رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 52 - السبت 21/12/2024
رواية رومانسية جديدة راهبات الحب
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
راهبات الحب
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثاني والخمسون
تم النشر السبت
21/12/2024
( الحب أن أجد كل صباح على أبوابي زهرة حمراء، استنشق أريجها ساعات النهار، وأمضي في الليل أسال عن هوية البستاني الذي ألقاها لي؟ فلا أجد جواب، أحاول الوصول إليه فلا أجد له طريق، عبثاً أحاول أن أشاهد وجهه لا أفلح في هذا، أمضي إلى تساؤلاتي أتوسل لها أن تكف عن الضج بدماغي وان تترفق بقلبي، فلا أحصل على ما يهدأ له وجداني، أكره هذا، وأكرهك أيها الغريب، أكرهك وأقسم أن لو وجدت ورداتك مرة ثانية أسحقها بأقدامي، يأتي الصباح فانظر إلى وردة بيضاء تسألني صفح وغفران، التقطها في صمت وانظر هناك نحو الطريق الخالي، أبتسم وقلبي يعلن عصيانه على قرارتي، أمضي في طريقي وأنا أتساءل عنك هل أنت هنا حقاً؟ أو أنت فقط جزء من خيالات و أوهامي؟؟
ما أيقظ ود في صباح اليوم التالي هو صوت رنين هاتف سليم، كانت الساعة تقترب من الثامنة صباحاً، صوت سليم كان مرتفع وهي عادته حين يكون سعيد يريد أن يخبر الجميع
أنه في أتم حال، نهضت من الفراش وأمسكت الهاتف في سرعة
أخبرت صديق السائق أنها جاهزة للذهاب، إذ كان سليم هنا في المنزل، يجب أن تغادر هي، المشاحنات لن تكف إذا شاهد وجهها، وهي لا تستطيع أن تحبس ذاتها في الغرفة، ارتدت فستان طويل قطني ازرق وجاكت قصير أبيض من الدانتيل، انتظرت خمس عشر دقيقة قبل أن يأتي صديق السائق، حين هبطت الدرج استمعت إلى صوت سليم، كان في غرفة المكتب، وهو يقول:
ـ لا أنا في البيت، ايوا كدا نعرف نسمع بعض و كل واحد يفهم التاني، بدل دوشة الشغل، أنا اللي عجبني فيك أنك فهماني، بجد أنت مميزة ومختلفة اوي عن اي حد وعن اللي سبقك٠
حين وصلت ود إلى الشركة، كان الجميع منهمك في عمله، حتى أن أحد لم يلحظ دخولها، شاهدت هي كارولين وهي تقوم بتعديل بعض العمل مع أحد المصممين، دلفت مسرعة إلى الغرفة الزجاجية الخاصة بها، وفردت بعض الأوراق البيضاء أمامها، حتى تدون بعض الملاحظات حول الأعمال المرجوة على وجه السرعة فلقد كان الصداع يضرب في رأسها بلا توقف، مثل ناقوس حاد يعلن عن سطوته وجبروته، استطاعت أن تنهى خمس أعمال رغم الصداع، كانت تصارع من أجل أن لا تعود إلى المنزل، وحين دقت الساعة التاسعة مساء كانت قد قررت أن تعود إلى المنزل فهي متعبة ولا تستطيع أن تواصل أكثر من هذا، حين عادت إلى المنزل كانت الأنوار مضاءة ولم يكن سليم هناك، فكرت قليل أنه ربما عاد حتى يتفقد أمر ما ثم رحل وهو يظن أنها في الطابق العلوي، خلدت إلى النوم وهي تشعر باجهاد تام وإرهاق،
في منتصف الليل، صوت طائر خبط بجناحيه على النافذة جعلها تستيقظ مرغمة، اعتدلت في الفراش وشاهدت الطائر وهو يفرد جناحه ويرحل مبتعد، فشلت أن تعود إلى النوم مرة ثانية، خطوات في الحديقة جعلت ود تنهض من الفراش وتنظر إلى أسفل كان سليم يتحدث عبر الهاتف وهو يتحرك في كل أرجاء المنزل، عادت إلى فراشها لا ريب أنها مروة تلك الفتاة التي ظهرت فجأة في حياة سليم، خلدت إلى النوم، واستيقظت في صباح اليوم بعد العاشرة صباحاً، لم يكن سليم موجود، قامت على الاتصال على السائق صديق الذي هرع لها على الفور وقال وهو ينظر لها:
ـ هوصلك وبعدها اطلع على المطار٠
لم تجب ود ولم تركز كثير في كلمات صديق أنه يتحدث كثير عن الطرق والمهام التي يؤديها طوال اليوم
في محاولة منه لكسر الصمت والوقت
حين ذهبت إلى الوكالة كانت هناك حركة غير عادية، حركة تبدو شاذة على الأمر التي تسير عليه الوكالة، استطاعت ود أن تلمس هذا الأمر منذ اللحظة الأولى ، الموظفين في حالة نشاط مضاعف، بعض الأمور تبدو على عجالة أكثر من اللازم، الصمت والحركة بين المكاتب يوحى لها أن ترسم هذا الأمر ابتسمت في هدوء ودلفت إلى المكتب وامسكت القلم الرصاص، رسمت كل الموظفين على هيئة أقزام والمكاتب تعلوها أوراق مكدسة، ساعت في منتصف اللوحة تطايرت عقاربها من فرط السرعة، إحدى الموظفات كانت تعدل خصلة من شعرها بيد واليد الاخرى ترسم وجه طفل عابث، موظفة آخرى تمسك بقلم أحمر شفاه على الأوراق والقلم الحبر على شفاها، وفستانها ملطخ بحبر ازرق اثر طفح القلم، وموظف آخر ارتدي فردة شراب واحدة على حذاء مختلف الألوان و الساعي يحمل بيد صينية بها عشرات الفناجين من القهوة وبعض السجائر فوق رأسه، وجريدة تحمل تاريخ اليوم ملقاة في سلة المهملات في انتظار أن يأتي صاحبها و يتذكرها في حين تخيلت ود كارولين تقف بين الموظفين تحاول تنظيم الأمور مثل شرطي مرور ووجهها يضخ عصبية آلة الجميع، ابتسمت ود وهي تشاهد الرسم الذي يبدو كاريكاتير لحال الشركة هذا الصباح، تجمد القلم في يدها حين سمعت صوت خلفها يهتف في اعجاب:
ـ رائع، تحفة، بجد خيال مبدعة وفنانة مميزة ٠
استدارت ود فجأة إلى مصدر الصوت الذي كان يقف خلفها تماماً ثم همست في دهشة وقد تفاجات كليا بوجوده:
ـ دكتور آسر أنت هنا؟؟
هز آسر رأسه علامة الموافقة وقال في ثقة:
ـ ايوا أنا هنا، و الكل هنا عارف أن قدمت ميعاد يومين علشان أوصل النهاردة، كل الموظفين و الدكتورة كارولين كمان عارفين، ود متعرفش؟! مع اني مبلغك قبلهم كلهم٠
نظرت له ود في تساؤل وقالت:
ـ مبلغني أنا؟!
نظر لها آسر في عمق ثم قال:
ـ محدش هنا من الموظفين قالك الصبح؟؟
هزت ود رأسها علامة النفي في حين تابع هو وهو يلتقط هاتفها المحمول من المكتب:
ـ بعت لك تلات رسايل امبارح وقلت لك أنا هاجي بكرة ، وانتظرت منك رد، بس مع الأسف مجاش٠
همست ود وهي تلتقط هاتفها من يده في حسم:
ـ حمد الله على السلامة، بس أنا مخدتش بالي من رسايل، مخدتش بالي من الفون كله امبارح، كنت مشغولة اني اسلم شغلي في وقت قياسي٠
هز آسر رأسه علامة التأييد و اعقب:
ـ واضح أن الشغل هنا واخد تفكيرك كله، اكيد دا نوع من أنواع التمتع بالعمل، دي حاجة تسعدني اوي يا ود، كدا أقول اني محظوظ بيك يا ود، وقتك كله هنا لمصلحة الوكالة، لأن الموظفين كلهم عملوا ضجة أول ما دخلت وانت كنت مشغولة اوي في الكاريكاتير دا٠
رفع الورقة التي رسمتها ود إلى أعلى ثم ابتسم وقال:
ـ أنت كمان ليك في الكاريكاتير؟ مذهل تعرفي يا ود أنت كل لحظة بتبهريني، واضح أن جواك مواهب فذة، منتظرة بس فرصة، أنت متعددة المواهب٠
لم تجب ود في حين أكمل هو:
ـ ممكن أحتفظ بالكاريكاتير دا، بما أنه يخص الوكالة والموظفين اللي فيها أنا عندي رغبة احتفظ بيه ٠
كادت ود أن ترفض ولكنها شعرت بالاحراج، عين آسر كانت تترقب رد فعلها في إصرار عجيب فقالت وهي تتلعثم وتدير وجهها الجهة الأخرى:
ـ طيب مافيش مانع٠
❈-❈-❈
حين أعلنت الساعة التاسعة مساءً، كان جميع الموظفين في الوكالة يستعدون للرحيل، آسر دلف إلى مكتب ود ثم قال في صوت مرتفع:
ـ يا لا يا ود علشان أوصلك٠
شعرت ود بالحرج فنظرت إلى جموع الموظفين وهي تغادر وشاهدت دكتورة كارولين وهي تلوح لها بيدها مودعة، فقالت وهي تحاول التنصل من آسر:
ـ صديق اكيد تحت مستني اني أنزل٠
هز آسر رأسه علامة الرفض وتابع:
ـ أنا بلغت صديق أنه ميجيش ، وعرفته أني هوصلك النهاردة٠
اعترضت ود في غضب ممزوج بحزن:
ـ ايوا بس أنا::::
بترت عبارتها في سرعة حين نظر لها آسر في عمق وقال في لهجة حاسمة:
ـ ود أنت سمعت عني اني انسان سيء السمعة؟؟
هزت ود رأسها علامة النفي وتابعت:
ـ لأ بس أنا::::
هتف آسر وهو يحد إلى كلماتها حاجز حتى لا تثرثر اكتر:
ـ طيب كويس، أنا مش شخص سيء، مافيش ضرر من وجودي جنبك في مواصلات على طريق منور وحيوي وفيه ناس، أنا مش همجي أو متوحش أو رجعي، أنا بطلب اني أوصلك للبيت، لاني عايز أنا عايز اتكلم معاك، لازم اتكلم معاك في موضوع يخصني ويخصك، مكنش ينفع أتكلم هنا في الشركة، لأن المناخ العام والناس هنا كمان، مش صخب شغل، فكرت قبل ما اوصلك نروح نقعد في كافيه هادي، بس واضح انك مش مرتاحة للوضع دا فأنا هاكتفى بالكلام في العربية وأنا بوصلك، بعدها اكيد في فرص تانية للكلام ومساحة اكبر٠
فكرت ود قليل، آسر على حق أنه شخص متحضر، ذو سمعه طيبة لن ينالها ضرر في رفقته، وخلال العشرين دقيقة التي سوف يقوم على ركوب السيارة معه لن يحدث أي مكروهه، لهذا رضخت إلى الأمر مرغمة فلم يكن هناك حل بديل،
أدار آسر زر الموسيقى في السيارة فانبعثت موسيقى هادئة في السيارة، وحين انطلق آسر بالسيارة، قال في ثقة وثبات:
ـ ود أنا معجب بيك، معجب بيك في كل حاجة، نظرتك لكل حاجة، فنك، هدوءك،رقتك، كلامك تفكيرك، طريقة في الشغل، حاسس انك الشخص المناسب ليا، حاسس أن كل واحد فينا هيضيف للتاني، ويكون من أسباب نجاح أكبر التاني، الارتباط بين الشخصين للي تفكيرهم واحد، اكيد بيكون ارتباط ناجح، أنا فكرت كتير وانا في امريكا، ود أنت محتاجة إنسان زي، إنسان قادر يدفعك لقدام والنجاح، إنسان مؤمن بيك، إنسان عارف قيمتك، أنا كنت رافض فكرة الزواج، كنت شايف انها ممكن تعطلني عن اني افضل في المكانة اللي أنا فيها، كنت شايف أن الجواز مجرد تعطيل لخطوات الانسان، بس لما عرفتك، قربت منك، أيقنت انك معاي هنعيش في سعادة لأن كل طموحاتنا هتتحقق، لاقيت انك أنت الشخص المناسب ليا، وانا هعمل كل جهدي اني احقق لك كل احلامك، الجواز بينا احنا الاتنين صدقيني هو بداية نجاحك و وصولك للعالمية، وكل درجة هتوصلي ليها هتكون نجاح ليا أنا كمان٠
ما نطق به آسر جعل ود لا تستطيع أن تجيب، آسر يعرض عليها مباشرة زواج وارتباط رسمي، حين طال صمت ود أعقب آسر في هدوء:
