رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 10 - 3 - السبت 7/12/2024
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل العاشر
3
تم النشر السبت
7/12/2024
التصقت به كالعلكة وهو متجهٌ إلى الحفل المقام في إحدى دور النشر الفرنسية والذي تم دعوته إليه وترشيحه لتوليه إدارته وإدارة المجلة التابعة له .
برغم المعلومات القيمة إلا أنه لم يبدِ اهتمامه وهذا أثار حنقها وجنونها وصممت أن تحضر معه .
قاد شاردًا ثم تحدث بنبرة محذرة تحمل وعيدًا :
- إياكِ مارتينا ، إياكِ ومحاولة إيذاء أيًا من معجباتي ، كوني متزنة ولا تثيرين غضبي .
ضحكت والتفتت تتمعن النظر فيه وتجيبه :
- قل لهن أن تلتزمن أماكنهن ونظراتهن نحوك ثائر ، أنا فقط أحافظ على ما هو عائدٌ لي .
أعتاد ألا يظهر مكنونه ولكنها سعت لترى وجهًا آخرًا له لذا توقف جانبًا يباغتها بنظرة بثت الخوف في أوصالها واستطرد :
- قلت لكِ من قبل أنا لست عائدًا لأحد ، أنا لم أنسَ ما فعلتيه في إلوا ولن أنساه لذا احذري تكرارها مارتينا وإلا أقسم سترين مني وجهًا سيجعلكِ تكرهينني حقًا .
صمتت لثوانٍ تطالعه بصدمة ثم ابتسمت تداري خوفها وأردفت وهي تبعد أنظارها عنه :
- تبالغ كثيرًا حبيبي ، اطمئن أنا لست قاتلة ، كانت مجرد مزحة ولن أكررها .
دقائق ووصل إلى وجهته فترجل وتبعته ليجد الحفل قد بدأ .
مجموعة من الكتاب والكاتبات المشهورين وبضع أفراد من الصحافة التي أتت لتبث أخبارهم الأدبية .
استقبله مدير الدار المسن بحبور ومد يده يبادله السلام مردفًا :
- أهلًا بك عزيزي ثائر ، كيف حالك ؟
ابتسم ثائر وأجابه بود :
- أنا بخير سيد ألفريد ، أنت كيف حالك ؟
- بخير .
نطقها الرجل ثم نظر إلى مارتينا التي تعلقت في ذراع ثائر وابتسم لها يردف :
- مارتينا ارتوا الجميلة ، سعدت بحضورك الحفل .
ابتسمت له بتباهٍ ثم أفسح لهما المجال ودلفا واتجه ثائر يقف أمام طاولة وتجاوره مارتينا تلتفت حولها وتنظر للوجوه بترقب ، تحاول اكتشاف نظرات إعجاب في عيون من حوله وكأن تهديد ثائر لم يؤثر بها ولكنها أصيبت بالغيظ حينما رأت الكثيرات ينظرن نحوه بإعجاب وأخريات اتجهن ليرحبن به .
حاولت منع نفسها من الغضب وسعت لتهدئة نفسها فهي تعلم أنه شخصية مشهورة في المجتمع وكتاباته حازت على إعجاب الجميع لذا تنفست بقوة ثم حاولت البحث عن شيء تنشغل به فوقعت عينيها على توماس .
نظرته وابتسامته لها جعلاها بالفعل تنشغل به ، بل أنها شحب لونها حينما رفع كأس مشروبه أمامها كترحيب لتدرك أنه كشف لعبتها .
توترت ولم تعد تلاحظ كلمات المعجبات إلى ثائر حتى أن إحداهن مدت له كأس مشروب وابتسمت تردف بعيون هائمة :
- نخبك سيد ثائر .
وضع يده على صدره معتذرًا يجيبها بصوتٍ رصين :
- عفوًا أنا لا أشرب .
تعجبت ولكنها أومأت وسحب يدها فجاءَهُ شابٌ يطالعه بنظرة متباهية وأردف :
- مرحبا سيد ثائر ، اسمي كريم وأنا مصري مثلك .
تعمق ثائر فيه لثوانٍ ثم ابتسم يردف بشموخ :
- أهلًا بك كريم .
ابتسم كريم بود وسعادة لحصوله على هذا اللقاء ثم أسرع يتساءل :
- شكرًا لك ، أنا أحبك كثيرًا وأحب كتاباتك ولكن أريد أن أفهم شيئًا ، أعلم أنك لم تجِب على هذا السؤال أبدًا ولكن حقًا فضولي يغلبني لذا سأسألك عن شيءٍ ٌوأنت فقط قُل نعم أو لا .
- أنا لا أحب الفضول كريم ، لذا لا تسأل .
قالها ثائر بثبات وملامح باردة ليأتي توماس من خلفه ويجاور مرتينا ويردف بعدما استمع إلى الحديث الدائر :
- ماذا تريد أن تعرف أيها المصري ؟ هل تتساءل لماذا مُنع ثائر من دخول بلاده ؟
احتارت نظرة الشاب بين توماس وثائر ليتابع الأول باستفزاز متعمد وعينيه مسلطة على عين ثائر :
- ربما كان السبب قصة حب مثلًا ، أنت تعلم أن النساء متسلطات وربما هناك إحداهن أقامت عليه الحد واستطاعت استدراجه إلى شيءٍ محظور .
لم يقابل سوى نظرات الغضب المخبأة خلف ستار من الجليد لذا ضحك بعلو وتابع وعينيه على الشاب الذي انزعجت ملامحه :
- إنها مزحة بالطبع ، ولكن كما أخبرك ثائر لا تسأل ، هذا سره الذي لا يعلمه أحد أيها الشاب وبالطبع لن يخبرك به .
أومأ الشاب وابتعد حينما شعر بالتوتر بينما التفت توماس يحدق بثائر تارة وبمارتينا تارة ويردف :
- تناسبان بعضكما كثيرًا ، لمَ لا تعودان زوجان كالسابق ؟ هل هناك من مانع ؟
توقف عند مارتينا التي توترت لذا مدت يدها تسحب كأس المشروب وتتجرعه ليبتسم لذا أردف ثائر بثقل مبطن بالتحدي ومغطى بالسخرية :
- عهدتك ذكيًا توماس ولكن يبدو أنك كبرت في السن ولم تعد صالحًا لأي شيء حتى للحب .
ضيق عينيه يطالعه لثوانٍ ثم اغتاظ وأدرك أنه يتعمد استفزازه ويتحداه بمارتينا لذا سيقبل التحدي ولهذا نظر إليها ثم سلط مقلتيه نحوه يردف بنبرة واثقة :
- لا تحكم دون أن ترى النتائج أيها الثائر ، سلام .
غادر وتركهما فتنفست مارتينا بقوة وقلقٍ في آنٍ واحد ، حضور توماس ليس بهين ، نظراته تجردها ، سلطته ليست هينة على الإطلاق وتعلم ذلك جيدًا لذا عليها توخي الحذر .
انشغل ثائر بعدها مع السيد ألفريد بالحديث عن أعمال الدار ومعهما بعض الكتّاب ووقفت مارتينا تسعى لتتجاوز ما حدث .
❈-❈-❈
استيقظ الصغيران يركضان نحو ديما التي استقبلتهما تبادلهما العناق وجاءت دينا تجلس بينهم بعدما قررت ألا تذهب إلى عملها اليوم ، جميعهم أصروا على أن يوزعوا جرعات الدفء والسعادة على قلب ديما .
وقفت منال في المطبخ تحضر لهم الحلويات وجلس داغر يشغل التلفاز على فيلم كوميدي تحبه ديما .
لم يمر سوى القليل من الوقت حتى رن هاتفه برقم بسمة فنهض نحو الشرفة يجيبها قائلًا :
- أيوة يا آنسة بسمة ؟ وصلتي ؟
- أيوة يا باش مهندس أنا قدام الورشة بتاعتك .
أردف وهو يتحرك نحو الخارج ليحضرها :
- تمام أنا نازلك حالًا .
أخبرهن بمجيئها ونزل يحضرها من جوار ورشته بينما أردفت منال بعجالة :
- قومي يا دينا بسرعة رتبي المكان .
نهضت دينا تفعل ما قالته والدتها وتجمع ألعاب الصغار لتمر دقائق ويفتح داغر الباب قائلًا لمن خلفه :
- اتفضلي يا آنسة بسمة .
اتجهت منال تستقبلها بترحاب وود وكذلك دينا ، ودودين بشكلٍ جعلها تتمنى لو أنها تنتمي لهم .
دلفت بعدها تنظر نحو ديما التي اعتدلت تبتسم لها وتومئ مرحبة فاتجهت نحوها تردف وهي تتمسك بيدها وتربت عليها :
- ألف سلامة عليكِ ، إن شاء الله تقومي بالسلامة .
أومأت لها ديما وأشارت بيدها بأن تجاورها وجلست بسمة بينهم ثم نظرت إلى داغر واستطردت :
- أنا عارفة إنها زيارة مش متوقعة بس أنا حبيت أتعرف على مامتك واخواتك .
تحمحم يردف بنبرة رجولية وهو يجلس بشموخٍ يليق به :
- لا أبدًا البيت بيتك .
تبعها قول منال الودود :
- يا حبيبتي انتِ منورانا .
ابتسمت لها بلطفٍ ثم عادت تنظر إلى ديما لثوانٍ ولم تجد كلمات تقولها في هذا الموقف حتى أنها ندمت على مجيئها ولكنها أرادت أن تتوغل ألفتهم إليها .
كانوا لطفاء يضحكون ويتعاملون بشكلٍ عفوي ، التفتت عينيها إلى داغر تطالعه وهو يتحدث مع ابن شقيقته الصغير ، نبرته وملامحه جعلتها تعلم كم هو حنون .
لا إراديًا سلطت عينيها على شفتيه لتتذكر حلمها وقبلته لها لذا أسرعت تلتفت وتنظر للجهة المقابلة لتجد منال تطالعها وتبتسم لذا غزت الدماء وجهها كأنها اكتشفت أمرها .
لم تكد أن تنطق حتى رن جرس الباب فنهض داغر واتجه يفتحه ليجد شرطيًّا يطالعه بجمود متسائلًا :
- إنت داغر الصابر ؟
تنبهت حواسه وأجابه بثبات :
- أيوة أنا ، خير ؟
أشار الشرطي برأسه يستطرد :
- هتيجي معايا ، فيه بلاغ متقدم ضدك من كمال الوراق وبيقول إنك ضربته قدام الناس كلها امبارح .
التفت ينظر لوجوههن المصدومة ليتوقف عند وجه بسمة لذا زفر بضيق وعاد ينظر للشرطي مسترسلًا بإيماءة :
- تمام يا باشا جاي معاك .
دلف يخطو نحو ديما وانحنى عليها يحتضن وجهها قائلًا بتأكيد :
- ماتخافيش ، ساعتين وراجع وبردو هطلقك منه .
قالها واعتدل ينظر إلى بسمة بصمت ثم التفت يحدق بوالدته ويردف بتوصية :
- خدي بالك من ديما يا ماما وأنا هشوف فيه إيه وارجع علطول .
تحرك يغادر تحت أنظارهن وتوسلات منال للشرطي التي لحقت به ولكن داغر منعها يغلق الباب خلفه حتى لا تلحق به إحداهن
وقفت خلف الباب تنتحب وتردف بقهر وتجاورها دينا تُهدئها وتربت عليها :
- منك لله يا كمال ربنا ينتقم منك .
نهضت بسمة تطالعهن بحيرة وتعجب فالصغيران يبكيان في حضن والدتهما لذا نظرت إلى دينا الغاضبة واتجهت تسألها بترقب :
- إيه اللي حصل يا دينا ؟ يمكن أقدر أساعد ؟
زفرت دينا بغيظ وأردفت موضحة :
- جوز ديما أختي اتجوز عليها فجأة وداغر ضربه لأنه يستاهل الضرب واتسببلها في صدمة عصبية خليتها مش عارفة تتكلم ، بس اهو راح بلغ عنه .
تملكها الغضب من ذاك الشخص ووقفت حائرة بينهن ليعاود جرس الباب الرنين فمدت منال يدها تفتحه لتجد أمامها كمال يطالعها بغلظة ويردف بهيمنة قاسية :
- أنا عايز ولادي .
باغتته بنظرة كارهة وكادت أن تغلق الباب ولكنه منعها يقتحم المنزل عنوةً ويطالعهن بتعالٍ خاصةً حينما لمح داغر يغادر مع الشرطي وقد كان ينتظر هذا .
سلط أنظاره نحو ديما التي تحاملت بصعوبة تنهض حتى أنها استندت على بسمة التي تجاورها لتواجهه فأبعد أنظاره عنها وثبتهما على صغيريه يردف :
- يالا يا مالك هات أختك وتعالى .
التصق الصغيران بديما يهزان رأسيهما خوفًا من أخذه لهما لتردف منال بصياح :
- امشي من هنا يا كمال بدل ما اتصل على القسم ، جاي تتشطر على ستات ؟
التفت يباغتها بنظرة منتشية ويومئ باستفزاز :
- أيوة جاي اتشطر على ستات ، ابعدي عن سكتي بقى .
اتجه لينزع صغيريه من عناق ديما التي باتت تنتفض وتمنعه من لمسهما وودت لو تصرخ بكل ما أوتيت من قهر لتتجه دينا تبعده عنها وتحاول دفعه صارخةً به ولكنه لم يتزحزح فأسرعت بسمة ترفع هاتفها وتبتعد قليلًا لتهاتف النجدة بعدما رأت ما يحاول فعله حيث وقف بين منال ودينا وديما يحاول نزع الصغيرين منها .
كانت قوتهن واهنة أمام قوته ، خاصة ديما المحملة بالغضب والقهر والكتمان .
وحينما كاد أن ينجح في سحبهما تفاجأ بصفعة قوية نزلت على وجنته جمدته مكانه جاحظًا ولم يستوعب أنها فعلتها ، صفعته بعدما حاولت أن تصرخ ولم يُسعفها لسانها ، صفعته كما تمنت دومًا أن تفعلها وبرغم رؤيتها للجحيم في عينيه إلا أنها ابتسمت متباهيةً بما فعلته ثم ارتدت على الأريكة كأن جُل ما بها من طاقة قد نفذ في صفعة .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية