-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 11 - 3 - الثلاثاء 10/12/2024

 

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الحادي عشر

3

تم النشر الثلاثاء

10/12/2024





بعد عدة أيام  . 


جلست مقوسة الظهر تضع الطلاء على أظافر قدميها وتلوك العلكة بين فكيها مدندنة كلمات أغنية شعبية بينما يقف يعد له فنجانًا من القهوة ويطالعها من بعيد بنظراتٍ متفرصة حيث سلبت أفكاره وفاقت توقعاته بأفعالها الجريئة  . 


انتهت من طلاء أظافرها لذا رفعت رأسها تطالعه وتردف بنبرة عالية  : 


- اعملي واحد قهوة معاك يا كمولتي  . 


تحمحم يومئ لها ثم صب قهوته وعاد يحضر قهوتها بطاعة كأنها تتمسك بزمام أموره بين أصابعها  . 


اتجه إليها بعد دقيقتين يحمل الفنجانين وجلس أمامها يحدق بها وهي تنفخ الهواء في أظافرها ثم تعرضهما عليه متسائلة بميوعة  : 


- إيه رأيك يا كمولتي في اللون ده  ؟  عجبك  ؟ 


نظر نحو اللون وأردف مؤخوذًا بها  : 


- تحفة عليكي  ،  كل حاجة فيكِ جميلة يا زينة  ،  تفتحي النفس على الحياة  . 


ابتسمت واقتربت منه تتعلق برقبته حتى باتت أمام شفتيه تردف بنبرة متحشرجة وأنفاسها تتسارع  : 


- إنت لسة شوفت حاجة  ؟  دانا هعوضك عن كل يوم حزن شوفته  ،  هخليك تنسى خالص السنين اللي فاتت دي  . 


وضعت شفتيها على خاصته تقبله قبلة جريئة اندفاعية حتى أنها ناولته العلكة بلسانها لتصبح في فمه وابتعدت تضحك بفجور ثم استلت فنجانها ترتشف منه رشفة قهوة مردفة بمكر  : 


- القهوة مع البوس بتظبط المزاج  ،  ولا إيه رأيك  ؟ 


أومأ لاهثًا يؤكد على حديثها ويستطرد وهو يلتصق بها ويده تسري على جسدها  : 


- حصل  . 


أبعدت يده عنها وباغتته بنظرة محذرة وكأنها الآمرة الناهية في أي تواصل جسدي تردف بتحذير  : 


- اصبر لما نشرب القهوة  ،  وبعدين أنا عايزة أكلمك في موضوع  . 


لم يصبر بل بات يتعمق أكثر وتساءل متلهفًا  : 


- موضوع إيه  ؟  قولي كل اللي إنتِ عايزاه وهنفذه  . 


تجلى النصر على ملامحها وهي تعاود إبعاده عنها وتردف بنبرة باردة  : 


- هتفضل معلق بنت الصابر كدة كتير ولا إيه  ؟ 


ابتعد عنها حينما استمرت في صده وأمعن النظر فيها يتساءل بترقب  : 


- إنتِ عايزة إيه يا زينة  ؟ 


- إنت اللي عايز إيه  ؟  مش بعتولك رسالة تطلقها وقالوا إنها مش هترجع  ،  مستني إيه يا كمال  ؟ 


نطقتها بنبرة حادة فزفر بضيق ثم حاول مراوغتها متعللًا  : 


- واطلقها بقى ويقولوا عليا إني اتجوزت عليها وطلقتها ورميت عيالي زي ما بيتقال على ابوها  ؟  أنا مش عايز يتقال عني كدة يا زينة  . 


لم تسرِ مراوغته عليها ولم يستطع خداعها بأسبابه لذا هدرت بصياح وهي تنهض  : 


- ماتلفش وتدور عليا يا كمال  ،  عيال مين يا حبيبي إللي مافكرت تبعتلهم جنيه من يوم اللي حصل  ،  العيال دول آخر اهتمامك بس يبقى يوم مش فايت لو طلعت لسة عايزها على زمتك  ،  ولا لتكون بتحبها  ؟ 


وضعته أمام مرآته حيث أنه لم يهتم بأطفاله قيد أنملة ولكنه برغم ذلك لا يرغب في تحريرها ولا يستطيع شرح أسبابه إلى زينة لذا نهض يتحلى بجرأة كاذبة ويصيح مقابلها  : 


- اللا مالك يا زينة فيه إيه  ؟  وصوتك بيعلى ليه  ؟  اهدي كدة ومالكيش دعوة بموضوع ديما ده علشان أنا في دماغي حاجة كدة ناوي اعملها  . 


