رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 13 - 2 - السبت 28/12/2024
قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر
رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة عفاف شريف
الفصل الثالث عشر
2
تم النشر السبت
28/12/2024
وصلوا إلى المنزل،
لتخبرها حسناء أن تذهب لتنظيف غرفتها سريعًا قبل حضور والدها.
لتتحرك مرغمة، تشعر بالكسل الشديد.
ناظرت الغرفة بملامح كئيبة.
مع كل خروج من المنزل، تتحول الغرفة لساحة معركة كبيرة.
توبخها حسناء مرارًا وتكرارًا، وهي تدلل مرارًا وتكرارًا.
أسرعت بلملمة الملابس الملقاة على الأرض،
قبل أن يقاطعها رنين هاتفها.
التقطت الهاتف، ردت سريعًا على فريدة،
مجيبة بشتياق: "وحشتيني كثير."
ابتسمت لها الأخرى، تبادلتا الحديث لبضع دقائق،
قبل أن تصمت لعدة ثوانٍ.
صمت أثار قلق سارة على صديقتها،
وهي تسألها بحيرة: "مالك يا فريدة؟
أنتِ كويسة؟"
هزت الأخرى رأسها موافقة،
قبل أن تقول: "الحمد لله،
بس أنا عمالة أبحث على جوجل،
والوصف بتاع الأكل مش فاهمة.
حاسه إن أنا اللي مش بفهم.
مش عارفة أعمل إيه.
المفروض أحضر الغدا."
وأكملت بحيرة وهي ترفع طبقًا بداخله بضع سمكات:
"المفروض أعمل سمك،
بس ريحته مش ألطف حاجة.
وكمان أنا مش عارفة أمسكه."
هزت سارة رأسها بانزعاج هي الأخرى،
قبل أن تجد صوت حسناء يشاركهم المحادثة قائلة بتساؤل:
"بلطي ولا ماكريل؟"
انتفضت سارة، تناظر حسناء بغيظ.
لم تهتم لها الأخرى، وهي تزيحها جانبًا،
ممسكة بالهاتف، تتساءل مرة أخرى:
"بلطي ولا ماكريل؟"
هزت فريدة رأسها بعدم معرفة،
وهي تريها الطبق.
ابتسمت الأخرى بهدوء، مرددة بتأكيد:
"بلطي،
سهلة إن شاء الله."
"تصدقي هنعمل إحنا كمان سمك.
قومي يا سارة، طلعي السمك،
وتعالي إنتِ كمان عشان تتعلمي."
وغادرت المطبخ،
تحت نظرات سارة المصدومة،
وفريدة التي تكاد تطلق صرخة سعادة
على معونة حسناء لها.
يبدو أن الأبواب تتفتح لها،
مقررة إعطاءها فرصة.
فرصة لتنجو.
❈-❈-❈
ذكريات الطفولة أثمن ما يحصد الجميع، آباء كانوا أم أبناء.
ماذا إذا ضيعت كل فرصك، متخليًا عن حقك ومتغيبًا عن أداء واجباتك؟
حينها تصبح الخسارة باثنين.
أوقف سيارته أمام المنزل، يطالع زوجته الجالسة بجانبه، لم ترفع عيناها عن الهاتف حتى لتكتشف وصولهم.
أصبحت مهوسة بالعمل، ولن ينكر هو كذلك.
غادر البلاد يومًا ما بقلب واعد الجميع بعدم الغياب، وقد غاب.
خرج من السيارة صافقًا الباب خلفه.
لتنتفض الأخرى، ناظرة حولها مكتشفة وصولهم.
أغلقت الهاتف، وهي تخرج، تحرك رأسها باجهاد.
أقصى ما تريده في تلك اللحظة هو إلقاء نفسها على الفراش بعد الاستحمام سريعًا والشعور بالراحة.
لكن خابت آمالها، وهي تقابل المشهد الآتي:
أمير يقف يحمل الصغيرة مريم الغافية على أحد الأرائك، ويصعد بها للأعلى بعد أن حدجها بنظرات غاضبة.
تبعته سريعًا لتراه يضعها في فراشها، مدثرًا إياها، مقبلًا وجنتيها.
لتتململ الصغيرة قائلة بنعاس: "بابي، أنت جيت. أنا استنيتك أنت ومامي كثير أوي."
هدهدها بهدوء، وأهدأها قبلة أخرى، حتى غفت مجددًا، تحتضن يده، تضمها بشدة، كانها تخشى أن تستيقظ فلا تجده ككل يوم.
ووقف هو في محله، يناظرها بعين تملؤها الكآبة،
قبل أن يسحب يده بحرص شديد لكي لا تستيقظ، وهو يسرع بالخروج من الغرفة بعد أن ألقى زوجته بنظرة غاضبة.
نظرة اتهام، نظرة لم تهتم بها هي.
❈-❈-❈
ولجت الغرفة تناظر غضبه بعيون متفحصة وهو يخلع سترته ملقيًا إياها على الفراش بإهمال، قبل أن يجلس عليه يضع رأسه بين يديه، شاعراً برأسه على وشك الانفجار.
ناظرته بضيق قبل أن تتوجه للخزانة لتخرج ملابس مريحة لها دون النظر إليه.
ليتنفض هو ناظرًا إليها بضيق وهو يراها تتجاهل ما حدث ببرود تام.
جزّ على أسنانه وهو يقول بعصبية بدأت تزداد:
"يعني مسمعتش صوتك بعد اللي حصل؟
انتي مش شايفة إنك بقيتي مقصرة أوي مع الولاد؟
تقريبًا مبقيتيش تقعدي معاهم خالص.
مش شايفة أن حقهم عليكي وجودك في حياتهم؟
تهتمي بيهم أكتر من كده؟
تشاركيهم سوا مذاكرة أو متابعة أو حتى التمارين الخاصة بيهم؟
مش طبيعي اللي بيحصل ده يا يارا،
مش طبيعي أبدًا.
انتي مهملة في الولاد،
ولازم تفوقي ليهم بأسرع وقت."
التفتت له تطالعه ببرود وهي تتحرك في الغرفة حتى وقفت أمامه قائلة بهدوء:
"قد إيه أنت منافق يا أمير!
قد إيه أنت إنسان أناني جدًا... جدًا!
فوق ما أي حد ممكن يتخيل!
عايزني أعمل إيه؟
عايزين أسيب شغلي وحياتي واسمي اللي بنيته بطلوع الروح
وأقعد في البيت أربي الولاد وأقعد معاهم؟
أنت اتجننت!
أنت فاكرني إيه؟
أنا زي زيك،
بشتغل وبتعب زي زيك،
أنا مش بلعب وطول اليوم بعمل شوبنج!
أنا امرأة عاملة،
مشغولة ومش فاضية أبدًا للي أنت عايزه ده.
والله حابب تقعد مع الولاد،
اقعد!
مظنش أني منعتك!"
وكادت أن تتخطاه إلا أنه وقف أمامها قائلًا بدهشة:
"يعني إيه؟
يعني إيه أقعد أنا معاهم؟
أنت ناسية إنك إنتِ أمهم؟
بصي إحنا راجعين الساعة كام،
وقد إيه الوقت متأخر،
ونتيجة عدم وجودك
نلاقي بنتنا مستنية تحت بالطريقة دي؟
إنتِ لازم تقعدي معاهم أكثر!
إنتِ أهملتي فيهم!"
رفعت حاجبها تحدجه بنظرات ساخرة وهي تجيبه:
"تاني هقولك، طالما إنت حنين أوي كده،
وشايف إنّي مقصرة،
ما تقعد إنت معاهم!
اسمع يا أمير، أنا مش هسمحلك تضغط عليا!
الولاد مش مسؤولين مني لوحدي!
إنت شايف نفسك مقصر في حق ولادك؟
اقعد معاهم أكثر!
قضي وقت،
اقعد ذاكر والعب وروح تمارين
ودروس الموسيقى،
اعمل كل ده من نفسك!
إنت حابب أعمل؟
لكن متجيش تقولي اقعدي واعملي!
مش من حقك!
أنا بقعد لما يكون مناسب معايا،
أما إنك ترمي عليا الحمل وتعيش إنت حياتك،
فمش هسمحلك أبدًا!
حياتي، شغلي، مكانتي، مش هتخلى عنهم أبدًا!
إنت عايزني أضحي بكل حاجة
وفي المقابل إنت متضحيش بأي حاجة؟
لو فاكر كده،
يبقى إنت غلطان!
مش من حقك تطالب مني أعمل حاجة إنت نفسك مبتعملهاش يا أمير!
لا إنت هتتخلى عن حلمك وشغلك واسمك ووقتك،
ولا تطلب مني أعمل ده!
لأن لا أنا ولا إنت هنعمل كده!
بلاش تخدع نفسك
عشان تبان الملاك!"
قالتها ودلفت سريعًا إلى الحمام،
تاركة إياه يغلي غضبًا.