-->

رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 50 - الجمعة 13/12/2024

 

رواية رومانسية جديدة راهبات الحب

من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي


رواية جديدة 

راهبات الحب

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الخمسون

تم النشر الجمعة

13/12/2024 


خيل ل ود أن الزمن قد توقف عند تلك اللحظة، سليم ينظر لها نظرة اتهام صر  يحة واضحة  قوية ليست شك أو احتمال بل هي  نظرة تحمل غضب من نوع ما، 

كان ينظر إلى  ما  ترتديه باشمئزاز  قوي وكأنه يخبرها أن صورة الملاك التي في مخيلته قد انتهت، ولم تكن ود في حاجة أن تفهم أن سليم يفكر الآن أن ود تتبادل كلمات غرامية ناعمة مع آسر في هذا الوقت، 





 حاولت ود أن تتكلم ولكنها وجدت في كلماتها سخافة ولن تجدي نفعاً  في هذا الموقف، ما فائدة الكلام مع سليم؟ سليم ينظر إلى أي فتاة الآن أنها غرام، و  لماذا يجب أن يعلم حقيقة المكالمة؟  هل  ترجو منه صفح؟ هي لم تخطأ حتى تطلب غفران،  أنه ليس سليم الذي تربت معه، هذا سليم آخر، مثل ما أخبرها عنان في الصباح سليم تحمل من الصدمات ما يكفيه أن يكون إنسان آخر، ليس عليه لوم أو عتب،  سليم اتجه إلى غرفة المكتب في خطوات سريعة،  أنهى الموقف كله  حين ترك لها المكان وترك المشهد  كما رآه وشاهده يخبره عن ما تم ،

( أنها افكارك  أنت، في عالمك أنت، هذا العالم المشوة الذي أردت أن تعيش به  و تتقوقع داخله، في الظلام حيث لا يوجد بارقة نور، فلا تتوقع من أحد  أن  يبذل  جهد حتى يضيء لك هذا العالم الذي اخترت أن تقيم في عتمته و وحشته ) هكذا فكرت ود 

   و تحرك  قدمها  في هدوء  إلى حيث درجات السلم ثم ركضت بكل قوة إلى أعلى، وحين صعدت إلى غرفتها أول شيء فعلته أخرجت من خزانه ملابسها بيجامة قطنيه سوداء اللون ارتدتها في عجالة وكأنها تريد أن تستر جسدها  من نظرة سليم التي لا تزال عالقة في ذاكرتها  تمحو ما حدث منذ قليل  فشلت عيناها  في أن تجد إلى النوم لها سبيل، ما يخجلها حقاً هو الملابس التي  شاهدها سليم  بها، هذا ما جعل ود تشعر بالغضب، أنها المرة الأولى التي يشاهدها سليم واجزاء من جسدها مكشوف بتلك الطريقة المخجلة، جلست خلف النافذة في استسلام تراقب الحديقة والطريق إلى أن   أشرق النهار  بعد مرور ثلاث  ساعات،


حين أعلنت الساعة السادسة صباحاً، هبطت إلى الدور الأرضي، ذهبت مباشرة إلى المطبخ أعدت وجبة إفطار إلى عنان، ما كادت تخرج من المطبخ حتى استمعت إلى صوت عنان وهو يتحدث مع سليم صوت سليم كان هاديء وكذلك عنان كان الحديث بينهم يكاد يكون همهمة مما جعل ود تفكر أن ربما سليم يخبره عن مكالمة أمس ولكنها طردت الفكرة جانباً، وحين خرجت إلى الصالة الكبيرة رفع سليم وجه لها في نظرة تفحص كاملة، نظرة أدركت ود معناها جيداً أن سليم يمارس سلطة العقاب عليها وكأنه يسألها في سخرية 

أين ملابس الساعات الماضية؟! 

وضعت ود الطعام أمام عنان في حين قال عنان وهو ينظر إلى ود ووجبة الأفطار التي تكفى خمس أفراد وليس فرد واحد :

ـ أنت عرفتي أن سليم هنا؟! 


كان سليم الأسرع في الجواب قائلاً:

ـ  ود كانت سهرانه و سلمت عليها أول ما دخلت من الباب٠ 


كلمات سليم كانت لاذعة ساخرة، هي بكل وضوح كلمات إذلال لها، لم تجب ود في حين صب سليم الشاي من البراد  في  الثلاث فناجين الموضوعه على الصينية الكبيرة وقال وهو يشير لها:

ـ كان مفروض بدل الشاي دا قهوة لأن قلة النوم مش هتعمل لينا تركيز، واضح كمان أن قلة التركيز بدأت مع ود بسبب قلة النوم٠


نظرت له ود في غضب ولم تستطع أن تتحدث، سليم ابتسم في سخرية ثم نظر إلى عنان  الذي قال وهو يغمس الخبز بالجبن:

ـ كنت سهرانه ليه يا ود؟! 

سليم قال وهو يضع كوب الشاي أمام ود: 

ـ اللوحة ، كانت بترسم لوحة٠


هز عنان رأسه علامة الأستحسان الفعل في حين أعقب سليم:

ـ ذوق ود أتطور اوي في كل حاجة، كنت فاكر أن ود هتفضل في الطابع الكلاسيكي طول الوقت، بس هي تطورت و  بتواكب العصر و الوقت٠ 


جزت ود على أسنانها في صمت كادت أن تلقى بالشاي على وجه سليم، نظرت له في غضب أما هو فلقد رسم إبتسامة ساخرة على وجهه أنه يتفنن في اذلالها بطريقته البغضية،  لقد اصبح سليم لا يطاق، هل يتوقع منها أن تصمت على هذا الوضع المهين لها؟ رفعت عيناها له في تهديد واستعادت هدوئها وقالت في صوت مرتفع بعض الشيء:

ـ أنت اللي مش ملاحظ يا سليم أن كل لوحاتي من زمان وهي متطورة وسليمة، مظبوطة حتى لو رسومات عن الطبيعة أو عن الوقت الجديد  مافيهاش خلل، أنت بس اللي الفترة اللي فاتت الأمور متلخبطة معاك، و  الذاكرة مبقتش زي الأول٠ 


رفع سليم نظرة لها في هدوء وعمق وقال وهو يبعد فنجان الشاي عن يده:

ـ آها، جايز٠


ثم قال وهو ينظر إلى الشاي:

ـ مش مظبوط الشاي، خفيف أوي والسكر كتير فيه، مايع٠


ود قالت في صوت به حدة وينم عن التحدي:

ـ الشاي زي ما احنا متعودين عليه، انت اللي كلامك الكتير خلاك تحط سكر اكتر ما انت متعود، معيارك أنت اللي خلى الطعم مايع٠ 


نهض عنان من المقعد نظر إلى كل منهم في إبتسامة هادئة وقال:

ـ يااااه الشجار و النقار بتاع زمان رجع تاني٠ 



رفعت ود الاطباق من الطاولة ثم اتجهت إلى المطبخ، سليم اتجه في هدوء إلى غرفة المكتب 


اتجه عنان في هدوء إلى غرفته ارتدي سترة جلدية وبنطال اسود من القماش المرتفع الثمن، حين انتهت ود من غسل الاطباق، كان سليم وعنان يتجهان إلى حيث السيارة الخاصة ب سليم متجاورين، هتفت ود في صوت يحمل القلق والتوتر:

ـ بابا أنت خارج؟! انت لسه في دور النقاهة٠ 


سليم أجاب في بساطة:

ـ احنا خارجين سوا ، خايفة عليه وهو معاي؟!  هعرف آخد بالي منه٠


تجاهلت ود كلمات سليم ونظرت إلى عنان الذي قال وهو يطمئن عقلها وقلبها:

ـ هقعد ساعة بس في الكافيتريا مع سليم وهرجع تاني بالعربية، حاسس اني مخنوق من القعدة، عايز اغير جو٠


تأمل سليم لحظة وجه ود القلق ثم قال في صوت هادئ لم يخلو من السخرية:

ـ حاولي تنامي انت كمان ساعتين، واضح انك منمتيش من امبارح٠


ود نظرت له في تحدي  ثم  قالت:

ـ أنا عدتي ان ارسم اللوحات لما يكون الجو  فيه هدوء، هكمل رسم اللوحات، الوقت مناسب لكل حاجة٠


أطلق سليم صفير عالي ل نغم اغنيه شهيرة، ثم اتجه إلى السيارة مع عنان وانطلق مسرعاً بها في حين دخلت ود إلى غرفتها، مضت أكثر من نصف ساعة كاملة حتى تستعيد هدوئها، أعادت ضبط الحامل الخشبي، وضعت اللوح الأبيض الكبير ، وشرعت في الرسم، في البداية رسمت أسراب من الطيور السوداء  الصغيرة الحجم تحاول أن  تخرج من مدفأة منزل قديم ، كانت ود  غاضبة وأرادت أن تفرغ طاقة الغضب لديها فكانت اللوحة تعبر عن الحزن داخلها،  ثم انتهت من اللوحة دون أن تقوم على تلوينها تركتها بعد أن شعرت أن طاقة الغضب داخلها قد خفتت قليل عن البداية، وشرعت في رسم صورة أخرى لمغنى يحمل ميكروفون فضي في يده، ثم تركت اللوحة ورسمت لوحة لخبز ساخن يجلس أمامه طفل رث الملابس،  قصير القامة يده لا تصل له


❈-❈-❈


جلس عنان يراقب الطريق في ذهن مشغول، تراكمات الهوم على قلب الإنسان طعنات  متاليية موجه إلى القلب والعقل معاً في وقت واحد إذ تركنا لها العنان أن تغوص في أعماقنا، لن تتركنا الإ جثة هامدة، وعنان رب سفينه يفكر كيف تسير؟  في هذا البحر  الذي يبدو هاديء في هذا الوقت والى أين؟ إلى أين؟؟ سليم هل تعافي حقاً كما يريد أن يظهر له؟ أو أنه لا يزال في سكرت الصدمة يمضي؟ ود الذي تحاول أضواء العمل  ومغرياته لها بالبعد عنه، هل تستجيب لها ود؟ أو أنها سوف تتركها وتظل إلى جواره؟ وإن فعلت هل هو قرار صائب؟ أو أن عنان هو الشخص الذي يعيق كل من سليم و ود عن أحلامه وطموحه، ربما هو كان هذا الشخص فعلاً، من يدري، الحياة تمضي وتتغير وهو لا يزال في أحلامه القديمة التي ترفض أن تتركه، وهو لا يزال في أمنياته يبحر يسألها أن تتحقق، ولكن كيف؟ لقد مضت من كانت تلملم كل الجراح بيدها وتزيل عن القلب تعاسته مضت وتركت له جبل من المسئوليات، تنهد عنان في تعب وألم وهو يتذكر مسك  وأطلق زفير طويل يعبر عن قلة حيلته، نظر إلى سليم الذي يناقش طارق على بعد مسافة قريبة منه وأمام كل منهم دفتر مفتوح كبير، لا ريب أن الشابين يراجعون بدقة وفي هدوء  الحسابات في الأيام  الماضية، طارق شخص طيب وخل وفي لكل من سليم وعنان، هو أيضاً نعمة من الله لكل منهم يستطيع أي منهم أن يعتمد عليه وهو مغمض العينين، عنان توقف عن أفكاره حين شعر بيد ضعيفة هزيلة توضع على كتفه، نظر إلى أعلى وابتسم واستمع إلى صوت صديقه رشدي وهو يقول:


ـ أخيراً لقيتك يا عنان٠


ابتسم عنان ل رشدي ونظر إلى جسده الهزيل الذي يستند على عكاز خشبي وقال:

ـ لقيتني؟! يعني انت مش هنا صدفة؟! 


رشدي جلس في هدوء في مواجهه عنان وترك جريدة كان يمسكها على الطاولة المستديرة التي تفصل بينهم وقال في لهجة عتاب:

ـ لأ يا عنان مش صدفة،  أنا جاي لك أنت مخصوص، رحت الاول الكافية القديم، قلت يمكن الاقيك هناك، سميح قال لي أن شافك في العربية مع سليم وجايين على هنا، قلت لازم اجي لك مخصوص لحد هنا، علشان أنت الفرد اللي ناقص حضوره  في الشلة٠

همس عنان وهو يشير إلى العامل الخاص بالطلبات:


 ـ بقالي فترة كبيرة مقعدتش معاكم، أنا فعلاً محتاج اقعد معاكم٠


حضر العامل فقال عنان في لهجة ثقة:

ـ اتنين قهوة مظبوطة٠


ثم نظر إلى رشدي وقال:

ـ مش كدا؟ قهوتك مظبوطة٠ 

هز رشدي رأسه علامة الموافقة وتابع وهو ينظر إلى العامل الذي انصرف حتي يلبي ما أمر به عنان:

ـ بكرة يا عنان القعدة تطول واحنا مجتمعين عند حبيبك٠

هتف عنان في إبتسامة كبيرة وهو يستعيد ذكريات صداقته معهم:

ـ مختار و عاصم بجد نفسي اقعد معاكم٠


هتف رشدي في استنكار:

ـ قلنا هنقعد كلنا عند حبيبي و حبيبك٠


نظر له عنان في هدوء ثم قال:

ـ حبيبي!؟ قصدك مين؟ 

ابتسم رشدي وربت على يد عنان وقال:

ـ هنروح كلنا زيارة لحبيبك النبي محمد، هنروح نزور الحبيب ونصلي هناك و ننسى هموم الدنيا بقا، نرمى كل حاجة ورا ضهرنا،  ناويين على العمرة ومش عمرة وبس احنا هنقعد هناك لحد الحج، خلينا صحبة مع بعض هناك، اي رايك؟! قلت اي؟!


ألقى عنان نظرة على سليم، في حين قال رشدي وهو ينظر إلى عنان في شفقة:


ـ سيبك من التفكير بقا والهموم عمرها ما هتخلص، ربنا بس اللي بيدبرها مش العبد، وانت رايح قاصد وجهه، والصلاح بس من عنده،  كفاية دوامة الحياة فركتنا معاها، واحنا في المتاهة ماشيين،  وخلينا نروح نفوز بيها هناك و نغسل ذنوبنا ونريح قلوبنا اللي تعبت من الدنيا، خلينا نروح قبل ما تيجي الساعة اللي مش هنقدر نتحرك  ورجلينا مش هتعرف توصلنا ل خطوة، العمر خلاص عدى فيه كتير، واللي فاضل فيه لازم ليه شعبة من راحة تدخل جوانا، الروح هلكها التفكير والحسابات وهموم الاولاد والأحفاد،  ومافيش حاجة هتجدد الطاقة غير هناك، لما نروح هناك  هتطيب  أوجاعنا و هنرجع احسن من مما كنا عليه، قلت اي؟ 


حضر العامل وضع القهوة أمام كل منهم في أدب كبير، ثم رحل رشف رشدي من القهوة عدة مرات ثم نظر إلى عنان وقال:

ـ قلت اي؟! 


هز عنان رأسه علامة الموافقة وقال:

ـ قلت معاكم، وزي ما انت قلت، فرصة نرتاح فيها من همومنا٠


رشدي نظر له في هدوء وابتسامة عريضة وقال:

ـ اديني بس جواز سفرك وأنا هجهز لك الأوراق،  خلى في دماغك  وحط في حساباتك أن أقل من أسبوع و هنكون هناك، الكل كدا تمام  و الصحبة كملت والحمد لله٠




انتبهت ود أن الساعة قد تجاوزت الثالثة عصراً وهي لا تزال ترسم، وضعت كل شيء جانباً وهبطت إلى الطابق الارضي، حتى تقوم على تجهيز الغداء، ولكنها اكتشفت أن الثلاجة ليس بها أي نوع من الخضار، واللحم المجمد يحتاج إلى وقت حتى تستطيع أن تطهيه، أن الوقت لن يكون في صالحها،  ود بحاجة إلى التسوق، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى رحلة منذ الصباح الباكر، وليس الآن فكرت ود  قليل ثم

اختارت أن تطلب بعض المشويات من إحدى المطاعم القريبة عبر الهاتف، اتجهت إلى غرفة المكتب، كانت مفتوحة،  استطاعت أن تستنشق

عطر سليم القوي بها، وشاهدت إحدى ستراته ملقاة على الأريكة التي تجاور المكتبة الكبيرة، 

هذا يعني أن سليم ظل هنا منذ أن جاء،  جلست ود خلف المكتب حتى تجري المحادثة مع المطعم، أنها تذكر جيداً أن الورقة المطبوعة عليها ارقام هاتف المطعم موجودة في الدرج الرئيسي، حين فتحت ود الدرج، شاهدت القفل منزوع عن الدرج التي كانت تضع به رواية سليم، فتحت الدرج في بطء وحذر  شديد لا تريد ل مخاوفها أن تتحقق، ولكن مخاوفها كانت تعلن عن ذاتها قبل أن تفتح الدرج، الرواية غير موجودة، لا أثر لها،  بحثت ود في الادراج الثانية، لم تجد ورقة من الرواية، الرواية لا يوجد لها أثر في غرفة المكتب، لقد مضى أكثر من ثلاث  أيام و ود لم تدخل الى غرفة المكتب، هل اخذ سليم الرواية؟! أو الجد عنان هو من اخذها؟ طردت ود الاحتمال الثاني من رأسها، عنان لن يفتح الدرج ويأخذ رواية سليم دون اخبار كل منهم عن هذا الأمر، وعنان كذلك كان معتل الصحة الأيام الماضية، لقد بدأت صحته في التحسن للتو، لا ريب أن سليم هو من أخذ الرواية، هذا أمر مؤكد، دون أن يسألها أو يخبرها، لقد فكر أن الأمر خاص به هو وحده، لأن الرواية هو كاتبها، وان أمرها يعود له، ومن المرجح أنه فعل هذا منذ ثلاث أيام، ولكن ما هو مصير الرواية؟ ربما مزقها سليم أو احرق اوراقها، الأمر غير مطمئن لها، خاصة أن سليم متقلب المزاج بل هو حاد الطباع كذلك في هذا الوقت، ولم يعد يأمن له

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة