رواية جديدة راهبات الحب لهالة محمد الجمسي الفصل 54 - الأحد 29/12/2024
رواية رومانسية جديدة راهبات الحب
من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية جديدة
راهبات الحب
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الرابع والخمسون
تم النشر الأحد
29/12/2024
( وكالة الاعلان والدعاية المملوكة ل آسر آفري ويevery way
اخذ سليم نفس عميق
ثم قال وهو ينظر إلى وجه ود الذي امتلأ بالغضب والحزن:
ـ حرب!! أنا مش في حرب معاك يا ود٠
نظرت له ود في حدة ثم قالت:
ـ لأ، دي حرب يا سليم، حرب من اول يوم انفصلت فيه انت عن غرام، زي ما يكون أنا السبب في اللي حصل، أو ليا يد في كدا، أنت معدتش حد غيري، مش حرب عادية، كمان حرب عليا في سمعتي كمان٠
اقترب سليم من ود ثم جلس إلى جوارها وقال:
ـ الكلام كان في لحظة غضب مش اكتر، والكلام اللي في لحظة غضب مبيكنش فيه تركيز٠
ود نظرت إلى الاوراق ثم نظرت له هزت راسها وهي تنفي رفض تقبلها كلماته وتابعت:
ـ والاتهامات كانت امبارح بس؟ انت حتى كمان مبقتش فاكر أنت كام مرة وجهت لي الاتهامات دي٠
نظر لها سليم في تفكير وقال:
ـ واي اللي يرضيك وترجعي البيت؟
اخدت ود نفس عميق ثم قالت وقلبها يعتصر من الألم:
ـ أنا مش هرجع البيت٠
نهض سليم من مكانه وقف أمامها مباشرة ظهره إلى الموظفين بالمكان ثم تابع في حدة:
ـ يعني اي؟ ازاي مترجعبش البيت؟ دا مش منطق، ولا عقل ولا تفكير مظبوط، ود أنت فاهمة انت بتقولي اي؟
الزجاج الذي يحيط بكل منهم كان عازل للصوت ولكن ود هتفت في صوت يكاد يسمعه سليم:
ـ خلاص خدت القرار و نفذته، مافيش رجوع٠
خبط سليم المكتب بيده وقال في صوت غاضب وهو لا يصدق أذنه:
ـ يعني اي؟ يعني اي مش هترجعي البيت؟ أنا فاهم غضبك يا ود، فاهم انك تغضبي وتزعلي، بس القرار دا لأ، وأنا مستعد اعتذر لك عن كلامي، و ننهى الموضوع ٠
ود اتجهت ببصرها بعيد عن سليم، كيف تشرح له أن بعد كلماته واتهامه لها شعورها بأن جدران المنزل قد لفظتها؟ كيف تخبره أنها تشعر أنها دخيلة على المكان؟ لا تنتمي إلى هذا المنزل؟ أنها تريد عائلة، تبحث عن عائلة عوض عن تلك التي ذابت من حولها فجأة، لهذا تريد أن تعود إلى ما تبقي لها من العائلة التي تنتمي لها، سوف تذهب الى شقيقه والدتها، فكرة الهجرة تسيطر على عقلها، لم يتبق سوى هذا الحل٠
تنهدت في حزن ثم قالت في أسلوب يحمل توسل أن يتركها سليم ل شأنها:
ـ لو سمحت يا سليم ٠
تابع سليم وهو ينظر لها في عمق وكأنه يشاهدها لأول مرة:
ـ ود لا دا مش عقاب ليا لوحدي، دا عقاب ل جدي عنان كمان٠
نظر سليم إلى وجه ود الذي ملأه الهم جراء التفكير وتابع:
ـ أنا مش هقدر أشيل ذنب تعبه تاني، أنت فاهمة كويس اوي أن اي انتكاسة تانية معناها موته، حاولي تفكري في قراراتك، القرار دا مستحيل اسمح بيه، مستحيل٠
ران صمت بينهم، مما جعل سليم يجلس مرة ثانية إلى جوارها وقال:
ـ أنا اوعدك أن الغلط مش هيتكرر تاني، اوعدك كمان أن المعاملة بينا هتكون مرضية ليك، في أي تاني ممكن أقدمه علشان ترجعي عن قرارك؟!
ود فكرت قليل، هل يمكنك أن تعود بي إلى سليم القديم؟ هل يمكنك أن تصلح هذا الصدع الذي أحدثته في قلبي؟ وهذا الجفاء الذي تذوقته بحسرة وحزن؟ هل تستطيع أن تمحوه من جوارحي؟ أنا احتاج الى رفيقي الذي كان يحتويني، احتاج الى هذا الذي كان يقرأ عقلي، ويلمس قلبي، أنا احتاج الى من شببت إلى جواره، ولكن كيف اشرح لك الأمر؟ لقد تبدلت تماماً، لم تعد مثل ما كنت، قبل أن تلتقيها، كنت شخص آخر اعتمد عليه في كل أمر، واحتمي خلف ظهره من كل عسر، كنت عضد لي، والآن غرقت السفينه التي كانت تبحر بنا، ثقبتها بيدك، لقد انتهى المطاف، هل تحاول أن تقنع عقلي أنك لا تزال كما أنت؟ يدك أفلتت يدي منذ وقت بعيد،
لقد تم محو ما بيننا منذ تلك الليلة، تلك الليلة التي جئت بساقطة حتى تمحو آثار خيانتها لك، لن انسى نظرة عينيك في هذا الوقت، لقد خيل لي انك تسخر مني في هذا الوقت، لقد كانت نظرتك نظرت انتقام، لقد قـ*تلت أنت سليم الذي كان يحتويني، سليم شبيه الروح، توأم عقلي، وبئر أسراري وصديق سنوات العمر، لقد تركتني وحيدة دونه، تذوقت مرارة الفقد، كيف أسامحك على كل ما فعلت؟ كيف؟
انتزع سليم ود من أفكارها، وهو يقول:
ـ أنا هاجي اخدك بعد ساعتين من هنا٠
ود هتفت في انزعاج وهي ترفض الفكرة:
ـ لا يا سليم٠
تابع سليم في حدة:
ـ جدي هيكلمنا بعد ساعتين ولازم تكوني في البيت، جدي بعيد عنا ولو عرف أنك مش في البيت، هيحصل له حاجة هناك، احنا مش جنبه علشان نسعفه، ومش هنعرف نطمن عليه، أنت فاهمة كويس اوي أنت بالنسبة له اي، أنت مش محتاجة اقولك انك أغلى من بنته كمان، لو عايزة تقضي عليه وهو هناك، مترجعيش معايا بعد ساعتين٠
اعترضت ود وهي تنظر إلى سليم في تحدي:
ـ بلاش تخلط الأمور، أنا هكلم بابا عنان واقوله اني هتأخر هنا في الوكالة٠
تحركت أصابع سليم على المكتب، نقر بها محدث صوت مرتفع، ثم قال في حسم وهو يشرح لها ويوضح لها الأمر:
ـ هو كلمني قبل ما اجي، طلب مني ميعاد علشان نكون موجودين أنا وأنت سوا، في حاجة عايز يقولها لينا احنا الاتنين سوا، حددت له الميعاد بعد الضهر، طبعاً مقلتش له إنك سبتي البيت، لأن محتاجة في حياتي، محتاج له اوي، وبلاش هو يا ود، بلاش جدي يتاخد بذنبي أنا، إذ كان العقاب واجب وضروري ودا أمر أنا فهمته خلاص فهمت أنه هو هيتنفذ منك، يبقى العقاب ليا أنا، بلاش هو٠
تنفست ود في عمق، سليم لم يفهم بعد كيف تفكر هي؟ لقد زادت الفجوة بينهم، بل هي تزيد بمعدل أميال كل دقيقة وأخرى، حاولت أن تلم شتات غضبها من سليم، في حين دخل الساعي وهو يحمل اثنين من فناجين القهوة قائلاً:
ـ القهوة المظبوطة، اي أوامر تانية يا استاذة ود ليك أو ل ضيوفك؟
همست ود في لهجة شكر وأمتنان:
ـ شكراً يا عم راغب٠
انصرف الساعي بعد أن وضع الفناجين على المكتب، التقط سليم الفنجان في هدوء شديد، رشف بعض قطرات منه وهو يراقب وجه ود في ترقب عميق، ينتظر في صمت كلماتها وقرارها، رفعت ود نظرها له، شاهدت في عينيه تحفز شديد، يحاول إفساد ما تريد فعله، قالت في صوت منخفض:
ـ سليم::::
بترت عبارتها فجأة حين شاهدت آسر وقد اقتحم المكتب الزجاجي فجأة وقال في صوت به صيحة دهشة:
ـ سليم، مفاجأة حلوة اوي، ليه مقلتيش ليا يا ود أن سليم جاي النهاردة؟!
❈-❈-❈
(هل تستطيع أن تسمع صمتي؟ هل أنت قادر على هذا؟ إذ كنت لا تستطيع أن تسمع صوتي فكيف تستطيع أن تسمع كلامي؟إن ما يفصل بين وبينك ليس أشخاص، ليس هم، ولكنك أنت، أنت من تضع الحواجز، أنت من تقيم الحدود بيننا، أنت من لا تستطيع أن تدرك كيف اشتاق لهذا الذي ملأ لي الأمس، لا تستطيع أن تشعر بحاجتي اليه، أجل أنا بحاجة إلى سنوات عمري الماضية، اريدها أن ترتد لي، بعبيرها، رحيقها، دفئها، جمالها، قوتها، زهوتها، وهذا الذي كنت أستند عليه في ضعفي في الماضي، أريده أن يكون في حاضري، أنا احتاج له، فأنا امرأة تقتات على ذكريات الامس حتى تعيش اليوم، لا أستطيع أن امحوها، لا أستطيع أن أمضي إلى الحاضر دون أن أضع بين يدي الأمس، ولن اجد آخر أثق به، قاموس لغتي لن يقبل بلغة آخرى تضاف له)
كلمات آسر جاءت بمثابة تصريح واف إلى سليم، أن هناك أمور عديدة بين ود و آسر، احاديث مطولة صريحة وسرد يومي أيضاً لكل ما يحدث، نظر سليم إلى ود ثم إلى آسر وقال:
ـ أنا مقلتش ل ود اني جاي، زيارة مفاجئة، اعذرها بقا٠
نبرة حديث سليم و سخريته اللاذعة، جعلت ود تقطب جبينها في حدة، في حين قال آسر:
ـ مفاجأة مفيدة بجد، كنت عايز اتكلم معاك محتاج منك وقت يا سليم٠
نظر سليم إلى آسر في إهتمام، في حين قال تابع آسر:
ـ كنت بفكر ازاي:::::
بتر آسر حديثه فجأة حين علا صوت رنين هاتفه، في حين قال آسر في لهجة اعتذار:
ـ طيب انا لازم ارد على المكالمة دي، وبعدين ارجع للكلام معاك٠
خرج آسر من المكتب، شعرت ود بتكهرب الجو فجأة، نظرت عين سليم لها تحمل ذات الاتهام الذي قذفها به ليلة أمس، قال سليم في لهجة حاسمة:
ـ أنا هعدي عليك بعد ساعتين، أنا كمان عندي شغل لازم أتابعه٠
حاولت ود أن تتحدث ولكن مغادرة سليم السريعة للمكتب، جعلت الأمر غير ممكن، من خلف زجاج المكتب راقبت ود آسر وهو ينهى مكالمته وينطلق خلف سليم، الذي استمع له في هدوء شديد، ثم غادر الوكالة سريعاً، بعد هذا اكتفت ود بإكمال لوحة ل صخرة تقف ثابتة في منحدر سريع الانزلاق
لم تشعر بدخول آسر إلى المكتب، فقط انتبهت إلى وجوده، الذي قال وهو ينظر عن بعد:
ـ هايل يا ود كنت لسه هطلب منك أعلان عن شركة تأمين، تعرفي أن الإعلان دا ليوضح أن التعامل معهم بيعفي من الصدمات الحوداث، بالاخص حوادث السيارات٠
استغرقت ود دقيقة حتى تستوعب كلمات آسر، كان دخوله المفاجئ ،قد جعلها تشرد قليل، قرأ آسر افكار ود سريعاً فقال في ابتسامة خفيفة:
ـ واضح اني شغلتك عن الابداع٠
لم تجب ود حاولت أن تجد كلمات لهذا الموقف، من أجل المجاملة ولهذا صرحت في وضوح:
ـ أنا بنعزل عن العالم كله وانا برسم، علشان كدا أي حركة أو صوت مفاجئ صعب معاه ارجع تاني ل نفس الاندماج٠
اقترب آسر من ود ثم قال وعينيه فيها بريق اعجاب:
ـ أنت حالة فريدة يا ود، حالة أنا نفسي مش قادر أوصفها، بس عارف ان مالهاش حدود في التميز، و مالهاش حدود في الابداع٠
ود قالت في صوت منخفض وقد شعرت بالخجل الحقيقي من اطراء آسر:
ـ المميزين في كل مجال موجودين وفي كل مكان، واكيد هتقابل في يوم حد موهبته تفوق موهبتي٠
هز آسر رأسه علامة النفي وقال:
ـ لا أنا واثق اني مش هقابل حد موهوب اكتر منك، لو كان في حد فعلاً زيك كنت شفته السنين اللي فاتت، هنا او فرنسا أو امريكا، أنا مشفتش حد زيك٠
نظر آسر في ساعته ثم قال:
ـ لازم امشي، نكمل حديثنا بعدين٠
رنين هاتف ود بعد انقضاء ساعتين، كان المتصل سليم، حاولت ود أن تتجاهل الرنين، ولكن سليم لم يكف عن الاتصال، مما جعلها تغلق الهاتف، وتلتقط حقيبتها وتخرج من الوكالة، كان سليم يقف في الانتظار
بالسيارة، نظر لها في صمت وهو يضع الهاتف على أذنه، قال وهو يشير لها أن تصعد إلى جواره:
ـ يا لا٠
لم تجد ود مفر أن تصعد إلى جواره، في كل الأحوال هي قررت أن تنهى المكالمة الهاتفية مع عنان في المنزل ثم ترحل، سليم كان يقود السيارة في سرعة، يضع نظارة شمسية على عينيه، ملامح وجهه تشير إلى انشغال شديد بأمر ما، رن هاتفه، فور أن ألقى نظرة على المتصل حتى وضع السماعات في أذنه واستقر الهاتف على رجله اليمني، استمعت ود إلى صوت أنثوي
ناعم ينساب إلى أذنها:
ـ سليم معلش انشغلت الصبح عنك، كنت عايزاك ضروري٠
سليم قال وقد خفف سرعته حتى يعطي إلى الطريق جزء من الإنتباه:
ـ بكرة اجي لك، مش هتأخر عنك يا مروة ٠
جاء صوت مروة مرة ثانية متسائلاً في الحاح:
ـ سليم انت فين بالظبط؟
سليم في تبرير وهو يوضح لها انة لا يمكنه المجيء في الوقت الحالي:
ـ أنا سايق العربية دلوقت، قدامي خمس دقائق واوصل البيت، في أمور كتير ورايا، بعد ما اخلص هشرح لك كل حاجة، وهيكون في وقت نتفق على ميعاد٠
مروة في لهجة عتاب:
ـ كنت محتاج اتكلم معاك النهاردة، في أمور لازم نتفق عليها، لازم٠
سليم قال وهو ينهى المكالمة في حسم:
ـ بليل نتكلم، صدقيني هكلمك في نفس الميعاد، سلام٠
استطاعت ود أن تلمس تلك الأريحيه في حديث سليم ومروة، هناك انسجام واضح، تستطيع ود أن تلمس هذا من خلال المكالمة، رغم أن سليم منشغل الفكر، ولكن هذا لا يمنع أنه في حالة توافق فكري معها، رغم أن سليم جعل المكالمة فيها من التحفظ ما هو واضح إلى ود
ربما وجودها هي ما جعل الأمر به من التحفظ ما لمسته في كلمات سليم أن يرجي المكالمة إلى الليل، حيث يمكنه الحديث بحريه أكثر من هذا٠
خرجت ود من السيارة، دون أن تنتظر أن يخرج سليم، ألقت نظرة على حديقة المنزل، شعرت أنها غابت عن المنزل سنوات وسنوات وليس مجرد ساعات، اتجهت إلى الحديقة الخلفية التي قامت على زراعتها بيدها، نظرت إلى الشتائل التي تسألها أن ترويها في توسل شديد، في هدوء التقطت الخرطوم والحقته ب الصنبور، ثم فتحت الماء وشاهدت سريان الماء وهو يسرع الركض داخل الأرض، أغلقت الصنبور ثم نظرت إلى أعلى حيث نافذة غرفتها، النافذة مفتوحة على مصراعيها، شعرت بغضة في قلبها، ترك المنزل ليس أمر سهل عليها، الأمر شاق مثل اقتطاع روحك في بطء شديد، فور أن استدارت حتى تدخل الى المنزل، شاهدت سليم يقف على مقربة منها، تبادلا نظرة صامتة، أقترب سليم من ود، أنهى المسافة بينهم، ثم قال في صوت به من الإلحاح والإصرار الكثير:
ـ كنت فين امبارح يا ود؟!
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي، لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية