-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 17 - 1 - الثلاثاء 31/12/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل السابع عشر

1

تم النشر الثلاثاء

31/12/2024


يعجبه عنادي


ويعجبه اكثر.. 


أن يكسر عنادي... 


يعجبه أن يكون شَعري مكبلا


ويعجبه أكثر.. 


أن يحرر خصلاتي


يعجبه أن أكون لا متوقعة


ويعجبه أكثر.. 


أن يكون الوحيد من يتوقعني... 


يعجبه ان يتحداني... 


ويعجبه أكثر... 


أن أخسر كلما تحداني....


( بقلم فيروزة  ) 


❈-❈-❈


مر أسبوع وهي تفكر 


تفكر في كل شيء والأهم صغيريها  . 


عرضه أصبح على طاولة تفاوض عقلها خاصةً بعد القضية التي رفعها المحامي عليها والتي تم تحديد الجلسة الأولى لها بعد أسبوعٍ من الآن  . 


يحاولون تكميم فمها ومنع صوتها من الانطلاق ؟  لماذا  ؟  هذه أول مظلمة تتعرض لها في بلدها التي تعشق ترابها  . 


يتهمونها بما ليس فيها وما لم تسعَ له على الإطلاق  ،  لقد ساءت الأمور كثيرًا بالقدر الذي جعلها لم تعد تحتمل  . 


ولكنها صامدة بل أنها اتخذت قرارًا لا تعلم وقعه على مستقبلها وهو ألا تتخلى عن قلمها قط  ،  لن تتوقف عن الكتابة مهما حدث  ،  لن تكتم صوت مشاعرها مهما كانت النتائج لذا كان عرض ثائر رهن تفكيرها  . 


بالرغم من رفض داغر  

بالرغم من قلق منال 

بالرغم من تأقلم حياة صغيريها 

وبالرغم من خوفها من التجربة إلا أنها تراها الآن بوضوح فرصة لن تعوض  ،  حرية فكرية وربما هذه الميزة التي تعترف بها في الدول الأوربية  . 


جلست تتحدث مع ليان عبر مكالمة صوتية تخبرها بالأمر والأخرى تشجعها على القبول والحماس في نبرتها وصل ذروته حيث قالت  : 


- لازم توافقين ديما  ،  حقيقي هذا عرض ما ينرفض،  أنا فاهمة خوفج وخصوصًا على العيال بس إنتِ قوية و قدها ،  إهي مغامرة بس تستحق انج تجربين عشانها . 


ازدردت ريقها وأردفت موضحة تسرد مخاوفها : 


- المشكلة إني خايفة  ،  حياتي هناك هتبقى عاملة ازاي وهعرف اشتغل ازاي واولادي  ؟  هعيش لوحدي إزاي  ؟  حاجات كتير أوي يا ليان شغلاني  . 


تنهدت ليان بعمق ثم شردت لثوانٍ وعادت تستطرد  : 


- زين ليش ماتسافرين بروحج الأول يا ديما !  تشوفين الوضع شلون و تظبطين أمورج وبعدين ترجعين تاخدين العيال  . 


باستنكار تام وقلبٍ منفطر أردفت  : 


- لا طبعًا  ،  أسيب ولادي ازاي مستحيل  . 


تعلم ليان مدى صعوبة الأمر لذا زفرت وعادت تسترسل بترقب  : 


- زين إنتِ عندج رقم ثائر ذو الفقار  ؟  ليش ما تكلمينه وتسألينه عن كل شي قالقج  ؟ أنا من رأيي إن هذي فرصة لا تعوض ولازم توافقين و تتركين عيالج  اهني  مع عيلتج لين ما تظبطين أمورج  ،  لفترة بسيطة يا ديما لين تشوفين الدنيا ايش صاير فيها  . 


هي ليست كليان  ،  نعم تحبها وتقربت منها كثيرًا ولكنها لا تشبهها في تبسيط الأمور  ،  لا تتخيل أبداً الابتعاد عن صغيريها  ،  لقد قضت الأيام القليلة في الشارقة بدونهما في اشتياق وقلقٍ نهش سعادتها بالنجاح فكيف تتركهما وتسافر للجهة الأخرى من العالم  ؟ 


تنهدت بعمق واسترسلت  : 


- صعب  ،  صعب جدًا عليا أعمل كدة  ، أصلا داغر رافض تمامًا وماما قلقانة جدًا  ،  أنا هكلمه وأبلغه إنه يشوف حد غيري  ،  مش هقدر للاسف  . 


- غلطانة جدًا يا ديما  ،  فكري زين واستخيري ربنا  . 


تستخير ربها  ؟  تستخير ربها  ؟ كيف لم تفكر في الأمر  ؟  


ترددت تلك الجملة على عقلها لتجد أنها الحل لذا أومأت تردف بشرود  : 


- تمام  ،  هصلي استخارة فعلًا . 


أغلقت معها ونظرت في ساعتها لتجدها الواحدة ظهرًا ،  نهضت تتجه إلى الخارج لترى والدتها تجلس مع مالك ورؤية تذاكر لهما دروسهما  . 


جلست أمامهم تتطلع نحوهم وهما شبه منتبهان مع شرح منال وبين فنية والأخرى يعانقها مالك وتقبلها رؤية  ،  يبدو أن وحدة منال تتلاشى بهما  . 


ابتسمت ديما وتنهدت براحة ثم تساءلت وهي تستند على ذراعها  : 


- بتذاكروا إيه  ؟ 


التفت الصغيران لها ثم ركضت رؤية تحمل دفترها وتعرضه عليها قائلة بحماس  : 


- بصي يا ماما أنا بعلف أقول سورة الملك  ،  تيتة علمتني أقولها  . 


انفرجت ملامح ديما وفتحت ذراعيها لصغيرتها تعانقها وتردف بسعادة  : 


- برافو يا رؤية برافو  ،  تيتة منال مافيش زيها  . 


نظرت منال نحو مالك الذي يريد التملص وبنبرة صارمة قالت  : 


- مش هتقوم غير لما تسمع يا مالك  ،  يالا ابدأ بسم الله  . 


عبس الصغير ولكنه أردف باحترام   : 


- حاضر  ،  بسم الله الرحمن الرحيم  . 


بدأ يُسمّع ما حفظه وديما تستمع له وتطالعهما بعيون ثاقبة وعقلها سافر إلى رحلةٍ لا تعلم هل تسلكها أم لا ؟ 


❈-❈-❈


في استراحة الغداء هاتفت بسمة داغر كي يتقابلا ويتناولا غدائهما ورحب كثيرًا بالأمر حيث أنه يريد رؤيتها   . 


جلست معه في مطعمٍ قريب من المصنع وقد سرد لها العرض الذي قُدم لشقيقته والذي يرفضه رفضًا قاطعًا ولكنه يلاحظ شرود شقيقته ويدرك أنها تفكر فيه خاصةً بعد قضيتها لذا قرر استشارة بسمة علها نصحته كيف يقنع شقيقته ولكنها خالفت ظنه حيث عارضته تردف بنبرة عملية  : 


- أولًا مش من حقك ترفض  ،  مش يمكن هي موافقة وبسبب رفضك ده خايفة  ؟  وبعدين دي فعلًا فرصة حلوة جدًا  ،  هنا للأسف محدش هيقَدر قلم ديما ورسالتها وهيعتبروها بتهاجم المجتمع زي ما شوفت  ،  إنما الوضع برا غير  ،  خلينا واقعيين يا داغر  ،  هسألك سؤال إنت واثق في أختك ولا لاء  . 


بملامح متحفزة أجابها بثقة تامة  : 


- واثق فيها طبعًا  ،  بس خايف عليها  . 


حاولت شرح الأمر له بروية لذا استرسلت  : 


- يا داغر هي مش رايحة تعيش في غابة  ،  وبعدين إنت سكت وصبرت على حياتها مع كمال اللي شافت منه كتير وكانت ساكنة قصاد عينك  ،  اتعرضت لضغط نفسي اتسبب إنها كانت على وشك تتجلط وكان بينك وبينها شارعين  ،  مش يمكن ربنا حب يبعتلها فرصة زي دي  ، مش يمكن تقدر تقنع شباب كتير هناك برسالتها  ؟  


زفرت بقوة وتابعت حينما لاحظت صمته واستماعه  : 


- أنا لما قرأت كتاب ديما اتأكدت إن عندها رسالة عن دينها ووطنها وعن المرأة العربية  ،  سيبها تاخد من الحياة تجارب وانت كل اللي عليك تدعمها وتشجعها ، ديما ماشاء الله عليها زكية ومن الناس اللي صوتها مسموع وأفكارها عبارة عن راحة نفسية للي قدامها  ، خليها تجرب على الأقل فترة صغيرة نجحت يبقى خير جدًا ولو ماقدرتش ترجع علطول  . 


هز رأسه رفضًا يردف بقلق ينهش فؤاده عليها برغم أنه يفكر في كلماتها  : 


- لاء يا بسمة صعب  ،  تروح تعيش هناك إزاي لواحدها هي وعيلين صغيرين  ؟ 


- طيب خلي الولاد معاكم  !  خلوها تسافر تجرب الأول وتشوف الوضع هناك هيبقى عامل إزاي  ؟ 


تعمق في عينيها لثوانٍ كأنه مشتت وحينما رفض عقله الاقتناع أردف برفضٍ  : 


-  لاء الموضوع ده مش نافع بأي شكل  ،  رسالتها توصلها وهي جنبنا هنا ومع ولادها والقضية هتكسبها إن شاء الله وهتكمل  ،  إنما سفر والكلام ده لاء  . 


صمتت تحت إصراره تميل برأسها ليومئ يحاول أن يؤكد لنفسه صحة حديثه ولكنه شرد يفكر في الأمر .


 أنهيا طعامهما بعد دقائق ونهض كلٍ منهما يتجه إلى عمله وهو ينوي مهاتفة ثائر ذو الفقار ورفض عرضه  ،  ربما سيتدخل في شؤون شقيقته البالغة والتي تكبره سنًا ولكن هذا نابعًا من خوفه عليها لذا التقط هاتفه وضغط على رقم ديما بعدما غادرت بسمة فأجابت تردف بترقب  : 


- أيوا يا داغر  ؟ 


أجابها وهو في طريقه إلى المصنع   : 


- ديما ابعتي لي رقم ثائر ذو الفقار على الواتساب  . 


تساءلت بتوجس  : 


- ليه يا داغر  ؟ 


- ابعتي بس يا ديما ماتقلقيش  ،  هتكلم معاه  . 


لا يعلم أيسايرها بهذا الحديث أم يخدعها أم حقًا سيتحدث معه عن الأمر ولكنه لن يجلس هكذا مكتوف اليدين  ، يجب إنهاء هذا الأمر واتخاذ قرار فيه  . 


أغلق معها ودلف المصنع يخطو بين العمال وقد استمع إلى رسالتها حيث أرسلت له الرقم بكل ثقة وهي تعلم أنه لن يخذلها . 


❈-❈-❈


عائدٌ من عمله وقد صف سيارته أسفل المبنى الذي يقطن به وترجل ينوي الدخول ولكنه توقف حينما استمع إلى نداء اسمه لذا التفت نحو الصوت ليجد رحمة تجلس في الحديقة المتصلة بالمبنى وتحمل بين يديها صغيرها فزفر بضيق حيث وجدها تلوح له مبتسمة فتعجب ولكنه لم يعتد تجاهل نداء أحد لذا تحرك نحوها حتى وقف أمامها يضع كفيه في جيبيه ويتساءل بجدية  : 


- خير  ؟ 


نبرته أحبطت ابتسامتها لتزفر وتحزن ملامحها وتتساءل  : 


- هو إنتوا زعلانين مني في حاجة  ؟  يسرا بعدت عني خالص وإنت بتكلمني بأسلوب قاسي أوي  ،  أنا عارفة إن انتوا اللي وقفتوا جنبي وساعدتوني وماتخليتوش عني أبدًا بس ليه أول ما ولدت بعدتوا  ؟ 


أحاد بصره عنها يستغفر سرًا حيث أنه لا يفضل الحديث هذا ولا يحبه فتابعت بنبرة حزينة وهي تنهض وتشير له بالصغير  : 


- طيب على الأقل علشان خاطر قصي  ،  مش عايز تشوفه  ؟ 


التفت ينظر له بنظرة حنونة برغم انزعاجه من أفعالها وتمالك نفسه من أخذه منها ليردف موضحًا بجدية  : 


- ده ابنك إنتِ  ،  هشوفه ليه  ؟  وعامةً ربنا يباركلك فيه  ،  بس زي ما بعدتيه عن يسرا ياريت تتعاملي معايا بنفس المبدأ   . 


استنكرت ما يقوله لذا استطردت باندفاع : 


- لا أبدًا أنا مابعدتوش عن يسرا خالص  ،  أنا بس علشان عارفة أد إيه هي متعلقة بالأطفال ونفسها فيهم قلت بلاش أضايقها و ـــــــــ  . 


رفع كفه يوقفها عن تكملة ما تبصقه من كلمات وتجلت الصرامة على ملامحه وهو يوضح بنبرة حادة  : 


- استني بس ماتعكيش في الكلام  ،  أنا ويسرا زي بعض بالضبط  ،  اللي يزعلها يزعلني واللي يفرحها يفرحني وموضوع الأطفال ده ماحدش ليه الحق يتكلم فيه معانا نهائي  ،  ممنوع منعًا باتًا تحكي في السيرة دي  ،  إنتِ واحدة كان عندها مشكلة ولجأتِ لينا وإحنا اتنين عندنا ضمير قدمنا مساعدة ومش منتظرين أي مقابل  ،  ده ابنك وحقك تخافي عليه من أي حد  ،  علشان كدة الأفضل من هنا ورايح تعطيه اهتمامك كله وتبعدي عننا  ،  عن اذنك  . 


تحرك بعدها ينزع نفسه من أمامها ويتجه نحو مدخل البناية ليتركها تقف تطالعه بملامح حزينة على وشك البكاء وقد بدأت تشعر أنها منبوذة  ،  كلماته قاسية لم تكن تتوقعها منه خاصةً وأن يسرا أخبرتها كم هو مراعٍ وحنون  . 


بكى الصغير بين يديها فاحتضنته بقوة تهدهده وقد قررت أن تتمشى في الأرجاء وتفكر في حلٍ يمكنها به نفض هذا الغبار من على عينيه تجاهها  .


الصفحة التالية