-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 42 - 2 - السبت 21/12/2024

  

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثاني والأربعون

2

تم النشر يوم السبت

21/12/2024



داخل مقر عملهما بالمصنع، وبعد الانتهاء من مناقشة الملفات الهامة، كان الحديث العادي الآن بينهما:


شكل مصطفى ابن خالتك عامل حفلة كبيرة، أنا عرفت كذا واحد من رجال الأعمال اللي عازمهم، غريبة اهتمامه الزايد يعني بحاجة زي دي.


ولا غريبة ولا حاجة؟ تفوه بها رياض يترك الملف المتبقي من يده، 

ليعطي اهتمامه بالكامل مردفًا:

مصطفى مش بس زكي وبيحب دايمًا يلمع صورته، لا هو كمان ليه في الخير من غير حب المظاهر زي ما بيعمل بعض الناس، ولا حتى ليه في الرياء، بالإضافة إنه السنادي كمان عاملها بحب عشان ماما.


والدتك، هو لدرجة دي بيحب والدتك؟ تسائل بها كارم بدهشة تضاعفت برد الآخر، وقد تجلت به الغيرة بصورة واضحة:


ولو قولتلك إنه بيحبها أكتر من والدته كمان متستغربش، أصل دماغه قريبة أوي من دماغها، الرومانسية المفرطة والحنية بشكل أوفر، مصطفى اللي بتشوفوه مع رجال الأعمال، وحش الاقتصاد، مع والدتي ومراته حاجة تانية، هتقولي إزاي؟ هقولك معرفش.



❈-❈-❈


داخل السيارة التي كانت تقلها معه الآن، خطوبة مؤقتة هذا هو المسمى الذي فرضته لعلاقتها به، بعد أن ضاقت ذرعًا من فرض حصاره عليها وعلى مشاعرها المربكة من الأساس، لتهتدي في الآخير لعقد هذا الاتفاق معه، حتى تأخذ وقتها في التفكير بروية بعيدًا عن ضغط والديها، المصرين باستماتة على زواجها به، وكي تختبر أيضًا تلك العاطفة التي تنبت داخلها، فتعلم باختلاطها به إن كان عشق حقيقي أم هو وهم إعجاب محض وسيزول مع الوقت.


أما هو ورغم فرضها الشروط الغريبة وافق، بل وأصبح يتعامل معها بسهولة بعض الشيء وتفهم، لكنه أيضًا لا يكف عن مشاكستها، كما يحدث الآن وقد كان يقود السيارة بها في الذهاب إلى الحفل المدعوين إليه يتبادل معها الكلام القليل، وعيناه لا تفارقها، تتنقل ما بين مراقبة الطريق الذي يقود فيه السيارة وبينها، حتى فاض بها:


ممكن تخلي بالك من الطريق بدل ما نعمل حادثة؟ هتفت بها بعصبية قابلها هو بهدوئه المعتاد:


مش عارف أنا والله مدايقك في إيه يا آنسة يا أستاذة صفية؟ شوفتيني دخلت في شجرة مثلًا ولا دوست حد؟ ولا هي النظرة نفسها ناحيتك حرام عليا؟..... أظن يعني إن دا من حقي، ولا عشان أنا غلبان يعني ومش بطالب بباقي حقوقي زي كل الخطاب؟ تحبي أذكرلك بيعملوا إيه يا أستاذة يا آنسة صفية؟



قصد بالأخيرة حتى يربكها بالخجل، ليصدر رفضها على الفور:


وأنا مالي باللي بيعملوه، أنا مسمحش أصلاً بأي تجاوز وبأي صورة.



رد بدرما يتصنعها جيدًا:


وأنا يعني شوفتيني طلبت ولا حتى قادر بالتلميحات؟ آخري نظرة وحتى دي مستكتراها عليا، الله يسامحك.



أشاحت بوجهها إلى خارج النافذة حتى لا يرى ابتسامتها، لكنه أبى إلا أن يستغل الفرصة:


كمان الابتسامة مستكتراها عليا، يا ما أنت غلبان يا هشام ومش لاقي اللي يحس بيك، دعيتيلي ولا داعية عليا يا أما بس؟ على صوته بالأخيرة ليجعل ابتسامتها تتحول للضحك المكتوم، قبل أن يجفلها توقف السيارة بعنف اهتز له جسدها بالأكمل، فتهدر هاتفه به:


إنت عملت فينا حادثة بجد؟



تمتم يجيبها وعيناه في الخارج؛


لا والله ما حادثة، أنا بس اتخضيت ومن غير ما أقصد دوست فرامل ووقفت، مش دي صاحبتك برضو؟ ولا أنا عيني دغششت.


دغششت؟ رددت بالكلمة من خلفه باستنكار لتتوجه بأبصارها نحو الجهة التي ينظر بها، وصديقتها القادمة نحوهما، بطلة مبهرة سلبت اهتمام جميع المارة والأشخاص من حولها، حتى هذا الجالس بجوارها عقب بذهوله:


يا وعدي عليك يا ابن حكيم، مش بعيد قلبك يقف بعد ما تشوفها الليلة دي.


إنت بتعاكس صاحبتي؟


نعم! التف إليها بعدم تركيز ليفاجأ بها رافعة حاجبها بشر مرددة:


بسألك يا دكتور، لا تكون بتعاكس صاحبتي؟ أصابه شيء من الاضطراب اللذيذ، شيء يقارب الاستمتاع بهيئتها الخطرة تلك، لمجرد نظرة منه نحو صديقتها، اللعنة أتكون قد أصابتها غيرة!


مبترودش ليه؟ أنا بكلمك على فكرة. ضحك بمكر يجيبها:


ما أنا خايف أصارحك باللي واصلني من فعلك دلوقتي تحرجي وتولي وشك مني بعد ما تاخدك الجلالة كالعادة، وأنا مكدبش عليكي، عاجبني أوي شكلك كده.



همت تثور به منكرة ما فطنت إليه من تلميحه، ولكن منعها وصول بهجة لتنضم معهما داخل السيارة، والتي رددت فور دخولها حينما لامست بحاستها نوعًا من التوتر بينهما:


با ساتر على وقفة الشارع وقرفها، الحمد لله إنكم وصلتم أخيرًا، إنتو مبلمين كده ليه؟ لتكونوا متخانقين؟



صدر السؤال بتوجس جعل صفية تسارع بالنفي:


لا يا قلبي مش متخانقين ولا حاجة، دا العادي بتاعنا أصلاً.


أيوة العادي بتاعنا أصلاً. ردد بالكلمات من خلفها ليضيف عليهم بخبثه:


بس إنتي إيه الحلاوة دي يا بهجة، أقسم بالله ما عرفتك في البداية، إنتي كده عديتي الكل، وربنا اللي يشوفك يقول بنت زوات بحق.



تبسمت لغزله ولكنها أيضًا لم تغفل صديقتها في الثناء عليها والإطراء:


يا سيدي متشكرين على ذوقك، بس إنت معاك القمر يا دكتور، ملكة جمال وعلى طبيعتها، مش زينا إحنا يا غلابة، دي كلها لمسات نجوان، أفهم إيه أنا في ذوق الهوانم؟ أهي ليلة تعدي وخلاص.


لا إنتي هانم وست الهوانم يا بهجة متستهونيش بنفسك. قالتها صفية في رد لها، ليأتي الرد من الآخر:


وإنتي كمان ملكة جمال على طبيعتك، هي مكدبتش على فكرة. أجفلها بجديته، لتغزو السخونة وجنتيها بخجل، ويصيبها اضطراب مباشر في البحث عن رد مناسب أو الصمت غير قادرة على مواجهة جرأة عيناه القادرة على اكتشاف سبر أغوارها، لتنقل نظرها نحو صديقتها وكأنها تبتغي العون، لتشفق بهجة، وتتوجه نحو هذا الماكر بما يشبه الأمر:


أنا كده هتأخر على الحفلة يا دكتور هشام، ناوي توصلنا ولا ننزل ناخد لنا تاكسي؟ أصل أنا مش همشي من غيرها عشان تبقى عارف.



سمع منها ليعود على الفور لعبثه:


لا طبعًا إزاي؟ دا أنا أخدكم معايا كعابي ولا أسيبكم تروحوا من غيري، واحدة هانم والتانية ملكة جمال أسيبكم بقى لوحوش المدينة، دا كلام برضو، دا كلام.



❈-❈-❈


توقفت بسيارتها أسفل العقار الذي دخلته قبل سابق، وها قد أتتها الفرصة، لتحضر الاحتفال بعقد قران شعبي، بدعوة من أحد أفراده المقربين لها، حتى الآن لا تجد وصفًا لهذه العلاقة التي تجمعها به، لكن جل ما يميزها هو الارتياح، الارتياح في الحديث معه دون حسابات أو عقد، تبوح بكل ما يعتمل بقلبها معه، دون تفكير أو تديير.


وجدته في مدخل العقار وكأنه كان ينتظرها، ليستقبلها بكلماته:


افتكرتك بتهزري والله ومش هتيجي.



تبسمت تقترب منه، وتعطيه العلبة المغلفة ليحملها عنها مرددة:


وأنا بعد ما وعدتك يا عم سامر، تفتكر إن هخلف بوعدي مثلًا؟ دا أنا أصلاً جاية وكلي حماس أشوف الفرح الشعبي.



صدحت ضحكته وهو يصعد معها الدرج الأسمنتي في طريقهما نحو المنزل مرددًا:


والله إنتي طيبة، بقى كتب كتاب عملتيه فرح شعبي، مصيبة لتكوني حاطة في دماغك كمان، رقاصة وأغاني مهرجانات. لكزته بقبضتها بخفة على ذراعه معارضة استخفافه:


بطل بقى، أنا مش هبلة لدرجة دي يعني، فرح ع الضيق يعني بنات بيرقصوا داخل البيت بينهم وبين بعض مش كده برضو.



زام بفمه بتفكير متعمق، ثم صارحها بقوله:


اممم حتى دي مضمنهاش، أصل البت أختي دي عقلها طاقق، ولحد دلوقتي عمالة تعترض على خطيبها، لولا بس قارصين عليها عشان الواد راجل وقد كلمته، مكنتش كملت الخطوبة أصلاً.


الصفحة التالية