ـ أنا هقدم ليك في جوازنا كل التفاهم، قرارتنا هتتاخد بعد مناقشات لينا احنا الاتنين، مش هلغي وجودك، بالعكس هتكون حريص على ظهورك ونجاحك في كل مكان، ويكون نجاح مضاعف كمان، أنا هكون موجود في أي حاجة صعبة و هقدر ايسرها لك، النواحي المادية متيسرة جداً، أي ضمانات ارتباط مش هعترض عليها، المعاناة هتكون محترمة لانك زوجة ليا، هحافظ على مكانتك قدام الكل و معاي، عواطفي كلها هتكون ليك أنت، لاني هاكتفي بزوجة واحدة بس، و مبعترفش بمبدأ الصداقات، والخيانة أمر مقزز جداً عندي، علشان كدا أنا هكون زوج مثالي، الأولاد هأمن لهم مستقبل وتعليم وحياة راقية، وفكرة الانجاب مش هحدد ليها ميعاد، الأمومة في حد ذاتها حافز لنجاح امهات كتير٠
همست ود وهي تحاول أن تخرج من خجلها:
ـ دكتور آسر أنا عمري ما شفتك غير الدكتور آسر، دكتور مميز وناجح بس عمري ما فكرت أن يكون بينا اي حاجة رسمي، الموضوع مربك ليا٠
هز آسر كتفيه دون اكتراث وتابع:
ـ يعني في سابق تعارف بينا، شيء جيد، مافيش مانع أنه يتطور في طريقة سوية، الزواج نفسه قبل منه مراحل زي خطوات بتتبع بعض، وأنا شايف أن دا ايجابي، نظرتك ليا اني شخص مميز، معناه أن النظرة بعد كدا هتكون سليمة من كل حاجة، أنا حاولت اشرح لك تفكيري وأنا في فرنسا، بس كنت شايف انك مش قادرة تستوعبي كدا٠
أوقف آسر السيارة ثم أخرج من التابلوة علبة قطيفة كبيرة قام على فتحها في هدوء، فتلألأ داخله طقم من الماس، وقال آسر في لهجة هادئة:
ـ أنا جاد في كل كلمة يا ود، علشان أكد ليك أنا جبت طقم ماس، أقدمه ليك لو وافقت على الارتباط٠
ود نظرت إلى الطريق وقالت وهي تشعر بالإهانة من فكرة اغراءها بالماس :
ـ أنا مش بفكر في الارتباط في الوقت الحالي٠
اغلق آسر العلبة ثم قال:
ـ أنا كمان موافق انك تاخدي وقت، مافيش داعي للاستعجال، هيكون افضل تفكري في كلامي وكل اللي قلته، علشان رايك يكون مستقر جواك، وأنا واثق في عقلك يا ود، واثق كمان انك قادرة تميزي الحياة الصح اللي مفروض نعيشها سوا، وواثق كمان أن مافيش حد يعرف يقدرك زي٠
سادت لحظات صمت بين الاثنين في حين تابع آسر وهو ينظر إلى وجهها:
ـ هانتظر رأيك، وأنا واثق أنه هيكون صح٠
همست ود وهي تتمنى أن تنهى كلمات آسر:
ـ ممكن تطلع بالعربية على البيت، أنا اتاخرت اوي٠
هتف آسر وهو يهز رأسه علامة الموافقة:
ـ آة طبعاً اكيد، يومك كان مرهق في النهار، و مفاجات كتير في نهاية اليوم،طبيعي يكون الاختلاء بالنفس بداية ترتيب الأفكار٠
حين أوقف آسر السيارة، هبطت ود مسرعة من السيارة، خطت ثلاث خطوات قبل أن تستمع إلى نداء آسر:
ـ ود ثواني بس٠
فكرت ود أن تتجاهل نداء آسر ولكن خطواته التي لاحقتها إلى حديقة المنزل جعلها تلتفت إليه فقال في لهجة تبرير:
ـ انا بس عايز اعرفك أن مافيش حد عرف برغبتي في الارتباط بيك غيرك، ومش هعرف حد حتى كارولين علشان ميكتش في أي ضغط عليك من أي نوع٠
هزت ود رأسها علامة الموافقة قبل أن يقول آسر:
ـ تصبحي على خير ود٠
هتفت ود في استسلام وهي ترجو في أعماقها أن يرحل سريعاً فما عرضه منذ لحظات جعل هناك بينه وبينها حواجز عديدة:
ـ تصبح على خير٠
حين رحلت سيارة آسر، استمعت ود إلى صوت سيارة أخرى تتوقف أمام المنزل، لم تهتم ود كثير فقط واصلت السير، ولكن خطوات سليم التي تميزها ود والتي يسير خلفها مباشرة في خطوات سريعة، جعلها تدرك أن السيارة تخص سليم، في البداية شعرت ود بثقل على ذراعها تحول إلى قبضة محكمة قبل أن تشاهد وجه سليم وهو ينطق بالشر قال في لهجة اتهام واضحة:
ـ آسر كان بيعمل اي هنا في البيت؟ اي اللي بيحصل هنا؟
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية