رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 12 - 3 - السبت 14/12/2024
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الثاني عشر
3
تم النشر السبت
14/12/2024
لم تستطع التخلص من الحمل ، لم تستطع إجهاض هذا الجنين خاصة بعدما هاتف دياب شقيقها ليأتي إليها ولم يقبل بل أنه هاتفها يهددها أن تبعد عنه بشكلٍ قاطع وألا تسعى للتواصل معه ظنًا منه أنها من طلبت من دياب مهاتفته .
لتقرر بعدها الاحتفاظ بالحمل عله يكون معينًا لها لذا أخبرت يسرا ودياب أنها تزوجت بتوماس زواجًا مدنيًا حينما سافرت فرنسا لتدرس ولهذا تبرأ منها شقيقها ووالدتها قبل أن تتوفى .
وبرغم ضيق دياب مما فعلته بحق دينها وعائلتها ونفسها وبرغم انزعاج يسرا أيضًا إلا أنها لم تستطع سوى أن تمد لها يد العون وترعاها طوال فترة حملها وبالفعل بدأت تهتم بها وبأدويتها وطعامها وترى الجنين يكبر أمامها يومًا بعد يومٍ حتى أنها تذهب معها لزيارة الطبيب كل أسبوعين .
دلف دياب منزله ينادي على زوجته فلم تجبه لذا زفر بضيق وتيقن أنها عند رحمة لذا تحرك نحو شقتها وطرق الباب وابتعد يقف عند باب شقته لتفتح زوجته وتطالعه بتفاجؤ وابتسامة قائلة :
- دياب جيت إمتى ؟
نظر لها بضيق وأردف :
- مستنيكي جوة .
أومأت له وعادت تودع رحمة ثم تحركت نحو شقتها لتجده يجلس ينتظرها فدلفت تتجه نحوه وجلست متسائلة بقلقٍ :
- فيه إيه يا دياب مالك ؟
حدجها بنظرة حادة وتساءل :
- هو أنا كل يوم هرجع ألاقيكي عند الجيران ؟ إنتِ مالك ومالها يا يسرا ؟ الوضع كدة زاد عن حده وأظن إننا عملنا اللي علينا وزيادة بس بلاش القرب ده ، أنا من الآخر مش بثق في البنت دي .
زفرت بقوة ثم مدت يدها تمسك بكفيه بحنانٍ وأجابته بنبرة لينة :
- تمام يا حبيبي أنا فاهمة وجهة نظرك كويس وعارفة إنها غلطانة طبعًا وعملت حاجة ماينفعش تتعمل أبدًا بس هي ندمت على كل ده ، هي نفسها تبدأ صفحة جديدة مع البيبي اللي جاي ، وبعدين أنا بس بحاول أساعدها الفترة دي لإنها تعبانة جدًا وحملها معرض للخطر في أي وقت .
زفر بضيق فهو اعتاد ألا يرفض لها طلبًا ولكن الأمر لا يروق له لذا أردف موضحًا :
- يا يسرا افهمي ، دي خانت ثقة أهلها واتجوزت واحد مش من دينها وفي الآخر رماها وبلغ عنها في المطار علشان تتبهدل ، عايزاني أثق بسهولة في واحدة زي دي إزاي ؟ نساعدها تمام ماعنديش مشكلة بس مش نقرب منها بالشكل الأوفر ده .
تعلم أنه محق ولكن قلبها قد تعلق بشيء تمتلكه رحمة ولا تمتلكه هي لذا تنهدت تتساءل بترقب :
- طيب إيه اللي يريحك .
نهض يقسو قليلًا ولكنه لا يريدها أن تتألم لذا أجابها بنبرة ثاقبة :
- اللي يريحني إنك تاخدي حذرك كويس منها وأوعي تحكيلها عن حاجة خاصة بينا ، وتقلي تمامًا من مرواحك عندها .
تحرك للداخل وتركها شاردة في حديثه ، يحذرها مما فعله هو ، كلما سردت لها رحمة قصتها مع توماس الذي أوهمها بالعشق سردت لها في المقابل عشق زوجها وكيف يكون العشق حقيقيًا .
دب الخوف قلبها من الفكرة التي لن تستطيع تحملها بأي شكلٍ كان لذا نفضت رأسها تهمس لنفسها :
- لا مستحيل اللي بتفكري فيه ده ، بلاش توهمي نفسك بحاجات زي دي .
زفرت بقوة ونهضت لتتبع زوجها وهي على يقين أنه محق لذا ستحاول منع نفسها عنها شيئًا فشيئًا
❈-❈-❈
أثبت تفانيه في عمله في المصنع ، وقد نال الحب والاحترام ممن حوله ، ثلاثة أشهر لم يروا منه سوى الثقة والجدية .
لتكن هذه أسبابًا دفعت بسمة كي تقترب منه أكثر خاصة بعدما باتت صديقة ديما ومقربة منها ومن أسرته .
لذا فقد باتت تتواجد في المصنع بشكلٍ كثيف وتباشر بنفسها العمل ومراقبة العمال .
هذا الأمر لم يرُق إلى ماجد وبالطبع إلى عمها وزوجته الذي وصل غضبه لذروته لذا أقنعه ابنه أنه سيجد حلًا في أقرب وقت .
وصل أمام المصنع وصف سيارته يترجل ويتجه نحو الداخل ليراها ويتحدث معها ، خطى نحو مكتبها باحثًا عنها ولكنه لم يجدها لذا سأل أحد العمال عنها فأخبره أنها تتناول وجبتها في الاستراحة مع المهندس داغر .
لم يعجبه هذا الأمر إطلاقًا لذا تجلى الضيق على ملامحه واتجه ليراها بخطواتٍ اندفاعية حتى وصل إلى مكانهما ليجدها تجلس على طاولة جانبية تتحدث وتضحك مع داغر الذي يتناول طعامه .
تكونت داخله الحمم واندفع إليها يباغت داغر بنظرات بعيدة المدى وحادة ثم لف نظره نحوها يتحدث بانزعاج محاولًا رسم الهدوء :
- ممكن نتكلم ؟
رفعت نظرها نحو تطالعه بتعجب ثم تحمحمت وتساءلت :
- فيه إيه يا ماجد ؟
لم يستطع منع نفسه من قول ما يعتليه لذا استطرد :
- فيه كتير أوي يا بسمة ، تصرفاتك الفترة الأخيرة بقت مزعجة .
التفت نحو داغر واسترسل بنظرات حارقة :
- وانت بتعمل إيه هنا ؟ سايب شغلك وقاعد تهزر ؟
استيقظ الغضب داخل جسد داغر لتسرع بسمة في الوقوف أمام ماجد لتواجهه وتتكتف مردفة :
- إحنا في استراحة يا ماجد لمدة نص ساعة ، وخلي كلامك معايا هنا لأنك ماتعرفش طبيعة شغل الباش مهندس داغر ماشية إزاي .
نهض داغر يطالعه بغضب ولم يعتد كبت ما بداخله لذا أردف بنبرة ثاقبة وواثقة :
- معلش يا آنسة بسمة بس الأستاذ ماجد داخل دخلة غلط ، ولو هو مش ملاحظ الفرق في الشغل والإنتاج من وقت ما أنا مسكت وظيفتي يبقى كدة معناه إن مش أنا اللي سايب شغلي .
اغتاظ ماجد واتسعت عيناه يستنكر ما يقوله هذا النكرة ووجه استنكاره إلى بسمة يستطرد :
- عاجبك كدة ؟
انزعجت ونظرت حولها تترقب نظرات العمال البعيدة نسبيًا لذا زفرت والتفتت تنظر نحو داغر تردف برجاء :
- داغر لو سمحت أقعد كمل أكلك وخليني أنا أتكلم مع ماجد .
التفتت تسترسل وهي تشير إلى الآخر :
- اتفضل يا ماجد نتكلم في مكتبي .
تحركت واضطر داغر ألا يرفض رجاءها خاصةً وأنها شاركته قسوة عمها وزوجته وبدأ ينتابه الشك والقلق حيال ذلك الماجد الخبيث من وجهة نظره .
تبعها الآخر وقبل أن يتحرك أطلق نظرة حاقدة نحو داغر الذي بادله النظرات وهو يعاود الجلوس بملامح باردة استفزت ماجد أكثر .
وصلت مكتبها ودلفت وخلفها ماجد يصفع الباب ويردف بغيظ :
- الموضوع كدة زاد عن حده يا بسمة ، سبتي الشركة وطول الوقت قاعدة هنا وواضح كدة إن اللي اسمه داغر ده عرف يوقعك ، معقول بسمة الراوي تقعد في الاستراحة مع عامل زي ده ؟
تكتفت تطالعه بصمت ولم تتفوه بكلمة بل تنتظره أن يفكر ويستعيد ما قاله لها لذا زفر بعد ثوانٍ والتفت يسحب الهدوء من حوله ثم عاد يحدق بها مسترسلًا بنبرة أقل حدة :
- بسمة لو سمحتِ اللي بيحصل ده مش صح ، أنا مابقتش قادر أدافع عنك قدام بابا لإن فعلًا تصرفاتك بقت غريبة ، يعني إيه واحد زي ده يقف كدة ويرد عليا كإن هو صاحب المصنع ؟ وطبعًا هو أخد الثقة والجرأة دي من معاملتك معاه ومع عيلته .
تساءلت بهدوء ملغم :
- إنت عايز إيه يا ماجد ؟ إيه اللي يضايق في علاقتي بداغر وعيلته ؟ الشغل تمام والمصنع إنتاجه بيزيد يوم عن يوم والأزمة اللي اتعرضنا ليها من كام شهر اتحلت بفضل ربنا ثم بوجود فريق عمل على رأسهم المهندس داغر ، يبقى إيه اللي مزعلكم أوي كدة من علاقتي بيه ؟
كل ما قالته صحيح وهذا تحديدًا ما يزعجهم ، يزعجهم كونها تثق في الغريب وتمده بالصلاحيات التي يمكنها أن تؤهله ليعلو على أكتافهم .
زفر بضيق وأردف مراوغًا :
- كل ده مايدكيش الحق تثقي فيه أبدًا ، ماتنسيش إنك بسمة الرواي .
دققت النظر فيه وتساءلت :
- يعني إيه ؟
- يعني سهل جدًا واحد زي ده سواء هو أو عيلته يمثلوا عليكي دور الحب علشان يوصلوا للي هما عايزينه ، لازم تاخدي بالك كويس وتعملي لنفسك جدار حماية من الناس دي وماتديهمش أكبر من حجمهم .
صمت لهنيهة حينما وجد نظراتها تتهمه بالتضليل لذا تقدم منها خطوة ورفع ذراعيه يحاوط كتفيها مسترسلًا :
- بسمة أنا خايف عليكي ، إنتِ عارفة إنك غالية عندي وبعتبرك جزء مني بس أنا ملاحظ إنك بتبعدي جدًا عني .
اتخذت خطوة للخلف تبتعد عن لمسته ثم أردفت بنظرات اتهام واضحة :
- ياريت يا ماجد تقعد مع نفسك وتفكر مين فينا اللي اتغير مع التاني ، واطمن من ناحيتي أنا أقدر أحمي نفسي كويس وأعرف أميز بين الناس اللي بتحبني بجد واللي بيستغلوني .
صُدم من حديثها وتساءل قاطبًا جبينه :
- يعني إيه با بسمة ؟ قصدك إيه بالكلام ده ؟
رفعت حاجبيها تستطرد بثقة :
- قصدي واضح يا ماجد ، قلتلك قبل كدة ياريت تحترم ذكائي .
ظل لثوانٍ يحدق بها ثم أومأ مرارًا وتحرك يغادر المكتب والمصنع بأكمله وفي نفسه توعد بأن يريها كم هي غبية أو يُري ذلك الداغر من هوه ماجد الراوي .
❈-❈-❈
ليلًا
جلست تكتب قصيدة عن حبها لوطنها وتمدح الدفء الذي يحيطه من جميع الجهات وكعادتها تقوم بنشر أي شيءٍ يمكنه تلميع اسم مصر البراق .
نشرت تدوينتها وتنفست بارتياح ، استبدلت احتياجها لحب حقيقي بحب وطنها واكتفت .
أغلقت الموقع واتجهت إلى التطبيق الذي تكتب قصتها عليه والتي ستقوم بنشرها عما قريب بعدما تعاقدت مع إحدى دور النشر وقد كان لبسمة يدًا في الوساطة للموافقة على قراءة جزء من قصتها التي نالت استحسان المدققين لذا وافقوا على النشر معهم .
أوشكت على كتابة النهاية التي قررت أن تكون مفعمة بالأمل فتخيلت نفسها بعد عشرين سنة وهي تقف في حفل تكريم ابنها الضابط مالك ، التخيل فقط جعلها تحلق فوق غيوم السعادة فما بالك بالحقيقة ؟
لأكثر من ساعتين خطّت مستقبلها مع صغيريها اللذان عوضها الله بهما فكان الابن ضابط والابنة طبيبة ، هكذا تمنت وختمت قصتها وسنوات كفاحها دون التطرق للحب ، لن تقع في مثل هذا الفخ مجددًا .
وكما قال الكاتب ثائر ذو الفقار في كتابه بحر ثائر .
( يبدو أن المحن لم تخلق عبثًا بل خلقت لتصنع العظماء )
وهكذا استدلت بمقولته في روايتها كغيرها من أقواله التي اقتبستها منه .
زفرت بارتياح حينما انتهت ، الكتابة جعلتها تُخرج كم الضغوطات التي تعرضت لها ، جعلتها تدرك أنها صاحبة القرار وأنها قوية بقدر تحملها على ما تعرضت له .
روايتها التي سردت فيها الردود التي تمنت لو فعلتها في الحقيقة ولكن يبقى بين الحقيقة والخيال جدارًا يسمى الخوف ، يشيد في الواقع ويهدم في الروايات .
لمحت إشعارًا برسالة ما من إحداهن تراسلها عبر تطبيق انستجرام لذا تفصحتها لتجد محتواها الآتي
( مرحبًا بكِ ديما ، أنا اسمي ليان من الإمارات ولكني أحب كل ما هو مصري وخاصة لو كانت كاتبة راقية ذات مشاعر عميقة تعبر عن أوجاعنا بهذا الإبداع والإتقان ، أردت أن أخبركِ أنني من أشد المعجبات بخواطركِ التي تأسرني وتترك فيّ أثرًا مفعمًا بالأمل والتفاؤل برغم الألم الساكن فيها ، كم أنتِ رائعة يا ديما )
❈-❈-❈
في صالة المصارعة
دلف ثائر يستعد لبدء جولته ولكنه وجد توماس يقف يتحدث مع خصمه بنبرة خافتة سرية ، توقف مكانه وعينيه عليهما يمرن جسده ويستعد للقتال و.... اللعب .
ابتعد توماس عن الرجل الذي تحرك داخل الحلبة والتفت ليجد ثائر أمامه لذا رسم ابتسامة خبيثة فاتجه إليه حتى توقف قبالته فتعجب توماس يتساءل :
- هل جئت تتحدث معي ؟
أومأ ثائر وانحنى يهمس بالقرب من أذنه :
- نعم توماس ، جئت أخبرك أنني سأعمل معك .
تجلى الذهول فوق ملامحه ونطق باندهاش :
- أووووووه ثائر ، لقد أدهشتني يا رجل ، هذا ما لم أتوقعه قط .
أومأ ثائر إيماءاتٍ متتالية وأردف بعيون قاتمة محذرة :
- نعم أعلم ، لذا دع فمك مغلقًا ، إياك واستفزازي توماس .
ضحك الآخر عاليًا ولم يظهر أي خوف من تهديده له بل أجابه بحقد :
- هل تقصد المعلومة الصغيرة التي قلتها اليوم للسيد ألفريد ؟
تجهمت ملامح ثائر وبلغ الغضب منه مبلغه ليسترسل توماس بهسيس شيطاني وهو ينحني عليه :
- لا تخف لن أفشي سرك مع زوجة شقيقك .
يتبع...
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية