-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 13 - 3 - الثلاثاء 17/12/2024


قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثالث عشر

3

تم النشر الثلاثاء 

17/12/2024


انهمرت في بكاءٍ حاد ويسرا لم تعد تعلم ماذا تفعل بل دلفت في نوبة حيرة من استهتار الماثلة وأخطاءها المتكررة وتهيأت أمامها كلمات زوجها لتشك في حديثها برمته لذا تابعت موبخة بانزعاج :


- يعني أصلًا مافيش جواز ؟ أوهمك إزاي ؟ 


لم تعد في حالة تسمح لها بالدفاع بل غطت وجهها بكفيها تبكي وبرغم عاطفة يسرا إلا أنها نهضت تستطرد بضيق حينما سمعت صوت زوجها :


- رحمة الأحسن تروحي دلوقتي على شقتك . 


نطقتها تزامنًا مع ظهور دياب الذي فتح الباب ودلف يتعجب من صوتها ومن تلك الجالسة تبكي وتنتحب لذا تحرك نحوهما يتساءل بقلق وهو يوزع نظراته بينهما :


- فيه إيه يا يسرا ؟ 


زفرت بقوة تطالعه بعجزٍ وتخبره بعينيها أنه كان محقًا من البداية بينما نهضت رحمة تطالعه بعيونها الباكية وتردف بتوتر وحشرجة :


- أنا أسفة جدًا ، يسرا معاها حق .


التفتت إليها وأمسكت بكفيها تتابع ببكاء وضعف :


- أنا احتفظت بيه لإن ماليش حد ، قلت يمكن يعوضني ويكون هو عيلتي اللي خسرتها بغبائي ، صدقيني يا يسرا أنا ماكنتش ناوية أحتفظ بيه .


تمسكت يسرا بعقلها عاجزة عن الاستيعاب ووقف دياب يحاول فهم ما يدور لتبتلع رحمة لعابها وتتمسك بذراعها وأردفت بتشتت وانهيار :


- طيب أنا ممكن أنزله ! 


استيقظ وحش خامد داخل يسرا واتسعت مقلتيها تطالعها بذهول ، ستقتل جنينها الذي تجاوز عمره الأربعة أشهر ؟ 


هدرت بانفعال مبالغ : 


- تنزلي إيه ؟ إنتِ مجنونة ؟ 


حاول دياب تهدأتها حيث لمح الأخرى تنكمش خوفًا فقال يبعدها : 


- اهدي يا يسرا مش كدة . 


طالعته مستنكرة تجيبه : 


- كدة قتل يا دياب ، تنزله إزاي وبسهولة كدة ؟ مش ممكن . 


لم تستوعب رحمة أن هذه هي نفسها يسرا الهادئة الحنونة التي راعتها لمدة ثلاثة أشهر ، الآن هي في أشد حالتها غضبًا ، تحولت هي الأخرى حينما تعلق الأمر بالجنين . 


لتجد دياب يحاول تهدأتها وضمها كي يهدأها مردفًا بنبرة لينة وهو يربت على ظهرها : 


- اهدي بس دلوقتي علشان خاطري ، اهدي وهنتكلم . 


نجح في امتصاص غضبها لتتنفس بقوة وتتعلق في عينيه تسترد منهما الهدوء والسلام لذا عادت إلى رحمة وقد اتضحت لها الرؤية الآن ، هذه الفتاة غريبة عنها ، لا تعني لها شيئًا ، لا هي ولا جنينها ، الخطأ هنا واقع عليها حينما صدقت أنها ستكون أمًا ثانية لهذا الجنين لذا ... 


ابتلعت لعابها وأمعنت النظر في زوجها الذي يقف يراقبها ثم عادت إلى رحمة وأردفت بهدوء صارم : 


- بصي أنا طبعًا ماليش أي حكم عليكي إنتِ كبيرة كفاية علشان تاخدي قراراتك ، ومن هنا ورايح اعتبريني جارة ليكي وبس . 


أدركت أنها خسرت يسرا أيضًا ، خسرتها كما خسرت أهلها وتوماس وستعود وحيدة منبوذة لذا سلطت عينيها على دياب الذي يصب اهتمامه على زوجته وبنظرة احتياج أردفت بوهن قبل أن تغادر : 


- تمام ، عن اذنكوا . 


تحركت تغادر وتعود لشقتها بخيبة تحت أنظاره وقلبه الذي رأف لحالتها بينما عقله يحاول تجنبها . 


انتبه على زوجته التي أمسكت به تلفه إليها وتردف بنظرات نادمة : 


- إنت كان معاك حق يا دياب ، البنت دي ماكنش ينفع أثق فيها أبدًا . 


تساءل بعينيه عن السبب قبل أن يردف : 


- انتوا اتكلمتوا في إيه بالضبط يا يسرا . 


زفرت بقوة وأمعنت النظر تردف : 


- هقولك ، بس سيبني الأول أحضر الغدا . 


تحركت بعدها نحو المطبخ لتحاول الاندماج في أي شيء عدا التفكير في أمرها . 


❈-❈-❈


ليلًا وقف يتحدث مع صالح أمام ورشته التي أغلقها للتو وتساءل : 


- فكرت يا صالح في اللي قولتلك عليه إمبارح ؟ 


شعر بالحرج يجيبه مستفسرًا : 


- طيب فهمني يا داغر إنت بتعمل هيك عشان ظروفي ولا فعلًا انتوا محتاجين حد زيي في المصنع ! 


نهره داغر يردف بنبرة تأكيدية : 


- يابني افهم بقى ، قولتلك إن المصنع أقسام منهم القسم اللي أنا مسؤول عنه وفيه غيره وأحنا محتاجين لقسم المعدات التقيلة مهندس كفؤ وأنا مش هلاقي أحسن ولا أأمن منك ، أنا كان ممكن أكلم آنسة بسمة بس قلت أرجعلك الأول ، وافق بقى يا صالح والورشة نبقى نفتحها أنا وانت بعد العصر . 


تجلت الفرحة على محياه وبات لا يعلم كيف يشكره ليدرك داغر ذلك لذا أسرع يوضح : 


- قبل ما تقول أي حاجة أنا مجرد سبب ربنا بعت لك رزق عن طريقه ، يعني بطّل الدراما بتاعتك دي . 


ابتسم صالح فأشرقت ملامحه وأومأ يجيبه بامتنان : 


- تسلم يا داغر . 


ودعه داغر وتحرك عائدًا إلى منزله وهو ينوي التحدث مع شقيقته عما يعتليه وليرى نصيحتها ، ربما دلته إلى شيءٍ لا يراه . 


كانت في هذا الوقت تتصفح الانستا الخاص بثائر وأخذها فضولها لتقرأ آخر منشورٍ له حيث أرفق صورة فتيات فرنسيات يضحكن وهن يتجولن في شوارع باريس ودوّن أسفلها 


( الوجوه هنا خالية من الهموم ، تعبر عن حياة وحرية وطاقة إيجابية ، هيأتهن تعبر عن انفتاح لن تجدوه في عوالم أخرى ، إنها باريس عاصمة الموضة ، إنها العشق ) 


نجح في استفزازها سلبيًا كما تنجح كتبه في إلهامها بكل ما هو إيجابيًا لذا دوّنت ساخرة بالعربية وعلى محياها ابتسامة تحدي عابر 


( ما بك أستاذ ثائر ؟! ألست من الرجال الذين يتساءلون لما عينيكِ بها حزن ! إذا فـ كيف ستتواعد مع إحداهن إن كانت ملامحها خالية من الهموم ، أخبرنا فمنك نستفيد ) 


أرسلته وهي تعلم أنه لن يراه بين هذا الكم من التعليقات ، لقد تضاعفت التعليقات على منشوراته بشكلٍ كثيف أثار انتباهها خلال الأشهر الماضية ، إنه يحظى بشعبية كبيرة وهذا يجعلها تشعر بالضيق من تصديره لمنشورات تلمع الغرب دونًا عن بلده . 


زفرت بقوة وانتبهت للطرقات على باب غرفتها لذا سمحت للطارق فدلف داغر يبتسم لها ويتساءل : 


- بتعملي إيه يا باش كاتبة ؟ 


ابتسمت تشير له بالجلوس قبالتها قائلة بحبور : 


- تعالى تعالى يا باش مهندس ، كويس إنك جيت تعترف بنفسك قبل ما آجي استجوبك ، يالا احكي . 


هكذا دلفت في صلب الموضوع فهي تلاحظ شروده وحيرته ولمعان عينيه كلما جاءت سيرة بسمة لذا مرت على رئتيه تنهيدة معبأة بالأحمال وازدرد ريقه يردف : 


- هحكيلك وانتِ ساعديني ألاقي حل ، بس قبلها حطي نفسك مكاني . 


أومأت بتفهم فبدأ يسرد عليها ما يحدث معه بعدما ولته كامل انتباهها . 


❈-❈-❈


في طريق خالٍ محاط بغابة يقود سيارته وتجاوره مارتينا التي لا تعلم أين تذهب ، أخبرها فقط أنه يعد لها مفاجأة وجاء بها إلى هنا ولم تستطع الرفض . 


كانت تشعر بالغدر يحوم حوله لذا تأهبت تطالعه بين الفينة والأخرى وهو يقود بصمت قطعته بسؤالها : 


- ألن تخبرني ما هي المفاجأة توماس ؟ 


لم يتفوه ببنت شفة بل استمر في قيادته حتى توقف أمام كوخ في وسط هذه الغابة ، التفت لها يبتسم ابتسامة لم تصل لعينيه الماكرتين وأردف بهدوء مخيف : 


- هيا مارتينا انزلي . 


توترت ولكنها ترجلت معه واتجها نحو الكوخ ودلفا فأسرع يلفها إليه ويقبلها بعنف لم تعتد عليه منه ولكنها تقبلته قبل أن يبعدها عنه ويتجه إلى مقعدٍ ما يجلس عليه ويضع ساقًا فوق أخرى مردفًا وهو يمعن النظر فيها : 


- هيا أيتها الساحرة اخلعي ثيابك ببطء و أخبريني كيف خنتيني وكذبتي علي . 


قطبت جبينها وتساءلت بتوتر : 


- ماذا ؟ أي خيانة توماس ؟ أنا لم أخنك . 


ضحك بشر ودس يده في خصره يخرج سلاحه ويشهره أمامها مردفًا بنبرة قاسية : 


- بل فعلتِ وكذبتِ ، أخبرتي ذلك الثائر عن أسراري وقلتِ بأنكِ لم تفعلي ، هل كنتِ تستغليني ؟ 


برغم خوفها الذي هجم عليها إلا أنها وقفت في مواجهته تردف باستنكار وبراعة تمثيلية : 


- ماذا ؟ من قال لك هذا توماس ؟ أتتهمني بالخيانة وأنا التي جئت إليك برغبتي بعدما وقعت في حبك ؟ تحديت أبي وابني وذلك الثائر الذي كان يتلهف ليسلطني عليك ولم يفلح فقط لأني أحببتك وأنت تتهمني بالخيانة ؟! 


نطقت الأخيرة بدموعٍ وهي تتقدم منه وللعجب نجحت في التأثير عليه لذا أنزل سلاحه وتساءل وهو يراها تقترب منه : 


- كيف حاول أن يسلطكِ ؟ أخبريني كل شيء ، والأهم أخبريني ماذا قولتِ له آنذاك . 


أومأت وقد وصلت إليه ثم جلست على ساقه تتعمق في عينيه ورفعت كفيها تحاوط وجهه وانحنت تطبع قبلة ناعمة على شفتيه فاستقبلها بجمود لم يدم طويلًا حتى أعلن استسلامه أمام سطوة إغواءها فابتعدت إنشًا تهمس : 


- سأخبرك كل شيء ولكني أشتاق إليك بشدة . 


همسها وحركاتها وتلويها جعلوه يقع في فخها لذا ارتخت يده من فوق السلاح الذي تركه على الطاولة جواره ورفعها يحاوط خصرها ليبادلها الحب ولكنها انتفضت فجأة تبتعد وقد استولت على سلاحه تبتسم بتشفي وتتلوى بمكر وهي تشهره أمام عينيه الجاحظة وتردف : 


- هل صدقت توماس ؟ هل صدقت أنني أحبك ؟ 


تجلى الغضب فوق ملامحه خاصةً من نفسه ونطق من بين أسنانه محذرًا : 


- مارتينا ناوليني السلاح وإلا ــــــــ


- وإلا ماذا توماس ؟ 


نطقتها بتلاعب ثم تابعت توضح تحت التهديد : 


- أنا فقط كنت أنتظر هذه اللحظة التي أسرعت أنت بترتيبها ، منذ أن أرسلت كلابك إلى ثائر وأصابوه وأنا أسعى للانتقام منك ، ونعم لقد أفشيت له جُل أسرارك الحقيرة أيها الحقير . 


تأججت النيران داخله ولم يعد يستطيع السكون لذا نهض يندفع نحوها فلم تتردد في إطلاق النار عليه بطلقة استهدفت صدره وأسقطته صريعًا تحت أنظارها الجاحظة . 


وقفت تطالعه بصدمة ولا تصدق أنها قتلته ، لقد فعلتها أخيرًا . 


ابتسمت ثم عبست وتحركت تغادر دون الالتفاف خلفها .

يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة