-->

رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 17 - 1 - الأحد 8/12/2024

 

قراءة رواية جبل النار كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية جبل النار

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا الخولي


الفصل السابع عشر

1

تم النشر الأحد

8/12/2024



فتح داغر عينيه على ألم شديد في معدته ورغبة شديدة في التقيء 

كانت الدنيا تلتف به وضربات قلبه متسرعة بطريقة تدعوا للقلق

انتبه لما حوله فيجد نفسه مستلقي على الأريكة في حديقة منزله

ازدادت رغبته في التقيؤ فاعتدل مسرعًا ليتقيء ما بجوفه وقد زاد الأمر بألم حاد في رأسه

انتهى أخيرًا وقد شعر بروحه تنسحب منه.

ماذا حدث، وأين أسيل؟

وما الذي جاء به إلى هنا؟

نظر لملابسه وازار قميصه المفتوحة 

بحث عن هاتفه فلم يجده

دلف للداخل فيجد هاتفه ومفتاح سيارته على الطاولة كما تركهم لكن لا أثر أيضاً لأسيل.

قام بالاتصال عليها فيجد هاتفها قيد الاغلاق

وضعه في جيبه ثم زرر قميصه مسرعًا 

ثم أخذ مفاتيح سيارته وخرج من المنزل 

عليه أن يتواصل معها كي يعرف لما رحلت


قاد سيارته وهو بتلك الحالة وألم رأسه لا يرحمه حتى أن الرؤية أمامه أصبحت مشوشة 

قلبه يتألم لا يعرف لما لكنه يتألم يشعر به يعاتبه

على ماذا؟


قاد سيارته بسرعة ليصل إليها عليه ان يعرف ماذا حدث ولما ذهبت قبل ان يصل عمه

كان الطريق لمنزل والدها يشعر به بعيدًا وكلما اقترب كلما شعر ببعده أكثر أخرج هاتفه كي يتصل على عمه لكنه سقط من يده دون أن يبالي ما أن رأها  تمر بسيارة أخيها على الجانب الاخر مستندة برأسها على الزجاج ناداها بلهفة وقلب ملتاع

_أسيل.

لكن لم تنتبه له فقد كانت بعالم آخر لا تعي بشيء من حولها

استدار بسيارته مسرعًا كي يصل إليها 

لكن لم ينتبه لتلك الشاحنة التي خلفه والتي صدمت سيارته بقوة فاطاحت بها بعيدًا منزلقة على الطريق ثم تنقلب وهو بداخلها  وكان اسمها اخر ما نطقه قبل ان يفقد وعيه.


❈-❈-❈


أما هي فقد توقف بها سليم بسيارته على جانب الطريق ثم ترجل متجهاً ناخيتها من السيارة جانباً إياها من خصلاتها وهي مستسلمة تمامًا له

ليس فقط استسلام لمصيرها ولكنها أيضاً قد انهكت فلم يعد باستطاعتها شيء سوى الرضوخ حتى لو كان لموتها

جذبها بعنف ووقف بها على حافة المياه ثم أجبرها تجثوا أمامه وهو ينظر إليها بسخط.

لم تردعه دموعها التي كانت من قبل تحرقه 

ولا شيء يبالي به سوى العار الذي جلبته لهم


رفع قدمه ليضعها بغضب على ظهرها كي يدفعها 

لن يغفر ولن يسامح على تلك الخطيئة فهي تستحق الموت الآن ولن يردعه شيء عن فعلها

هم بدفعها لكن قدمه تيبست عندما رددت اسمها 

_ماما.

شعر بنصل حاد يخترق قلبه عندما نطقت اسمها وتذكرها وهي ترحل من المنزل بعيون باكية وتوصيه على اخته

ضغط على اسنانه بغضب وهو يحاول طرد تلك الذكرى من رأسه وهم بقذفها لكن قدمه ظلت ثابتة ولم تطاوعه

حاول وحاول لكن لا فائدة فاسمها الذي  يتردد بسمعه جعله يعجز عن فعلها فقام بكل غضب بركل الرمال فيتطاير حولهما ويسمح لمشاعره لأول مرة بالانطلاق 

أخذ يصرخ بعلو صوته

يصرخ ويعلوا صوته حد البكاد 

هنا انتهى كل شيء وانتهى ثباته وانتهى ذلك الشخص حاد المشاعر ولم يعد باستطاعته التظاهر بالجمود أكثر من ذلك.

ترك لنفسه العنان كي يخرج مكوناته التي تراكمت بداخله عبر تلك الأعوام 

ثم سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً رأسه للسماء وصرخاته تدوي في كل مكان.

يريد أن يقتلع من داخله ذلك الألم الذي ظل يتضاعف ويتضاعف حتى وصل لزروته..


❈-❈-❈


استيقظ حازم على صوت هاتفه

وكذلك هايدي التي فتحت عينيها بتثاقل وهي تسأله

_مين اللي بيتصل في وقت زي ده.

تناول هاتفه من على المنضدة وقال بحيرة

_تلقاه حد من المستشفى…..

اندهش عندما وجده رقم سليم فأعتدل في فراشه وأجابه 

_السلام عليكم 

رد سليم بهدوء 

_وعليكم السلام انا مستنيك في…….. تعالى بسرعة ومن غير ما تعرف حد.

أغلق الهاتف دون ان يستمع رده مما جعل قلب حازم ينقبض بقلق فسألته هايدي

_مين يا حازم؟

رد وهو ينهض ليبدل ملابسه

_دي حاله متابعها وتعبت شوية.

ابدل ملابسه وخرج متوجهاً إلى حيث ينتظره سليم والقلق ينهشه

توقف عندما وجده واقفًا ينظر إلى البحر بشرود

ترجل من سيارته وتقدم منه يسأله

_خير يا سليم ايه اللي حصل؟

ظل صامتاً فترة وجيزة كأنه فقد النطق ثم تحدث بجمود  

_هتلاقيها في العربية خدها وشوف لها اي مكان تعيش فيه بعيد عن عننا، مش عايزها تظهر قدامي لأي سبب من الأسباب لأني لو صادفتها هقتلها.


لم يحتاج حازم لفطنة كي يعرف مغزى حديثه

تطلع إلى السيارة فيجدها مستنده برأسها على النافذة في سكون تام.

تطلع إليه سليم وتابع

_وبكرة الصبح هتكون والدتك معها، ان حد سألك عنها فهي ماتت.

عاد سليم لينظر إلى تلاطم المياه أمامه، لا يريد أن يراها وهي ترحل دون عودة

لن يغفر لها خطيئتها حتى لو كانت دون إرادتها

تقدم حازم من السيارة بمشاعر متضاربة 

عتاب تارة

وحنق تارة أخرى

يعلم جيدًا كم هي بريئة ونقية لكن وضعت في غابة من الذئاب وعندما سقطت في جحرهم نهشوها بكل قسوة.

فتح الباب ومد يده والعجيب في الأمر أنها لم ترفض وترجلت معه باستسلام تام

لم يستطيع رؤية ملامح وجهها من تلك الكدمات التي أخذت جزء كبير من وجهها

وتلك الدماء التي بجانب رأسها قد جفت مكانها.

أخذها بداخل سيارته وانطلق بها إلى منزلهم القديم

لن يستطيع الذهاب بها إلى شقته، عليه أن يجعل الأمر طي الكتمان حتى يصل إلى حل.

فلم يجد أمامه سوى منزله القديم.


اوقف سيارته واستدار لينظر إليها فوجدها مغمضة عينيها فظن أنها غفيت مكانها.

أخرج من درج سيارته المفتاح ثم 

ترجل كي يفتح الباب الذي انهكه الصدئ 

ثم توجه إليها ليحملها لكنه تفاجئ بها تصرخ وتدفعه بعيدًا عنها 

أمسك يدها يحكمها كي لا تؤذي نفسها لكن فعلته تلك جعلت جسدها يشتد بشدة ثم تشنج وأخذ يهتز بقوة جعلته غير متحكم بها

جعلها تستلقي على المقعد الخلفي كي يستطيع التحكم بها أكثر 

لكن شعر بالقلق عندما زادت حالتها سوء وأصبح جسدها ينتفض أكثر 

لذا كان عليه الذهاب بها إلى المشفى 


❈-❈-❈


جلست شاهي على المقعد تضع قدم فوق الأخرى تهزها بكل أريحية وهي تتحدث بالهاتف

_متقلقش باقي فلوسك هتوصلك بكرة الصبح، صحيح اللي حصل ده غير اللي توقعته بس النتيجة واحدة في الآخر.

اغلقت الهاتف وألقته على المقعد المجاور 

وابتسامة سعادة مرتسمة على وجهها

_مكنتش مخططة لده بس انتِ اللي جبتيه لنفسك محدش كان له دخل.

كدة خلصت من واحدة باقي سليم ووقتها هكون رجعت كل حقوقي اللي اتخدت مني.



عاد سليم إلى المنزل بنفس الوجوم 

كان يسير وكأنه يسابق الريح حتى وصل لبهو المنزل فيجد والده جالساً على المقعد يضغط على قيضته بشدة

وفور رؤيته نهض ليسأله بجمود

_عملت ايه؟

رد بكل فتور

_خلصتك منها، زي ما هخلصك مني انا كمان.

قطب جبينه مندهشًا وسأله 

_يعني ايه مش فاهم؟

_يعني من بكرة هسافر امريكا أمسك الفرع اللي هناك ومش هرجع هنا تاني.

تقدم  حسين منه وهو يضيق عينيه بشك 

_ليه؟ مع انك كنت رافض تمسكه.

رد سليم بهدوء رغم النار المشتعلة بداخله 

_مبقاش في سبب يخليني افضل يوم واحد في البيت ده، انا مش طالب منك غير إني امسك الفرع ده واستقل به.

عاد حسين إلى مقعده وأخذ يفكر لبرهة قبل أن يقول

_أيه اللي يخليني أوافق على إنك تبعد……

قاطعه سليم بحزم

_أنا مش باخد رأيك، سواء وافقت أو رفضت أنا مش هفضل يوم واحد في البيت ده، ده قراري ومش هرجع فيه، وبعدين القرار ده هيعجب شاهي هانم جدًا وأهي تضمن إن كل حاجة بقيت ملكها.

انفعل حسين بابنه

_وعشان كدة عايزك تفضل جانبي تكون ضهر وسند ليا.

_انت مكنتش ضهر ويند لينا عشان نكون ضهر وسند لك، صدقني أنا كنت قاعد في البيت ده بس عشان خاطر أختي وبما إنها خلاص راحت يبقى مليش مكان هنا.

ازداد انفعالها اكثر وقال بسخط

_بس هي كانت تستحق الموت.

رد سليم بحنق وهو يتقدم منه ليواجهه بحقيقته

_انت اللي وصلتها لكدة، انت اللي حرمتها زمان من حضن أمها وحرمتها من حضنك وقسيت عليها

خليتها تدور عليه برة لما فقدت الأمل تلاقيه معانا، ونسيت انها بنت ومحتاجها للحنان والاحتواء، دي كانت غلطتك وانا شاركت فيها.

أنا ماشي سواء وافقت أو رفضت أنا مش هستنى لحظة واحدة.

تركه وغادر من الغرفة كي ينوى ما أجله حتى الآن 

لن يكون بعد الآن دمية في يد والده

ولن يتراجع عمّ انتواه 

توجه إلى غرفتها يطرقها فتفتح وآثار البكاء مطبوعة على وجنتها انقبض قلبها خوفًا منه وسألته

_فين أسيل؟ اوعى تكون عملت فيها حاجة؟


لم يتركها تندهش كثيرًا واندفع داخل الغرفة ثم توجه إلى اغراضها يعبث بها 

سألته بحيرة وهي تقف أمامه تمنعه

_انت بتعمل ايه؟ 


قاطعها بأن نحاها من امامه وأخذ يقلب حتى وجد ما يبحث عنه هم بالخروج لكنها وقفت امامه تمنعه

_انت اخد البطاقة بتاعتي ورايح فين؟

دفعها مرة أخرى من أمامه وخرج من الغرفة مغلقًا الباب خلفه كي لا تخرج وراءه

ثم توجه لغرفة أمينة التي جلست تبكي على حال ابنتها 

دلف سليم بعد أن طرق الباب فسألته أمينة بخوف

_سليم فين أسيل أوعى تكون طاوعت ابوك وعملت فيها حاجة؟

رد بثبات 

_جهزي شنطتك عشان هتسافري الصبح اسكندرية عند حازم.

لم يكمل باقي حديثه وخرج من الغرفة ومن المنزل بأكمله


❈-❈-❈


في المشفى 

اسرع الجميع إلى حازم عقب دخوله بأسيل والتي لم يهدئ تشنجها منذ عشر دقائق.


دلفت غرفة الطوارئ وتركها حازم معهم 

ولم يعد يتحمل قلبه رؤيتها بتلك الحالة

ظل واقفًا أمام الطوارئ ولم يبالي باتصالات هايدي ولا أمينة التي لا تعرف ماذا حدث للان

تعلم جيدًا بأن سليم لن يستطيع فعلها لكن أيضًا لم يخبرها أين مكانها


خرج الطبيب بعد وقت طويل فأسرع إليه حازم يسأله

_خير يا دكتور مراد 

تطلع إليه الطبيب بامتعاض وقال باتهام

_انا مضطر يا كتور حازم إني اقدم بلاغ بالحالة 

البنت متعرضة لضرب مبرح وخاصة في الرأس وده هيكون سبب في مشاكل كتيرة بعد كدة.

حاول حازم تهدئة الطبيب وقال بكذب

_دي أختي وللأسف كانت راجعة من شغلها وجماعة حرامية طلعوا عليها وضربوها لما رفضت تديهم الفلوس اللي معها، وانت عارف لو بلغنا الشرطة هتبقى شوشرة على الفاضي.

لم يقتنع الطبيب بحديثه لكنه وافق بحق زمالتهم وقال


الصفحة التالية