-->

رواية جديدة جبل النار لرانيا الخولي - الفصل 20 - 1 - السبت 14/12/2024

  

قراءة رواية جبل النار كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية جبل النار

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة رانيا الخولي


الفصل العشرون

1

تم النشر السبت

14/12/2024



في الخارج

ظلت فايزة تسلط عينيها على باب الغرفة تنتظر خروجهم فقال فريد

_في ايه يا فايزة هتفضل عينك على الاوضة كدة؟

ردت بضجر

_اعمل ايه قلقانة أوي.

_طمئنها فريد بثقة

_ان شاء الله خير هايدي عاقلة وهتعرف تصلح امورها غير إن حازم عرف قيمتها بجد، ياريتها كانت عملت كدة من الأول بس أنا اللي ضغطت عليها بحجة إنها تحافظ على بيتها.

نفت فايزة حديثه

_هايدي حافظت على بيتها لأنها بتحبه مش عشان ضغطك عليها، وصدقني هي حاليًا بتكابر بس من جواها نفسها ترجع معاه دلوقت.

تفاجئ كلاهما بأصواتهم العالية فلم ينتظر احد منهم ودخوا الغرفة 

_في ايه يا ولاد.

رد حازم بامتعاض

_الهانم طالبة الطلاق.

تطلع إليها فريد بحنق

_صحيح الكلام ده؟

ردت بعناد

_اه يا بابا صحيح 

تطلع فريد إلى زوجته وقال بحدة

_عقلي بنتك يا فايزة

تطلع إلى حازم

_وانت يا حازم تعالى معايا.


في المكتب 

جلس فريد بجوار حازم وتحدث بعقل

_اللي اعرفه يا حازم ان اي راجل في الدنيا كلها بيتمنى عزوة واولاد يملوا عليه البيت، فلما تيجي انت تقول مش عايز الحمل ده ولازم ينزل يبقى أكيد في سبب قوى له، فإذا امكن يعني تحكيلي ايه السبب.

لم يعد هناك داعي للكتمان فقال بثبوت

_ياعمي الموضوع ده صعب عليا أكتر منها بس في سبب قوي يخلينا نعمل كدة.

قطب فريد جبينه بحيرة وسأله 

_يحقلي اعرف السبب ده؟

أومأ له ثم تحدث بصعوبة 

_بصراحة هايدي مينفعش تخلف تاني.

قطب جبينه مندهشًا وسأله 

_يعني ايه؟ ياريت توضح أكتر.

تنهد حازم بتعب وقال

_للأسف هايدي في التوأم أصرت انها تولد طبيعي مع ان حالتها كانت صعبة زي ما الدكتورة قالت قدامك وده سببلها مشاكل في الرحم يعني مش هيتحمل ولادة تانية ولا هيتحمل حجم جنين أصلاً

تألم فريد بحالة ابنته وتمتم 

_ لا حول ولاقوة إلا بالله، طيب يا ابني ليه مصرحتش هايدي بالحقيقة دي.

اخفض عينيه بحزن عميق وقال

_لأن الخبر ده هيبقى صدمة كبيرة اوي عليها وعشان كدة كتمته جوايا ومقولتش لحد عشان اضمن انه ميوصلش ليها.

تأكد الآن من حقيقة مشاعر حازم تجاه ابنته

_بس يا ابني انت لازم تقولها 

هز رأسه بنفي 

_لأ مش لازم تعرف.

_يعني هتسيبها كدة على عماها؟ طيب والحمل هتعمل فيه ايه؟

تنهد حازم بتعب وتمتم رغم صعوبة نطقها

_لازم اخلص منه.

_ازاي؟

نهض حازم وهو يقول بثبوت رغم شعور الألم بداخله 

_لما ييجي وقته هعرفك.

خرج حازم دون أن يضيف كلمة أخرى وهو يشعر بغصة مؤلمة في قلبه 

لا يعرف إذا كان منها أو عليها

استقل سيارته وانطلق إلى المشفى كي ينهي ذلك الأمر.


❈-❈-❈


في القاهرة

جلس حسين في بهو المنزل يتطلع إلى ابنه الذي يترجل من الدرج حاملاً حقيبته في وجوم تام.

وشاهي جالسة بجواره تضع قدم فوق الأخرى تهزها بكل أريحية ونظرات التشفي التي ترمق بها سليم هي السائدة الآن 

فالأمس علم أن والده سجل الفيلا باسمها ولم يتبقى سوى بعض الممتلكات التي لازالت بإسمه 

توقف سليم امامه وهو يسأله بفتور

_انا ماشي.

لوهلة ظهرت نظرة رجاء بعين حسين لكن لم تلبث كثيرًا وحل محالها الجمود

_برضه مش ناوي ترجع.

رد باقتضاب وهو يتطلع إلى شاهي التي ترمقه بتشفي

_لأ.

حافظ حسين على جموده وضغط على يديه يمنع تلك الرجفة التي أصابته في الآونة الأخيرة 

_اللي تشوفه، بس ياريت الزيارة الجاية تكون أطول من كدة.

أومأ له سليم وحمل حقيبته خارجاً بها من ذلك المنزل

لكن تلك المرة بلا عودة



في منزل سليم بأمريكا 

عاد سليم وهو يشعر باشتياق شديد لها

فرغم رفضها التام له إلا انه حقاً يشتاق إليها ان غابت عنه ولو ليوم واحد.

قريباً سيأتي الوقت المناسب ويخبرها بالحقيقة لكنه ينتظر منها أن تقبله كما هو.

لم يخبرها بعودته لأنها لم تسأله مرة واحدة في كل المكالمات التي دارت بينهم والتي كانت أغلبها مقتطبة

جلس على الأريكة بارهاق وتطلع بعينيه إلى غرفتها

شعر برغبة ملحة ان يدلف إليها وينهي ذلك الخلاف معترفاً بكل شيء لكن لم يحين الوقت بعد.

تطلع في ساعته فوجدها الواحدة ليلاً فقرر الدخول إلى غرفتها للاطمئنان عليها ثم يعود إلى غرفته.

فتح باب الغرفة لكنه أجفل حينما لم يجدها

انقبض قلبه بخوف ودنى من المرحاض يطرقه لكن ما من مجيب

خرج مسرعًا وقلبه ينبض بقوة ثم توجه إلى باقي الغرف لكن لا اثر لها 

اخذ هاتفه من على الطاولة وقام بالاتصال بها لكنه تفاجئ به بغرفتها 

خرج مسرعًا من شقته وتوجه إلى الشقة المقابلة لهم يطرقها

خرجت له فتاة لم يتعدى سنها العشرون عامًا 

_ابيه سليم، حمد لله على السلامة.

حاول سليم الابتسام

_الله يسلمك، هي وعد عندكم.

_لأ دي لسة راجعة شقتكم من شوية، خير في حاجة؟

ازداد الخوف بداخله 

_لأ مفيش اسف على الازعاج.

عاد إلى شقته

ولا يعرف لما ساقته قدماه إلى غرفته وبالفعل وجدها مستلقية على فراشه تحتضن منامته التي تركها على الفراش وقت ذهابه

بأقدام واهنة تقدم منها وهو مأخوذ بسحر تلك اللحظة

مستلقية على جانبها بمنامة قطنية قصيرة وخصلاتها المتماوجة مستلقية على الوسادة بجوارها وأخرى على جانب وجهها والباقي يرسو بأريحية على منامته هو.

شعر برغبة ملحة بأن ينضم إليها ويشاركها ذلك الفراش كما تمنى طوال تلك الأعوام 

ولم يتردد لحظة واحدة في ذلك

فجلس بكل حذر على الجانب الآخر بعد أن خلع سترته وحذاءه ثم استلقى واضعًا رأسه على الوسادة ويرمقها بمشاعر لم يعد باستطاعته التحكم بها

أخذ يتطلع إلى محياها يتنقل بعينيه بين ملامحها ببطئ حتى وصلت لثغرها

وقد كانت نظرة خاطئة منه إذ شعر بتدفق الدماء بأوردته حتى هدرت بقوة 

وتساءل هل إذا دنى منها أكثر وذاق مذاقها بقبلة خاطفة ستشعر به؟

تفكيره بشأن تلك البادرة جعلت الدماء تندفع أكتر حتى انفاسه أصبحت ثقيلة

رفع انامله ليبعد بها تلك الخصلة المتمردة عن وجهها 

فيتصلب جسده عندما يجدها تفتح عينيها وتنظر إليه بهيام تعجب منه رددت اسمه بخفوت ثم عادت لسباتها

لكن صوتها الرخو محى على تعقله ووجد نفسه يدنو منها يتنفس انفاسها مكتفياً بذلك كي لا يهدم تلك اللحظة

فأغمض عينيه يناشد النوم بجوارها


❈-❈-❈


ظل داغر يتقلب على جمر ملتهب كلما تذكر رؤيتها له وهو قابعًا أسفل قدميها يبحث عن ضالته

كيف لم ينتبه لدخولها؟

ما كان عليها ان تراه بذلك الضعف

اعتدل في فراشه وأخذ يتحسس المنضدة حتى عثر على سجائره وأشعل أحدها بغضب شديد 

لعن عجزه ولعن قلبه الذي اساء الأختيار من البداية

اسأله كثيرة يود اجابتها وأولها

يريد ان يعرف لما تعمل كممرضة

ولما أخفت هويتها

هل هربت من أهلها؟

هل جعلته يعشقها كي ينتشلها من براثين والدها وعندما علمت بعجزه لجأت لذلك الطبيب؟

يكاد يجن ولا احد يستطيع الوصول للحقيقة

إلى متى سيظل على ذلك الحال

ضغط على ساعة يده فعلم انها الخامسة صباحًا

نهض من فراشه واخذ يتحسس طريقه دون عصاه

لن يلجئ لها بعد الآن 

لا يجب أن تراه عاجزًا مستندًا على عصا 


خرج من الغرفة وتوجه للخارج فتلفحه نسمات باردة اشعرته برعشة تكتنفه

ظل يسير على الرمال حتى وصل للمياه

ورائحة اليود تخترقه

أخذ نفس عميق وجاءته رغبة بالذهاب برحلة على متن يخته الذي يقف على بعد عدة امتار منه 

عامان لم يبحر به ولم يعد بامكانه فعلها

لكنه قرر أن يكون دافعًا له كي يشفى من ذلك الداء

عليه الذهاب لتحديد العملية الأخيرة 

رغم ان الطبيب أخبره بأن الأمر يعد نفسي ولا يحتاج إليها لكنه لن ينتظر


اما هي فقد جفاها النوم وظلت تفكر فيه تارة وتارة أخرى تتأمل طفلهم

تفكر في مصيره عندما يكبر ويسألها عن والده

لقد رفضت عرض حازم لها بأن يتبناه لن تنسبه سوى لوالده.



لم تكاد تغمض عينيها حتى سمعت طرق على باب المنزل

نظرت في ساعتها فتجدها السابعة صباحًا 


فتحت الباب فإذا به سائقه يقول باحراج

_انا اسف إني جاي في وقت زي ده بس كابتن داغر بعتني عشان اجيبك دلوقت.


لم تفهم اسيل شيء فقد طردها أمس ويأتي اليوم ليعيدها

_بس انا سيبت الشغل …

قاطعها برجاء

_ارجوكي تيجي معايا تقولي الكلام ده بنفسك لأنه مش هيقتنع باي اعذار.

وافقت أسيل مسرعة عندما سمعت بكاء طفلها وقد لفت نظر السائق فقالت بوجل

_طيب استناني في العربية وانا جاية دلوقت.

وافق صالح واغلقت هي الباب ودلفت مسرعة لغرفتها 

حملت صغيرها والذي اخذ يبكي باعياء دخلت على اثره أمينة تسألها بقلق

_ماله في ايه؟

قالت أسيل بقلق

_مش عارفة بس جسمه سخن اوي.

جثت امينة جبينه فتجد انه حقاً محموم

_لا ده سخن أوي خلينا نتصل على هايدي تيجي تشوفه.

طرق الباب مرة أخرى فارتبكت أسيل حينما سألتها أمينة

_مين اللي بيخبط ده؟

ردت اسيل بتلعثم

_ده..ده.. السواق.

قطبت جبينها بدهشة وسألتها 

_سيباه مستني ليه اعتذري النهاردة

ارتبكت أسيل أكثر وردت باحراج

_مش هينفع.

_هو ايه اللي مش هينفع؟ وبعدين انتِ مش قولتي انك سيبتيه

ازدردت لعابها بصعوبة وتمتمت بتشتت

_مش عارفة بس هو مصر

هتفت امينية باستنكار وهي تأخذ منها الطفل

_أسيل اطلعي اعتذري وعرفيه انك مش هتروحي وتعالي اقعدي جانب ابنك هو محتاجلك اكتر من اي حد.

اخذت أسيل تفكر في حل 

هي لن تستطيع ترك ابنها بتلك الحالة وأيضاً تريد أن تكمل خطتها

حسمت امرها عندما سمعت الطرق مرة أخرى فقامت بفتح الباب وقالت باعتذار

_زي ما قولتلك مش هقدر اتواجد النهاردة وبكرة الصبح هكون موجودة.

وافق مجبرًا وذهب 

أما أسيل فعادت مسرعة إلى طفلها وقد ازداد قلقها عليه

_دادة اتصلي على هايدي بسرعة خليها تيجي تشوفه.

قامت أمينة بمهاتفة هايدي وأخذت أسيل ابنها لتضع رأسه اسفل المياه كي تهدأ حرارته حتى مجيء هايدي.

جاءت هايدي وهي تسألهم بقلق

_ماله إياد قلقتوني.

قالت أسيل بوجل

_سخن اوي ومش مبطل عياط.


الصفحة التالية