رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 49 - اثلاثاء 10/12/2024
رواية رومانسية جديدة راهبات الحب
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
راهبات الحب
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل التاسع والأربعون
تم النشر الثلاثاء
10/12/2024
صوت المنشار صباح اليوم التالي هو ما أيقظ ود من النوم، اخذت من الوقت عشر دقائق كاملة حتى تفيق وتدرك أن الصوت ليس في المنزل أنه في البيت الخشبي هناك على الربوة، الصوت يوازي سرير نومها لهذا تستمع له في هدوء، نهضت من مكانها والقت نظرة من النافذة، كان عنان هناك يقف أمام الأرجوحة التي انقسمت إلى شطرين بعد أن تكسر الغصن الذي يحملها، و المنشار في يده هزت راسها في عدم تصديق وخوف حقيقي على من قام على تربيتها وصاحت في أسلوب رفض:
ـ لا يا بابا مش معقول٠
ثم أطلت برأسها من النافذة وصاحت وهي تشير بيدها له:
ـ بابا، اللي بتعمله دا غلط وخطر كمان٠
رفع عنان رأسه لها، ثم أشار بيده علامة نصر حتى تختفي مخاوفها ولكنها صاحت:
ـ لا أنا جاية استني وأنا أعمل لك اللي انت عايزه٠
أبدلت ود بيجامة النوم الملساء التي ترتديها في سرعة وارتدت بنطال جينز مع سترة قطنيه سوداء، حين وصلت إلى هناك كان عنان يحاول أن يعيد تصليح الأرجوحة الخشبية:
ـ هي مش هتاخد نص ساعة تصليح٠
أمسكت ود المنشار في رفق شديد وقالت:
ـ ولو دقيقة واحدة مش مسموح بها إجهاد ليك، بابا أنا ممكن اجيب نجار يصلحها٠
هز عنان رأسه ويده علامة الرفض القاطع وقال:
ـ لا، لا٠
تنهدت ود في نفاذ صبر، جلست على الأرض وقالت وهي تضع المنشار خلف ظهرها:
ـ طيب نأجل الموضوع دا شوية، أسبوعين كمان، اكيد محدش هيركب المرجيحة اليومين دول٠
جلس عنان إلى جوارها على الارض، نظر إلى المنزل وقال:
ـ مين اللي قفل البيت بالقفل؟
فكرت ود قليل أن تتجاهل السؤال ولكن عين عنان التي نظرت لها في إصرار جعلها تهتف في خفوت:
ـ أنا اللي عملت كدا، خفت على المكان، شفت عيال صغيرين في المنطقة كانوا بيكسروا في كل حاجة، قلقت منهم قفلت البيت٠
ألقى عنان نظرة إلى السماء ثم قال:
ـ أنت حصل مشكلة بينك وبين سليم الأيام اللي فاتت؟؟
وقع السؤال على ود كان مفاجيء، لم تتوقع ود أن عنان يسألها في هذا التوقيت عن سليم، قالت في بطء شديد:
ـ لأ، خالص يا بابا٠
نظر لها عنان في عمق ثم قال بعد تفكير:
ـ أنا ملاحظ انكم مش بتتكلموا مع بعض، ملاحظ كمان أن في مسافات بينكم، زي ما يكون كل واحد فيكم متجنب التاني، العلاقة بينكم بقت غريبة ومش منطقية، توقعت انكم تكونوا قريبين اوي من بعض زي ما كنتم على الأقل قبل ما::::
صمت عنان دقيقة قبل أن يكمل:
ـ قبل ما سليم يطلق غرام، بس اللي أنا شايفه أن العلاقة بينكم مبقتش حتى عادية دي بقت معاملة اغراب٠
حاولت ود أن تبرر ما يحدث فقالت:
ـ اللي حصل اني اتهمته أنه هو السبب في تعبك، هو دا سبب المسافات في التعامل، والفجوة اللي حصلت٠
نظر لها عنان في شك ثم تابع:
ـ مع أن الحوار بينك وبين سليم عمره ما كان فيه اختلاف أو اتهامات٠
تحدثت ود في صوت مرتفع بعض الشيء وهي تنظر إلى العشب الذي يحيط بهم:
ـ الأيام اللي انت تعبت فيها كان كل واحد فينا مش قادر يفكر صح، وكل انفعالتنا كانت عكسية٠
نظر عنان لها في هدوء ثم قال:
ـ أنا لو من سليم وحصل لي كل المواقف اللي حصلت دي، لازم يكون دماغي حديد وقلبي صفيح علشان اعرف اكمل في الحياة
لم تعقب ود في حين اكمل عنان:
ـ سليم أتيتم وداق الحرمان بدري، طلع الدنيا ملقاش أبوه ولا أمه، كل اللي كان له راجل عجوز، ماسك فيه وبيقوله انت أبن ابني، طفولته كانت صعبه علشان كدا كان ديما عنيف و مشاغب، لانه مش قادر يستوعب حياته من غير ام ومش لاقي حنان، حتى لما جت مسك وادته الحنان، عرف يعني اي أمومة معاها، حس بطعم البيت والعيلة وعرف معنى الأخوات معاك والدفا، جه فراق مسك فراقها كان صعب عليه، لانه داق مرارة أن أمه تموت مرة تانية، بس يمكن اللي خفف المرة دي أنك كنت موجودة، كل واحد فيكم كان ليحاول يخفف عن التاني، صدمته في غرام كانت أكبر من أن يتحملها واكبر كمان من أن أنا اللي أطلعه منها، لاني من وجهه نظره ساعتها أنا اللي ضيعت حقه و هدرت كرامته و لاغيت شخصيته، سليم رجع تاني بس المرة دي جرحه لسه متداوش، جرحه لسه موجود، جرح كبير غويط بينزف لجوه، لسه حاسس بطعنة الغدر، لسه مخنوق، وهو رافض يقول اللي جواه أو يظهره، هو بس حكاية تعبي اللي اتفاجيء بيه اللي خلته يحس بالذنب، ويقرر أنه يرجع هنا، الخوف تاني من أن الموت اللي شافه مرة واتنين وتلاتة بياخد العزيز عنده، ياخد منه جده، وهو أول مرة يشوفني في التعب دا، طول عمرة شايفني صالب حيلي، أول ما شافني رافض الحياة، رجع لي، هو دا اللي خلاه يغطي جرحه بايده علشان محدش يشوفه وهو بيتألم، أنا مش عايزك تلومي عليه أو تحمليه ذنب تعبي، أنا تعبي كله كان لاني حسيت اني خسرت سليم وضاع مني، بس رجوعه دا يدينا كلنا مسئولية أن كل حاجة لازم ترجع زي الأول٠
سادت لحظات صمت بين ود وعنان، قبل أن ينهض عنان من مكانه ويشير إلى المنزل قائلاً:
ـ لما يجي سليم يبقى يصلح هو المرجيحة، ويشوف الغصن اللي انكسر وينقل الحبال على غصن تاني ٠
ثم نظر إلى القفل المغلق وقال في لهجة استياء:
ـ ويفتح القفل عن الباب، البيت الخشبي دا لازم يبقى مفتوح، ليه نهجره؟؟ ممكن اوقات كتير لينا نقعد فيها هنا، أنا بفكر انقل المكتبة هنا واخلى ساعات قراءة الكتب هنا، البيت زي ما يكون مهجور ودا فال مش كويس٠
رفع عنان بصره إلى السماء وأشار إلى سحب داكنه أعلاه وتابع:
ـ كانت مسك بتقول أن أي سحابة غامقة، سحابة حزينة بتنشر طاقة سلبية في المكان، والسحب اللي بتمطر بتنشر فرح وسرور على المكان، البيت في قفلته طاقة حزن و جاذب لكل حاجة حزينة، أنا أوقات كتير بحس أن روح مسك هنا، وبتبص علينا و بتطمن علينا من وقت للتاني٠
نظرت له ود في شفقة مما دفع عنان أن يقول:
ـ بقولك احساس، وإحساس كبار السن صادق ديما٠
اعترضت ود في لهجة بها رفق مع ابتسامة كبيرة:
ـ بابا انت لسه صغير، بلاش تقول انك كبار السن ٠
أشار لها عنان حتى يسيروا في إتجاه المنزل الكبير قائلاً:
ـ لا كبار السن لهم مميزات بردوا وبركات، أنا معنديش مانع اكون كبار سن٠
اتخذ عنان خطوة إلى الأمام تتبعنه ود فقال وهو يبرر وجوب الذهاب إلى المنزل:
ـ طيب يا لا تفطر سوا، وبعد كدا هتصل على طارق اشوف الشغل ماشي ازاي؟ سليم هيبات في اسكندرية كام يوم مع صاحب ليه٠
❈-❈-❈
ما جعل ود تستيقظ في هذا الليل هو صوت هاتفها الذي ظل يرن دون انقطاع، مما جعلها تستيقظ وهي مذعورة من أن يكون هناك مكروهاً قد أصاب عنان، فور أن استيقظت ركضت إلى غرفة عنان وحين وجدته نائم، هدأت مخاوفها قليل ولكن ظلت قدماها ترتعش بلا انقطاع، وهي تسير إلى حيث غرفة نومها مرة ثانية، نظرت إلى هاتفها في سخط وقالت في صوت منخفض:
ـ اي الرقم دا؟!
فكرت أن تغلق الهاتف ولكن تفكيرها أن قد يكون سليم هو المتصل، ربما هناك أمر ما يتعلق ب سليم يريد أحدهم اخبارها به، الهاتف لا يكف عن الرنين وكأنه يعلن عن عصيانه عن الصمت، مما جعل ود تمسك به في عصبية بالغة و حاولت أن تكون هادئة وهي تقول:
ـ آلو٠
جاء صوت آسر من الجانب الآخر:
ـ ود؟!
كان صوته مثل سؤال يريد أن يحمل لهجة إجابة ب نعم، أما هي فلقد كانت تريد أن تقذف الهاتف في سلة المهملات لانه سبب لها هواجس عديدة، وهذا الاتصال كاد أن يصيبها بجلطة في القلب أو صدمة عصبية، جاء صوت آسر يهتف من جديد:
ـ ود ٠
نظرت ود إلى ساعة الحائط التي تشير إلى الثانية صباحاً وقالت وهي تضع يد في شعرها:
ـ ايوا أنا ود٠
صوت آسر جاء يردد من جديد:
ـ ود٠
في هذا اللحظة كادت ود أن تغلق الهاتف ولكن صوت آسر جاء من جديد يهتف في اعتذار:
ـ أنا آسف شكلي صحيتك من النوم٠
تنهدت ود في نفاذ صبر، وشعرت بحاجتها إلى شرب ماء فسارت مبتعدة عن الغرفة حتى تهبط الدور الارضي وقالت في صوت مليء بالتعب:
ـ ممكن اعرف سبب الاتصال؟ اكيد خدت الرقم من دكتورة كارولين٠
صوت آسر جاء جريء:
ـ تخمين مظبوط، هو من الدكتورة كارولين، بس قبل ما تعاتبي الدكتورة كارولين، أنا خدت الرقم من الفون بتاعها وهي مشغولة، وسبب الاتصال اني حاسس اني عايز اتكلم معاك قبل ما اسافر ٠
صبت ود ل ذاتها كوب ماء شربت منه قليل ثم جلست في الصالة الكبيرة بعد أن أضاءت النور، جلست على كرسي و فردت ساقيها على الكرسي المواجهه لها وقالت في صوت منخفض يعبر عن السخط:
ـ أنا مش متعودة أتلقى اتصالات في الوقت دا حتى لو كان الشخص دا حد قريب مني٠
كادت كلماتها تعبر عن استنكارها لما يفعله آسر ولكنها لا تستطيع أن تغلق الهاتف في وجهه، أرادت أن يصل له المعنى في اسلوب راقي فتابعت:
ـ مناقشة أي أمر ممكن يكون الصبح افضل من الليل، وبعدين أنا اكيد مافيش تركيز للكلام أو التفكير في الوقت دا٠
هتف آسر في صوت به الحاح ورفض إلى إنهاء المناقشة:
ـ لما تعرفي أهمية الموضوع اكيد هتعرفي ليه كل حاجة كان لازم تتم في الوقت دا ولازم الاتصال دا، الموضوع مش عادي دي حاجة تتعلق بمستقبللك٠
اعترضت ود:
ـ مستقبلي؟! طيب أنا::::
أعقب آسر في صوت يحمل صيغه الجدية:
_ اسمعي يا ود، موهبتك دي اكبر من تصميمات اعلانات وافكار التمويل انت لازم تنافسي الرسامين الكبار، لازم توصلي للعالمية كمان، أنا فكرت كتير في موهبتك
انت قادرة تبهري اي حد اي شخص اي فنان، موهبتك لها تأثير على اي حد بيشوفها من أول نظرة٠
أغمضت ود عينيها حاولت أن تتجاهل كلماته التي ترن في أذنها، أنها في حاجة إلى النوم وليس إلى مناقشات حول موهبتها وماذا يجب أن يفعله آسر؟! أو ماذا يريد لها؟
اعترضت ود في صوت منخفض:
ـ دكتور آسر لو سمحت٠
ولكن آسر قال في صوت قاطع وحاسم:
ـ بعد ما اجي من فرنسا، في مسابقة عالمية في امريكا، تقريبا بعد شهرين، الوقت دا كفاية اوي انك ترسمي لوحة أو اتنين وأنا هختار لوحة منهم وتشاركي ل
بيها، صدقيني يا ود أنا واثق أنك هتاخدي مركز في المسابقة دي٠
هتفت ود في محاولة اعتراض:
ـ ايوا بس::::
اكمل آسر في صوت به لهجة تصميم:
ـ ربنا لما يدي حد موهبة مش علشان يكتفى بمساحة معينة، لا ربنا بيدينا الموهبة علشان الكل يشوفها الكل يا ود، فهمتي؟ انت مش اقل من الفنانين العالميين بالعكس انت احساسك أنا واثق أنك أعلى منهم٠
فتح باب المنزل في تلك اللحظة، كادت ود أن تصرخ من الفزع، ولكن وجه وج-سد سليم الذي ظهر عند الباب فجأة وقد كان عامل المفاجأة كبير على ود وكذلك سليم الذي وقف عند الباب ينظر لها وهي تتحدث على الهاتف في هذا الوقت المتأخر وقد ارتدت تي شيرت ازرق بلا أكمام و شورت قصير أبيض وتركت شعرها منسدل على كتفها، نهضت ود من مكانها وهي تنظر إلى سليم الذي جاء في اليوم ذاته عكس ما أخبرها الجد أنه سوف يبيت عدة أيام، نظر لها سليم في تعجب ثم رفع رأسه إلى أعلى حيث ساعة الحائط وكأنه يخبرها في حيرة ما الذي يحدث هنا؟
جاء صوت آسر من جديد على الهاتف:
ـ خلاص اتفقنا يا ود؟!
ود كانت تنظر إلى سليم، تمنت أن تهرب وتركض إلى أعلى، ولكن قدماها كانت مثل شوال الملح ثقيلة ولا تريد أن تستجيب لها، وصوت آسر يكرر في إصرار:
ـ خلاص اتفقنا يا ود؟!
نظر سليم إلى الهاتف في يد ود ثم نظر لها في عمق واهتمام في حين بلعت ود ريقها في صعوبة وجاء صوت آسر يكرر:
ـ أنا عارف انك هتسمعي كلامي وتنفذيه لأنك الوحيدة اللي ليها مكان عندي٠
نظرت ود إلى سليم الذي يتابع المكالمة في اهتمام شديد، وقالت في صوت منخفض وهي تحاول إنهاء المكالمة:
ـ اوكي اوكي٠
لم يكتف آسر بهذا الرد فتابع:
ـ اوعديني يا ود، مش عايز أشيل هم وأنا مسافر، اوعديني يا ود تنفذي طلبي وتحققي حلمي، أو هقول حلمنا احنا الاتنين اوعديني٠
هتفت ود في سرعة وهي تحاول إنهاء المكالمة:
ـ اوعدك٠
صوت آسر جاء يهتف في سعادة:
ـ بجد أنا اسعد مخلوق في الدنيا دي اني سمعت وعدك لي، انت مش متخيلة كمية السعادة اللي جوايا وأنا بسمع منك موافقتك، هسافر فرنسا وأنا سعيد وهعد الليالي علشان ارجع وتختار سوا، تعرفي أنا هستنى اللحظة دي بفارغ الصبر، أنا متشكر اوي يا ود بجد متشكر اوي اوي، طيارتي بعد ساعة واحدة بس من دلوقت ومن دلوقت لحد ما ارجع وأنا متفائل بسبب كلامك، متفائل بيك انت بجد منحة ربانية، ثانكس جاد ( شكراً لله) ٠
أغلقت ود الهاتف في سرعة، أخيراً انتهت المكالمة، أرادت أن تهرب من وجه سليم الذي ظهر على وجه الازعاج وقال في صوت ساخر:
ـ دا دكتور آسر؟!
لم تجب ود في حين قال سليم وهو ينظر لها نظرت اتهام واضحة:
ـ وعود في نص الليل؟
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية