-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 40 - 2 - الجمعة 13/12/2024

  

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الأربعون

2

تم النشر يوم الجمعة

13/12/2024  


عشان أقولك السبب الحقيقي اللي خلاني أخبيها في بيتي يا ماما. إنتِ كنتِ في المستشفى وهي كانت محتاجة علاج ورعاية شديدة بعد الحادثة. مكنش في مكان قدامي غير بيتنا. كانت فترة مؤقتة على ما أجهز لها الأوراق اللي هتسافر بيها والمكان اللي هيكون سكنها بعيد عنك، مش عشان سواد عيونها لا سمح الله، لأ، دا كان عشان حملها. ناريمان كانت حامل يا ماما، حامل في أخويا."


"إنت بتقول إيه؟"

انتفضت كمن لدغها عقرب، تطالعه بعينين متسعتين، وقد نثرت في قلبه الهلع، ولكنه استجمع شجاعته ليكمل الحقيقة التي يعلم أنها ستنكشف عاجلًا أو آجلًا.


"رد عليا يا رياض، حكيم خلّف من الخاينة دي كمان؟ وإنت كنت مخبيهم عليا هي وابنها؟ وجالك قلب؟"


"الخاينة ماتت يا ماما."


"نعم؟"


"بقولك الخاينة ماتت يا ماما، وسابت ابنها وحيد، وملوش في الدنيا غيرنا."

هكذا أخبرها دفعة واحدة، حتى لا يترك مجالًا للتخمينات، وليكن الله في عونها الآن.


في جهة أخرى

داخل غرفتها التي انكمشت بها بعد رجوعها إلى المنزل، واتصالها بصديقتها لتأتي وتُفرغ مكنون حزنها معها بعيدًا عن أشقائها، وعدم رغبتها في إظهار ما يؤلمها أمامهم.


حسيت نفسي غريبة وسطهم يا صفية، أنا غريبة عنهم، حتى ما عبّرنيش وأنا بمشي وأسيبهم، لدرجادي مش فارق له؟ ولا شكله استغنى عني، وأنا اللي افتكرته خلاص راجع يصالحني، ويعرف الدنيا بصفته بيا. لدرجادي كنت عبيطة، لدرجادي؟



شدّت على كفّها صفية تبث فيها الدعم والمؤازرة:


متقوليش كده يا بت، خليكي واثقة في نفسك ومتقلليش منها، عمر الطيبة ما كانت عبط، ولا الحب كان ضعف، إلا إذا كان من طرف واحد.



سمعت منها تشير على نفسها بسبابتها:


أنا الطرف الواحد يا صفية، وأنا العبيطة عشان أصدّق إنه واحد زيه ممكن يحب بجد واحدة في ظروفي. كان إعجاب وراح، ولا رغبة زي ما قالها لي من البداية.


مظنش يا بهجة.

قالتها صفية تعتدل في جلستها، لتربع ساقيها على الفراش مردفة:


عشان ابن حكيم حبه ليكي مفضوح للأعمى، هو بس فيه حتة غباء وعنترية ودماغ جزمة عايزة الدق.


دماغ جزمة عايزة الدق!

رددت بها بهجة بدهشة من خلفها، لتعود إليها الأخرى بتصميم:


أيوة زي ما بقولك كده. انتي تعيشي وتستمري في حياتك الجديدة، استغلي التغيير اللي حصل فيها، وما تبصيش وراكي ولا تخلي حاجة توقفك. هو لو يستاهل حبك هيتمسك ويعمل المستحيل، إنما لو غير كده، يبقى ما يصعبش عليكي ولاتقعدي تقطّمي في نفسك.



تمتمت بهجة بما يكتنفها في هذه اللحظة:


الكلام سهل أوي يا صفية، بس التنفيذ صعب، صعب أوي كمان.



عادت تشدّد عليها بتصميم:


أنا ومش بس أنا، إحنا كلنا في ضهرك يا بهجة، حبايبك اللي بيحبوكي هنقف معاكي عشان تفضلي قوية. الراجل ما يحبش الست الضعيفة والمجتمع كله ما بيرحمهاش، يبقى لازم نبقى أقويا وما نربطش حياتنا بشخص ممكن يستغنى في أي لحظة. مفيش راجل مضمون أبدًا في الزمن ده.



بشيء من الاستيعاب المتأخر، تمتمت بهجة تسألها:


هو أنا ليه حساكي بتوجهي الكلام لنفسك قبل ما يكون ليا؟



نفت باستنكار تام يقارب التشنّج:


لا طبعًا، إيه اللي بتقوليه ده؟ هو أنا عمري كنت ضعيفة، ولا ألتفت لراجل أصلًا. ما تركزي معايا كده، وبلاش ندخل في مواضيع تانية غير موضوعك.



رددت بهجة من خلفها بسخرية:


أنا برضو اللي بدخل في مواضيع تانية غير موضوعي الأصلي؟ آه صحيح عندك حق.



❈-❈-❈


ضمها إليه

بعدما انتهى من حديثه الشاق عليها وعليه،

لم ترفضه، بل هي من ألقت برأسها على صدره لتبكي بنشيّج هادئ يُقطع نياط قلبه، ومع ذلك يدخل في قلبه بعض الارتياح، لعلمه الأكيد أن هذا أفضل بكثير من الكبت الذي أدى بذهاب عقلها في السابق.


خلاص يا ماما، أنا آسف إني فتحت الموضوع ده قدامك، بس كنت هخبّي إزاي بس والولد جه البلد، وفي أي مكان بعد كده ممكن تقابليه.....


مش عايزة يا رياض، مش عايزة أشوفه ولا أشوف خيانة حكيم متمثلة قدامي فيه. أوعى تخليني أشوفه يا رياض أوعى.


حاضر يا ست الكل، بس الولد إيه ذنبه؟.....


مالوش ذنب يا رياض، ولا أنا بقولك اظلمه ولا تقصر في رعايته، أنا بس مش عايزة أشوفه، أرجوك يا رياض أرجوك.



توقف عن الإلحاح، يواصل فقط مهادنتها، بترديد الكلمات وتقبيل رأسها:


حاضر يا ماما، خلاص ولا يهمك. أنا مش هخليكي تشوفيه ولا تصادفيه في أي حتة، كويس كده يا ست الكل؟


كويس أوي، كويس خالص. عشان كده أحسن، كده أحسن يا رياض.



❈-❈-❈


دلف إلى داخل الحارة

بأقدام مرتعشة، يتلفت يمينًا ويسارًا وفي كل الأنحاء. الخوف يكتسح جميع أطرافه، ولكنه مجبر على التقدّم وادعاء الشجاعة في سبيل الوصول إلى وكالته، فقد نفد المال وزوجته الأخرى لا ترحمه في التقريع المباشر والكلمات القوية في تسميم البدن. اللعنة عليها! امرأة لديها جرأة وأعين مكشوفة لا تراعي ولا تعمل حسابًا لشيء سوى مصلحتها وفقط.


عم خميس.

دوى صوت المنادي باسمه، كنجدة حطّت عليه من السماء يتلقفها بلهفة، يهرول نحو صاحبه:


طلال يا بن الغالي، إزّيك يا حبيبي وإزّاي أبوك؟ عامل إيه ها؟ عامل إيه؟



رغم استغراب الأخير من مبالغته في الحديث واضطرابه الملحوظ في المصافحة، إلا أنه حاول التعامل بشكل عادي، يسحب كفه المطبق عليه بيديه الاثنتين:


كويس يا عمي، ربنا يخليك. أصل بقالك فترة مختفي يعني، ومش قاعد في وكالتك.



تلعثم في الرد عليه بكلمات غير مفهومة:


أاا ما أنااا مكنتش فاضي أااا


خلاص يا عم خميس، انت قاعد ومراتك الجديدة، دي اتعرفت في كل الحتة. مش مستاهلة لخبطة في الكلام هي.



باغته بالكلمات يفحمه بها، فلا يجد ما يسعفه في الرد عليه، ليواصل طلال:


إنت راجل حر يا عم خميس، ومحدش له حق يحاسبك. بس إيه ذنب الوكالة تفضل مقفولة اليوم كله وما تتفتح غير ع المسا بعد المغرب، بعد رجوع سمير من الشغل؟


إيه؟ مقفولة طول اليوم؟ يا ولاد المؤذية.

غمغم بها خميس بحسرة، قبل أن يردف نحو الآخر مبررًا:


طبعًا دي باب رزق، ولازم تبقى مفتوحة اليوم كله. بقولك إيه يا طلال، أنا عايزك تيجي معايا دلوقتي، نقعد نتوانس فيها.



رد طلال بابتسامة مرحة لاحت على زاوية شفتيه، وقد فهم سبب رعبه وخوفه الشديد:


وماله يا عمي، دي حتى فرصة عشان أفاتحك في موضوعي.


موضوع إيه؟


هقولك لما نوصل وأشرب معاك كوباية شاي يا عمي، تعال معايا.


ماشي ماشي يا بني، يلا بينا.



❈-❈-❈


وصل إلى الوكالة

ليقوم بفتحها متخذًا صهره المستقبلي درعًا حاميًا له.


ليدلف داخلها وهو معه يتطلع إلى أرجائها باشتياق معبرًا عنه:


ياااه، دي الوكالة كانت وحشاني أوي.



سخر طلال من خلفه، يسحب أحد المقاعد ويجلس عليها معقبًا:


ولما وحشتك كده، كان إيه اللي منعك بس يا عم خميس؟ اقعد يا راجل اقعد، خلينا نقول كلمتين، أنا كمان ورايا شغل.



انتاب خميس الذعر فور ذكره الذهاب، ليسارع في منعه:


تمشي ليه بس يا بني؟ هو انت لحقت تقعد؟ وأنا اللي قلت أتونس بيك! بقولك إيه، انت قاعد معايا النھار كلھ مش ماشي.



تبسم طلال شاعرًا بخوف خميس مخاطبًا:


النهار كله؟ طب اقعد بس نقول كلمتين الأول، وبعدها نشوف الموضوع ده.



وما كاد ينهي عبارته، حتى أجفل بدفعة قوية، وكأن إعصارًا هب، ليفاجأ الاثنان بولوج مصدر الخوف لدى خميس.


أهلااا... انت نورت يا سبع البرمبة.



انتفض على الفور يلتصق بصهره:


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم! هما بيهلوا أمتى دول؟



كبت طلال ضحكته بصعوبة ليعطي اهتمامه لتلك المرأة بهيئتها المتوحشة، وكأنها على وشك الفتك بهذا المسكين:


الصفحة التالية