جحظت تردف بجنون تلبسها  : 


- من هنا ورايح ماتنطقش اسمها قدامي وإلا ورحمة أبويا يا كمال ما هتقرب مني تاني  . 


ها هي تهدده بما لا يستطيع عليه صبرًا لذا تراجع عن جرأته وعاد تدريجيًا للاسترخاء يقترب منها ويسعى لنيل رضاها ويده تسعى لإثارتها مردفًا  : 


- يابت اهدي بقى  ؟  معقول بتغيري من اسمها  ؟  هطلقها بس أنا عايز اذلها شوية بحق اللي وريتهولي طول السنين اللي فاتت ،  دانا ماكنتش عايش ولا كنت متجوز ست  . 


تراقص المكر في عينيها وقد أتقنت دور الاستجابة معه لتزفر بقوة ثم تجيبه بنبرتها اللعوب  : 


- أيوا مهو واضح أهو  ،  بتزعّل اللي حبيتك بجد واللي مستعدة تعمل علشانك أي حاجة لكن إنت محدش ياخويا عارفلك راس من رجلين  . 


سحبها بقوة نحو الأريكة يردف برغبة مستفحلة  : 


- هقولك فين راسي وفين رجليا  . 


❈-❈-❈


بعد أسبوع  .


استعادت ديما عافيتها واستطاعت النطق ولكن التعلثم مازال يلازمها ولكنها سعت لتسترد صحتها حتى تنفذ قرارها والذي شجعها عليه أسرتها  . 


وبالفعل عادت إلى المنزل بصحبة داغر بعد نهارٍ مزدحم حيث تم رفع دعوة خلع على المدعو كمال والذي ساعدها في رفعها المحامي وليد محفوظ التابع لبسمة التي قررت دعمها منذ أن رأتها  


لم يقبل داغر بأي شكلٍ من الأشكال أن يكون الدعم ماديًا ولكنه قبل الدعم المعنوي والاجتماعي خاصة وأنه منذ اليوم الأول له في المصنع حاول بكل طاقته بذل جهده في العمل المكلف به ونجح في ذلك بمهارة لاحظتها وجعلتها تثق به أكثر   . 


❈-❈-❈

ليلًا 


وصلت بسمة منزلها وصعدت غرفتها ثم خلعت ثيابها وتوجهت نحو الحمام لتخرج بعد دقائق ترتدي بيجامة نومها وتجفف وجهها بالمنشفة وما إن أبعدتها حتى تفاجأت ب ماجد يجلس على الأريكة يتصفح هاتفه وينتظرها  . 


تجمدت تطالعه بتعجب  ،  للمرة الأولى يقتحم غرفتها دون إذنٍ لذا تساءلت بضيق جلي حينما رفع نظره لها يبتسم  : 


- إنت إزاي تدخل أوضتي من غير ما تستأذن  ؟ 


أصابته الدهشة من أسلوبها الحاد معه ونهض يتجه نحوها ويوضح بعتب  : 


- فيه إيه يا بسمة هو أنا حد غريب  ؟  وبعدين على فكرة أنا خبطت بس إنتِ كنتِ جوة ماسمعتيش وشوفتك وإنتِ راجعة قلت آجي أتكلم معاكي شوية  . 


لم تهدأ ولم تعجبها نبرته وأسلوبه لذا زفرت واسترسلت بنزق  : 


- بص يا ماجد أنا بعتبرك أخويا اه وبحب أتكلم معاك بس فيه حقيقة ياريت مانغفلش عنها وهي إن أنا بنت عمك ومايصحش تدخل أوضتي أبدًا غير لما أسمحلك  . 


سافر بعينيه عبر ملامحها فتجهمت أكثر ولفت وجهها عنه ليجيبها بنبرة لينة  : 


- تمام خلاص أوعدك مش هتتكرر  ،  أنا بس كنت جاي أتكلم معاكي في موضوع مهم عن المصنع  . 


تنهدت بقوة لتهدئ نفسها ثم طالعته تتساءل بترقب  : 


- خير يا ماجد ماله المصنع  ؟ 


وضع كفيه في جيبي سرواله واستطرد وهو يهز كتفيه  : 


- تضمني منين إن العمال الجداد دول هيفهموا الشغل كويس  ؟  مش على الأقل يبقى معاهم مهندس فاهم نظام الشغل من سنين بدل المهندس الجديد ده اللي شكله مش فاهم أي حاجة  ؟ 


حدقت في مقلتيه باستنكار وتساءلت  : 


- إنت شوفت منه إيه علشان تحكم كدة ده هو لسة يا دوب بقالو أسبوع واحد بس وأنا شايفة إن الشغل ماشي كويس جدًا  . 


لا يعلم كيف يقنعها بإعادة المهندس السابق إلى عمله والعفو عنه ليحاول استكمال حديثه ولكنها وقفت ثابتة تكمل مقاطعة كلماته  : 


- اسمعني يا ماجد علشان نبقى واضحين  ،  أنا برتاح معاك في الكلام علشان بحس إنك بتفهم وجهة نظري هنا عن أي حد تاني إنما لو اسلوبك هيتغير معايا وهتبدأ تشكك في إدارتي صدقني يبقى مافيش داعي نتجادل  ،  العمال شايفين شغلهم والمهندس الجديد صارم جدا في شغله وده اللي أنا عايزاه ولو حسيت بأي تهاون ماتقلقش أنا هعرف أتصرف وكدة كدة المصنع بقى مسؤوليتي وإنت واونكل عليكوا الشركة  .


أسرع يستدرك الأمر قبل أن يخسر معاهدة الصداقة بينهما لذا رفع كفه يشير ويردف  :


- تمام روقي  ، أنا بس بحاول أقوم بدوري كأخ وصديق وقلت كدة من خوفي مش أكتر إنما أنا واثق فيكي جدًا وفي قدرتك على إدارة المصنع  ، ياريت ماتزعليش من كلامي  .


زفرت بقوة ثم طالعته تومئ مرارًا واسترسلت  :


- تمام حصل خير  .


تفاجأت بيده تقترب من وجنتها قاصدًا احتضانها فابتعدت خطوة للخلف تباغته بنظرة تحذيرية فزفر بإحباط وأنزل يده يردف بضجر ماكر وابتسامة :


- أوف عليكي يا بسمة  ،  بقيتي أوفر  . 


تركها وتحرك يخطو نحو الباب وقد اختفت ابتسامته وظهر وجهه الحقيقي وتجهمه الواضح ليختفي سريعًا متجهًا إلى غرفته  . 


أما هي تنفست بقوة والتفتت تنظر لأثره بقلق ثم اتجهت نحو الباب توصده جيدًا عليها  .


❈-❈-❈


أما ليلًا فقد عاد ثائر  مع ابنه الذي يسعى ليأمنه من شرور أعدائه ويعلم أن مكوثه عند جده هو أفضل قرار لحمايته في هذا الوقت . 


كان يتحدث عبر الهاتف مع مارتينا التي تخبره بأنها قادمة إليه وبرغم أنه أخبرها ألا تأتي إلا أنها لم ترضخ كالمعتاد خاصةً وهي لم تره عندما أعاد معاذ حيث كانت تستحم آنذاك  . 


أغلق معها يزفر بضيق وتحرك يفتح باب منزله ودلف وأغلق الباب ولكنه منذ اللحظة الأولى شعر بأنفاسٍ من حوله فأدرك أنه ليس وحيدًا  . 


يعلم أنه مراقب منذ أيام ولكن ما لم يتوقعه أن يتم مداهمة منزله!  


وقف مكانه يحاول تحديد مكان اللص من خلال أنفاسه حيث أن الأنوار مغلقة وهذا ما يريده لذا تساءل بنبرة هادئة  : 


- من هناك  ؟ 


سمع خطوات سريعة وكأن اللص يخشى انكشاف أمره لذا تتبعها سريعًا قبل أن يهرب وبحركة متقنة استطاع الإمساك به وتقييد ذراعيه أولًا وهس بغضبٍ عاصف حينما أحكم قبضته عليه  : 


- من أنت  ؟  ولِمَ دخلت بيتي  ؟  تكلّم  . 


لم يجبه الآخر ولكنه بات يحاول تخليص نفسه من قبضة ثائر الذي كان يسبقه بخطوة وتحرك به لينير الإضاءة ويرى وجهه ولكن تنبهت حواسه لوجود شخصٍ ثالث وقبل أن يحاول استيعاب الأمر اخترق سكينًا ضلعه الأيمن فتأوه وتهاوت قبضته ليُفلت اللص ويسرع في مغادرة المنزل هو وشريكه قبل أن ينكشف أمرهما  . 


تركوه ينزف ويئن...... تحرك ببطئ نحو مفتاح الإضاءة يشعله لتضح الرؤية وينظر نحو ضلعه يحاول السيطرة على نزيفه ولكن الدماء اندفعت بغزاره وبشكلٍ لم يستطع استيعابه ليجد غمامة مشوشة تقتحم رؤيته وتأخذه موجة من اللا وعي ويسقط مرتطمًا بالأرض فاقدًا لوعيه وحيدًا في منزل بارد وبلدٍ أكثر برودة  . 



❈-❈-❈


لستُ عرابة ولا ساحرة ولكن المصاب كان ابني  . 


انتفضت علياء من نومها حينما شعرت بوخزة في قلبها لتنظر أمامها بجحوظ مردفة بلهفة  : 


- ابني  ،  ثائر  . 


استيقظ أمجد على صوتها ونهض ثم انحنى يشعل الإضاءة ويطالعها بتعجب ويديه امتدتا تحاوطان جسدها متسائلًا بقلق  : 


- مالك يا علياء فيه إيه  ؟ 


التفتت تنظر له بصدمة وتردف مترجية  : 


- كلملي ابني يا أمجد  ،  كلملي ثائر  ،  ثائر فيه حاجة  . 


ملس بيده على ظهرها يطمئنها بهدوء ظاهري  : 


- اهدي بس يا حبيبتي ده كابوس  ،  استغفري ربنا وماتقلقيش ثائر إن شاء الله كويس  . 


حاولت أن تهدأ بالفعل وتعمقت فيه عينيه فأومأ لها يكرر كلماته ويده تسبح على ظهرها تهدهدها  : 


- مش أحنا كلمناه لسة قبل ماننام وكان مع معاذ  ؟  ماتقلقيش هو كويس  . 


حاولت سحب أنفاسها ورفعت كفها تملس على صدرها لتهدأ والتفتت تنظر في الساعة لتجدها قد تجاوزت الثانية صباحًا لذا عادت تزفر علّ الضيق الذي يحاوط صدرها ينقشع واسترسل أمجد بروّية  : 


- تعالي نامي في حضني  ،  الصبح هرنلك عليه تكلميه وتطمني بس إنتِ عارفة إن ثائر لو كلمناه دلوقتي مش هيرد  . 


أومأت بتفهم ومالت نحوه فعانقها وعاد لنومه معها وباتت يده تسير على طول ظهرها بحنان فحاولت نزع الأفكار السيئة من عقلها ودعت ربها أن يسلمه من أي أذى وحاولت النوم تاركة أمجد ينظر للبعيد ويفكر  ،  هل حدث شيئًا سيّئًا مع ابنه حقًا  ؟! 



❈-❈-❈


جلست ليلًا في فراشها تتنهد بارتياح  ،  ستعيد ترميم نفسها من جديد  ،  ستصلح ما فسد  . 


ستكتب بحرية ودون خوفٍ منه  ،  والأكثر شغفًا بالنسبة لها أنها ستكتب قصتها بثوبٍ مختلف  . 


تتشابك خيوط الأحداث في عقلها لذا تحمست واستلت من جوارها كتاب بحر ثائر تفتحه من حيث توقفت  تعيد قراءة نصائحه التي دونها للقارئ  ..  أو لها فهي تشعر أن جُل رسائله مبعوثةً لها  . 


قرأت بعينيها الكلمات ولسان عقلها يردد  : 


( خمس نصائح من ثائر 

إذا شعرت أن ظهرك محمل بالهموم فاسجد 

وإذا كنت من حاملي المسؤولية فلا تحني ظهرك  

وإن جاءتك وردة من سفيه فلا تفرح  

وإن شعرت بالغدر يحوم حولك فابتعد 

وإن كنت تخطو بين أعدائك فابتسم )  


ابتسمت وتنهدت بعمقٍ وراحة ثم نظرت أمامها بملامح منفرجة وعينين تمتلآن بالأمل لتصبح مثل شرنقةٍ دخلتها حزينة وستخرج منها حرة بأجنحة والآن ستنهض لتصلي و... تسجد  .


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة