رواية جديدة سرداب الغرام لندا حسن - الفصل 10 - 1 - السبت 28/12/2024
قراءة رواية سرداب الغرام كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية سرداب الغرام
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ندا حسن
الفصل العاشر
1
تم النشر يوم السبت
28/12/2024
ولما أنا بائعة الهوى! بينما يمكنني أن أكون سيدة القصر، لما تنطوي صفحاتي في كتاب ملقي بين ارفف مكتبة قديمة بينما يمكنني أن أكون رواية الحاضر والمستقبل لعائلة رضوان، لما اتخفى داخل السرداب بينما يمكنني أن أظهر للعلن فقط بقليل من المخاطرة والتحدي..
وقف على قدميه بعدما استمع إلى حديثها، قالت أنها زوجة ابنه، التف حول المكتب يتقدم منها ببطء وهدوء يعكس مدى الهمجية التي نثرت داخله، ينظر إليها بملامح حادة قاسية تحولت من غير مفهومة إلى معبرة للغاية عن العنفوان والقسوة..
ابتلعت ريقها تنتظر قدومه إليها وهي تتابع صمته ونظراته التي بعثت الرعب داخلها وشتت ما خططت له داخل تفكيرها ولكن!.. هل هناك مفر؟
وقف أمامها مباشرة وابتسم ساخرًا لتخرج الكلمات من بين شفتيه عابثة بها:
-قلبك جابك تيجي لحد هنا تقفي قدامي وتقولي إنك مرات يوسف ابني
أتاه صوتها الذي اخترق أذنه بكلماتها الجادة الواثقة ونظراتها الخائفة التي تحاول الثبات:
-قلبي جابني علشان دي الحقيقة اللي لازم الكل يعرفها
وضع يده الاثنين بجيوب بنطاله وظهرت تجاعيد وجه بخطوط أكثر قسوة وهو يُشير إليها بعيناه تجاه الباب يكمل حديثه المخيف:
-وايه ضمنك إنك هتخرجي من المكتب ده حيه أو حتى على رجلك
أومأت إليه بهدوء وثقة لا تدري من أين تأتي بها بعد تلك النظرات والكلمات:
-ضماني معايا وواثقة إنك هتشتريه مش هتبيعه أبدًا
سألها بسخرية واضحة:
-هو يوسف محكاش ليكي عني ولا ايه
أجابته بالصدق ووقفت شامخة بعدما أدركت أن النهاية تقترب أما بالسواد الحالك أو زهرة بيضاء متفتحة عطشة للحياة:
-حكالي.. وكتير أوي وحذرني كتير بردو بس أنا واثقة من اللي بعمله دلوقتي ومش هعرض نفسي للخطر ده إلا وأنا فعلًا متأكدة
ابتسم، ثم رفع عيناه عليها بقوة بعدما كان أبعدها عنها وقال بنبرة جعلت الرجفة تسير داخل جسدها بسرعة كبيرة:
-مهما كان اللي معاكي، مهما كان ضمناك تغيير مراد رضوان مش بالساهل وكسر كلامه بيطير فيه رقاب وناس بتفقد أروحها بسببه
أجابته بتوتر وقلق:
-ولو قولتلك إن الروح جيالك
سألها باستفهام مضيقًا عينيه عليها:
-قصدك ايه
تمسكت بيدها جيدًا تضغط عليها وللحظة خافت منه أكثر من اللازم لتقول:
-اديني الأمان الأول
سخر منها وهو يقول بغلظة جمعت بين القسوة عليهما والانتقام منهما:
-مش قولتي إنك واثقة، وريني اللي عندك بعدها أنا اللي أقرر وقراري منصوب من وقت ما دخلتي من باب الشركة.. وأكيد أنتي عرفاه
ازدردت ريقها بصعوبة بالغة وتملك الخوف قلبها ولكن لا عودة من طريق سارت به وحدها لتلقى الخلاص:
-أنا مش جيالك لوحدي.. أنا جايه ومعايا ابني من يوسف
أخرج يده من جيوب بنطاله ووقف معتدلًا، هذا ما لم يكن يعلمه ولم يكن يتوقع حدوثه، كيف؟:
-ابنك؟ ابنك يعني ايه
أجابته بجدية شديدة:
-يعني أنا حامل يا مراد بيه، حامل في الشهر الرابع
لعب على أوتار قلبها وهو ينظر إليها نظرة الشك خاصته:
-أنتي كدابة
سريعًا حاولت نفي تكذيبه لها تخرج الكلمات منها باندفاع كي تسترق سمعه وقلبه وكل ما به إن كان:
-أقسملك إني مش بكدب وتقدر تتأكد بنفسك.. يوسف سابني لما عرف علشان عايزني أنزله وأنا رفضت أنزله..
أكملت بحزن طغى على ملامحها ونظراتها نحوه ولكنها أيضًا كانت تظن أنها تلعب بمشاعره:
-يوسف خايف إنك تأذيني بس أنا متأكدة إنك مش هتعمل كده علشان حفيدك خصوصًا إنك نفسك يبقى عندك حفيد
تنهدت بعمق وضغطت على يدها تسترد:
-مافيش قدامي غيرك علشان كده جيت لحد عندك يا قاتل يا مقتول.. مش هينفع ابن عيلة رضوان يفضل في السر
تحركت مشاعره بطريقة غريبة كانت بالنسبة إليها أسعد اللحظات التي ترى بها ملامحه تنتظر الإجابة منها والتي يريد أن يستمع إليها وتريد هي أن تقولها له:
-أنتي بجد حامل وهتجيبي حفيد ليا وللعيلة
أومأت إليه تُجيب:
-أيوه بجد أنا مش بكدب
تنهد ناظرًا إليها ثم اخترق ثباتها التي أخذته منه منذ لحظة واحدة بسؤاله:
-انتوا متجوزين من امتى؟
ازدردت ريقها مرة أخرى وخرج صوتها مبحوحًا:
-من.. من سنتين وشهور
ابتسم ساخرًا وعقله يشكل الأفكار بخيوطها وترتيبها بطريقة صحيحة لن تخطر ببال أحد:
-كل ده من ورايا، وأنا معرفش يا ترى قدر يوسف يعملها إزاي
أقترب منها خطوة فلم تتراجع بقيت كما هي حتى تثبت له أنها لا تخاف منه على الرغم من وضوح ذلك، خرجت الكلمات من بين شفتيه بمنتهى القسوة والعنف:
-تعرفي اللي نجدك مني هو فعلًا ابنك اللي في بطنك بس خدي بالك.. أنا مش هأمنلك كده أنا هتأكد بنفسي أنتي حامل ولا لأ لو مش حامل قسمًا عظمًا ما هتشوفي للشمس نور تاني
أكمل بنبرة صوت غليظة مخيفة لم تريد أن تراها يومًا:
-ولو عرفت قبل الحمل كنت خفيتك من الوجود مش أنتي بس.. أنتي وهو
ابتسم مغيرًا كل تعابيره ونبرته ونظرته وهو يقول وكأنه شخصًا آخر:
-وهي مش هتعدي بالساهل، بس كل حاجه في وقتها حلوة يا... يا مهرة
سألته محاولة أن تتحلى بالجمود أمام حديثه المخيف:
-يعني أنت هتعمل ايه
زفر بقوة وكأن ما سيخرج منه رغمًا عنه:
-هنتأكد الأول ولو حامل مستعد أعلن عنك مرات يوسف رضوان
تلهفت للاستماع إلى هذه الكلمات منذ زمن بعيد، اليوم فقط تأتي من الشخص الذي حذرها حبيبها منه دومًا، هل يبدو كغير ذلك؟:
-بجد؟
سخر منها بطريقة واضحة، وبكلمات ثابتة وكأنه اقتنع بالفعل وصدق وفرح بما أتاه:
-فكراني بهزر اومال الناس تفتكر إن ابن عيلة رضوان جاي من الحرام.. طبعًا هعلن بس مش دلوقتي
سألته باستغراب:
-اومال امتى
تحدث بحدة رافضًا من ناحية وموافقًا من ناحية يقبض على العصاة من المنتصف حقًا:
-لما تولدي بالسلامة نعلن الجواز والخلفة ولا عايزني أعلن جوازكم وبعد كام شهر تولدي ونودي سمعة العيلة في داهية بسببكم
أشار إليها بيده بهدوء يعرض عليها:
-لو عايزة تيجي تعيشي معانا أنا موافق ولو عايزة بيتك بردو موافق
قالت برفق:
-محتاجة أفكر
ذهب إلى المقعد ليجلس عليه، يفكر في حديثها، هناك طفل منتظر حفيد له ولعائلة رضوان قادم في الطريق، هذه اللحظة التي تمناها منذ زمن ولم تكن تأتي أبدًا ها هي اليوم ولكن بطريقة خاطئة مخالفة لأوامره:
-أهلك عارفين أنك متجوزة ولا كله في السر
لم تكن تدري أنه سؤال خبيث فأجابت بصدق:
-جدتي عارفه
قال بجدية:
-أنا مستعد كمان اروح اطلبك منهم بنفسي.. مش علشان جمالك ده علشان حفيدي
هنا فقط اشترت كل ما قاله وابتلعت حديثه داخلها باطمئنان أنه سيفعل كل ما تريد دون حتى أن تطلب منه وكأنه كان يعيش داخل رأسها:
-كده كده هما ميهمونيش المهم أن جدتي عارفه
-براحتك
أشار إليها ناحية المكتب:
-سيبيلي عنوانك هنا وبكرة في نفس المعاد تجيلي علشان أتأكد أنتي حامل ولا لأ
ترددت وهي تسأله:
-لوحدنا؟
ارتفعت ضحكاته عاليًا فجأة وهو ينظر إليها ويرى الخوف قابع داخلها على عكس تلك الجرأة والشجاعة المزيفة:
-خايفة؟
أكمل بعدما لم يأخذ منها إجابة وقال بصدق هذه المرة كان نابع من داخله:
-هناخد يوسف معانا.. متخافيش طول ما أنتي شايله حفيدي محدش يقدر يقربلك وده وعد مني أنا مراد رضوان حتى لو كان يوسف أنا اللي هوقفه عند حده
أومأت إليه وتوجهت ناحية المكتب لتدون عنوان شقتها هي و "يوسف" على الأوراق أمامه ثم سارت تذهب إلى الخارج والفرحة ترفرف داخلها تشعر بالسعادة المطلقة على الرغم من أن الخوف مازال موجود ولكن يكفي أن ما توقعت حدوثه هو ما حدث، يكفي أنها خاطرت وأما أن تدفن حقًا أو تنال الحرية وها هي نالتها دون مجهود يذكر.. هو من طالب بالاعلان وهو من طالب بانتقالها وهو من طالب بالذهاب لعائلتها وهو من وعدها بالحماية وكان وعده حقًا فهذا ما قاله لها "يوسف" أن وعوده لا تُخلف مهما كلفه الثمن..
الآن عليها أن تخبر "يوسف" أن المخاطرة كانت الأسهل والأسرع وأن ما فعلته وخططت له بحملها هو الطريق للخروج من سرداب مظلم سُميٰ بسرداب الغرام وتنتقل إلى طريق الورود البيضاء غير مدركة أن هناك ما يُسمى ظلمات آل رضوان..