رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 41 - 1 - الثلاثاء 17/12/2024
قراءة رواية حان الوصال كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية حان الوصال
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة أمل نصر
الفصل الواحد والأربعون
1
تم النشر يوم الثلاثاء
17/12/2024
خطفها في سمائه الوردية، ليحلق بها في عالمه الجميل، حيث لا عقد ولا حسابات ولا واقع بائس يعكر صفو لقاء الحبيبين
كيف حدث هذا؟ وكيف استسلمت بعد الوعود التي قطعتها على نفسها من أجل وضع حد لهذا المد والجزر بينهم؟ لا تدري؟ ربما الفرح بعودته ولقياه المفاجيء كان هو السبب، وربما رجع الفضل لتلك اللهفة في بث اشواقه اليها، ليرتد ذلك بأثره عليها فتبادله نفس الشوق والحنين الي
ضمته القوية لها بذراعيه وكأنه يغرزها بين ضلوعه
قبلاته العاشقة، حتى صارت تذوب بين يديه، يبدد مقاومتها، لمساته الرقيقة، تبدد صقيع ليلها الطويل، فتنشر الدفء به، لتزهر أحلامها بالورود
ثم انقشع كل ذلك، حينما تركها بغتةً، ليجيب على صاحبة الاتصال المفاجيء، ذلك الشعور المميت بابتعاده المفاجيء عنها ،تلك البرودة التي زحفت بها فجمدتها، احساس المهانة الذي اكتنفها في تلك اللحظة، بعد ارتفاعه بها بعنان السماء، ثم القاءها في قعر الارض
وقد ابتعد عنها بالهاتف، يحاول السيطرة على ضجيح انفاسه القوية، والتغلب على رغبته بالحبيبة التي طال اشتياقه لها، ليحيب المتصلة على مضض:
- الوو، عايزة ايه يا جوليا، من امتى انتي بتتصلي بيا اساسا؟........ ايه؟........ خرج امتى يعني؟ انتي ازاي سبتيه اصلا يخرج؟...... نادين مين دي كمان؟ انا هطربق الدنيا، اقفلي يا جوليا اقفلي
انهى المكالمة والتف نحو تلك التي كانت متجمدة محلها ، تطالعه بأعين خاوية كالزجاج، ليحاول التبرير بقلة حيلة، لا يعرف كيف يعبر عن اسفه، بالإضافة انه لا يوجد وقت للتفكير من الأساس
- بهجة انا
بهدوء ما يسبق العاصفة:
- إنت ايه؟
نبرتها الغريبة وهيئتها الغير مريحة تزيد من ثقل ما يضغط على صدره، ليقترب منها، ويخاطبها على عجالة كي يذهب:
- معلش يا حبيبتي، انا مضطر اخرج حالا دلوقتي عشان ا....
- عشان ايه؟
صدحت بها ترتد بجسدها عنه للخلف، مفضلة الإبتعاد عنه قبل أن تنفجر مرددة:
- عشان ايه يا رياض؟ عشان انا غبية وبسلم زي الهبلة، فرحت برجوعك ونسيت اهانتي ونسيت كرامتي المجروحة بسببك،.........
لتخرج انفاس القهر من صدرها، مردفة بوجع اعتمل بصدرها:
- امشي وروح المكان اللي انت عايزه، ولا اقولك انا اللي ماشية، لأن أنا اللي مش عايزاك
وسارت نحو المغادرة تجفله بفعلها، حتى كاد ان يوقفها حينما امسك بذراعها:
- استني هنا، مش لما تفهمي الاول
- اوعى سيبني
صرخت تنزع يدها من قبضته، كصاعقة ضربت بوجهه، فتشخص ابصاره وترتخي يداه عن التمسك، وتهرول هي نحو الباب الذي تقف خلفه من الخارج عائشة، فتتخطاها دون ان تنطق بكلمة
فكان رد فعل الأخيرة ان توجهت نحوه بالسؤال:
- مالها بهجة، هي معيطة ليه؟
بالطبع لم يجد اجابه للرد عليها، كما انه لا يملك الوقت للحاق ببهجة، وهناك من هو على وشك فقدانه ان لم يخرج سريعًا للبحث عنه
❈-❈-❈
توقف بسيارته امام واجهة محل المأكولات الشهير، حيث وقوف شقيقه امامه، بناءًا على التعليمات التي ألقاها عليه عبر الهاتف، حتى لا يشرد ويرهقه بالبحث،
يحمد الله ان الساعة التي يرتديها، بها خاصية تحديد الموقع، والا ما كان أبدا استطاع تحديد المكان المتواجد به، وهو لا يعرف اسماء الشوارع ولا حتى الميدان الذي يقف بالقرب منه الان
تتصارع المشاعر برأسه، ما بين غضب لخروجه بدون إذن او توجيه، وارتياح للعثور عليه قبل أن يتوه وسط زحام المدينة التي لا يعلم عنها شيء،
تقدم ادم اليه قائلا بنبرة عادية لا تتناسب مع الحدث:
- جيت بسرعة يعني افتكرتك هتتاخر
ترجل هو من السيارة، يغلق بابها بقوة، ويرمقه بتجهم وصمت مهيب، دام لحظات، قبل ان يأمره بحزم:
- أركب يا ادم، كلامنا مش هيبقى في الشارع
- كلام ايه اللي لسة هنقوله؟ مش انت خلاص وصلت واطمنت عليا، روح بقى ولا شوف وراك ايه؟ خالتو زمانها على وصول، انا قولتلها على المكان وهي وعدتني نتعشى مع بعض في المطعم اللي ورايا .
خرج عن شعوره يضرب بقدمه على إطار السيارة بغضب:
- ما تخلص بقى وفوضها، خالتك مين اللي هتجيلك وخليتك تسيب البيت عشان تخرج لها، انت معندكش مخ؟ مكنتش قادر تصبر على ما ارجع انا واشوف حكاية الزفتة دي.
- ممكن لو سمحت متقولش على خالتو كدة عشان انا عارف ان الكلمة دي معناها مش كويس،
قالها بهدوء يثير التعجب، حتى كاد ان يجلطه، وهو الذي يشتهر بهدوء الأعصاب، جاء من دمه من اهو ابرد منه، ليعض على باطن خده بغيظ شديد، يحاول الا ينفجر به حتى لا يخسر ثقته من البداية:
- ماااشي، مش هقول عليها كدة تاني، ممكن بقى يا حبيبي تروح معايا ؟
لم يجد منه رد فوري بل ظل يرمقه بنظرات غامضة، وملامح مغلفة لا تتناسب مع سنوات عمره القليلة، يتسائل داخله، أين براءة الأطفال التي كان يسمع عنها؟
- خالتو جات اهي؟
صدح آدم بالكلمات وقد ألتفت رأسه نحو الجهة المقابلة، حيث السيارة البيضاء التي توقفت بالقرب منهم، تترجل منها امرأة ثلاثنية، ترتدي فستان اسود محكم على جسدها بأناقة، بدون أكمام يصل حتى ركبتيها، بأنوثة متفجرة لفتت ابصار المارة والجميع نحوها، وجه فاتن وشعر بني مموج حتى نصف ظهرها،
- خالتو نادين
هتف بها آدم لتفتح هي ذراعيها اليه تلقاه بترحاب:
- حبيبى يا قلب خالتو
وركض نحوها بلهفة يتقبل عناقها له، فيغمغم ذلك المتابع لمشاهدهم بحديث نفسه:
- خلصت انا من ناريمان عشان تطلعني نادين، وحكيم الصغير مكان حكيم الكبير
❈-❈-❈
بخطوات مسرعة، خرجت من البناية وكأن شياطين الارض تلاحقها، لا تلتفت ولا تلقي بالًا لذاك التي ينادي بإسمها من الخلف، يعصف بها الغضب منه ومن افعاله الغريبة، نالت منه ما يكفيها لقتله حتى تستريح منه، والهروب الان هو اسلم حل حتى تؤذي مستقبلها بجريمة ترتكبها في حقه
- ساعة انده عليكي وما تروديش.
هتف بها، يرافقها ضربة قوية على باب السيارة التي كانت وشك القيام بفتحه، ليجفلها بفعلته حتى صدرت منها شهقة عالية، جعلته امسك ابتسامته بصعوبة يستطرد:
- عايزة الناس يقولوا علينا ايه؟
الى هنا وانفرط العقد، ولم تعد بها طاقة على ضبط النفس، فامتدت قبضتها تضرب كل ما تطاله يداها على صدره او ذراعه:
- ناس مين اللي تقول علينا ها؟ ناس مين؟ ولا انت كذبت الكذبة وصدقتها بجد، انت طلعتلي من فين يا عم انت؟
امسك رسغ يدها بين كفه، يضغط عليه متمتمًا بتلك الابتسامة التي تستفزها:
- على فكرة كدة غلط ، الناس لما يلاقوكي بتضربي خطيبك في نص الشارع ومن غير اعتبار، مش هيصدقوا حكاية خطوبتنا دي بالعكس، دا كدة هيفتكرونا متجوزين.
كاد ان يضحك بملء بفمه، وهو يشاهد التعبير الذي اعتلى ملامحها، وقد فغرت فاهاها من فرط الذهول، وهو يغلبها في كل مرة بمكره، اجتمعت فيها أجمل الصفات، شرسة وفي نفس الوقت طيبة وشهية وهذا ما يجعله يزداد تعلقًا بها:
- اقفلي بوقك يا أستاذة، قولتلك منظرنا كدة في الشارع بيأكد الظن اللي قولته،
همس بها بإغواء وعيناه تمشط ملامحها بجرأة، لتعي على وضعها بهذا القرب منه، بعدما احكم قبضته على رسغها حينما حاولت افراغ غضبها به، ياله من لعين؟
- سيب ايدي.
تمتمت بها بقلة وقد فقدت الأمل من ان تشفي غليلها بضربه، مفضلة الانسحاب.
وقبل ان يصدر رد فعله دوى هاتفها بتلك النغمة المميزة لرقم صديقتها، فوجه قوله لها:
- طب ردي ع التليفون الاول
هتفت به بخشونة:
- بقولك سيب ايدي، ولا انت عايزانى اعملك فضيحة:
رد غير مبالي بغضبها:
- انا ماسك ايد واحدة، ما تردي بإيدك التانية....
زمجرت كقطة شرسة لتجبره على تركها هذه المرة، رغم تسليته بهيئتها تلك، فتناولت على الفور هاتفها تجيب صديقتها؛
- الوو يا بهجة......... مالك بتعيطي ليه؟......... طب قوليلي انتي فين وأنا اجيلك....... خلاص اقفلي جيالك بسرعة