-->

رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 21 - 1 - الأحد 15/12/2024

  

قراءة رواية جبل النار كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية جبل النار

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا الخولي


الفصل الواحد والعشرون

1

تم النشر الأحد

15/12/2024


كان بكاء الطفل يمزق نياط قلبه ولا يعرف سبباً لذلك فقام بتهدئته قائلاً بحنو

_هششش خلاص أنا جانبك 

اندهش داغر عندما وجده يتشبث به ولم يهابه 

بل بدأ بكاءه يهدئ قليلًا ويندهش أكثر عندما وجده يضع رأسه على كتفه

ازدرد لعابه بصعوبة وقد شعر بسخونة جسده.

وضع يده على ظهر الصغير يثبته على صدره فتزداد ضربات قلبه المتسارعة بشعور عجيب يجتاحه لأول مرة

نادي على سائقة

_عم صالح.

أسرع إليه صالح الذي كان ينتظره بالأسفا

_خير يا ابني.

رد داغر وهو يربت على ظهر الطفل

_هو ولد ولا بنت.

دقق السائق بملامحه مما جعله يندهش من تقارب الشبه بينهم

لم يرى عينيه جيدًا من شدة بكاءه لكن الشبه واضح 

_ده ولد.

_طيب خده مني ويلا نروح بيه للمستشفى.

السائق بتردد

_بس كدة أهله هيقلقوا لو رجعوا وملقوش ابنهم.

رد داغر بعدم اهتمام 

_لو بيقلقوا مش هيسيبوه لوحده بالحالة دي.

وافق السائق وهم بأخذ الطفل لكنه تشبث بداغر أكثر ورفض صالح الذي حاول أخذه.

منعه داغر

_خلاص سيبه، امشي قدامي عرفني الطريق.

سار صالح أمامه يشرح له الطريق حتى وصلوا للدرج، كانت خطوات داغر حذرة ليس خوفاً على نفسه بل خوفاً على ذلك الصغير

نزل أولى الدرج دون أن يستند على السياج وذلك جعل نزوله أصعب بكثير 

كان يتنفس عد كل درجة ويواصل صالح إرشاده 

تعركل في نزوله وكاد أن يسقط لكن يد صالح انقذته.

ولأول مرة يسمح بأن تساعده يد أخرى لكن عليه ذلك كي يصل بالطفل للأمان.

تنفس بأريحية عندما انتهت معاناته عند آخر درجة 

خرجوا من المنزل ثم توجهوا للسيارة التي انطلقوا بها للمشفى

وطوال الطريق والطفل يتشبث بعنقه وكأنه طوق نجاة له

كانت أنفاسه المحمومة على عنق داغر تقلقه أكثر عليه مما جعله يشدد من احتضانه له حتى وصلوا للمشفى..


وقفت أسيل في الصيدلية تنتظر الدواء والذي بدأ الطبيب بالبحث عنه ثم عاد إليها بأسف

_خلص للأسف بس لو عايزاه ضروري استنى خمس دقايق بس.

ترددت أسيل لكنها وافقت مجبرة فأشار لها بالجلوس والانتظار حتى يأتي به

لم تمضي ثواني وقالت بقلق

_ارجوك بسرعة لأني سيباه وحده في البيت.

رد بتفتهم

_دقيقتين بالظبط وهيكون معاكي.

ظلت أسيل تنتظر حتى جاء الدواء وأخذته لتعود إليه مسرعة.

لم تنتبه لتلك السيارة التي مرت من جوارها ولم ترى أحد سوى الطريق الذي سيصلها لابنها.

 وصلت للمنزل فحمدت ربها عندما لم تسمع صوت بكاءه فظنت انه مازال نائمًا

أخرجت المفتاح من حقيبتها وهمت بوضعه في مكانه لكنها وجدته مفتوح

ظنت لوهلة أن أمينة قد عادت فنادتها

_دادة.

لم يجيبها أحد فانتبهت للطاولة الساقطة على الأرض فشعرت بالخوف وأخذت تنادي

_دادة أمينة.

لكن ما من مجيب

صعدت الدرج وقلبها ينبض بشدة حتى وصلت لغرفتها فوجدتها مفتوحها على مصراعيها

أخذ قلبها يهدر بعنف وتطلعت للداخل فتجد الغرفة فارغة.

رمشت بعينيها مرات متتالية وعقلها يرفض ما تفكر به.

اخذت تنادي مرة اخرى

_دادة أمينة انتي هنا؟

لكن لم يجيبها أحد 

بأرجل كالهلام اخذت تبحث في الغرف لكنها لم تجد أحد 

فتتصلب أرجلها عندما وجدت أمينة تدلف  وحيدة من الباب وهي تقول بحيرة

_مين اللي كسر الباب كدة.

لم تستوعب الصدمة وكل شيء حولها يؤكد لها بأن ابنها قد تم خطفه فسقطت أسيل مغشياً عليها 


❈-❈-❈


دلف داغر المشفى وقد غفى الطفل على صدره 


لم يستطيع استخدام عصاه وهو يحمل الطفل فترك امر الإرشاد إلى صالح حتى وصلوا للطوارئ

تقدمت منه أحد الممرضات وهي تسألهم

_خير في حاجة؟

قال داغر

_الطفل جسمه سخن أوي وجاي اسأل على دكتور أطفال 

ردت الممرضة 

_دكتورة هايدي لسة جاية من شوية اتفضلوا معايا

لم تنتبه الممرضة لإعاقة داغر إلا عندما وجدت من معه يخبره بالتحرك ويرشده للطريق

تحصرت عليه وقالت في نفسها

_يا خسارتك في العمى

دلفت غرفة هايدي وهي تقول 

_دكتورة هايدي في حالة برة بس ايه حاجة من الآخر 

ابتسمت هايدي وسألتها

_هو مين بقى، الطفل ولا ابوه.

ضحكت الممرضة 

_انا لما شفت ابوه مأخدتش بالي من أي حاجة تانية بس الحلو ميكملش كفيف.

_طيب يا ستي دخليه.


فتحت أسيل عينيها على صوت حازم الذي يحسها على الاستيقاظ 

لم تنتبه لنفسها للحظات ولا تعرف أين هي او ماذا حدث لكن ألم قلبها الذي شعرت بغصته جعلها تنتبه لنفسها ولما حدث فتمتمت بتيهة

_ابني فين؟

لم يفهموا منها شيء وقالت أمينة بقلق

_فوقي يا بنتي وفهمينا في ايه؟ وفين إياد؟

ازداد شعور الدوار عندما سمعت أمينة والتي تؤكد بأن ابنها لم يكن معهم وقد تم بالفعل اختطافه فهزت رأسها برفض وتمتمت بتيهة 

_ابني راح مني…ابني فين

نهضت أسيل بوهن وهي تتلفت حولها

_ابني رجعت ملقتهوش… ابني راح مني…اياد….


سألها حازم بحيرة

_اهدي بس وفهمينا اللي حصل.

نهضت أسيل وهي تتلفت حولها 

_إياد….رد عليا …إياد حبيبي……

أخذت تتخبط في سيرها وحازم خلفها يحاول ايقافها وفهم ما حدث

_انتي رايحة فين اهدي يا أسيل وفهمينا ايه اللي حصل.

اجابت أسيل وهي تتخبط في كل شيء حولها

_ابني مش…موجود… اتخطف….حد خطف ابني.

الفتت إلى أمينة وتمتمت بتوهان

_ابني خرجت…. اجيبله الدوا…

(هزت راسها بضياع) رجعت ملقتهوش.


اهتزت نظراتها وهي تتابع بوهن

_هاتلي ابني يا حازم …. هاتولي ابني.

تطلعت لحازم وتمتمت برجاء

_حازم….ابني ياحازم…ابني ارجوك…إلا أبني لو جراله حاجة…اموت فيها…ارجوك

تعذب حازم لرؤيتها بتلك الحالة ووقف عاجزًا لا يعرف ماذا يفعل

فلا احد يعلم بوجوده

ولن يستطيع الذهاب إلى أقسام الشرطة 

وما يقلقه اكثر أن يكون والدها قد علم بوجودهما وهو من وراء اختفاءه


تطلعت أمينة لحازم وقالت بقلق

_اتصل على هايدي تكون رجعت تاني وأخدته.

_هايدي هتاخده ازاي من غير ما تقول.

لم تستمع أسيل لحديثهم ولا شيء سوى عينين تبحث في كل مكان وقلب تزداد وتيرته بغصة مؤلمة

هل ضاع ابنها منها؟

ذلك العوض الوحيد الذي خرجت به من ذلك الزمن الغادر

هو وحده من جعلها تتشبث بالحياة بعد ما زهدتها، لا لن تتحمل فقده

إن حدث له شيء لن تستطيع العيش لحظة واحدة 

أخذت تبحث في كل انش بالمنزل ولا أمل لإيجاده

تمتمت بضياع وهي تنظر إليهم 

_ابني لقى الباب مفتوح وخرج لما ملقاش حد فينا.

ساقتها قدماها للخارج فتصادف البحر الهائج في طريقها يثور وترتفع أمواجه بشموخ وعلو

كأنه يخبر الجميع بأن واهم من فكر في مجابهة ثوراته.

لم تبحث معهم بالخارج ولم ترى شيء سوى صورة ابنها وهو يسير باكيًا على الرمال حتى وصل للبحر وخطفته أمواجه الغادرة

هزت راسها برفض 

محال

محال أن تسمح له بأخذه 

فإن أخذ طفلها فليأخذها معه فليس لها حياة بدونه.

بأقدام واهنة تقدمت منه

لم تتراجع ولم تخاف تلك الموجة العاتية التي لن ترحم من يجابهها ولا يتحدى قوتها إلا من جاء يبحث عن الموت 

اغمضت عينيها عندما وجدتها تقبل عليها مستسلمة لمصير محتم بالموت، يكفي ما عاشته من عذاب حتى الآن، وقد راح الداعم الوحيد لها

تطلعت إلى الموجة العالية التي تتقدم منها تنذرها بعدم الوقوف أمامها فالغدر من طباعها وليس بوسعها شيء

لكن كان للقدر رأي آخر وانتشلتها يد قوية وسقطت معها أرضًا فلم تستطع الموجة أن تسحبهم وهم ثابتين على أرضهم، فاستحت الموجة ان تعود إليهم.

_أنتِ مجنونة، كنتِ عايزة تموتي نفسك؟

لم تجيبه بل استسلمت لصمت مطبق ولم تنتبه ليدي أمينة التي تساندها كما تفعل دائماً 

فقط مستلقية على الأريكة تضع رأسها على ساق أمينة تهدئها بكلماتها الحانية

خرج حازم كي يبحث عنه ويتساءل 

هل حقاً كما ظنت أسيل بأن وقع في البحر لكنه لن يستطيع الوصول للباب ولا فتحه.


إذاً فقد تم اختطافه.

لكن من؟ ولما؟

هل علم والدها به وبعث من يقوم بأخذه

لم يكن أمامه سوى الاتصال بهايدي



دلف داغر المكتب وهو مازال يحمله وقال 

_السلام عليكم 

ردت هايدي بابتسامة 

_وعليكم السلام اتفضل حضرتك الكرسي على شمالك

تحسس داغر وجلس على المقعد فسألته هايدي

_خير حضرتك؟

لم يعرف داغر ماذا يقول أو بماذا يخبرها فهو حتى لا يعرف اسمه ولا والديه ولا يعرف مما يشكو ذلك الصغير 

ولا يعرف أيضاً سببًا لفعلته سوى مشاعر عجيبه حسته على المجيء به هنا

فأشار على طفله وهو يقول

_الولد جسمه سخن اوي.


نهضت هايدي قائلة

_طيب خليني اعاينه

 التفت وتقدمت من داغر كي تأخذه منه لعدم استطاعته السير جيدًا واندهشت كيف لوالدته ان تأمن عليهما.

 مدت يدها تأخذ ذلك الغافي منه وتركه داغر لها 

لكن تسمرت أرجلها عندما وجدت إياد ابن أسيل بين يديها


تطلعت لداغر الذي يجلس ثابتًا ولا يظهر أمامها بأنه خاطف.

لكن ما لفت نظرها أكثر هو مدى الشبه الذي بينهما وخاصة الأعين، وكأنها ترى صورة مصغرة له.

الصفحة التالية