-->

رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 51 - الأربعاء 18/12/2024

 

رواية رومانسية جديدة راهبات الحب

من روايات وقصص الكاتبة

 هالة محمد الجمسي


رواية جديدة 

راهبات الحب

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الواحد والخمسون

تم النشر الأربعاء

18/12/2024 



ألقت كارولين نظرة على ود التي ترسم في هدوء إحدى اللوحات من خلف زجاج الغرفة الخاصة بها في المكتب ثم فتحت باب الغرفة في هدوء تام، وسارت بضع خطوات إلى أن وقفت تماماً خلف ود وهمست في صوت منخفض:

ـ ود٠


تركت ود القلم من يدها ورفعت بصرها إلى الدكتورة كارولين وهمست:

ـ نعم يا دكتورة٠


جلست كارولين أمامها وضعت يد على يدها وقالت:

ـ أنت شكلك تعبان أوي يا ود، روحي على البيت وكفاية كدا النهاردة٠


هزت ود رأسها علامة الرفض التام لكلمات كارولين وتابعت في صوت مخنوق:

ـ لا أنا لسه مخلصتش اللوحة، كمان لسه فاضل ساعة على ميعاد العربية٠

اعترضت كارولين في لطف:

ـ بلاش حجج يا ود، العربية اللي خلاها آسر تجيبك و توديك البيت موجودة تحت بالسواق بتاعها، آسر قالك انت مش ملزمة ب وقت معين حضور وانصراف،  بقالك  معاها يومين مستلمة الشغل، بتيجي من اول النهار من قبل اي حد ما يدخل الشركة، وبتمشي بعد الكل،  بصراحة أنا شايفة انك محتاجة راحة، مش محتاجة ت ق تلي نفسك هنا، أنا شايفة أن كدا أنت حار رسمي٠ 

سادت لحظة صمت بين كل منهم قبل أن تبرر ود الوضع قائلة:

ـ بابا مسافر والبيت وحش اوي من غيره٠

نظرت لها كارولين في حنان وقالت:

ـ واضح انك مرتبطة بيه اوي، اي رايك تيجي تعيشي معايا فترة سفر بابا عنان، البيت فيه أنا وجوزي وابني٠

شعرت ود بالحرج من عرض كارولين فتابعت:

ـ متشكرة يا دكتورة، بس انا فعلاً مقدرش ابات برا البيت٠

رفعت كارولين اصبع يدها إلى أعلى وقالت وقد انتبهت لشيء ما:

ـ آها علشان أخوك كمان، واضح أن شغله مخليه برا البيت علشان كدا انت حاسة بالوحدة٠


هتفت ود في حيرة:

ـ اخويا؟! 

 كارولين قالت وهي ترفع لوحة ود إلى أعلى:

ـ ايوا سليم، تعرفي أنه شاب ممتاز، يعني ماسك شغل وطريقه واضح، مكمل مسيرة باباك عنان، يعني  غير شباب اليومين دول، يعني الواحد بيشوف نماذج بجد يعني يكون في عون الأهالي منهم، أنا ممكن استئذن من سليم انك تيجي معايا البيت اي رايك؟ 



كادت أن تخبر كارولين أن سليم ليس شقيقها كما تظن ولكنها ولكنها بدل من هذا قالت في لهجة تحمل استسلام:

ـ في حاجات كتير في البيت محدش بيعملها غيري، جنينه البيت، مكتبة بابا، يعني مينفعش اسيب البيت نهائي٠


ألقت كارولين نظرة على اللوحة ثم قالت:

ـ ود انت مش ملاحظة حاجة في رسوماتك الأيام دي؟ 


هزت ود كتفيها دون أن تجيب في حين تابعت كارولين في لهجة توبيخ رقيقة:

ـ كلو رسوماتك الأيام الأخيرة فيها طرق  الحزن متشعبة، أنا مش هنكر أنها جميلة وتحفة، بس أنا شايفة أن الألوان نفسها محتاجة تتغير يا ود، مافيش ولا لوحة مبهجة؟! كل الرسومات دي انعكاس ل ود في المود بتاع الأيام دي، ودا مش عارفة أوصله ليك ازاي؟! بس اللي اقدره أقوله أن في حاجات كتير مش هينفع الشغل هنا في الوكالة٠


صمتت كارولين دقيقة ثم تابعت:

ـ أنا عايزة تصميم لإعلان عن معجون سنان لأطفال، مش عايزة حزن بأي شكل من الأشكال، أنا بخاطب الأطفال وعايزة اعمل منتج شرائي، حبيبتي لازم تفصلي بين حالتك النفسيه والهموم اللي انت فيها  والشغل عايز اي؟ دي وكالة اعلانات مؤسسة فيها موظفين لازم يكون في ربح علشان العجلة تدور 

فهمتي؟ 

همست ود وهي تنظر إلى كارولين نظرة عتاب: 


ـ اللوحة دي عرضتها على دكتور آسر وافق عليها للمسابقة، مش خاصة بأي شغل هنا٠


هتفت كارولين في حيرة:

ـ مسابقة؟! 


انتبهت ود في تلك اللحظة أن آسر قد أخبرها أن رقمها قد تم أخذه من هاتف كارولين دون علمها، هذا يعني أن أمر المسابقة لم يطرح من الأساس على كارولين،   فقالت وهي تحاول أن تخرج من المأزق، خاصة بعد أن شاهدت في وجه كارولين غضب :

ـ هو قال هيدخل بيهم مسابقة بس محددش مسابقة اي؟؟ مدخلش في تفاصيل٠


نظرت لها كارولين في حيرة ثم تابعت:

ـ خلاص انا هتكلم مع آسر بخصوص المسابقة وأفهم التفاصيل كلها،  علشان أجهز الأوراق الخاصة بيها٠ 


خرجت كارولين من المكتب الخاص ب ود، مما تعطي فرصة ل ود أن تمسك هاتفها في سرعة وتترك رسالة إلى آسر، وهي تشعر بالذنب بسبب زلقان لسانها بأمر المسابقة، كانت تأمل أن يستطيع آسر إنقاذ الموقف كله بعد رؤيته إلى رسالتها، حين مر أكثر من خمسة عشر دقيقة، دون أن يتلقى آسر الرسالة، شعرت ود بعقدة الذنب داخلها تتعاظم، هي لا تريد أن تكون سبب في إزعاج الدكتورة كارولين، ولا تريد أن تشعر أن وجودها قد أزاح قدر من أهميتها داخل الوكالة، حملت حقيبتها  وهمت بالخروج من المكتب، حين تلقت رسالة من آسر قرأتها في عجالة:


( كنت افكر بك منذ لحظات) 


لم تجب ود على الرسالة، في البداية ظنت أن آسر قد أخطأ بينها وبين شخصية أخرى، فهذا لم يكن الجواب الذي تنتظره ود، ولكن مرت ثانية قبل أن تأتي رسالة أخرى من آسر:


ـ أنا امتلك الشركة وأنا صاحب القرارات بها، ما أريده أنا انفذه،  ليس من المفترض  أن أعود إلى كارولين حتى توافق، ما أفعله لا  يخضع إلى سلطة كارولين،  ٠


ارسلت ود رسالة مرة ثانية:

ـ دكتور آسر، أنا لا أريد أن أكون سبب في  أي تعكر المزاج لل الدكتورة  كارولين، أشعر أنه خطأي،  ولا اعرف كيف اتصرف؟؟؟ اظن هذا الأمر سوف يحدث خلاف بعد هذا، لا اعرف كيف اصف الأمر، ولكن أنا افكر إذ حدث خلاف بسبب وجودي هنا، يجب أن أغادر المكان، 


آسر أرسل رسالة سريعة:

ـ أنت تهتمين من أجل كارولين اذن، لماذا تربطين الأسياء ببعضها بتلك الطريقة؟؟ أنها ليست طريقة للعمل، اقدر وجود كارولين وهي تعلم هذا، وهي مميزة من الناحية المادية٠


ود كتبت في سرعة:

ـ اظن أنا التي لا أستطيع أن أتعامل بشكل عملي، هذا خطأ مني ويجب أن أنسحب٠


آسر في سرعة:


ـ إذن  هذا هل كل ما يشغل عقلك الآن، كل الرسائل من أجلها هي، سوف نصل أنا وأنت إلى اتفاق جيد، أنا أعرف هذا

ـ سوف افعل هذا الشيء من اجلك أنت، لاني لا اريد أن يكون هناك  أمر سيء  يشغل ذهنك، واريدك أن تظلي بالعمل بالشركة، الوقت الآن ضيق، هناك أمور يجب أن انفذها، سوف أقوم على مراسلة كارولين  ٠


مضت خمس دقائق كانت ود قد استخدمت المصعد حتى تستقل السيارة   الخاصة بالعمل التي تنتظرهافي طريق العودة إلى منزلها حين جاءت رسالة آسر:


ـ عزيزتي ود، كل شيء بخير الآن، أخبرت كارولين أن المسابقة سوف تقام بعد ست اشهر، وما اطلبه منك هو ما اطلبه من فنانين آخرين اثق في ريشتهم، هل مزاجك معتدل الآن؟؟ 


مرت دقيقة قبل أن تصل رسالة أخرى من آسر:

ـ هل مزاجك معتدل الآن؟؟ 


اكتفت ود بكلمة نعم، في حين جاءت رسالة آسر:


ـ هذا شيء يسعدني حقاً، اريد أن يكون مزاجك معتدل في كل ا لأوقات،  حين أعود سوف اتحدث اليك كثيراً، ود هناك أمور عديدة اريد أن اتحدث لك بها٠


❈-❈-❈


حين عادت ود إلى المنزل كان فارغاً، هي تعلم هذا الأمر جيداً، سوف يظل سليم في الخارج إلى أن ينتصف الليل، ثم يأتي ويغلق أبواب المنزل والبوابة الحديدية دون أن تراه ود، هي فقط في الطابق العلوي تشعر بخطواته داخل المنزل حين يعود، وفي الصباح تذهب هي مبكراً قبل أن يستيقظ، المنزل مثل منزل مهجور بارد خاوي لا صوت له ولا حياة داخله  منذ سفر عنان، الغربيين داخله يتجنب كل منهم الآخر، في اليوم التالي حين استيقظت ود كان سليم قد أبكر منها بالعودة وهذا أمر وجدته محمود نوعاً ما، أنه يوم الإجازة الخاصة بوكالة الاعلان، ود اخذت قرار أن تهتم بالجزء الخلفي من الحديقة، اختارت أن تقوم على زراعة شتلات مختلفة للزهور، حين تكبر الزهور تستطيع ود أن تشاهد نموها من نافذة غرفتها الخلفية، أرادت ود  أن تضيف بعض من الحياة إلى المنزل وهذا الجزء الخالي من الحديقة، ربما أضاف وجودهم تحسن في مزاجها الذي اعتل منذ هذا اليوم مع سليم،  طلبت الشتلات من إحدى المتاجر القريبة من المنزل، لم يستغرق وصوله إلى المنزل سوى خمس وعشرون دقيقة فقط، وارتدت بنطال اسود وتي شيرت  بأكمام طويلة من نفس اللون، 


مضت في تهذيب الأرض بفأس صغير كان ملك ل مسك وبعدها قامت على غرس الشتلات، ثم جلست على الأرض تلتقط أنفاسها  وقد تصبب العرق منها واتسخت يدها ووجها أيضاً، نهضت بعد قليل وقامت على سقى الشتلات سقط الخرطوم من يدها وهي تسمع صوت سليم خلفها يصرخ عليها من أعلى من نافذة غرفتها بالتحديد:


ـ ود أنت هنا وعنان باعتني مخصوص علشانك! 


كانت كلمات  سليم مثل بارود متفجر في تلك اللحظة،  وجهه كان غاضب مثل عاصفة هوجاء، ود هتفت وهي تنظر من أسفل إلى حيث يتواجد سليم:

ـ أنت  ازاي تتدخل الأوضة من غير استئذان؟ 


سليم  هتف وهو ينظر لها في استنكار:

ـ كان لازم ادور عليك في كل مكان،  لأن عنان شك أن في حاجة حصلت لك، تليفونك بيضرب من الصبح ومافيش رد منك، عنان اتصل بيا و القلق والخوف مصور له أن حادثة حصلت لك أو في حاجة مش خير اتعرضتي ليها، وحضرتك سايبة تليفونك جوا شنطتك في الدولاب، ونازلة تحت في اخر جزء من البيت وقاعدة مع نفسك، وأنت عارفة ومتأكدة أن عنان بيكلمك الصبح أول ما بيصحى وبليل قبل ما ينام، وبعدين في تصرفاتك دي يا ود؟


لم ينتظر سليم جواب أو رد من ود، في خلال دقيقة واحدة كان قد وقف أمامها وهو يمد يده لها بالهاتف وصوت عنان على الجانب الآخر:

ـ ود أنت بخير؟؟ 


شعرت ود بالذنب من صوت عنان وهتفت:

ـ أنا آسفة يا بابا، بس انا مخدتش بالي من الوقت، وأنا في الجنينه تحت٠


عنان قال وقد أطمئن قليل:

ـ المهم انت كويسة، هتصل تاني بليل أنا رايح دلوقت على المسجد النبوي٠


ود وهي تنظر إلى سليم الذي ينظر لها في نفاذ صبر أن تنهى الحديث مع عنان:

ـ وأنا هستنى مكالمتك بليل٠


مدت ود يدها إلى سليم بالهاتف فقال في أسلوب حاد:


ـ أنا طبعاً مش هعرف أسيب الشغل كل شوية واجي اقولك ردي على الفون،  أنا مش فاضي، وحاولي كمان متشتيش فكر راجل عجوز عايز يتمتع ب مناسك  العمرة٠


غادر سليم فور البوح بكلماته، في حين صعدت ود إلى غرفتها اخذت حمام دافيء و قامت على  و ضع ملابسها في الغسالة، ثم هبطت إلى المطبخ وصنعت بعض الفطائر المحشوة بالجبن، مضت عدة أيام وهي تكتفى بشرائح السميط العريضة ب الزعتر والكمون ،  لم تجد في ذاتها اي شغف حتى تقوم على طهي اي نوع، هي لا تجد شغف إلى الطعام أيضاً، فاكتفت بفطائر تصلح في جميع الأوقات، حين انتهت كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة بعد العصر، تذكرت انها منذ الصباح لم تتفقد هاتفها، صعدت إلى الغرفة ونظرت إلى ملابس النوم  التي تستقر أعلى فراشها بخجل شديد، لقد شاهد سليم الغرفة وهي في حالة فوضي، أخرجت الهاتف من حقيبتها كانت هناك عدد من الرسائل من كارولين أنها بحاجة إلى تصميم على وجه السرعة في الصباح الباكر، ورسالة آخرى  من

آسر، يخبرها أن   تضع في اللوحات بعض من  المناظر الطبيعية، ربما اختارها آسر   تركت ود الهاتف، ليست في مزاج مناسب إلى الرسم، هبطت إلى الدور الارضي 

أشعلت زر التلفاز وشاهدت فيلم قديم أمريكي، مضت خمس و  أربعين دقيقة قبل أن يفتح الباب، ويدخل سليم، لم تتحرك ود من مكانها أنها تعرف خطوات سليم جيداً، لقد جاء في هذا الوقت المبكر ربما سوف يأخذ بعض الأوراق ويرحل، 

خطوات سليم التي توقفت خلف ود تماماً 

بضع دقائق قبل أن يتجه إلى غرفة المكتب جعلت  

ود تفهم أن سليم كان ينوى قول شيء ما ولكنه تراجع عن هذا


وهي قد حمدت الله أنه تراجع عن هذا، هي اكتفت حقاً من الشجار معه، لم يعد لديها الطاقة لهذا الأمر، أنها تفتقد سليم القديم، سليم الذي تربت ونشأت معه، ذو القلب الحنون والفكر الهاديء،  رفيق الطفولة والصبا والشباب الذي كان توأم روحها ونظيرها العقلي، من تشاركت  معه أوقات سعيدة جميلة، لا تقدر بثمن، تساءلت في حيرة هل يفتقد سليم ذاته القديمة؟ أو هذا المشاغب  الفظ السيء داخله يروق له؟ كيف يمكن أن يتغير الإنسان إلى النقيض بتلك السرعة؟ هي تعرف أن ما مر به سليم كان قاسي وصعب ومؤلم

ولكنها في اسوء ظنونها وتفكيرها لم تكن تتوقع أن سليم سوف يكون هذا الشخص السيء 


حين انتهى الفيلم قررت أن تصعد إلى اعلى حتى تنفذ لوحة إعلان عن الشيكولاتة، حين مرت أمام غرفة المكتب استمعت إلى صوت سليم يضحك، مما جعلها تبطء حركة قدمها، أن أذنها لا  تخدعها، سليم يضحك، ثم استمعت إلى صوته وهو يهتف في أسلوب ساخر:

ـ خلينا متفقين من الأول انك إنسانة متفتحة٠ 


صعدت ود الدرج واستمعت إلى ما تبقي من الحديث كأنها يلاحقها؛

ـ مروة أنا فاهم انت بتعملي اي علشاني، فاهم ومقدر والله وعلشان كدا أنا بقدرك، انت ليك مكان عندي،  حقيقي وجودك عمل اختلاف كبير، و هتشوفي معايا الفرق ٠


أغلقت ود باب  الغرفة خلفها، وفكرت في صمت 

سليم يتحدث مع امرأة، قائمة نساء سليم لن تنتهى، الكلمات توحى أن هناك علاقة بين سليم ومروة، مزاج سليم أصبح معتدل واستعاد ضحكته مرة ثانية؟ هل هي قصة حب جديدة في حياته؟ أو  هي مثل الفتاة الأخرى التي جاء بها إلى المنزل الخشبي؟!


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة