رواية جديدة سرداب الغرام لندا حسن - الفصل 7 - 1 - السبت 14/12/2024
قراءة رواية سرداب الغرام كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية سرداب الغرام
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ندا حسن
الفصل السابع
1
تم النشر يوم السبت
14/12/2024
"في الصباح"
"دلف "مراد رضوان" من بوابة المنزل الخاص بهم إلى الداخل ليقف "يوسف" صاحب السبع أعوام مُبتسمًا مرحبًا بعودته ابتسم إليه والده بجدية وأقترب من شقيقه "زيدان" الذي كان يجلس على الأريكة وبيده حاسوبه الصغير يلعب به وضع يده على رأسه في حركة حنونة وأقترب يقبله سائلًا عن أحواله فتنحى "يوسف" جانبًا تاركًا إياهم فلم يجد منه ذلك الإهتمام الذي نبع من قلبه تجاة ابنه الأكبر على الرغم من أنه دومًا يكون في انتظاره وانتظار ولو لحظة واحدة حنونة منه كما يفعل مع شقيقه..
-أنا هاخدك معايا النهاردة علشان تشتري كل اللي نفسك فيه
بعفوية طفل شديدة رغم أن نفسه كانت عزيزة تدلت الكلمة من بين شفتيه بسرعة حماسية:
-وأنا يا بابا
نظر إليه والده بجدية ثم أجابه بمنتهى الفظاظة وعدم الرحمة:
-هبقى ابعت معاك السواق يا يوسف مرة تانية
عاد للخلف خطوة ناظرًا إليه نظراتٍ غريبة كليًا على طفل مرح محب للحياة ولعائلته مثله، نظر إلى شقيقه بعين الغيرة القاتلة للوهلة الأولى والثانية فلما تدارك والده ذلك صاح عاليًا:
-في ايـه
أتت والدتهم سريعًا تنظر إليهم متسائلة:
-في ايه يا مراد
وقف على قدميه بعدما كان اتكأ ليقترب من ابنه صائحًا بصوت عال:
-شوفي ابنك ماله بيبص كده ليه ده
أقتربت منه وانحنت إليه تنظر إليه بحنان وهدوء تسأله:
-مالك يا يوسف يا حبيبي في ايه
أجابها والحسرة في عيناه ونبرة صوته تشتعل بالحرقة التي اختلجت صدر طفل منه تجاة والده:
-مافيش
وقفت لتتمسك بيده تأخذه بعيدًا:
-طيب تعالى معايا يا حبيبي
استمعت إلى صوت زوجها الذي قال برفق:
-جهزي زيدان هاخده معايا يشتري اللي هو عايزة
نظرت إلى "يوسف" بقلة حيلة، برفض لما يفعله زوجها، بحزن طاغي غطى كل ملامحها وتفهمت ما الذي حدث كي يكون هكذا!..
أبتعد بعيناه وداخله يحترق، يشعر بأنه منبوذ من والده أول الأشخاص والأقرب والأحب إليه، كيف ولما لا يدرك عقل طفل صغير مثله هذه الأمور ولكن ما يدركه أنه لا يحبه بل يحب شقيقه الأكبر.."
نائمًا على ظهره يتوسط الفراش وهي جواره تنام على جانبها تحتضن صدره بذراعها، كان يتصبب عرقًا، جبينه يقطر مياة وجسده تصلب بعدما كرمشت ملامح وجهه وكأنه يخضع لكابوس وقد كان كذلك..
ارتفعت أنفاسه وشعر بحرارة الغرفة من حوله وكأن النيران مشتعلة بها، أزاح الغطاء الخفيف عنه ليظهر صدره العاري، وأبتعدت يدها عنه، شعرت بحركته المفرطة على الفراش ففتحت عينيها لترى أنه ربما يخضع لكابوس فـ ملامح وجهه وذلك العرق الذي ظهر عليه أكد لها ذلك..
جلست على الفراش تعدل من هيئتها، عادت بخصلاتها الغجرية التي كانت متناثرة حول وجهها تزعجها للخلف ووضعت يدها على صدره تهتف باسمه بهدوء والنعاس مازال أثره عليها:
-يوسف
لم يستجب لنداءها واستدار للناحية الأخرى بعدما أصدر صوتًا دليلًا على انزعاجه فلم تتركه محاولة مرة أخرى الإقتراب منه:
-يوسف حبيبي
فتح عيناه على مصراعيهما ينظر إليها بهلع يتخلل نظرته اللهفة، للحظات بقيٰ يحاول استيعاب ما حدث ثم اعتدل على الفراش يبعد نظرة عنها ماسحًا على وجهه بعنف يسب داخله تلك الذكريات التي تراود عقله على هيئة كوابيس تجعله كلما تغاضى عن مرارة الواقع استعصى عليه نسيان الماضي..
أبعد عينه إلى الكومود جواره فلم يجد مياة فأعتطه المياة التي جوارها سريعًا في الكوب تمد يدها إليه وهو ينظر إلى البعيد:
-ماية
أخذها منها رافعًا إياها على فمه عطشًا ثم هبط بها فارغة لتأخذه منه تضعها مكانها وتسائلت بهدوء:
-شوفت حلم وحش؟
تنهد بعمق وهو يبتعد لبداية الفراش ثم اتكأ يهبط على الأرضية يلتقط قميصه القطني الداخلي وعاد مرة أخرى جوارها يرفعه على وجهه يزيل به العرق الذي عليه ثم إلى صدره المتعرق هو الآخر وتفوه بأسى:
-كل أحلامي الوحشة اتحققت يا مهرة
وضعت كف يدها على وجنته وأعتدلت تغير جلستها لتبقى أمامه لا جواره ثم قالت معاتبة بنظراتٍ خبيثة:
-بس أنا كنت حلم..
رفع يده فوق يدها يقبض عليها بحنان وابتسم بعد أن رأى نظرتها الماكرة قائلًا بصدق:
-الحلم الوحيد الجميل اللي مش عايز اصحى منه أبدًا
عادت للخلف بنظرات ثعلبية ماكرة:
-بتثبتني
حرك كتفيه محاولًا التغلب على الحالة الذي هو بها:
-بقولك الحقيقة
نظرت إلى عينيه غريبة المظهر ربما بالنسبة إليها، فهي تجد بها كم من الراحة والأمان لا تدري من أين يتمتع بهما:
-تعرف ايه هي الحقيقة اللي بجد؟
سألها مضيقًا عينيه عليها:
-ايه
تنهدت ممسكة بكف يده بين يديها تنظر إليه بعمق تتحدث بما يضج عقلها وقلبها تبثه بالكثير مما يستحق، تعلم أن أحلامه وتلك الكوابيس ناتجه عن معظم الأشياء التي كان يقصها عليها، لا تحب أن تسأله لأنها ترى الانزعاج بعيناه فتتجه إلى طريق آخر يأخذ حقه به:
-إنك مافيش منك ولا زيك ولا قبل كده ولا هيجي حتى حد بعد كده.. الحقيقة أنك مكسب كبير أوي أوي في حياة أي حد علشان كده أنا مكوشه عليك
ابتسم بهدوء أكثر وجذب يده من بين كفيها ليرفع كفه هو إلى خصلات شعرها الغجرية الطويلة المبعثرة والتي بعثرت كيانه، نبع من داخله ما تفوه به:
-أنا عارف إنك زعلانه.. عارف إن جواكي كتير شيلاه واللي بتعمليه دلوقتي علشاني
أجابته بحبٍ لا حدود له:
-أنت كمان بتعمل كتير علشاني
تذكر حديثها بالأمس وكم كانت محقة وهو معترف بكل الأخطاء الذي ارتكبها بحقها ولكن والله كلها ما نتجت إلا من كثرة حبه لها:
-أنا خبيتك عن العالم.. دفنتك
سريعًا تحدثت نافية ما يقوله معبرة عن رضاها التام لكونها معه هو فقط:
-أنا راضية.. راضية إني أندفن عن العالم كله طالما معاك أنت أنا حية وكأني في الجنة
وضع وجهها بين كفي يده وأقترب منها إلى الحد الذي جعله لا يستطيع الإبتعاد يتنفس تلك النسمات الخارجة منها يستنشقها وكأنها اكسجين، تحدث برفق يعلم كم الألم الذي تعاني منه محاولة مداراته عنه شفقة لما يمر به:
-مهرة أنا مش هتجوزها.. صدقيني وغلاوة مهرة عندي مش هتجوزها أنا في أسرع وقت هاخدك ونمشي من هنا خالص.. هنسيب البلد كلها بس شوية وقت أأمن الدنيا
رقص قلبها من السعادة عندما استمعت إلى بداية الكلمات اللي خرجت منه ثم استغربت حديثه واستمعت إليه باذان صاغية:
-بس.. هنروح فين ولمين يا يوسف.. على الأقل هنا مامتك عز وآية وجدتي أنا لأ مش عايزة نمشي
أجابها بأكثر قسوة ناظرًا إليها بعمق يذكرها بأن هناك على الطرف الآخر الأكثر شرًا وحقدًا:
-هنا بردو رضوان بيه.. هنا عمامك
قالت بجدبة وهي تعتدل لتبتعد يداه عنها:
-أنت قولت قبل كده مهما بعدنا هيلاقينا
كرمشت ملامح وجهه عندما أجابها بجدية يوضح لها ما توصل إليه.. ثم أدرك أن كل الطرق تؤدي إلى الهلاك:
-ولو فضلنا هفضل تحت رحمته خايف على اللي ليا.. خايف على أمي وعليكي.. حتى لو هو مش عارف بوجودك وحتى لو مش هيأذي أمي يا مهرة.. هيأذيني أنا وده وقتها أذى ليكي..
ناظرها بأعين غرامية، يتوقع الأسوأ له ولا يستطيع النظر على نتائجه لها فيحاول الهرب منه بأقصى سرعة ممكنه فقط لأجلها:
-أنتي متجوزاني في السر.. أيوه جدتك تعرف بس غيرها لأ.. ده غلطي من الأول بس وقعنا فيه خلاص.. هسيبك إزاي ولمين؟
أقتربت منه تحتضنه تلقي برأسها على صدره العاري قائلة بعتاب:
-بعد ألف شر عنك أنت مش هتسيبني أبدًا.. اوعدني يا يوسف
أكملت برجاء عندما ابتعدت للخلف تبصره بخوف وهلع:
-اوعدني إن عمرك ما هتسيبني يا حبيبي
قال ضاحكًا عليها تعتقد أنها هي من تحتاج إليه في كل مرة ولكنها لا تدري أن احتياجه أكبر بكثير:
-أنا اللي محتاج منك الوعد ده يا مهرة.. أنا روحي معاكي
برفق ابتسمت وأخرجت من بين شفتيها تلك الكلمات التي طالب بها دون تردد أو خوف:
-أوعدك أنا عمري ما اتخلى عنك يا حبيبي في يوم
جذبها إليه برفق وضع يده حول خصرها وقربها بأحضانه فرفعت يدها إلى عنقه تحاوطه واستمعت إليه:
-وأنا اوعدك إني اعوضك بقى بخروجه تنسيكي الدنيا كلها ايه رأيك
اتسعت عينيها عليه غير مصدقة:
-بجد هنخرج
أومأ إليها قائلًا بجدية:
-بجد
سألته باستغراب:
-أيوه بس إزاي
حرك رأسه بخفه وأجاب متحمسًا ضاحكًا بوجهها:
-مش بتاعتك.. دي مفاجأة ومتأكد أنها هتعجبك أوي أوي أوي
رفعت يدها اليمنى لتقرص وجنته قائلة بدلال:
-أنا بموت فيك يا روحي أنت
ضرب بيده بخفه على خصرها قائلًا:
-حضريلنا فطار بقى يا حلوة طالما صحينا بدري..
ناظرها بقوة ثم عاد بحديثه وهو يلقي بها على الفراش قائلًا:
-ولا أقولك تعالى أفطر أنا الأول
ارتفع صوت ضحكاتها العالية فجأة بعدما ألقى بها متناثرة خصلاتها حولها تظهر إليه باغراء واضح فمال عليها سريعًا:
-يخربيتك هتفضحينا الجيران تقول ايه
قالت ضاحكة أكثر:
-هو ده كمان فسيخ هيشموا ريحته
أقترب من وجهها قائلًا بمرح:
-والله لما يشموا الفسيخ أهون عليهم لما يتخيلوا اللي بيحصل
سألته بخبث ترفع إحدى قدميها ليتحرك القميص كاشفًا عنها:
-هو ايه اللي بيحصل
غمزها بعينيه وتناسى كل ما حدث بين يديها ليقول بوقاحة وهو يميل أكثر:
-هتعرفي دلوقتي
-كلي أذان صاغية
أمسك بيده ورود الغرام، المعروفة برائحتها الجذابة المُسكرة للعقول، وبمرح بدأ بنثرها في كل مكان قابلة بها، تقابلة برحابة صدر وأخذ مقابلة بشفتاه كل ما خصه منها.. كل قطرة عسل هبطت من وردة واحدة من وروده الغرامية..