-->

رواية جديدة رواية في فبضة فهد لهالة زين - الفصل 17 - 3 - السبت 28/12/2024

 


قراءة رواية في قبضة فهد كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخر


رواية في قبضة فهد

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة هالة زين


الفصل السابع عشر

3

تم النشر السبت

28/12/2024


أخذ نفسًا عميقًا، ثم غادر غرفة المستشفى وهو يحاول أن يتجاوز الشعور بالتورط في أشياء لم يكن يظن يومًا أنها ستقلب حياته رأسًا على عقب.


وعندما وصل إلى السيارة، استرجع حياته السابقه برفقه زوجته سهر  في عقله وخيانتها له و الشكوك التي قضت عليهم ، وعلاقته بالطفل الذي لم يكن له


وبينما هو يقود السيارة، كانت صورة ميلا أمام عينيه، تتصاعد في ذهنه مشاعر الذنب والأسف، لكنه كان يعلم أنه بحاجة إلى وقت ليتعامل مع كل هذا.

وبينما كانت السيارة تتجه نحو النجع ، اختلطت في قلبه مشاعر الفقد والندم، وكأن المستقبل كله كان يحمل في طياته تساؤلات لا جواب لها بعد.

استيقظت ميلا من غفوتها ببطء، عيناها تفتحتا على عالم غائم، لكنها سرعان ما استوعبت المكان من حولها. صوت ورد وداليدا كان أول ما سمعته، تتحدثان بهدوء. حاولت أن تتذكر ما حدث، لكن الألم في جسدها وداخل قلبها أثقل عليها.فاردفت بصوت ضعيف 


ميلا : إيه اللي حصل؟ أنا فين؟


أسرعت ورد نحوها، عيناها مليئتان بالدموع والارتياح لرؤيتها قد استعادت وعيها.


ورد: الحمد لله على سلامتك يا قلبي ! إحنا في المستشفى وانتي وقعتي من علدرج  لما كنتي مدليه .


جلست داليدا بجانبها وأمسكت يدها برفق، تنظر إليها بعيون مليئة بالحزن والتعاطف.


داليدا : متضغطش على نفسك دلوقتي، المهم إنك كويسة.


لكن ميلا لم يهدأ لها بال، شعرت بأن هناك شيئًا أكبر تخفيه نظرات صديقتيها. حدقت في وجه ورد، ثم في وجه داليدا، وبدأت الدموع تلمع في عينيها.وتذكرت ما حدث.


ميلا : البيبي حصل له حاجه ؟


عمّ الصمت الغرفة، وكأن الهواء توقف عن التحرك. نظرت ميلا إلى السقف، تشعر وكأن قلبها قد انتُزع منها. يدها تلقائيًا لمست بطنها، وكأنها تتحقق من قساوه الحياه معها .


ورد: شدي حيلك يابتي .ربنا يعوض عليكي .


عندما وصلها الرد . مكثت  في فراشها بصمت  غارقة في ألم فقدانها، وألم معرفة أن هناك حياة صغيرة بداخلها انتهت قبل أن تبدأ بعد. أخذت تبكي وهي تبحث عن يمان بعينيها بالمكان ولكنها أيقنت أن عدم وجوده يعني أنه تخلي  . وتذكرت كلماته اللاذعه عن عدم إحتياجه لطفل منها. 


رغم محاولات ورد وداليدا لتهدئتها، ظل قلب ميلا مثقلاً بالوجع. لم يكن فقدان الجنين مجرد صدمة جسدية، بل كان خيبة أمل ووجع لا يندمل بسهولة.


اما علي الجانب الاخر إختفي كل من  يمان وآدم وكان الغضب يعصف بروؤف ويزن بعد أن عرفا كيف تصرف يمان  و ترك ميلا في المشفي بهذا الشكل المهين  كانت الصدمة أقوى من أن يتجاهلاها أو يتجاهلها العماريه بأكملها 

فقررا أن يلغيا حفل الحناء لمرض ميلا  الذي كان قد تم تحضيره بحماسة كبيرة وسط  مشاعر من التوتر والخذلان التي كانت تسيطر عليهما، بحجه مرض ميلا ، لكن لم يكن لديهما الوقت للبكاء على الأطلال، بل قررا أن يتشاركا في مهمة أكبر وأكثر تحديًا وهي  تنظيم حفل الزفاف الكبير على الطريقة الصعيدية داخل النجع، كما كان مُتفقًا عليه منذ البداية.لاستقبال الوفود القادمه من رجال الأعمال الذين تربطهم الأعمال معا.بعدما تخلي آدم ويمان عن التجهيزات.


رغم الظروف القاسية، كانا عازمين على تقديم الحفل الذي لا يُنسى، الذي يعكس أصالة العادات والتقاليد، ليُضفي على الزفاف  طابعًا خاصًا. بينما كانا يُنسقان مع الحرفيين والمزخرفين لتجهيز المكان بحرفيه .


لم يكن أحد يعلم بأن يمان لا يزور  ميلا  وتركها وحيده هناك حيث تكتم الجميع عن الأمر ، وأنها  لا تزال محاصرة بين جدران غرفتها في المشفي ، بعيدة عن كل ما يحدث في العالم الخارجي.


كانت  قد فقدت الإحساس بالعالم وما فيه   لما مر ت به من صدمة، وأصبحت يومها يمضي في أروقة المشفى دون أن تعلم شيئًا عن آدم أو عن يمان. كانت تشعر أنها في فترة نقاهة، لا تعرف أين تتجه الأمور، ولا كيف ستتغير حياتها إلى الأبد. في قلبها كان هناك فراغ عميق، مشاعر متناقضة تغلي بداخلها، ولكنها لم تكن تعلم ما الذي كان يحدث في الخارج، ولا ما ينتظرها بعد أيام قليلة.


أما يمان، فمنذ خروجه من المشفي هرب الي إحدي فنادق الأقصر   كان يفكر في ميلا طوال الوقت. كان يريد أن يكون هناك من أجلها، لكن مشاعره كانت مشتتة بين العار الذي يحمله من الماضي وبين المسؤولية تجاهها والمستقبل المنتظر معها . في ذات الوقت، مر يوم الحناء الثقيل و مضي بسرعة، وحان موعد الزفاف .


و بينما كانت ميلا في عالم آخر، غائبة عن كل ما يجري من حولها.لا تريد هذا الزواج فكان هذا الطفل هو الدافع الوحيد الذي يجعلها توافق عليه ، اما الان فقد زال هذا العائق ..فلماذا تستمر إذن .هكذا كانت تتسائل بينها وبين نفسها بإستمرار .


في صباح يوم الزفاف، عادت ميلا إلى الدوار برفقة عمتها ورد وصديقتها داليدا. كان الجو مليئًا بالتوقعات والسعادة، خاصه بعدما حرم الحاج يحيي زينب من حضور الزفاف وأجبرها أن تغادر الدوار الب منزلها الصغير الذي تزوجت بها .


  اجتمع الأهل والأصدقاء المهنئين للاحتفال بهذه المناسبة المميزة. كان من المفترض أن تكون ميلا في أحسن حالتها، لكنها بدت صامتة وكأنها تحمل همومًا ثقيلة على قلبها.


انطلقت الزغاريد وبينما كانت داليدا تحاول ادخال البهجة في قلب صديقتها ،لم يصمتن النساء  عن الحديث، مستفهمين عن سبب انشغال بال ميلا هكذا وفرحتها المنقوصه.


نكزتها ورد حتي لا تثير شكوك نساء العائله النمامه التي أردفت إحداهم بخبث  برفق 


_ ساكتة ليه يا بت الخوجايه؟؟  أوعاكي  تكوني خايفه إياك ؟؟ بس اللي نعرفه عن الخواجات انهم مايستحوش ووشهم مكشوف .


انصدمت هي من حديثهم الوقح معها ولكن ميلا، التي كانت تتجاهل الأسئلة، وتراهات نساء العائله الفارغه أجابت بشكل مختصر


ميلا : أنا كويسة .


بعيون مليئة بالتردد، نظرت إلي  فستان الزفاف الذي  هز  ثقتها بحالها عندما  علمت ان يزن من أرسله كما ، خصص لها ايضا  مصففة شعر وخبيرة تجميل لتظهر في أفضل صورة. لكن مع كل التحضيرات، كانت تشعر بقلق غير مبرر،فغياب يمان ينقص فرحتها ويفطر قلبها ويشعرها بحزن عميق .


داليدا قاطعت أفكارها وقالت بحماس


داليدا : أوعي تحطي كلام الستات الوقحه دول في  دماغك ، وخدي نفس عميق، وكل حاجة هتكون تمام. انتي هتكوني أجمل عروسة في الكون كله النهارده.


ومع ذلك، استمرت ميلا في صمتها، وكانت الأجواء المحيطة بها تجذبها نحو أسئلة أعمق من مجرد التحضيرات. كانت تشعر بعبء من المشاعر المتضاربة، وخوف من الخطوة الكبيرة التي ستقدم عليها الليله وهي أشبه بالانتحار .


كانت ميلا تقف أمام المرآة في غرفتها، تتأمل صورتها بانعكاس الزجاج. ارتدت الفستان الأبيض الناعم الذي كان يومًا ملكًا لوالدتها، وكأنها تستعيد ذكريات الأمس من خلال هذا الثوب. كان الفستان بسيطًا وأنيقًا، مزينًا بتطريزات دقيقة تناسب أجواء الصعيد، بعيدًا عن التكلف والصخب.


لم يكن الفستان الذي أرسله يزن يناسبها، ليس لأنه غير جميل، بل لأنه لا يعبر عن روح المكان ولا عن طبيعتها. كانت تعرف أن يزن اختاره بدقة، لكنه يحمل طابعًا عصريًا لا يليق بحفل زفاف تقليدي في النجع. أرادت أن تكون أقرب لروح الصعيد وبعيدة عن التكلف .


دخلت داليدا وورد إلى الغرفة لتجداها تقف ببهاء، وكأنها جزء من لوحة فنية.وضعت داليدا يدها بداخل فمها وقامت بالتصفير كنايه عن إعجابها بالأمر. 


داليدا : ايه الحلاوه دي يا قلبي .. مفيش كلام يوصف جمالك النهارده . أول مرة أعرف إن طنط إيف الله يرحمها كان عندها زوق أوي كده .


صفعتها ورد علي رأسها 

ورد : هتفضلي مدب ولسانك ده عاوز قطعه ثم نظرت إلي ميلا وتذكرت ليله زواج سعد وإيف ..نظرت لميلا بلمحه تحميل الكثير من المشاعر وكأنها حقا تري إيف ليله زواجها .


ورد : كأني شايفه إيف بالظبط ليله فرحها علي سعد .


ابتسمت ميلا بهدوء وهي تلمس نسيج الفستان بأطراف أصابعها.


ميلا : كان لازم ألبسه... حسيت إنه هيكون مناسب أكتر، غير إنه فيه ريحة أمي الله يرحمها .


داليدا : بس يزن لما يشوفك كده هيزعل أوي...إنتي ما تعرفيش  تعب نفسه أد ايه وهو بيشتري الفستان اللي بعتولك.


ميلا :  يزن ذوقه حلو، بس هو نسي إننا  في نجع، مش حفلة في الفورسيزون.


تقدمت ورد لتضع اللمسات الأخيرة على تسريحة شعر ميلا، بينما داليدا تعدل الحُلي التقليدي الذي اختارته لتزين عنقها. كانت الأجواء في الغرفة مفعمة بالمشاعر والدفء، وكأن الزمن قد توقف ليلتقط هذا المشهد البسيط، لكنه مليء بالتفاصيل.


ميلا، في فستان والدتها، بدت وكأنها تمثل حلقة وصل بين الماضي والحاضر، وبين الذكريات والواقع ، رغم الخوف الذي تملكها من القادم وهي حقا لا تعلم اي شئ عن يمان أو حتي عن خالها آدم .


الصفحة التالية