-->

رواية جديدة بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) لعفاف شريف - الفصل 13 - 3 - السبت 28/12/2024

 

 قراءة رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض)

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة عفاف شريف


الفصل الثالث عشر

3

تم النشر السبت

28/12/2024



بين الطرقات نسير متخبطين،

ندهس أنفسنا من أجل الآخرين،

نبحث عن رضاهم في كل خطوة،

وننسى أن لنا أيضًا حقًا في الحياة.


وربما في يومٍ من الأيام،

سيصفعنا الندم على أناسٍ لم يستحقونا،

سنجد أنفسنا غارقين في بحر الذكريات،

نتساءل: هل كان كل هذا العطاء في محله؟

أم أن أنفسنا كانت تستحق أكثر من ذلك؟"


فتح باب منزله بتعب شديد،

يشعر أنه يكاد يسقط من شدة الإرهاق،

لتقابله أمه بابتسامة بشوشة ونظرات مشفقة، قائلة برفق، مربتةً على صدره:

"حمد لله على سلامتك يا حبيبي،

اتأخرت أوي."

أمسك يدها يقبلها قائلاً بابتسامة:

"الله يسلمك يا أم أحمد،

عاملة إيه يا غالية؟

سهرانة ليه لحد دلوقتي؟"

أهدته ابتسامة حنونة وهي تجيبه قائلة:

"مقدرش أنام وإنت بره يا حبيبي،

ادخل يلا غير هدومك،

عقبال ما أحضرلك لقمة تاكلها."

أومأ لها بإرهاق وهو يسرع بتغيير ملابسه والحصول على حمام سريع،

رغبةً منه في تناول لقمة سريعة،

والخلود للنوم بأسرع وقت،

لينال جسده القليل من الراحة.

وبالفعل انتهى سريعًا،

وتوجه حيث تجلس والدته في انتظاره،

وقد جهزت له الطعام،

ليجلس بجانبها يأكل بصمت على غير عادته.

ناظرته بحيرة وهي تربت على كتفه متسائلة بقلق:

"إنت كويس يا ابني؟"

أومأ لها بهدوء قبل أن يقول:

"تعبان بس،

حاسس إني بقيت مرهق أوي،

وإني محطوط في دايرة مش عارف أخرج منها أبدًا."

تنهدت وهي تقول بتقرير:

"برضو طلبت حاجات جديدة."

هز رأسه يائسًا،

"داليا تدلل أكثر مما هو قادر.

مهما تكلم،

مهما شرح،

ومهما وضح،

هي كما هي،

تدعي التغيير،

وفي الحقيقة تزداد سوءًا.

وماذا هو فاعل في تلك المعضلة؟"

نظرت له أمه بحيرة،

ماذا تخبره؟

أن يفض هذا الأمر،

ويتركها لحال سبيلها عله يجد من يحقق لها أحلامها الكبيرة بسهولة ويسر؟

أم تدعوه للصبر والتحمل لتسير المركب،

داعيةً من الله أن تتغير داليا بعد الزواج والمسؤولية؟

خائفة هي،

خائفة أن تدله على طريق شر تراه هي خيرًا الآن،

ويتضح فيما بعد أنها ألقته بيدها إلى الهلكة.

أمسكت يده بقوة وهي تخبره مؤكدة:

"بص يا أحمد، إنت مش صغير، بالعكس إنت راجل ملو هدومك.

إذا يا ابني شايف نفسك مش قادر،

خلاص كل واحد يروح لحاله.

أكيد أنا مش حابة أظلمها،

بس أكيد مرضاش بظلمك لنفسك.

داليا زي بنتي وأنا محبش تتعرض لحاجة زي دي.

بس إنت مش مرتاح، صح؟"

ظل الصمت جلستهم،

تناظره هي بقلق تنتظر إجابة،

تتمنى بداخلها أن يقولها ولا يقولها،

قبل أن يهمس بارهق:

"صح."


بداخله يريد ولا يريد،

حيرة العالم داخل رأسه،

يحترق ألف مرة يفكر في تركها،

ويحترف ألف مرة يقرر أن يظل معها.

فأي احتراق أهوان على قلبه؟

وبين قلبه وعقله،

صراع يقتله ببطء.

❈-❈-❈

"علاقة بين طرفين لا دخل لثالث بينهما. التدخلات تشبه وضع الملح في وصفة حلوى، تفسد الطعم فتلقي في سلة المهملات.

هكذا تكون العلاقات، نقاؤها يكمن في خلوها من التدخلات."


لا يعلم كم ظل جالسًا في محله،

هكذا هو منذ ساعة ونصف.

عاد من عمله ليجد المنزل خاليًا،

دونها ودون صغيرته.

ليست بالمنزل.

وحينما حادثها بقلق وتوتر،

فهي لم تفعلها أبدًا من قبل.

أجابته أنها بالخارج لشراء بضع أشياء،

وستعود سريعًا،

وأغلقت الخط.

بكل عين وقحة.

وحينما أعاد الاتصال بها سريعًا،

وجد الهاتف مغلقًا.

ليجلس هو محله،

يشتاط غضبًا من تصرفها.

تشعره أنه يمنعها من الخروج،

وهي من كانت ترفض الخروج متعلةً بالكسل ورعاية الصغيرة وأشياء غريبة لم تقنعه يومًا.

وهو يكاد يقبل رأسها لتخرج للخارج،

تري العالم، تتعامل مع الناس.

وكان ردها الرفض دائمًا.

هي مرتاحة هكذا،

وتولى هو تلك المهمة،

ترسله لكل مكان، يشتري جميع الطلبات والمستلزمات،

رغم عودته مرهقًا من العمل.

لكنه لم يعلق على الوضع يومًا.

واليوم تغادر المنزل دون أن تخبره.

لماذا؟

فلتخبره ولن يمانع أبدًا.

لم يعد يفهم ماذا تريد حور.

هل كان صعبًا أن ترسل له رسالة تخبره بأنها بحاجة للخروج وحدها؟

لم يكن صعبًا لكنها لم تفعله.

رغم أنه حادثها صباحًا ثلاث مرات.

نظر لساعته بملامح متجهمة،

تأخر الوقت،

والصغير شمس معها،

وهي تعلم أنها تمرض من أقل شيء.

تأفف بضيق وهو يقف مقررا،

الخروج والذهاب للأماكن المعتادة هي للذهاب إليها معه.

وقبل أن يضع يده على المقبض،

فتح الباب لتظهر هي أمامه،

تحمل الصغيرة بين أحضانها،

وبيدها العديد من الحقائب،

وتطالعه بابتسامة مرتبكة من وقوفه بتلك الطريقة.

❈-❈-❈

اقترب منها ينتشل الصغيرة التي كادت أن تلقي بنفسها أرضًا من شدة اشتياقها له،

وهي تسفق بيدها على وجهه وتمرمغ وجهها في عنقه بشوق وحب.

أخذها سريعًا للداخل ليهتم بها،

مدثرًا إياها،

ومبدلًا لها ثيابها سريعًا،

قبل أن يجلس بها على الفراش يعطيها زجاجة الحليب بهدوء،

والأخرى تتناولها بنهم شديد.

مسد على خصلاتها الناعمة وهو يداعب وجنتيها.

ولم يرفع عينيه لتلك التي تقف تراقبه بعيون متلهفة للحصول على قدر من الحنان كابنتها.

تعلم أنه غاضب.

هي لم ترد أن تفعل.

تحركت ببطء تراقبه وهي تتذكر محادثتها مع أمها وشقيقتها صباح اليوم.


عودة لليوم صباحًا


كانت تجلس بجانب شمس تلاعبها وتمشط خصلاتها القصيرة الناعمة،

قبل أن تأتيها مكالمة جماعية من أمها وشقيقتها.

حادثتهم،

قبل أن تسأل شقيقتها:

"إنتوا هتنزلوا مصر إمتى يا حور؟"

أجابتها بابتسامة:

"مش عارفة حقيقي،

حسام هيظبط شغله ويقولي،

وإن شاء الله هينزل يجيب هدايا للكل."

تدخلت أمها قائلة بتقريع:

"انزلي إنتي،

ولوحدك."

ناظرتها باستغراب متسائلة:

"ليه؟

حسام اللي بيجيب أي حاجة تخص البيت،

حتى الهدايا.

مش إنتِ قلتيلي أخليه هو مسؤول عن الموضوع ده

عشان ميعتمدش عليّ،

وأفضل أنا في مكاني أدلع وأطلب.

إنتِ اللي قلتي لي كده.

ليه أنزل المرة دي؟

إيه اللي اختلف؟"

هزت أمها رأسها بضيق:

"يختي ما هو جوزك استحلى الموضوع،

واديكي شفتي المرة اللي فاتت جاب إيه ليّا ولا لأخواتك.

بدل ما يقدرنا إحنا أهل مراته،

رايح جايب شوية حاجات تكسف ومش من مقامنا."

أسرعت حور تنفي التهمة عن زوجها الحبيب قائلة بتبرير:

"ليه يا ماما بتقولي كده؟

حسام عمره ما جاب حاجة وحشة.

بالعكس دائمًا بيجيب حاجات قيمة ليكم.

بس السنة اللي فاتت كنت حامل والدنيا مكنتش أحسن حاجة.

هو كان مصر يجيب الغالي،

بس أنا قلتله مفش مشكلة،

إنتوا أهلنا،

وأكيد مش هيفرق معاكم.

الهدية بقيمتها المعنوية،

مش بالفلوس.

وكمان حسام مش مقصر أبدًا أبدًا معاكم."

قالتها بتأكيد.

مصمصت أمها شفتاها وهي ترد بعصبية:

"إنتِ هتفضلي خايبة كده لأمتى؟

لازم تعرفي جوزك،

إن من حقك تنزلي وتروحي وتجيبي وقت ما إنتِ تعوزي.

طول ما في إيده المصروف،

هيجيب بمزاجه هو."

هزت رأسها بعدم فهم.

ماذا يحدث؟

لتقول بحيرة حقيقية:

"ماما أنا مش فاهمة،

منين كنتِ رافضة إني أنزل أجيب طلبات البيت،

ومنين دلوقتي بتقولي أشيل المسؤولية؟

إزاي الاثنين مع بعض؟

أنا مش مقتنعة أبدًا."


كانت أمها دائمًا تأمرها بعكس تيار حياتها.

إن كانت تسير يمينًا، تأمرها باليسار.

وخوفها من الطلاق كأختها يجعلها

تسير بخوف من تلك اللحظة.

غافلة أنها بغباء

تسير في الطريق الخاطئ ككل مرة.


وبعد مجادلات كثيرة،

أمرتها أمها أن تخرج اليوم،

والمدهش دون إخبار حسام.

رفضت هي،

لكنها أصرت مخبرة إياها

أنه أصبح يضمن وجودها

تجلس دائمًا بالمنزل.

فلتخرج وليعود اليوم ولا يجدها.

عله يشعر بقيمتها،

ويشتاق لها.

ورغم عدم فهمها أو اقتناعها،

وبعد الكثير من الضغوط،

فعلتها هي،

وغادرت بتوتر بالصغيرة

إلى أحد المولات.

واشترت الكثير من الأشياء،

بعدما رافقتها أمها وشقيقتها على الهاتف طوال اليوم.

حتى حادثها حسام بقلق.

حادثته بتوتر،

وأغلقت سريعًا خوفًا من القادم.

لتأمرها أمها بغلق الهاتف

والتأخر قليلًا،

لكي يشتاق إليها.

وواضح أن ثمار نصائحها

تحط فوق رأسها بعنف.

❈-❈-❈

عودة للوقت الحالي

هدهد الصغيرة حتى غفت بإرهاق، ليضعها في فراشها، مغادرًا الغرفة تتبعه هي ببساطة.

وقف في منتصف غرفة المعيشة، يضع يده في خصره محاولًا التحكم بأعصابه وهو يفكر.

لم يعد يفهم أبدًا. لم يعد يفهم كيف تسير حياتهم.


اقتربت منه، تمس كتفه قائلة بشوق:

"وحشتني."

أزاح يدها، والتفت يناظرها بحنق، وهو يقول:

"كنتي فين يا حور؟ وخرجتي ليه من غير ما تقوليلي؟ أنا كلمتك كام مرة النهاردة؟ مجاش في بالك ولا مرة تقوليلي إنك خارجة؟ ليه؟ مش فاهم. إيه السبب للتصرف ده؟"

ارتبكت ملامحها وهي تقول:

"كنت عايزة أعملك مفاجأة، اشتريت شوية حاجات ليا وكده."

قطب حاجبه، يزفر بضيق، وهي تخرج ما أحضرت لتريه إياه.

كانت قمصان نوم حريرية ومنامات لها ولصغيرته، مكواة للشعر وأشياء بالفعل لديها منها.

ناظرها قائلاً باستغراب:

"إيه كل ده يا حور؟ أنا ما عنديش مشكلة أبدًا إنك تجيبي حاجة لنفسك. بالعكس، انتي عارفة رأيي في الموضوع ده. بس انتي مش شايفة إن ده كثير أوي؟ أنا لسه من فترة كنت جايبلك حاجات، وكمان انتي عندك المكواة دي صح؟ أنا جيبلك اختها من كام شهر."

أومأت برأسها وهي تقول بتوتر:

"دي لمنال، أختي، لما شفتها عندي طلبت تكون هديتها السنة دي لما ننزل."

اتسعت عيناها، وهو يناظرها بصمت، واثق من سعر تلك المكواة.

هذا وإن لم يكن قد ازداد.

زفر بضيق محاولًا الهدوء.

هل سيمنعها من أن تشتري أو تهادي شقيقتها؟ لن يفعل طبعًا.

لكن تلك ليست طبيعة حور. هي تعلم الأوضاع، تعلم وضعه، وأنه يرفض وبشدة أن يأخذ المال من والده.

فكيف تفعل هذا؟

لذلك ناظرها بعدم فهم.

قبل أن يتوجه لغرفة الصغيرة "شمس" مرة أخرى، مقرّرًا الابتعاد عنها حتى يهدأ.

تبعته وهي تراه يقف يراقب الصغيرة.

ظن أنها ستراضيه أو تعتذر، لكنها لم تفعل.

بس سألته بهدوء:

"حسام، هو إحنا هننزل مصر إمتى؟"

أجابها بهدوء دون أن يلتفت لها:

"لما الأمور تتظبط شوية إن شاء الله."

صمتت قبل أن تقول:

"المرة دي هاجي معاك وانت بتجيب الهدايا، تمام؟"

التفت لها، يناظرها بتفحص، محاولًا أن يستشف ماذا تريد حقًا.

قبل أن يمد يده، يقبض على رسغها، ساحبًا إياها للخارج بسرعة.

وما إن خرج من غرفة ابنته حتى سألها مباشرة:

"بصي يا حور، أنا مش غبي، ولا راجل أهبل. دي مش إنتي. ف طبيعي أي تغير بيحصلك فجأة أو أي قرار أو تصرف مش من طبعك ولا يطلع منك ، بيكون وراه شخص واحد بس، شخص مصمم يخرب عليكي وعليا.

 مامتك، صح؟"

ارتبكت، تحاول التحكم بنفسها وألا تقع بلسانها أمامه.

لكنها أجابته:

"ليه بتقول كده يا حسام؟ إيه دخل ماما في الموضوع؟ أنا بس عايزة أنزل أنقي هدايا عيلتي براحتِ، وأجيب الحاجات اللي هم طلبوها."

لكنها لم تتوقع صوته الذي ارتفع فجأة قائلاً بغضب:

"حور، أنا أكثر ما بكره في حياتي اللف والدوران، وإن مراتي تكون لعبة في إيد حد، حتى لو الحد ده كان مامتك. أمك على عيني وعلى رأسي، بس تاني وثالث وعاشر، إنتي مبتحرميش، ومشيك ورا أمك هيكون سبب طلاقنا."

قالها بتأكيد.

قابلته هي بعيون متسعة هلعًا.


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة عفاف شريف، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة