رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 41 - 2 - الثلاثاء 17/12/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الواحد والأربعون
2
تم النشر يوم الثلاثاء
17/12/2024
انهت المكالمة، لتشرع باستقلال سيارتها بنية الذهاب اليها، ولكن ما ان حاولت إشعال المحرك حتى فوجئت بتعطلها، لتحاول مرة ومرات، حتى يأست لتخرج وتصفق الباب بعنف فتجده يخرج رأسه من نافذة سيارته :
- هتفضلي واقفة مكانك كتير تستني التاكسي، تعالي ياللا عشان اوصلك معايا
همت ان ترفض، ان تلقي عليه الاتهامات بتعطيلها كالمرة السابقة، ولكنه لم يعطي لها فرصة:
- انتي لسة هتفكري؟ كدة البنت ممكن تتفلق من العياط ولا يجرالها حاجة لا قدر الله، اخلصي ياللا يا أستاذة بقى
❈-❈-❈
داخل المطعم الشهير، وبعد اصرار والحاح رضخ لرغبة شقيقه ومرافقته في تناول وجبة العشاء مع هذه الدخيلة التي تذكره بالراحلة، رغم اختلاف الشكل بينهما، لكن الجرأة في الحديث ونظراتها المكشوفة نحوه، وكأنها هي:
- يا روحي يا ادم، كبرت يا روح خالتو، بس شكلك ع الحقيقة احلى بكتير من ع الشاشة.
- وانتي كمان يا خالتو، انا مبسوط اني جيت مصر عشان اشوفك.
سمعت من ادم لتتوجه بحديثها نحو شقيقه:
- يبقى احنا كدة واجب علينا نشكر رياض باشا، اللي اتكفل بكل حاجة، ولا ايه يا دومي
شبه ابتسامة اغتصبها بصعوبة، ليعقب ردًا لها:
- دا اخويا، يعني مش محتاج توصية، ولا انا منتظر منه شكر
- طبعا اكيد ، بس انت طلعت شهم اوي ودي مبنلاقيهاش في رجالة كتير في الزمن ده، ولا ايه، اصل مش اي حد يقبل يعني .
قالتها بتملق مكشوف، قابله بمكر يقارعها:
- امال يعني كنت هرميه، دا اخويا يعني من دمي، ودي مسالة مفيهاش نقاش بعد موت المرحومة والدته، لكن هي تبقى اختك من آلاب والأم برضو؟
باغتها بسؤاله الاخير، لتقطب بعدم فهم تجيبه:
- اه طبعا من الاب والام، ليه السؤال؟
تبسم ساخرا، يلقي بنظرة جريئة على ما ترتديه من فستان ضيق وعاري، لا يمت للحداد بصلة سوى في اللون:
- اصل واضح انك حزينة اوي عليها، بدليل انك لابسة اسود
لم تكن غبية حتى لا تفهم تلميحه، ومع ذلك جارت تهكمه، باصطناع الحزن:
- طبعا البس اسود، دي كانت اقرب واحدة ليا في اخواتي، رغم بعد المسافات ما بينا، لكن طول الوقت كنا بنكلم بعض.
وختمت بادعاء البكاء الذي صدقه ادم يهون عليها:
- خلاص يا خالتو، هي اكيد في الجنة دلوقتي يعني مينفعش حد يزعلها.
- جنة! ربنا يسمع منك يا بني .
غمغم بها رياض بحديث نفسه،شاعرا بالاختناق، يحصي الدقائق في انتظار ان ينتهي من هذا الجلسة الثقيلة ويغادر بشقيقه، ليفرغ لبهجة وترضيتها
❈-❈-❈
- عمل معاكي ايه؟ عمل معاكي ايه ها قوليلي؟
هتفت بالكلمات نحو صديقتها فور ان وقعت عينيها عليها، جالسة بزاوية درج منزلهم الصغير، منزوية على حالها في الظلام، تبكي بصمت، لتسرع اليها وتضمها اليها، متمتمة بالتوعد:
- انا هخربلك بيته، والنعمة لا اجبلك حقك من عنيه ابن نجوان.
ظلت بهجة على وضعها من البكاء بحرقة، تقطع نياط قلب صديقتها وذلك المرافق لها ، حتى تدخل في الحديث معهما:
- بهجة احنا كلنا في ضهرك، اتكلمي وقولي ع اللي زعلك، واللي ماتقدريش تقوليه لاخوكي، قوليه ليا، انا هعرف اجيبلك حقك بالطريقة اللي انتي عايزاها.
كلمات التهوين والدعم كانت تلقي على اسماعها من الاثنان لمدة من الوقت، حتى ملكت صوتها، لتتحدث وتفرغ عن مكنون حزنها:
- قلبي اتعلق بواحد معندوش قلب، كنت اخدة عهد على نفسي اني محبوس، دايما كنت بعمل حساب للفراق، ومتوقعة انه في اي لحظة يفارقتي، لكن اللي حصل كان غير كدة خالص، لا هو راضي يسبني ، ولا انا قدرت ابقي قوية قصاده.
شهقة بنشيج غص بها حلقها، تمسح بأصابعها الدموع التي كانت تسيل بغزارة دون توقف وهي تواصل امام صمت الاثنان وقد التزما بالاستماع لها الآن:
- يقولي بحبك، وانتي النفس اللي اتنفسه، يطلع بيا لساابع سما، ثم يجي فجأة ومن غير سابق انذار، يرميني على جدور رقبتي، واللي بيحز فيا ويقهرني، هو اني دايما بصدقه، بصدق لحظة العشق، بنسى وعودي، وبنسى نفسي وبنسى كياني معاه..... مع واحد شايفني مش قد المقام، واحد حاططني ع الهامش في حياته ومليش قيمة، عشان عارفني متاحة في اي وقت، مش بعترض ولا اضايقه، وحتى لو حصل مبكملش........... بقيت حاسة نفسي قليلة اوي
وانطلقت لموجة أخرى، التقطتها أحضان صديقتها لتضمها اليها، تؤازرها بالتهديد والوعيد نحو المذكور:
- متفلقيش نفسك في العياط، ولا تزعلي خالص، مش هو رافض يسيبك، انا بقى بكرة اخلصك منه ومن قرقه، في واحدة تأمن لراجل من الاساس، دول صنف وسخ اساسا.
قالتها بحقد جعلت الاعتراض يخرج من فم الاخر:
- بتعممي ليه يا ست الاستاذة؟ طب راعي شعوري وسطيكم، ولا انتي مش شايفاني راجل قدامك مثلا؟
اخجلها بلفتته، وقد غفلت عنه بالفعل، بعد أن اخذتها الجلالة تعيش دورها الدائم في صب اللعنات على صنف الرجال بأكمله، في القضايا التي تتولاها للدفاع عن حقوق النساء.
- اسفة مخدتش بالي
قالتها كنوع من الاعتذار بتعالي يميزها، وهي تشيح بأبصارها عنه، تستفزه ليشاكسها كالعادة، ولكن هذا ليس وقته، تغاضى بصعوبة، ليتحدث مخاطبًا بهجة بجدية:
- انتي عمرك ما كنتي قليلة يا بهجة، وعشان تبقي عارفة بس، مفيش راجل بيتمسك بالست القليلة، انتي قوية بس الحب هو اللي بيضعفك، مش عايز اوجهلك نصيحة، بس انتي الوحيدة اللي تقدري تحددي، آن كنتي عايزة التطور في العلاقة ما بينكم او انهاءها، وفي الحالتين لازم تبقى قوية وتفصلي،
- انا عايزة انهيها، مش عايزة أشوف وشه حتى .
صدرت منها سريعًا وبدون تفكير، لتجعله يسألها بتشكك:
- متأكدة يا بهجة من قرارك ده؟
عرضت صفية تسبقها بحماسها:
- لو متأكدة من قرارك، ليكي عليا امشي في الإجراءات من دلوقتي، وأجبره انه ينفصل عنك، حتى لو وصلت اني اشرشحه في المحاكم.
- مستعجلة انتي اوي على خراب البيوت، ما تهمدي شوية يا أستاذة، وخفي كدة على البنية، واهدي ها، اهدي.
عضت على شفتها، تحدجه بغيظ شديد، قبل ان تعود لصديقتها متراجعة قليلًا:
- خدي وقتك في التفكير يا بهجة...... وانا في انتظارك ومعاكي يا حبيتي في اي وقت
❈-❈-❈
صباح اليوم التالي
فلم يغمض له جفن، إلا سويعات قليلة، بعدما غلبه التعب الجسدي نتيجة السفر والاجهاد المستمر في الساعات الاخيرة، وها هو يستقيظ باكرًا حتى عن ميعاده اليومي، وكان اول شيء يقوم به هو النظر بشاشة الهاتف ومطالعة سجل المكالمات والرسائل، ولكن النتيجة واحدة، لم تكلف نفسها بالرد ، رغم عدد محاولات الاتصال الكثيرة بها، او النظر حتى بالرسائل التي ارسلها.
لينهض متمتمًا باللعنات، يشرع بلقائها اليوم وتصفية جميغ الخلافات بينهما، يعلم انه قصر معها كثيرًا، ولابد من ترضيتها، فهي تستحق.
دلف إلى المرحاض، يأخذ حماما سريعًا كعادته، ثم خرج وارتدى ملابسه ليتجهز للخروج، اطمن على شقيقه نائما، ثم ذهب إلى منزل والديه ، ليرى والدته، صعد إلى الطابق الثاثي متوجها نحو غرفتها، ولكن تفاجأ بقدومها امامه، تقابله بابتسامتها الرائعة:
- صباح الخير
- صباح الفل يا ست الكل.
تمتم بالتحية، يقترب منها ويقبلها على جانبي وجهها مردفًا بغزل:
- عيني باردة عليكي، زي القمر النهاردة، وانا اللي فاكرك لسة تعبانة ورايحلك اطمن عليكي.
تبسمت تسحبه، ليهبطا الدرج معًا قائلة:
- ما انا كرهت السراير والنوم يا قلبي بقى، ما صدقت اخرح للنور، وحمد لله قادرة وماشية على رجلي اهو.
عقب بارتياح تسلل اليه:
- يارب دايما يا أمي، دا احب ما عليا.
- حبيبي ربنا يخليك ليا .
تمتمت بها نجوان نحوه ، تضمه اليها من خصره، ليصدح صوت نبوية في الأسفل وهي تتابع نزولهما بسعادة للم شمل الام بابنها اخيرا، بعد سنوات من الجفاف والابتعاد :
- بسم الله ما شاء، اللي يشوفكم، ميقولش ام وابنها، يقول عروسة وجوزها، ربنا يحرسكم من العين.
تبسم هو لقول المرأة وردت نجوان ضاحكة:
- بطلي مبالغة يا ست انتي هتخليني اصدق بجد ، المهم بقى جهزتي اللي اتفقنا عليه.
اجابتها نبوية بلهفة:
- كل حاجة زي ما امرتي، قبل ما تنزلي بالظبط عم علي دخل اخدهم وسبقك على العربية.