رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 15 - 1 الخميس 5/12/2024
قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حارة الدخاخني
للكاتبة أسماء المصري
قراءة رواية حارة الدخاخني
رواية جديدة قيد النشر
من روايات وقصص
الكاتبة أسماء المصري
الفصل الخامس عشر
1
تم النشر يوم الخميس
5/12/2024
إن أحببت شخصا حقاً، فلن تتغير مشاعرك تجاهه مهما أخطأ، لأن عقلك هو من يرفض خطؤه وليس قلبك.
أسماء المصري.
❈-❈-❈
ظل يبدل سيجارته بأخرى حتى احترق صدره ولا زال يشعر باحتراق داخله وينظر من نافذته المطلة على الشارع يفكر بمعضلته، لحظات صمت ظاهرية لمن يراه واقفا هكذا فقط يدخن بشراهة غير مدركين للثورة العارمة التي بداخله وهو يرى كل تلك التجهيزات التي تحضر من أجل زفافها على من يكبرها بأربعين عاماً.
أطفأ سيجارته تلبية لرغبة والدته التي دلفت لتوها:
-ايه كل الدخان ده يا بني حرام عليك صحتك.
ألقى بما تبقى من سيجارته من النافذة والتفت لها ينتظرها لتكمل توبيخها له، ولكنها الوحيدة التي تشعر بداخله وربما تمر هي بما هو أكثر منه:
-لما تأذي نفسك ده مش هيغير حاجه والطوبه جت في المعطوبه واللي حصل حصل.
لم يعقب بل تنهد وجلس على فراشه فاقتربت منه والدته تجلس بجواره وتربت عليه:
-شوف أنا جوايا نار اد ايه من اللي بيحصل، بس خلاص الفاس وقعت في الراس ومقدمناش حاجه غير نقبلوها.
بالطبع هي لا تعلم كل الحقائق وما سيلاقيه نجلها من إثر تلك الزيجة:
-اوم كده اغسل وشك واجهز عشان تقف جنب أختك يا يوسف بلاش يابني تسيبها زي يوم كتب الكتاب، دي يا حبيبتي كانت مقهوره يومها لما ملاقتكش.
زرف الدمع وهو مطرقا رأسه ولم يستطع كتم غصته التي خرجت على شكل نهنهات حزينة:
-اختك لازم تحس بيك واقف في ظهرها، دي ملهاش غيرك وعملت كل ده عشانك.
هل يخبرها الآن بما علمه من رشوان أنه لم يكن السبب الرئيسي لزواجها منه بل كان ستزوجها مهما كانت الظروف؟ اختار الصمت، الصمت العقابي الذي طبقه على نفسه منذ ثلاثة أيام وتحديدا يوم معرفته للحقيقة كاملة من رشوان:
-اوم يا يوسف البس عشان تروح لاختك الكوافير توديلها أكل، دي هناك من صباحية ربنا ومرضتش تفطر حتى وزمانها جعانه.
أومأ مبتلعا ريقه فابتسمت والدته ومررت راحتها على ظهره:
-لو الكوافير كان قريب كنت بعت أخوك بس أنت عارف إن المعلم حجزلها عند واحد في رشدي وأخاف ليتوه.
يعلم أنها تحاول بكافة الطرق أن تجعله يتحدث معها وينخرط بحديثه عن زيجة أخته وكأنه أمرا مقبولا، ولكنه ظل صامتا ووقف يتجه لخزانة ملابسه ليخرجها فظلت والدته تنظر له بأسى وتتضرع بداخلها أن يحمي أطفالها من أي مكروه.
أخذ منها الأطعمة المعدة منزليا ومغلفة وخرج ليثبتها بدراجته النارية فتقابل بحسن الذي اتجه نحوه تاركا محله المزدحم بالزبائن فقط ليتحدث معه:
-يوسف، استنى.
اسند الدراجة النارية وانتظره ليضع الملح على جرحه الغائر وهو يعلم أن لا أحد سيحدثه عن شيئ سوى عن زفاف أخته المقرر اليوم تحديدا:
-طمني عنك.
رمقه بنظرة حزينة وزفر هازا رأسه:
-كويس.
إجابته بهذا الشكل المختصر جعلت حسن يتابع حديثه معه:
-وملك؟ خلاص كده دخلتها انهارده بجد؟
أومأ وقد قوس فمه ممتعضا:
-محسسني إنك اتفاجئت مع أني متأكد إنك عارف بس الظاهر إن خلاص مبقتش فارقه معاك.
تعجب حسن من حديثه وقبل أن يعلق عليه وجده يتابع:
-كنت فاكرك بتحبها وهتتصرف وتخلصها من اللي هي فيه، بس الظاهر إني كنت غلطان وحبك لخطيبتك أكبر من حبك لملك.
ابتلع حسن ريقه بعد أن تم كشفه بهذا الشكل أمامه وحاول الدفاع عن نفسه:
-مين قالك أني قبلت ولا سكت! أنا حاولت مع ملك بدل المرة مليون مره بس هي ركبت دماغها و...
قاطعه يوسف بحدة غاضبة:
-رفضتك عشان جوازك، لو كنت فضيت موضوعك ده وجيتلها قولت لها يلا نتجوزو كانت طارت من الفرح ومفكرتش لحظة واحدة.
بكى رغما عنه وهو يخبره:
-ملك صغيره أوي يا حسن، مش قادر اتخيلها مع راجل أكبر من أبوها، هتعمل معاه ايه دي فهمني!
مسح عبراته بظهر يده وتابع:
-هي مش فاهمه ايه اللي بيحصل بين المتجوزين ولا عارفه الحياة هتبقى إزاي لما يتقفل عليهم باب واحد ومفكره إن عادي ومش هتفرق كبير ولا صغير.
أخرج زفرة قوية ممتعضة:
-وأنت خذلتها وخذلتني بجد، أنا عارف إن عمرك ما اعترفت ليها ولا حتى لنفسك بحبك ده بس إحنا متربيين سوا وأنا بعرف اقراك كويس وعارف من زمان إن خطوبتك دي مش هتكمل وهتفوق لمشاعرك، بس خذلتني.
صرخ به الآخر رافضا:
-كنت عايزني أعمل ايه وهي رافضه أي كلام مني، كنت عايزني أخطفها وأكتفها واتجوزها ولا أعمل ايه يا يوسف، وبعدين هو المعلم ساب حد يلحق يعمل حاجه! مش راح كتب عليها من قبل ما تتم 18 سنه حتى، كنت هعمل ايه أنا؟
صر يوسف على أسنانه:
-كان في ايدك كتير وكنت تقدر تعمل كتير بس اخترت تتفرج من بعيد زيك زي أهل الحارة اللي قبلو اللي حصل ورضخوا للمعلم عشان مصالحهم متقفش، أنت كمان خوفت على شغلك وأكل عيشك وسكت وقبلت.
أشعل ماتور دراجته وركبها وألقى كلمته الأخيرة قبل أن يقود مسرعا لها:
-أنت اختارت سهر على حساب ملك، واختي اللي بتدفع التمن لاختيارك ده.
❈-❈-❈
استمعت لقرع جرس الباب فصاحت عاليا:
-حاضر ياللي بتخبط.
فتحت فوجدتها أختها التي دلفت تهمس لها:
-ابوكي هنا؟
نفت على الفور:
-نزل الشغل من بدري عشان يرجع يحضر الليلة بتاعة المعلم رشوان.
هزت سالي رأسها موافقة وجلست بالصالة تتسائل:
-وأمك فين؟
أجابتها ممتعضة:
-نزلت ياختي تساعد ام ورد عشان الدبح والهيصة اللي عاملينها للمزغودة ملك.
أطرت على الحدث:
-طيب الحمد لله اننا لوحدنا، مفهمتش منك حاجه من ساعة ما حكتيلي على اللي حصل مع حسن ورسيتو على ايه؟
أجابتها بهدوء وطمأنة:
-زي ما فهمتك يا سالي، حسن قالي متخافيش وهيكلم ابويا ونعملو فرح ع الضيق كده الاسبوع الجاي يكون جاب العفش وفرش الشقة.
سألتها بحدة:
-وليه مجاش يتفاهم معاه، افرضي ابوكي رفض وكل تأخير هيظهر بعد كده وقت الولادة.
وضحت وجهة نظره وما اعتبرته تخطيط جيد:
-هو قالي لما نفرشوا الشقة وتبقى جاهزة وآجي افاجئه إني مش عايز منه لا فلوس ولا جهاز مش هيلاقي سبب يرفض عشانه، وقالي كمان لو اتكلم معايا في موضوع الشبكه وفكر يرفض عشانه هقوله نعملوها عموله فالصو أكن يعني حسن ميعرفش عشان ابوكي ميطنش بعد كده ويبقى مضطر يرجعها.
هزت رأسها تستمع لها:
-دي كانت فكره حسن عشان أم حسن راخره متعملش مشاكل.
تخوفت قليلا وهي تعلق عليها:
-أنتي مش خايفه لتفضحك؟ أنتي أدرى الناس يا سهر إن حماتك مبتحبكيش ونفسها تمسك عليكي....