رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 48 - السبت 7/12/2024
رواية رومانسية جديدة راهبات الحب
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
راهبات الحب
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثامن والأربعون
تم النشر السبت
7/12/2024
حين قرر الطبيب أخيراً خروج عنان من المستشفى، كانت ود أول من استقبل الخبر بالبهجة والفرحة الشديدة، كانت الساعة تجاوزت العاشرة صباحاً، حين طلبت هي سيارة أجرة حتى تقل العجوز عنان إلى المنزل، لم تفكر في أي أمر آخر سوى أنه قد تحسنت صحته، فتحت كل نوافذ المنزل حتى تسمح للشمس أن تنير المنزل، واختارت عدد من الشراشف ذات الألوان المبهجة، واختارت كذلك بضع فاظات نحاسية صغيرة تضعها في زوايا المنزل حتى تضيء مع نور الشمس، كل تلك الأشياء اختارت أن تقوم على شراءها من التسوق عبر النت، كانت تريد أن يشاركها الفرحة كل جزء من المنزل، فاختارت الجديد في عدد من الزوايا، كانت نظرة عنان إلى البيت الخشبي نظرة عميقة كبيرة بها الكثير من لأسرار قبل أن يدخل إلى المنزل الكبير تركت داخل الفتاة علامة استفهام كبيرة داخل ود، وحاولت أن تجد في نظرة عنان إجابة ولكنها لم تفطن لها، أنها ليست نظرة عادية، أنها نظرة أخرى، نظرة تحمل ربما اعتذار، وطلب الصفح كانت تريد أن تسأله عن سر تلك النظرة ولكنها صمتت
غير معقول أن يخبره سليم بأي شيء، أو أنه تهور فعلاً وأخبره، فلقد أصبحت رعونة سليم أمر متوقع منه كل ما هو فج
همس عنان وهو يتأمل البيت الخشبي من خلف النافذة:
ـ تعرفي يا ود، البيت الخشب اللي مسك سابت فيه روح حلوة اوي دا ناقصه اي؟؟
نظرت ود إلى عنان الذي اختار هذا الركن من المنزل في ابتسامة وقد أسعد ها أن الأب الروحي لها قد استعاد هيئته النفسية مرة ثانية في المنزل:
ـ ناقصة اي يا بابا؟؟
نظر لها عنان في اهتمام وعمق، كاد أن يحرك شفتيه ويجيب لولا دخول سليم في تلك اللحظة قائلاً في لهجة اعتراض:
ـ أنت هنا!؟ طيب محدش قالي ليه؟؟ جيت ازاي؟!
في خطوتين فقط كان سليم يقف أمام عنان يقبل يده ورأسه، ويحدثه عن فرحته:
ـ سمعت صوتك من برا، قلت اكيد بيتهيألي، واكيد علشان بفكر اروح لك المستشفى، لما دخلت وشفتك قدامي حسيت انك كنت في سفر ورجعت وعمل لي مفاجأة٠
ثم نظر إلى ود التي تقف على مسافة قريبة من الجد وقال في لهجة ساخرة:
ـ كان مفروض آخد خبر، أنا بردوا من ضمن العيلة٠
ابتسم عنان وقال:
ـ قلت اسيبك لمشاغلك، عارف ان الحمل تقيل عليك، وبعدين المسافة من البيت المستشفى مش كبيرة، وأنت تعبت اوي الأيام اللي فاتت٠
تبادل كل من سليم والجد نظرات ذات معنى، الجد كان يعلم أن سليم قد عانى مؤخراً من ضغط عصبي ونفسي جراء صدمته في زوجته، والصدمة الثانية هي الخوف من الفراق الجد وما تبقي له من عائلته، عنان كان يقصد الألم النفسي الذي عاشه سليم مؤخراً ولم يكن يقصد الألم البدني، فهو يعلم أن سليم يعلم جيداً كيف يتعامل مع متاعب العمل ومشاكله والخلافات التي تحدث فجأة بينه وبين الوكلاء، تلك الأمور التي واجهها من قبل مرات ومرات على مدار سنوات، تحدث وحدثت وسوف تحدث
جر سليم أحد المقاعد وجلس في مواجهه عنان في حين قال عنان :
ـ تعرف نفسي في اي؟
دون أن ينتظر سؤال سليم له أجاب عنان في بساطة:
ـ نلعب دور شطرنج سوا زي زمان٠
هتف سليم في صوت به لهجة اعتراف حقيقي:
ـ هتغلبني اكيد٠
اعترض الجد:
ـ مش معقول دا انا كمان تركيزي مش زي الأول٠
هتف سليم وهو ينظر الى جده في حنان:
ـ وأنا كمان مبقاش فيا تركيز واهتمام اني افوز٠
سادت لحظات صمت بين كل منهم، في حين تابع عنان ود وهي تنسحب إلى داخل المطبخ، استمع إلى صوت الخلاط وهو يزمجر على الطاولة وشم رائحة الجوافة الطازجة، في حين نهض سليم مسرعاً نحو المكتب وهو يعلن عن أسباب الانسحاب:
ـ ليا شوية اوراق هنا نسيتهم من الصبح، من حسن الحظ أن نسيتهم علشان ارجع تاني واشوفك٠
هز عنان رأسه في تفهم، خرجت ود من المطبخ وضعت اثنين من كاسات العصير أمام عنان الذي قال وهو ينظر إلى غرفه المكتب:
ـ سليم تعال اشرب العصير قبل ما تخرج٠
خرج سليم من الغرفة المكتب كان يحمل حقيبة جلدية زرقاء اللون، أشار إلى الجد على عجالة قائلاً:
ـ عندي شغل مهم لازم أخلصه، لما ارجع بليل ناكل سوا٠
خرج سليم نظرت ود إلى عنان في هدوء كبير حملت كأس العصير ثم وضعته في يد الجد، نظر عنان إلى الكأس الثاني أشار لها أن تلتقطه ثم قال:
ـ سليم بيحاول يكون آلة شغل، بيحاول يتغير ويجبر نفسه على كدا، ودا شيء صعب اوي عليه، هو فاكر أن دا هو علاجه، بس مع الاسف دا هو هلاكه، سليم فيه جزء فيه بدأ يكون متغير شوية٠
فكرت ود أن تخبره أن سليم الان افضل من سليم التي تعاملت معه في الأيام القليلة الماضية فقالت في هدوء:
ـ الإنسان بينسى همه في الشغل، يمكن الفترة دي هو محتاج الشغل علشان ينسى٠
نظر لها عنان في عمق ثم قال بعد تفكير:
ـ أنا عايزه يتعلم من اللي حصل، يتعلم ازاي يميز الحلو من الوحش؟ ازاي يشوف الاصلي ويحكم عليه وازاي يشوف التقليد ويحكم بردوا عليه، التجربة اللي عدى بيها دي مش سهلة على اي حد عادي يا ود، مش حد زي سليم، سليم خام راجل خام بمعنى الكلمة، والخوف على الخام من الصدمات تق-تله، أو تطحنه، لو حد معفرت زي ما بيقولوا ومقطع السمكة وديلها، لو سليم له تجارب تانية كان عرف وفهم غرام دي من الأول، بس هي عرفت تطوي سليم كويس وتوهمه أنها بتحبه وفهمت ازاي تتعامل معاه ٠
أعقبت ود في بساطة:
ـ نقدر نقول دلوقت أن خطر غرام زال من طريق سليم، بس في خطر تاني على سليم، خطر سليم على نفسه٠
وحين انتهت ود من كلماتها أعقب عنان بموافقته على كلامها، ولكن كل منهم كان يحمل معنى مختلف، لهذا قال في هدوء:
ـ أنا مش هسيبه ل قوقعه أحزان تاني، مش هسيب أي حد تاني يغير سليم أو يأذيه٠
نظرت له ود في تفكير ثم قالت وهي تستعيد في ذاكرتها صورة سليم في البيت الخشبي مع الفتاة بنت الليل وقالت:
ـ طيب لو سليم اختار أنه يتغير الحل اي؟
نظر لها عنان في تساؤل في حين أجابت هي في هدوء:
ـ سليم اتغير فعلاً يا بابا، سليم بقا في حدة في تصرفاته٠
أعقب عنان في بساطة:
ـ دا نوع من أنواع الدفاع عن النفس مش اكتر٠
تنهدت ود وقالت في لهجة تحمل توسل:
ـ بابا علشان خاطري لازم تعرف أن سليم مش صغير سليم راجل ومسئول عن كل تصرف يعمله، سليم مش اول راجل يتخان من مراته ولا اخر راجل، أنا شايفة أنه كل دا هيعدي في حيات سليم، أنا بس عايزاك تبعد عن التفكير الكتير و الانفعال٠
❈-❈-❈
إن رحلة الذهاب رحلة متعبة، بها الكثير من الخطي التي تؤلم العقل والجسد، رحلة الذهاب بها كثير من الأحلام والأماني والطموح، رحلة بها الضحكات والشغف،
حين يحتويك روح التحدي ف تصرخ بأعلى صوت أنك قادر على الحواجز العالية وقادر على السباحة في الأمواج العاتية، يدفعك املك لهذا، إلى أن يتخلى عنك الأمل، ويهزمك الشاب وتتعالى الحواجز عنك ويقذفك الموج إلى هناك حيث مرفأ الرمال
عائد أنت بهزيمتك وخيبتك وظلال الهزيمة
تسكن حناياك، العودة صعبة مخزية مهينة
ما أصعب تلك العودة
أما من مفر منها؟
ألا يوجد سبيل آخر
ليتني أقف هنا في منتصف المسافات
ولا أعود ، ليتني أقف هناك فلا يلمح طيفي أحد، ولكن الهروب أصبح محال هذا محال، ليس هناك غير العودة فرض واجبار، وفي عودتي لابد أن أحفظ ماء وهي لابد أن تتبع الحيل والخداع والقسوة ردائي
سوف أخدع الجميع، سوف أتبع الحيل، لن أصبح بعد اليوم ضحية أو فريسة تؤكل، سوف اكون أنا السيد أنا من بين يده تموت الضحايا
سوف أعود برايه المنتقم
( منزل عنان في الساعة الخامسة عصراً)
كانت زيارة آسر الى منزل عنان في هذا اليوم مفاجأة إلى الجميع، وما خفف وطأة المفاجأة هي الدكتورة كارولين التي قالت وهي تحمل بوكية ورد كبير مختلف الالوان الاصفر والأحمر والأبيض:
ـ أنا بعتذر اوي عن أن جيت من غير اتصال، بس قلقت على ود، من اخر اتصال بينا مش عارفة اتواصل معاها، وعربيتي في الصيانة، عربية دكتور آسر تستحمل من هنا ل اسكندرية فقلت استغل وجوده٠
كان وجود الجميع في حديقة المنزل، حيث اختارت الدكتورة كارولين الجلوس وهي تتأمل الأشجار قائلة:
ـ كان نفسي في بيت زي دا، أنا اللي ازرع الجنينه بنفسي، بس الحياة العملية واخدة كل الوقت٠
آسر وافق كارولين الرأي وقال وهو ينظر إلى ود:
ـ المكان هنا ممكن ملهم اوي يدي ألف لوحة و لوحة٠
رفع آسر رأسه إلى حيث الربوة المرتفعه عن الأرض التي تواجه المكان ونظر إلى البيت الخشبي وقال:
ـ دي لوحدها لوحة٠
ثم نظر إلى ود وقال:
ـ لو رسمتيه هتطلعي تحفه فنيه٠
هزت ود رأسها علامة النفي وتابعت:
ـ المكان دا بالذات مينفعش ارسمه٠
نظر لها آسر في نظرة تحدي وقال:
ـ اي السبب٠
أعقبت ود في لهجة بساطة وهي تنظر إلى البيت الخشبي و ذهنها يموج بذكريات الطفولة:
ـ حاسة اني هسجنه في لوحة، ومش هياخد حقه ولا الاحساس اللي بحسه هناك هيطلع في اللوحة علشان كدا مينفعش ارسمه٠
اعترض آسر في تحدي:
ـ بالعكس انت أفضل واحدة ترسمه٠
ثم نظر إلى عنان وقال:
ـ اي رأي الوالد؟؟
عنان نظر لهم في هدوء ثم قال:
ـ ساعات بنحس اللي جوانا صعب نعبر عنه بالكلام، لأن الكلام مش هيوصل المعنى كويس وهيكون ديما ناقص،ناقص يوصف الاحساس، فبيكون الصمت والسكوت، وهو دا نظرت ود للمكان٠
هز آسر كتفه في عدم اقتناع في حين تابع عنان:
ـ أنا مع ود في أي رغبة ليها، لاني فاهم احساسها كويس٠
أوقف سليم سيارته أمام المنزل، نظر إلى سيارة آسر، ولم يكن في حاجة إلى أن يعلم أن هناك غريب بالداخل، فور أن اجتاز البوابة الحديدية،
توقفت خطواته أمام الدكتورة كارولين ثم نظر إلى آسر ولكن هذا التعجب من وجودهم وعدم معرفته بهم لم يمنعه من أن يمد يده حتى يصافح الجميع ويرحب بهم، جلس إلى جوارهم في حين تابعت
كارولين وهي تنظر إلى سليم:
ـ يا ترى بقا أخوك له نفس الموهبة يا ود؟!
نظر سليم إلى ود ثم رفع رأسه إلى كارولين وقال قبل أن تجيب ود :
ـ لا٠
همست ود وهي تصحح لهم صلة القرابة:
ـ أنا وسليم مش :::::
اعترض عنان في أسلوب هاديء قبل أن تفر الكلمات من ود:
ـ لا سليم استاذ في شغل التجارة بس٠
آسر قال وهو ينظر إلى سليم في اعجاب:
ـ الراجل اللي شغال في التجارة فنان من نوع خاص، فنان ذكي كمان، يقدر يتعامل مع الكل، يقدر يفهم شخصيات مختلفة ويقدر يوصل للي هو عايز يوصله بسهولة وبحرفيه٠
ثم نظر إلى ود وقال:
ـ ود فنانة ولها حس مرهف جداً، عندها ذكاء فنان وعقل فنان كمان، بس مش عقل رجل الأعمال، لو عقلها عقل رجل اعمال:::
توقفت الكلمات على لسان آسر، في حين قالت كارولين في اعتراض:
ـ كانت هتكون آسر نسخة تانية اكيد٠
نظر آسر إلى كارولين وقال:
ـ أنا شايف أن ود مميزة جداً و:::
برقت في ذهن آسر الفكرة في الحال، عبر عنها ونظر إلى سليم يطلب منه دعم:
ـ ممكن انت تقدر تقنع ود أنها تنتقل للشغل معانا، وجودها مع الموظفين هيكون حالة جميلة، هيفرق معانا أنا واثق من كدا، هي ممكن تدرب البنات على حاجات معينة، وجودها لازم يكون ليه مساحة اكتر من كدا في الشغل٠
نظر سليم إلى ود في تساؤل وقال في لهجة سخرية :
ـ شغل!؟
نظرت عين سليم ل ود أن هناك أمور تجري في الخفاء ودون أن يعلم أحد، في حين لم يعقب عنان ولم يتأثر كثير بكلمات آسر، هتف آسر وهو يطلب دعم مرة ثانية من سليم:
ـ وهي كمان هتكون مميزة في مكانها في كل حاجة٠
أشار سليم إلى ود بيده قائلاً في لهجة نفاذ القرار كله من يده:
ـ قرارك٠
ود نظرت إلى دكتور آسر وقالت:
ـ الوقت الحالي بجد صعب اسيل بابا عنان، صعب كمان افكر اني ممكن ابعد عنه، اللي اقدر اعمله هو الشغل على فترات مع دكتورة كارولين زي ما الأمور ماشية٠
اعترض آسر:
ـ وقت الشغل لو اربع ساعات في اليوم في الشركة هيكون تمام معاي، ممكن اخلى تحت امرك عربية توديك وتجيبك وقت ما تعوزي، مش هيكون هناك ضغط عليك من أي نوع، وهيكون شغلك مع كارولين، أنا شايف أن الأيام اللي جاية وجودك فارق في الشركة، الشهر الجاي أنا هسافر فرنسا شهر كامل بعد تلات اسابيع أنا ودكتور عاطف وهيكون الشركة كلها مع دكتورة كارولين، وجودك هيكون داعم ليها، وهيكون ليه تقل في المكان، بطلب منك انك تفكري تاني و بشروطك اللي مافيش حد هيعترض عليها٠
لم تجب ود في حين قال آسر وهو يراقب وجه ود:
ـ هسيبك تفكري و دكتورة كارولين هتتواصل معاك٠
نهضت كارولين من مكانها فجأة قالت في أسلوب مزاح ل آسر:
ـ ود معانا يا دكتور آسر، ود جزء من الشركة٠
نظر آسر إلى الجميع ثم قال في لهجة تحمل حماس:
ـ في ساعات بتكون مميزة في عمر الانسان اكيد منها الساعة اللي قضيتها معاكم٠
ألقى سليم نظرة على ظهر ود التي ترافق دكتورة كارولين ودكتور آسر وقال و هو ينظر إلى عنان:
ـ طارق هيكون مسئول عن الشغل كله بكرة٠
هتف عنان وهو ينظر له في حذر:
ـ بكرة!؟
أعقب سليم في هدوء:
ـ ليا صاحب مسافر من وقت كتير مشفتهوش هروح استقبله بكرة في المينا٠
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية