-->

رواية جديدة حارة الدخاخني مكتملة لأسماء المصري - الفصل 17 - 1 الخميس 12/12/2024

 قراءة رواية حارة الدخاخني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 




رواية حارة الدخاخني

للكاتبة أسماء المصري


قراءة رواية حارة الدخاخني

 رواية جديدة قيد النشر

من روايات وقصص 

الكاتبة أسماء المصري



الفصل السابع عشر

1

تم النشر يوم الخميس

12/12/2024

القوة والنفوذ عندما يجتمعا بالغرور يصبح الإنسان أكثر عرضة للإذلال، فلا تغرنكم الحياة فإن دامت لمن قبلكم لما أتت لكم.

خواطر أسماء المصري

❈-❈-❈


ألقى بها على الفراش واعتلاها يقبل عنقها الظاهر أمامه بسخاء غير مباليا بهمهمات اعتراضها أو نهنهات رفضها حتى علت أنفاسها الباكية وصدح صوت بكائها بشكل طفولي جعله يبتعد عنها على الفور وينظر لها متعجبا من حالتها وهي تبكي كالأطفال وعبراتها تشق وجهها لتصل لرقبتها:

-في ايه بس لكل ده؟ 


ردت بنفس الصوت الباكي والطفولي:

-أنا اللي في ايه؟ أنت اللي في ايه مستعجل ليه؟ منا بقيت مراتك بجد، خايف من ايه ومستعجل كده ليه؟


جلس معتدلا على الفراش بعد أن كان متكئا واستمع لتذمرها:

-في حد يعمل كده في عروسته؟ أنت ليه مصر تاخدني بالطريقة دي، كل حاجه بالعافية.


اندهش منها وهي تضيف:

-أوافق عليك بالعافية، ونكتبو الكتاب بالعافية، ونتجوزو بالعافية، وحتى الدخله اللي مينفعش تكون إلا بالرضا عايزها برده بالعافية، وقال ايه بعدها مش هلمسك إلا برضاكي، طب ما أولى تنفذ ده دلوقت بدل ما تخلي ذكرى اليوم ده محفوره جوايا وتخليني مقبلكش عمري كله.


صرير أسنانه أخافها قليلا ولكنها ارتدت قناع القوة وتابعت:

-لو بتحبني زي ما بتقول عمري ما أهون عليك تعمل فيا كده.


أطرقت رأسها تبكي بقهر فاقترب منها وربت على ظهرها:

-طيب خلاص حقك عليا متزعليش، أنا مش مستعجل ولا خايف من حاجه، أنا بس ملهوف عليكي.


رفعت بصرها تجاهه وأسبلت عينيها بشكل هدم ما تبقى من تماسكه وكأنها تقصد بذلك أن تختبر قوة صلابته وتحكمه بنفسه وهي حقا بريئة لا تعلم ماذا تفعل نظراتها تلك به:

-أنا عايزة نقعدو نتكلمو شوية، ناخدوا على بعض وبعد كده كل اللي أنت عايزه هيحصل بس بالرضا.


هز رأسه ساحبا نفسا عميقا وزفرة خارجه وهي تضيف:

-أنت عارف أني بستغرب نفسي لما بقولك رشوان من غير عمي، ده عشان أنا طول عمري بقولك يا عمي ودلوقتي بقى مطلوب مني كمان أااا.


صمتت تنظر للأرض بخجل فهمس لها برقة:

-خلاص يا حبيبتي، اهدي بقى وانا هسيبك على راحتك وربنا يتولاني أنا بقى في اللي أنا فيه.


وقف تاركا إياها جالسة على الفراش وتوجه لخزانة ملابسه فتعجبت وسألته:

-انت هتسيبني وتمشي؟


نفى برأسه وأخرج ملابسه وأجابها وهو يتوجه للمرحاض:

-هطفي النار اللي قايده في جسمي من الزفت اللي شاربه وكملتها كمان بطبق البطارخ، ادعيلي ربنا يعدي اللية دي عليا على خير.


لم تستطع كتم ضحكتها بعد أن فهمت حديثه فضحك هو الآخر متمتما بتذمر:

-الله يسامحك يا شيخه.


دلف المرحاض فوقفت وذهبت لمرآة الزينة وأخرجت تلك الزجاجة التي دستها لتخبئها وتذكرت آخر لحظات لها قبيل مغادرتها معه لما أسماه هو بعش الزوجية، ولكنه بحقيقة الأمر سجن العصفورة.


تذكرت دخول والدة ورد عليها وهي جالسة بغرفة ورد تفرك راحتيها معا بعدما علمت بحمل سهر وكم شعرت بألم داخلي يمزق أعضائها، فجلست (صفية) بجوارها تبتسم لها فألقت ملك نفسها داخل حضنها والأخرى تربت عليها:

-حقك عليا يا بنتي، ياريني قادرة أعملك حاجه.


كتمت عبراتها واعتدلت تبتسم لها:

-ربنا يخليكي ليا يا طنط، أنا بس خايفه أوي ومش عايز الدخله تحصل ومش قادره اتكلم لا مع ماما ولا مع ورد، مليش غيرك.


بكت بحرقة فربتت عليها صفية وتنهدت تزفر بضيق:

-كنت ممكن أقولك تطلبي منه بالحسنى كده يمكن ربنا يهديه بس ده ميعرفش ربنا ولا هيسمع لك خصوصا اني عارفه إن زمانه مبلبع برشام لما قايل يا بس وهيبقى زي التور.


انكمشت ملك من حديثها أكثر فأنبت صفية نفسها:

-يقطعني يا بنتي، رعبتك زياده بس هقول ايه.


زفرت بقوة حتى واتتها الفكرة ورمقتها بتلك النظرة المنتصرة وغمزت توضح لها:

-بت يا ملك، تعرفي تعملي اللي هقولك عليه؟


أومأت بلهفة فتركت الأولى مكانها وتوجهت لمرآة الزينة الخاصة بابنتها وأخرجت زجاجة ناولتها لها وهي تخبرها:

-حطيله ده في الاكل ولا الشرب هيخليه مينفعش ببصله.


نظرت للزجاجة متعجبة:

-زيت خروع! وده احطه ازاي يا طنط ده بتاع الشعر.


ردت تؤكد:

-أيوه بس هيخيله زي أختك ومش هيقدر يعمل معاكي حاجه، اسمعي مني لو عايزه تنفدي بجلدك منه.


أحكمت راحتها عليها:

-خبيه دلوقتي ولما تروحي حطيهوله في الأكل وانتي تشوفي.


عادت بتركيزها تنظر لإنعاكس نفسها بالمرآة وهمهمت:

-ولا عمل حاجه، حطيت نص الإزازة في طاجن البطارخ ولا عمل حاجه، الحمد لله إنه وافق يسيبني لما عيطت.


خرج بنفس اللحظة فخبأت الزجاجة مجددا بالجارور والتفتت لتجد هذا المشهد الذي أرهبها وهو عاري الصدر ويلف تلك المنشفة على وسطه فأطرقت رأسها خوفا وخجلا من منظره فضحك وتناول الملابس الداخلية الخاصة به من جاروره:

-نسيت آخد دول.


عاد للمرحاض فتنفست الصعداء وجلست على طرف الفراش تفكر فيما ستفعله معه بدءا من اليوم، فهي إن فلتت منه الآن لن تستطيع الهروب منه إلى الأبد.


خرج مرتديا منامة حريرية لا تناسب عمره وجلس بجوارها يملس على شعرها فشعر بارتباك جسدها وتشنجه فهتف بضيق:

-مش كده يا ملك، أنا قولتلك خلاص مش هدخل عليكي، اهدي بقى متزعلنيش منك.


أومأت بصمت فلفها لتصبح بمواجهته وابتسم يسألها:

-ها، عايزة تتكلمي معايا في ايه؟


ابتلعت ريقها وهتفت بصوت مبحوح ومرتعد:

-أول حاجه موضوع الدخلة ده.


أومأ بصمت وكأنه يخبرها بسعة صدره للحديث معها:

-انا مش هقدر اوافق على ده إلا لما الحواجز اللي بينا تتكسر كلها، صدقني مش هقدر.


هز رأسه بتفهم معقبا:

-موافق، بس عشان الحواجز دي تتكسر لازم تديني فرصة أكسرها مش كده ولا ايه؟


وافقته وتابعت:

-ايوه بس واحده واحده عشان أنا خايفه منك.


تنهد بحزن:

-خايفة مني! ليه يا بنت الناس هو انا وحش ولا ايه؟


ردت بعقلانية:

-يا رشوان افهمني، أنت لحد من كان شهر فاتو كنت في مقام ابويا وحقيقي مش قادره لسه اتخطى النقطة دي حتى بعد ما بطلت أقولك يا عمي.


زم شفتيه للأمام وتنهد من جديد يزفر بغضب حاول كبته بداخله:

-أنا قولتلك اني موافقه على كل حاجه انتي عايزها بس أنا كمان ليا طلبات ولازم تنفذها وأهم طلب هو ده، ده ميحصلش إلا برضايا وإلا هيبقى اغتصاب مش جواز.


صر على أسنانه بحنق ورمقها بنظرة غاضبة أخافتها ولكنها تماسكت تسأله:

-موافق؟


ابتلع ريقه بقوة:

-موافق.


تنفست الصعداء فلاحظ ذلك ولكنه لم يعقب عليها وتركها تخرج ما في جعبتها:

-تاني حاجه موضوع يوسف، أنا اتجوزتك عشان تحميه واتكلمنا في الموضوع ده 100 مرة قبل كده وأنت...


قاطعها صارخا بحدة:

-مــــــــلك، أنا قولتلك إن موضوعه خرج من ايدي ومبقتش أقدر اعمله حاجه غير اني اساعده في تنفيذ أوامرهم وبس، أنتي ليه عايزة تركبيني نتيجة خيانته ليا، ها؟


بكت بحرقة وعادت نهنهاتها فصرخ بصوت خشن:

-دي ليلة دخلة عريس يا عالم! في حد بيعمل العمايل دي في الدنيا؟ هو ده وقت كلام في يوسف وزفت؟


ردت بشراسة:

-متتكلمش عن اخويا كده.


اقترب من وجهها وقد تجلى الغضب على حدقتيه:

-اسمعي عشان أنا كمان جبت أخرى، قولتي علام وأكمل دراسه وقولت ماشي، قولتي أخويا يتجوز ورد ووافقت وهو دلوقت اللي بيتهرب من الجواز، قولتي مفيش دخله وأديني قاعد جنبك متزفت وصابر برغم النار اللي مولعه فيا وانتي ولا فاهمه ولا حاسه، بس متنسيش نفسك معايا وافتكري إن اللي قدامك ده هو رشوان الدخاخني، فاهمة؟


أطرقت رأسها صامتة وحزينة فتنفس بصوت مسموع وذهب لخزانته وبدل ملابسه المنزلية ﻷخرى والتفت:

-أنا خارج، لو عايزه أمك تيجي تبات معاكي قوليلي وأنا اخلي أي حد يجبهالك.


وقفت ترمقه بنظرة حزينة ومنكسرة:

-اللي تشوفه.


نزل الدرج وصفق الباب وراءه ودلف سيارته وهو يتمتم بغيظ:

-متجوز عيله، كنت مستني منها ايه غير كده!

الصفحة التالية