
-طيب أنت عايز ايه يا حسن دلوقت؟
أجابها بصوت خافت متغزل:
-أنا فرحت أوي لما عرفت انه مدخلش عليكي، وفرحت أكتر لما اتقبض عليه وكنت متخيل هلاقيكي فرحانه ومستنية حكم المحكمة عشان تطلقي منه.
نفت سريعا تحاول إخفاء ذهولها بمعرفته تلك التفاصيل الدقيقة التي لا يصح أن يعلمها أحد، ومن يمكن أن يخبره بها سوا والدته التي بالطبع علمت من والدتها التي تسكب كل ما بجعبتها لنظيرتها وجارتها المقربة:
-حسن، ركز مع سهر أحسن وربنا يشفيها ويطمنك على اللي في بطنها.
اندهاشه بتلك اللحظة كان كبير وواضح وضوح الشمس بنهار صيفي كهذا النهار وقد اشبع داخلها تهمس لنفسها، لست وحدك من تعلم أدق تفاصيل حياتي فأنا أيضا أعلم الكثير:
-انتي.
أطال بمد حروفه وهو يردد:
-انتي عرفتي إزاي؟
ابتسمت بمرارة:
-هو أنت متعرفش إنها نزفت وهي بترقصلي يوم فرحي على رشوان ولما جريت الحقها قالت لي إني السبب في كل حاجه وحشة حصلت لها، السبب إنها سلمت نفسها ليك عشان متخسركش.
ظل مذهولا يستمع لها:
-سهر شايفه اني عقبة في حياتكم، مع اني مقربتش منك ولا حاولت اتكلم معاك حتى من لحظة ما كتبت عليها، يمكن قبلها كنت بحاول أبينلك نفسي يمكن تحس بيا بس أنت اخترتها هي، فممكن أعرف ايه سبب كلامها ده؟ وليه اتغيرت وبقيت بتطاردني كده؟
لم تعطه الفرصة ليجيبها:
-بقى هي شايفه اني السبب في اللي حصل لها! غريبة.. مع اني متجوزه رشوان دلوقت بسببها هي.
أخرج صوته معترضا:
-نعم! وسهر دخلها ايه؟ عنادك هو السبب.
ردت تخبره ببسمة ساخرة ولكنها متألمة بنفس الوقت:
-لا مش بسبب عنادي، أنت فاكر مين اللي كان بيبلغ رشوان بخططك أنت ويوسف عشان نهربو منه؟
لم يصدق وهتف مدافعا:
-مستحيل تكون سهر، أنا شاكك في أبوها ﻷن سهر مستحيل تعرضني للخطر.
ضحكت عاليا تؤكد له:
-ولو قولتلك إن رشوان بنفسه هو اللي قالي إنها كانت بتساعده.
ابتعد خطوة للخلف أتاحت لها الخروج من حصاره:
-مش ممكن.
ابتعدت عنه تهتف بصوت متحجر:
-آخر الكلام يا حسن عشان تبطل تتطاردني بالشكل ده، مفيش أي حوار ولا جملة ممكن تجمعني بيك بعد ما كل واحد فينا بقى له حياته، يعني مفيش ملك وحسن حتى على سبيل الجيره والأخوه، ﻷنك حتى دول حرمتني منهم بسبب تصرفاتك، وبرشوان أو من غيره عمري ما هفكر فيك ولا أحلم بيك، قصتنا انتهت من قبل ما تبتدي وأنت السبب في ده، فخدها من قصيرها وابعد عن طريقي خالص وتنساني وركز في مراتك وابنك اللي جاي.
غادرت ولكنه تبعها ساحبا ذراعها بقوة يهتف:
-سقطت، البيبي نزل و...
قاطعته تسحب ذراعها منه بعنف:
-حتى لو، أنت بقيت ملزم بيها بعد اللي حصل، ولا كمان هتطلع ندل وجبان وتتخلى عنها!
تركته وابتعدت وهو يؤنب حاله ونفسه ليس فقط على تسرعه وتهوره بل على ملاحقتها بهذا الشكل الذي أزعجها فأغلق عينيه وأطرق رأسه ﻷسفل يحاول تدارك أمره ولكن غضبه لا زال مؤججا تجاه واحدة فقد بسببها نفسه وحلمه.