-->

رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 13 - 1 - السبت 28/12/2024

  

 قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة عفاف شريف


الفصل الثالث عشر

1

تم النشر السبت

28/12/2024



أحاول لأجلك يا قلبي...

أحاول ألا أغرق.

أحاول ألا أحترق.

لأجلك يا قلبي،

سأسير مع التيار لن أعاكسه لأنجو.

لأجلك يا قلبي،

سأحاول أن أجعل الحرب بلا راء.

سأحاول أن أجعل الحب أكبر من كل الأشياء.

❈-❈-❈

في بعض اللحظات يساورنا الشك في قدرتنا على خوض بعض الأمور التي نراها حروبًا.

نسير بخطوات متعثرة خوفًا ورهبة من كل قادم، كان خيرًا أو شرًا.

ويظل السؤال دائمًا: إلى أين المفر؟

ولا يوجد مفر.


مر يومان منذ شجارهما الأخير.

لا هو تحدث، ولا هي كانت قادرة على خوض نقاش مرة أخرى.

كان كلاهما يهرب من الآخر.

هو ينشغل في عمله،

وهي تنشغل في نفسها،

تحاول لأجل نفسها ولأجله بالنيابة عنه.

يشعرها بشعور هي لا تحبه.

كان المنزل بمثابة فندق للنوم والطعام.

لا مشاركة بين اثنين.

حب،

أمان،

احتواء،

وحنان.

وعوده الكثيرة

بدأت تذهب أدراج الرياح،

كأنها لم تكن يومًا.

وهي لم تحب هذا أبدًا ولا تقبلته.

هي تريد ما تمنته وحلمت به،

لا ما تراه وتعايشه.

هو منشغل ويكافح لأجلها.

تعلم،

لكن متى لن يكافح؟

تلك سنة الحياة.

هل سيظلان هكذا دائمًا؟

ببساطة،

الأمر صعب.

تنهدت بحزن

وهي تتذكر.

لن تنسى أبدًا

سخريته من الحلوي الخاصة بها،

معلقًا بتَّهكم: "ده مش كريم كراميل، ده شوربة كريم كراميل."

"إيه يا بنتي اللي أنتِ عملاه ده؟"

لم تدري كم ظلت تناظره متعجبة من استهزائه منها.

لم يقلها ممازحًا،

كان يقولها متهكمًا.

هي تحاول لأجله،

وفي المقابل تجد سخريته بكل لحظة منها.

كان ما تقدمه له لا قيمة له.

هي تقدر، وهو لا.

لماذا؟

مرَّ الأمر وأخبرته بهدوء

أنها لا تستطيع التخلي عن لوزة،

لكن لأجله طوال فترة وجوده بالمنزل

ستضعها في الغرفة،

ولن تقربها منه أبدًا،

احترامًا له ولها.

طريقة لإرضاء جميع الأطراف.

ورغم رفضه التام،

لكن مع إصرارها صمت.

واعتبرت هي الصمت علامة الرضا،

حتى وإن كان غير ذلك.

تنهدت بهدوء وهي ترى لوزة تقترب، تجلس بجانبها،

تتقلب على ظهرها براحة مرحبةً بمداعبة ودلال من صديقتها.

ولم تخيب أملها وهي تقترب منها تدللها وتقبلها بقوة.

تحبها بشدة،

وتنتظر بفارغ الصبر أن تضع صغارها.

تضمهم أيضًا إلى صدرها.

لم تخطئ أبدًا حينما أصرت على وجود لوزة.

لا يعلم عمر شعورها وهي تكاد تحادث الحائط من شدة وحدتها.

هي وحيدة وإن أنكرت.

نعم، سارة صديقتها لا تتركها،

لكن أيضًا لديها همومها الخاصة

تثقل حياتها مهما حاولت أن تهرب، تحط فوق رأسها.

مسحت على رأس لوزة

قبل أن تقف متوجهة إلى المطبخ.

يوم جديد،

وحرب حقيقية لإعداد وجبة الغداء.

أصبحت كمن يحارب دون سلاح.

هي تحارب في حرب لا يعلم هو عنها شيئًا.

استغفرت ربها

ووقفت تنظر حولها بضيق.

عقدتها الأولى والأخيرة

تراها مهمة صعبة بل مستحيلة.

هي فاشلة، فشل البطريق في الطيران.

زمَّت شفتاها، تتطلع حولها بحيرة.

ماذا تفعل؟

سؤال تسأله لنفسها كل يوم.

جلست على المقعد الصغير بالمطبخ بحيرة

وهي تفكر.

لماذا تستسلم بتلك الطريقة؟

هي لن تستسلم.

هي لن تسمح له أن يسخر منها مرة أخرى.

ستحاول وتحاول.

ستحاول أن تنجو.

ستحاول أن تنجح.

مهما حدث، ستحاول أن تنقذ قاربها من الغرق.

ستحاول أن تحارب لأجلها ولأجله.

أليس ذلك رجلها؟

حبيبها،

وزوجها،

صديقها،

أليس هو كل ما لها؟

أخطأ؟ نعم.

وهي كذلك.

هي لن تسمح بحدوث فجوة بينهم.

يجب عليها أن تجد حلًا.

الحل أمامها

إما أن تركض هاربةً مقررة الاستسلام،

أو أن تحارب مقررة الفوز به وبنفسها.

ستحارب لأجله.

لذا، وقفت تطالع المطبخ بعينين يملؤهما العزم والإصرار.

مقررة أنها

ستتعلم الطبخ.


❈-❈-❈

"الخيارات كثيرة أمامنا، ولكننا، بكل غباء، نضع أنفسنا في جُحر الثعابين."


كانت ممدَّدة على الأريكة، رأسها يرتاح بين يدي حسناء تمسح على خصلاتها.

تحكي لها إحدى مغامراتها القديمة مع أمها.

هي لم تكن لها مربية لابنتها.

هي كانت صديقة.

غريب، لكن فعلتها ولم تشعرها يومًا بأنها مجرد خادمة أو طاهية أو حتى مربية.

كانت يدها اليمنى،

وأمًّا ثانية لابنتها سارة.

مسحت على خصلاتها وهي تضحك قائلة: "اليوم ده باباكي رجع من الشغل،

لاقانا قاعدين نعيط، وانهيار بقي.

ويعيني اتخض خضة،

وجتله صدمة لما عرف أن العياط ده كله عشان البطل مات في الفيلم، وقتها بصلنا شويه،

وبعدين دخل ورزع الباب وراه،

وامك الله يرحمها راضته وطلع يتفرج عليه. هو كمان."

ضحكت سارة وهي تمسح دمعه انسلت من شدة ضحكها وهي تردد: "بتهزري.

بابا اتفرج على فيلم رومانسي!"

أومأت لها حسناء وهي تكمل ما تفعله،

قبل أن تتناول من جانبها فرشة الشعر،

تمشط لها خصلاتها بحنان.

لتكمل سارة بحيرة: "بس أنا تقريبًا

مشفتش بابا بيفترج على أفلام خالص.

يعني تقريبًا نادر ما بيحصل،

ولو حصل بيكون مش مركز خالص.

يدوب بس مشغله يعمل صوت."

تنهدت حسناء وهي تجيبها مؤكدة: "بموت أمك الله يرحمها ماتت حاجات كثير قوي.

فراقها مكنش سهل.

افتكر أستاذ جمال قعد فترة كبيرة عقبال ما قدر يعيش طبيعي.

ولو أني أشك أن بعد ما زينب توفت هو قدر يرجع زي ما كان.

كانت ست الستات،

ومكنتش أبدًا تزعله،

وهو عمره ما كسر قلبها.

وفضل مخلص ليها.

كانت عايشة، أو حتى بعد ما قبلت وجه كريم."

سقطت دمعة حزينة من عيناها،

لتمسحها سريعًا وهي تلاحظ شرود صغيرتها سارة.

مهما حاولت أن تعطيها حنانًا، تعلم أنها لن تعوضها أبدًا، ولو جزءًا صغيرًا عن أمها رحمها الله.

فهي من ذاقت اليتم،

تعلم كم هو غصة مرة في قلوب الأحبة.

تعلم كم هو نيران تحرق القلب والروح.

قالت بسرعة وحماس محاولة إخراجها من هذا الشرود: "قومي يلا!"

عقدت حاجبها في استغراب قبل أن تقول: "أقوم ليه؟"

واكملت وهي تلقي برأسها من أخرى على فخذ حسناء: "مش قادرة أنا أقوم."

واصلت حديثها بخبث: "ضفريلي شعري وأنا أقوم أغسل المواعين!"

قهقهت حسناء قبل أن تقوم بسرعة ليسقط رأس سارة على الأريكة.

أصدرت صوت صياح غاضب

وهي تناظر حسناء التي قالت: "قومي ننزل الماركت.

مش إنتِ كنتِ عايزة تكلي كيكه؟

قومي يلا ننزل نجيب الطلبات ونطلع نعملها."

انتفضت سارة بحماس وهي تسرع لغرفتها قائلة بصوت عالي: "أنا خلاص لبست!"

وظلت حسناء تطالع أثرها بابتسامة.

فبالمطبخ توجد المكونات،

لكنها تريد أن تخرجها من تلك الحالة.

وتقريبًا

قلب المرأة في معدتها هي أيضًا.


❈-❈-❈

حركت سارة العربة بحماس وهي تثرثر قائلة: "إيه رأيك نجيب كمان بسبوسة ونعمل بسبوسة

ونحط عليها شوكولاتة؟"

هزت حسناء رأسها رافضة وهي تقول بتأكيد: "لا،

ممنوع اللعب في الأساسيات.

بسبوسة يعني شربات.

شوكولاتة بقى والحاجات دي مش بتبقى حلوة.

نعمل بسبوسة طبيعية بالله عليكي وبلاش فزلكة."

ناظرتها سارة بغضب

وهي تتجه بها للقسم المنشود.

وقبل أن تتوجه سارة للعبوات سريعة التحضير،

أوقفتها حسناء وهي تقول: "رايحة فين؟

يا بنتي هو إحنا اتشلينا!

روحي هاتي الدقيق يلا."

إلا أن سارة أصرت متمسكة بالعبوة،

لترد قائلة بوعيد: "صبرك عليا،

هتغسلي المواعين بتاعة العمايل كلها."

هزت الأخرى كتفها بدلال وهي تجيبها مؤكدة: "مش ههون عليكي أبدًا أبدًا."

ضحكت حسناء وهي تأخذها وتتجول لشراء نواقص المنزل طالما هم هنا.

اختارت سارة العديد من الأشياء،

مقررة طعام الأسبوع كله.

وقبل أن تتحرك لجلب العصائر،

أوقفتها يد تربت على كتفها.

التفتت تنظر خلفها

لتجد سيدة تناظرها بابتسامة واسعة قائلة بشوق: "سارة،

وحشتيني!"

"بقيتي نسخة من أمك الله يرحمها.

الله يرحمها."

رددتها سارة بحزن 

وهي تحدق بها بارتباك،

محاولة تنشيط ذاكرتها لمعرفة من تلك السيدة.

لتنقذها حسناء التي أتت تبتسم قائلة بهدوء: "أهلاً مدام جميلة."

وأكملت لسارة: "صديقة مدام زينب الله يرحمها."

أومأت لها بهدوء وهي ترفع يدها لتصافحها باحترام.

لتضمها الأخرى إلى صدرها قائلة بود: "ما شاء الله كبرتي، ما شاء الله!"

ابتسمت لها سارة ابتسامة مهتزة.

ليقاطعهم ظهور شاب من خلف جميلة

قائلًا بهدوء: "مش يلا يا ماما؟"

أومأت له وهي تعرفه على سارة,

التي أومأت له بهدوء واحترام وهي تسحب حسناء سريعًا للمغادرة.

فهي لا تحب التعامل مع الغرباء,

حتى وإن كانت صديقة قديمة لأمها.

ورحلو سريعاً 

وخلفها عيون تراقب رحيلها.

الصفحة التالية