-->

رواية جديدة رواية تائهة في قلب أعمى لزينب سعيد القاضي - الفصل 36 - 1 - الثلاثاء 17/12/2024


  قراءة رواية تائهة في قلب أعمى كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية تائهة في قلب أعمى

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة زينب سعيد القاضي


الفصل السادس والثلاثون

1

تم النشر الثلاثاء 

17/12/2024



"ليت قلبك يغفر حبيبتي، فأصبحت من الجفاء، كالظمآن أنتظر رشفة من عشقك حتى يرتوي قلبِ"


انتهي من تسجيل المولود وعلى شفتيه ابتسامة لا يصدق حتي الآن أنه أصبح أب، يخشي أن يكون حلماً جميل ويفيق علي واقع مؤلم، صف سيارته جانباً وهبط منها متجهاً إلى داخل المشفى وأثناء دخوله وجد رجلاً وامرأة يجلسوا أمام المشفى في حالة يرثى لها. 


اقترب ياسين منهم بحذر:

-سلام عليكم ورحمه الله وبركاته.


رد الرجل بينما ضمت المرأة طفلها بحزن:

-وعليكم السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.


تسأل ياسين باهتمام:

-أسف على تطفلي بس حضرتك والمدام بتعيطوا أقدر أساعدك فى حاجة ؟


تحدث الرجل بحزن:

-شكراً يا استاذ كتر خيرك.


تجاهل ياسين رفضه وتحدث بإصرار:

-يا استاذ قول بس فيه أيه ؟ انتوا أكيد قاعدين قدام المستشفى يبقي في حاجة ؟ محتاجين فلوس الولد تعبان ؟


حرك رأسه بيأس:

-أبني عندي ثقب في القلب.


انتفض قلب ياسين بقلق على ولده وهو ينظر إلي ذلك الطفل الصغير الذي لم يكمل عامه الأول حتى:

-لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم طيب الدكتور قال ايه مفيش علاج ؟


رد الرجل بحزن:

-محتاج عملية.


تنهد ياسين براحة وقال:

-طالما متاح يعمل العملية يبقى ليه حضرتك زعلان كده ما هو فيه أمل أهو ربنا يتم شفاؤه على خير.


تحدث الرجل بإنكسار:

-العملية تتكلف ١٠٠الف جنيه وأنا عامل يومية على قد حالي يا استاذ وقدمت علاج علي نفقة الدول بس ده محتاج وقت والأولوية للمريض وأبني مش هيستحمل أكتر من كده .


تبسم بهدوء وقال:

-طيب هو الدكتور اللي هيعمل العملية هنا؟


حرك رأسه بإيجاب:

-أيوة.


أشار له ياسين أن ينهض:

-طيب أتفضل معايا أنت والمدام عشان الولد هيعمل العملية والنهاردة كمان.


نظر الرجل إلي زوجته بفرحة:

-بجد طيب ازاي ؟ هنجيب فلوس منين؟


تبسم ياسين بهدوء:

-أنا هدفع تكاليف العملية.


نظر الرجل إلي زوجته بحيرة وتسأل بعدم فهم:

-هتدفعها لينا إزاي ؟ حضرتك ولا تعرفني ولا أعرفك وبعدين أنا يعني مش هقدر أدفع مبلغ كبير زي ده لحضرتك.


تبسم ياسين بهدوء:

-أنا مش عايز فلوس أنا مش عايز منكم غير تدعوا ربنا يبارك ليا في مراتي وابني إنما المال مال الله مش بتصدق عليكم من جيبي.


بدون شعور نهض الرجل من علي الأرض وهو يضم ياسين بلهفة:

-ربنا يعمر بيتك ويبارك ليك في مراتك وابنك يارب العالمين.

تحرك ياسين مع الرجل وزوجته وقام بدفع تكاليف العملية بالكامل وكذلك دون شيك بمبلغ صغير وأعطاه إلى الرحل وبعدها غادر إلي الطابق المخصص لقسم النساء والتوليد وداخل قلبه راحة بال لم يشعر بها يوماً…

❈-❈-❈

وصل إلي الطابق المحدد وجد والدته ووالدة صفا يجلسون في الخارج أقترب منهم بقلق وتسأل :

-خير قاعدين كده ليه ؟

ردت سلوى بإيضاح:

-الدكتورة عند صفاء تفحصها. 

تنهد براحة وقال :

-تمام هي هتخرج أمتي ؟

أكملت باستفاضة:

-الدكتور هتكتب ليها علي خروج بإذن الله طمني أنت سجلت الولد ؟

حرك رأسه بإيجاب :

-أه الحمد لله طيب انا هروح أخلص حساب المستشفى .

أوقفته الأخر بهدوء:

-كتر خيرك يا أبني أنا هروح ادفع. 

تجهم وجهه والتفت لها وتحدث بهدوء مصطنع :

-أظن يا طنط ده أبني ولا أيه؟ يعني المفروض أتكفل به غير أن صفا كلها مسألة وقت ونرجع لبعض تانى. 

تبسمت بهدوء وأجابت :

-لسه بردوا الغرور راكبك ؟ مين قالك أن صفا هتوافق ترجع ليك من الأساس؟

رد بهدوء:

-ده مش غرور خالص دي ثقة في ربنا أولا وثقة في حبنا ثانياً الحب مش بيموت يلا بعد إذنكم. 

❈-❈-❈

بعد ساعة كانت استعدت صفا للمغادرة بمساعدة والدتها لها في إرتداء عباءة سوداء مريحة وحجاب أبيض بسيط وضعته على رأسها، بينما سلوى اهتمت بتغيير ملابس الرضيع وحملته برفق وقالت :

-أنا خلصت هخرج استناكم بره. 

أومأت صفا بإيجاب :

-ماشي. 

فتحت الباب بخفة وخرجت من الغرفة، كان يجلس حين ذلك أمام الغرفة ما أن وجد والدته تخرج من الغرفة تحمل صغيره، انتفض قلبه داخل ضلوعه ونهض سريعاً اتجه إليها وعيناه تشع حنانً وحبً لهذا المخلوق الصغير الذي لم يمض على وجوده سوى يوماً واحد حمله بخفة مقبلاً رأسه بحب:

-قلب بابا يا ناس أنت عايز أكلك يا مسكر. 

نظر إلي والدته وغمغم متسائلا:

-جاهزين؟

أومأت بالإيجاب:

-أيوة صفا بتلبس وخارجة يا حبيبي خلاص .

صمت الإثنين، ودقائق وفتح الباب وخرجت صفا وهي مستندة علي والدتها، اقترب منها وتسأل بلهفة :

-أنتِ كويسة قادرة تمشي ولا تحبي أشيلك؟

ردت باقتضاب:

-لأ شكراً. 

اتجهت سلوي إلى الجهة الأخرى وقامت بسندها وتحركوا سوياً وياسين يتحرك خلفهم علي مضض لا يعجبه الوضع. 

❈-❈-❈

في الأسفل أعطي ياسين الولد الي والدته وتحدث بجدية:

-خدي يا ماما الولد هروح أجيب العربية هنا. 

ردت صفا ببرود:

-شكراً احنا نوقف تاكسي. 

رمقها بنظرات مشتعلة ورد:

-لما تبقي تعدميني أبقي اركبي تاكسي. 

تحدثت والدته على الفور:

-بعد الشر عنك يا حبيبي. 

تحرك بعيداً، بينما نظرت الأخرى الي صفا معاتبه :

-صفا مش كل حاجة قفش يا بنتي مفيهاش حاجة لما يوصلنا.

ردت بضيق:

-كده هيعرف عنوان شقتنا الجديد وبعدين أنا مش عايزة جمايل من حد عليا من الأساس.

رمقتها سلوى بحيرة وتسألت:

-ما هو طبيعي لازم يعرف العنوان صفا ياسين عرف بوجود أبنه خلاص يعني مفيش مجال للهروب تاني يا بنتي. 

قطع حديثهم وصول سيارة ياسين أمامهم، هبط من السيارة وفتح المقعد الأمامي وأشار إلي صفا بالجلوس:

-أركبي أنتِ قدام عشان ترتاحي. 

استقلت المقعد الأمامي علي مضض بمساعدة والدتها، أغلق الباب عليها وفتح الباب الخلفي استقلت ووالدتها أولاً، وأعطتها سلوى الرضيع واستقلت هي الأخرى جوارها، اتجه هو إلى مقعد القيادة استقله وتسأل :

-العنوان الجديد ايه؟

أملته هناء العنوان وبدأ في قيادة السيارة بصمت تام ولم ينتبه إلى السيارة التي تتبعه.

❈-❈-❈

فور أن وصلوا وولجت صفا داخل غرفتها تستريح، وكان برفقتها المولود الصغير، أستأذن ياسين وغادر وترك والدته برفقتهم على أن يعود بعد قليلاً؛ ذهب إلى سوبر ماركت كبير وأشتري كل ما يلزم البيت من طعام وبكميات كثيرة، عاد بعد قليل واستقبلته والدة صفا مرددة بصدمة:

-أيه ده كله يا أبني ليه كده؟

وضع الحقائب جانباً وتحدث بنبرة هادئة:

-حاجة بسيطة.

رمقته بعتاب وقالت:

-حاجة بسيطة ؟! بلاش يا أبني تكلف نفسك بعد كده لو سمحت.

أومأ بهدوء ورد:

-هي ماما فين؟

-أنا هنا يا حبيبي.

جاءه الرد من والدته التي جاءت من الداخل وأكملت:

-صفا والبيبي تمام خلينا نروح إحنا عشان يرتاحوا.

رمقته والدة صفا بعتاب:

-ده بيتك يا حبيبتي.

ربتت على ظهرها بأخوة وقالت:

-أكيد طبعاً يا حبيبتي بس عشان ترتاحوا.

ضمتها بحب وغادرت برفقة ياسين.

❈-❈-❈

في سيارة ياسين، يقود سيارته بصمت تام وإلي جوار تنظر إليه من حين إلي حين، حسمت أمرها وتسألت بحذر:

-ياسين عملت إيه مع باباك؟

رد باقتضاب دون النظر لها:

-هيفرق معاك في ايه ؟

رمقته بعتاب وقالت:

-ياسين أنا أمك .

تنهد بضيق وأجاب:

-اتخانقنا وكان مبرره انه بيدور علي مصلحته سيبت ليه البيت وجه المستشفى الفجر يسوق الولد بس رفضت ده بإيد صفا هي عايزاه يشوف الولد براحتها مش حابه بردوا براحتها.

سألت بفضول:

-طيب انت هتقعد فين ؟

تحدث بهدوء:

-هقعد في فندق يومين كده واشوف شقة بإذن الله.

هتفت باقتراح:

-طيب ما تيجي معايا عند أمير لغاية ما تلاقي شقة عايزة ابقى مطمنه عليك وأنت جنبي.

تهكم ساخراً وعقب:

-بجد؟ بقالك فوق التمن شهور بعيد عني هتفرق دلوقتى معاكي عايزة تطمنى عليا ؟ أطمني أنا كويس أوي وطول ما أنا بعيد عنكم كويس سبوني بس في حالي.

صاحت معترضة:

-ياسين أنا كنت سيباك ومطمنة أنا جنب أبوك وبما تظبط أمورك وتشتري شقة هكون جنبك ومش هسيبك أنت ليه مش قادر تفهم أني أمك مش هحب حد أكتر منك يا حبيبي.

ابتسم بمرارة واسترسل بإيضاح:

-بجد ما هو واضح يا أمي خليني ساكت لأن كلامي هيوجعك وهيتعبك بلاش كلام دلوقتي محتاج ارتاح من كل اللي بيحصل واللي مريت بيه أنا لو كنت جبل كنت اتهديت يا أمي.

صمت وأكمل القيادة وعيناه منصبه بتركيز علي الطريق أمامه، طالعته هي بتألم ونظرة أمامها هي الأخرى بحزن.

الصفحة التالية