رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 22 - 1 - الثلاثاء 17/12/2024
قراءة رواية جبل النار كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية جبل النار
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة رانيا الخولي
الفصل الثاني والعشرون
1
تم النشر الثلاثاء
17/12/2024
جلس داغر على الجهاز أمام طبيبه الذي سأله باهتمام
الاعراض دي جاتلك قبل كدة؟
رد بنفي
_لأ اول مرة تحصل معايا.
دقق الطبيب النظر في الجهاز أمامه
_الضوء استمر مدته اد ايه؟
تذكر داغر ذلك الوميض ورد بايجاز
_ثانيتين بالكتير.
_المرتين كانوا على تباعد ولا ورا بعض.
مل داغر من أسئلته ومن تلك الجلسة التي تمنعه من الحراك
_بتباعد، دقيقة او أقل.
نهض الطبيب بعد أن ابعد الجهاز عن عينيه وقال
_دي بشرى كويسة.
عاد داغر للمقعد وسأله
_ازاي؟
رد الطبيب بعملية
_انا قولتلك إن حالتك دي نفسية لأن العملية الأخيرة كانت ناجحة جداً ومفيش اي سبب عرضي لها
وأكبر دليل إنك لما اتحطيط تحت ضغط وكان دافع قدامك شوفت الضوء ده، وده بقى سبب رئيسي يخليني أقولك ابعد عن أي جراحة تانية وأمشي على التمارين اللي قولنا عليها، وخلي عندك دافع انك تشوف من تاني
أومأ داغر رغم عدم اقتناعه وخرج من العيادة متجهاً إلى منزله
وقبل أن يترجل من السيارة قال للسائق
بكرة الصبح تروح تجيبها في نفس الميعاد.
اوما صالح
_حاضر.
_لو رفضت متمشيش إلا لما تتحرك معاك فاهم؟
❈-❈-❈
فتحت أسيل عينيها إثر تلك اللمسات الحانية
على وجنتيها وصوت صغيرها بضحكته الرنانة والتي تطرب أذنها وتكتفي بها عن الدنيا بأكملها.
_ما..ما.
ابتسمت أسيل لسماع تلك الكلمة والتي ظنت لوهلة أنها لن تسمعها مرة أخرى.
ابتسمت بكل الحب الذي تحمله بداخلها حتى ادمعت عينيها
وجذبته لحضنها فيستسلم صغيرها لها وشددت من احتضانه حتى بكت بكاءً يهشم القلوب.
بكت بكل الآلام التي عاشتها
وذكريات من الماضي الأليم تقتحم مخيلتها وبقوة
لا تريد شيء من تلك الدنيا سواه
لا تريد سوى أن تتركهم هنيئين دون آلام
لكن يبدو ان الدنيا استكثرت عليهم ذلك وتحاول بكل الطرق إخضاعهم لرغباتها
توقفت عندما شعر طفلها بالخوف وبدأ يبكي بخوف
ابعدته عنها قليلًا كي تمسح دموعه وقالت بابتسامة تخفي بها بكاءها
_متخافش يا حبيبي انا جانبك ومش هسمح لحد أنه يبعدك عني.
نهضت أسيل وهي تحمله وسارت به إلى المطبخ تعد له طعامه
كانت تداعبه وهي تعد.طعامه فيضحك هو بسعادة بريئة لها.
ابتسمت أمينة عندما وجدتهم في المطبخ وضحكت إياد تملئه بهجة
_صباح الخير
تطلعت أسيل لأمينة التي دلفت المطبخ وبدأ إياد يهلل برؤيتها و ألقى نفسه عليها
_تـ..ـيـ..ـتا
التقفته أمينة بسعادة وقالت بحب
_قلب تيتا انت يا حبيبي.
وضعت يدها على رأسه ثم قالت
_الحمد لله الحرارة نزلت.
نظرت إلى أسيل وسألتها
_وانتي عاملة ايه يا حبيبتي ؟
ابتسمت اسيل تطمئنها.
_أحسن بكتير، خدي إياد وانا هحضر العشا بسرعة لأني بصراحة جعانة اوي.
_طيب خليكي انتِ وانا هحضره، انتِ لسة تعبانة.
هزت راسها بنفي
_لا خالص انا بقيت زي الفل.
انتهت أسيل ووضعت الطعام على السفرة ونادتهم
_يلا يا دادة الأكل جاهز.
جلست أسيل واصرت على إطعام طفلها وأمينة تنظر إليها بتعاطف
وتساءلت هل جاء الوقت الذي تعترف فيه أسيل بالحقيقة
فما حدث اليوم جعلت الأمور تتبدل
هو أخطأ وهي تعلم ذلك جيدًا لكن من حقه أن يعلم بطفله كما من حق ذلك الطفل أن يعلم من أبيه
فقالت بمغزى خفي
_هتعملي ايه يا أسيل لو ابوه عرف بوجوده؟
رغم علم أسيل بما تريد أمينة التوصل إليه لكنها قالت بمراوغة
_ليه السؤال ده؟
ردت أمينة بتسويف
_انا بقول مثلاً
ردت أسيل وهي تتناول طعامها بشهية
_مش هيعرف، ولو عرف بوجوده مش هيلاقينا.
عقدت حاجبيها بعدم فهم وسألتها
_ازاي.
تركت الملعقة من يدها ونهضت قائلة وهي تحمل طفلها
_هكون وصلت للي انا عايزاه واسافر.
تركتها ودلفت المرحاض كي تغسل يدي ابنها في صمت مطبق
لم تفهم أمينة مقصدها لكن عليها أن تخبرها بما حدث اليوم
وأثناء مكوثهم سألتها أسيل
_بس ايه اللي خلى هايدي تاخد إياد من غير ما تقولنا.
لم تجد حل آخر سوى قول الحقيقة فقالت بمراوغة
_بس هايدي مش هي اللي أخدته
قطبت جبينها بدهشة وسألتها
_اومال مين اللي اخد ابني ووداه عندها
ردت أمينة بعد تردد
_ داغر جه هنا النهاردة وهو اللي أخد إياد للمستشفى.
نزل الخبر كالصاعقة على أسيل ورمشت بعينيها تحاول استيعاب ما سمعت وكأنها اخطأت به
تطلعت إليها وهي تسألها بعدم استيعاب
_جه فين مش فاهمة؟
امينة باستسلام
_داغر كان جاي يسأل عنك وتقريباً لما سمع صوت ابنه كسر الباب هو والسواق واخدوه على المستشفى ومن كرم ربنا أن هايدي كانت موجودة في المستشفى.
رمشت بعينيها مرات متتالية وعقلها يرفض ما تسمعه، فإذا علم داغر بوجوده فسوف يأخذه منها..
انقبض قلبها خوفًا وسألتها بتوجس
_عرف حاجة؟
طمئنتها أمينة
_متخافيش معرفش حاجة، هو سابه مع حازم ومشي، تقريباً لما جه عشان يقنعك ترجعي كان إياد صحي وبيعيط عشان كدة كسروا الباب ولما لقوه لوحده أخده على المستشفى هو قال كدة لهايدي.
لم يرتاح قلبها لذا قررت ان تعود له غدًا كي تنهي ما انتوت فعله بأسرع وقت وبعدها ستأخذ طفلها وترحل دون عودة، الأهم ان تثبت طفلها حتى تستطيع السفر به.
قالت أمينة
_انا شايفة يا أسيل إنك تعرفيه بالحقيقة أفضل ده مهما كان ابنه.
صرخت بها أسيل بغير وعي
_متقوليش ابنه.
أومأت لها أمينة بتفاهم مع حالتها
_بس دي الحقيقة مهما انكرتيها ومسيره في يوم هيعرف، دي حاجة عمرها ما هتستخبى.
_قولتلك وقتها هكون اختفيت بابني ومش هيقدر يوصلنا.
❈-❈-❈
في المشفى
انهت هايدي عملها وقامت بحمل حقيبتها كي تعود لمنزلها لكنها تفاجئت به يدلف مكتبها
كانت نظراته لها تحمل عتاب وكأنه هي المخطأة الوحيدة بذلك.
أغلق الباب خلفه وتقدم منها يسألها
_ماشية؟
ردت بفتور رغم ذلك الحنين الذي يجذبها إليه
_اه ماشية عندك مانع؟
لم يعجبه ردها لكنه تحلى بالصبر كي تعود معه
_مش هيبقى عندي مانع لو روحتي معايا.
اشاحت بوجهها بعيدًا عنه فتقدم هو منها وقد شعر باشتياق شديد إليها
فتلاعب على وتر عشقها له وقال بعتاب
_هتفضلي بعيدة عني كدة كتير؟
التزمت بثباتها وردت باتهام
_انت السبب مش أنا.
ابتسم وهو يضع يديه حول خصرها يقربها منه وتمتم بحمية
_انا مقولتش سيبي البيت وأمشي
ابعد خصلاتها عن وجهها يضعها خلفها وتابع بهمس
_البيت وحش أوي من غيرك، متخيلتش إن يومين يعملوا فيا كدة.
عاندت قلبها الذي يطالبها بالرضوخ له لكنها واصلت فتورها
_عايز ايه؟
همس بجوار أذنها وهو يطبع قبله حانيه خلفها
_عايزك ترجعي معايا.
_ولو قولتلك لأ.
تطلع إليها بنظرات عاشقة تراها بعينيه لأول مرة وتمتم بوله
_أنا عمري ما أجبرتك على حاجة بس المرة دي لو واصلتي عنادك غصب عني هجبرك.
وضع وجهها بين كفيه وتابع بصدق
_أنا بحبك انتِ مش حد تاني، ده كان وهم وفوقت منه لما بعدتي ودقت مرارة فراقك، اكتشف إن مفيش حياة من غيرك.
لأول مرة تشعر بصدق كلماته والتي لامس صدقها قلبها لكن لن تعود بتلك السهولة فسألته بتوجس
_وحملي؟
بوغت بسؤالها مما جعله يبتعد قليلاً كي ينظر إليها.
_هايدي انتي ليه مصرة على الحمل ده؟ انا شايف إن عمر وعلي محتاجين اهتمامنا أكتر من كدة، محتاجين إننا نعوضهم غيابنا أغلب الوقت عنهم، ليه مصرة تشغلي نفسك بطفل تالت وفي الآخر تسيبيهم لمامتك.
هزت راسها بنفي
_ده مش سبب يخليك تجبرني اقتل ابني، لو عايزني أرجع يبقى تسيبني احتفظ به.
زم حازم فمه يحاول السيطرة على اعصابه
_ولو رفضت.
نظرت إليه بخذلان وقالت
_يبقى تطلقني.
ضيق عينيه مستفهمًا
_أفهم من كلامك إنك بتفضلي الحمل ده على جوزك.
ابتسمت بسخرية لقلب الأمور لصالحه
_لأ مش ده السبب الأساسي يا دكتور حازم
وانت عارف كويس اوي أنا اقصد ايه.
ابتعدت عنه وحملت حقيبتها لتتابع بقوة
_اللي عندي قولته ولو سمحت سيبني أروح عشان أتاخرت على الولاد.
تركته وخرجت من المكتب محررة تلك الدمعة التي أسرتها داخل عينيها طوال مكوثها معه فقامت بارتداء نظارتها السوداء كي لا يرى أحد دموعها
تعترف بأنها ضعيفة أمامه وأن حبها له لن يستطيع شيء ردعه
وذلك القلب الأهوج ينبض بقوة معترضًا على تركه.
لكن عليها مجابهة ذلك العشق كي تحافظ على ما تبقى من كرامتها.
عادت إلى المنزل ولم تجف دموعها فاتجهت إلى غرفتها قبل أن يراها أولادها بتلك الحالة
استندت بظهرها على الباب وأطلقت لدموعها العنان