رواية جديدة سرداب الغرام لندا حسن - الفصل 8 - 1 - الأربعاء 18/12/2024
قراءة رواية سرداب الغرام كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية سرداب الغرام
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة ندا حسن
الفصل الثامن
1
تم النشر يوم الأربعاء
18/12/2024
انتفض "يوسف" فزعًا وخوفًا وهلعًا وعلى الرغم من أن الثلاثة نفس المعنى ولكن ما تعرض إليه كان أبشع من وصفهم ثلاثتهم معًا، انتفض من على الفراش يتصبب عرقًا من كل جانب به صارخًا بعنف باسم "مهرة" الذي خرج من بين شفتيه بنبرة عالية افزعتها من جواره..
جلست سريعًا تفتح الأضواء تنظر إليه بقلق ومازال أثر النعاس على ملامحها..
-في ايه يا يوسف
دار بوجهه لينظر إليها، أنها أمامه! ما كان إلا كابوس، كابوس خضع له ككل يوم في النوم واليقظة، جذبها سريعًا إليه وبقوة أخذها بعناقٍ حاد للغاية جعلها تأن من الألم بسبب إحكام يده الاثنين حولها بشدة، تستمع إلى أنفاسه المتسارعة اللاهثة كما لو كان خارجًا من سباق وذلك العرق الذي بللها وكأنه يأتي من أسفل الأمطار.. تفهمت ما الذي قد يكون حدث له فهذه الكوابيس لا تتركه أبدًا
عاد ينظر إليها بهلع ولهفة واضعًا كفي يده حول وجهها يناظرها محاولًا التصديق:
-أنتي كويسه صح كويسه!
أومأت إليه برأسها رافعة يدها تتمسك بيده ضاغطة عليهما قائلة بنبرة ملهوفة:
-أيوه يا يوسف أنا كويسه دا كابوس يا حبيبي أهدا مافيش حاجه
لم يصدق ما تقول يتكرر المشهد أمامه مرة والثانية والثالثة فعاد متسائلًا بهستيرية:
-كويسه بجد.. كويسه
أجابته بصدق قائلًا:
-والله أهو كويسه أنا كنت نايمة جنبك يا حبيبي.. ده كابوس
مرة أخرى جذبها بقوة إلى صدره يعانقها مكررًا كلمتها ثم أكمل بمرارة:
-كابوس.. أبشع حاجه ممكن أشوفها في حياتي
عادت للخلف، انتابها الفضول لأول مرة بعد رؤيته على هذه الحالة فتسائلت:
-شوفت ايه
ابتلع تلك الغصة المريرة التي وقفت بحلقة وهو يتابع عيناها الرمادية بقلق:
-كنتي بعيدة عني يا مهرة.. بعيدة أوي
أقترب يضع يده على بطنها بطريقة ناعمة خائفة يتذكر ما شاهدة في الحلم وتوصل إلى عقله من خلال ما حدث:
-الحمدلله.. أنا لازم في أسرع وقت أتصرف، مش عارف أعيش كده مش عارف
تحرك من على الفراش مبتعدًا فاستمع إلى صوتها:
-اهدا بس يا يوسف.. يوسف أنت واهم نفسك ومخوف نفسك على الفاضي
أكملت بتعقل ناظرة إليه مُشيرة بيدها محاولة أن تسرد عليه فكرتها والتي تتغير يوم بعد يوم ولكن فقط بسبب حالته:
-محدش يعرف أننا متجوزين غير الناس اللي عارفه من وقت ما حصل ودول أهلنا.. أبوك مش هيعرف ولا حد غيره لحد ما أنت تقرر تقول أو يحصل أي حاجه من عند ربنا بقى
تابعت بحزن تنظر إلى الفراغ على الفراش ثم رفعت وجهها إليه:
-ولو على السفر أنا مش مع الفكرة دي ومش عايزة اسيب مصر يا يوسف.. إن شاء الله هتتحل
جن عقله وشتت، لعب قلبه على أوتار الحزن ببراعة فرسم ألحان لا مثيل لها بمجرد الاستماع إليها ينزف قلبه ألمًا مضاعفًا للألم المتواجد به وكأنه لم يدرك أين تخطو قدماه للهو:
-تتحل إزاي.. لو الوقت عدى شوية هيقولي اتجوز نورا وقتها هعمل ايه.. لو مش علشانك علشاني أنا مش هقدر أكون معاها أنا مش قادر دلوقتي إزاي هتجوزها
ضيق عيناه عليها مُكملًا:
-هعترض! تفتكري المرة دي هيحصل ايه
أبتعدت عن الفراش وأقتربت منه، ساندته تنظر إليه بحزن طغى على كل ملامحها المتأذية من أذاه، وضعت يدها على كتفه قائلة برفق:
-متضغطش على نفسك كده
ناظرها للحظة أسفل الإنارة الخافتة، ثم خرج صوته يقطر ألمًا وضعفًا لا يخاف ظهوره أمامها:
-أنا حاسس بالعجز يا مهرة.. إحساس الضعف بيمتلكني
وقفت أمامه، رمقته بقوة ارتفع صوتها بعدما نفذ صبرها:
-بس أنت مش ضعيف ومش عاجز أنت بار بأهلك حتى لو هما وحشين.. خايف عليا وعلى والدتك خايف على نفسك علشاني مع أن من حقك تخاف على نفسك علشان نفسك مش علشان حد
أكملت بانفعال وتعصب تزيح عنه همومه ونظرته المستضعفة إلى نفسه على الرغم من أنه متأكد أنه ليس بضعيف وليس بعاجز بل يواجه شخص لا يعرف للرحمة طريق:
-أنت مش عاجز أنت شخص كويس هو اللي شخص وحش.. واحد حاول يقتل ابنه اللي من لحمه ودمه لازم تفكر ألف مرة فعلًا قبل ما تقف قصاده
مسح على وجهه ثم عاد ليجلس على الفراش محاولًا أن يتحدث معها باتزان فمازال المشهد يتكرر أمام عيناه:
-علشان استحق إني أكون معاكي لازم أتصرف.. إحنا كل يوم في دوامة وكوابيسي مش هتسيبني إلا لو في حاجه اتغيرت
أقتربت لتجلس جواره:
-الحاجه دي مش هتتغير إلا لو أبوك هو اتغير، لكن لو وقفت قصاده تاني هيحصل ايه يا يوسف
تابعت حديثها بجدية شديدة:
-وبعدين هو أنت فاكر الهروب الحل؟ لأ مش حل على فكرة وأنا مش هوافق أننا نهرب ونسيب كل حاجه لينا هنا حتى ذكرياتنا سوا
رفع وجهه إليها وسألها بقلة حيلة:
-عايزاني أعمل ايه
ابتسمت وكأنها على دراية تامة ومتأكدة منها أن هناك ما سيحدث ويقلب الموازين ولكن لم تكن تدري أي موازين تنقلب!:
-سلمها لربنا وهتتحل.. وقريب أوي يا يوسف ربنا هيبعتلنا اللي يحنن قلبه علينا وهتشوف
جذبها نحوه بعدما رمقها بنظرة حنونة تغلبت عليه من بين كوابيس عيناه وأفكار عقله هاتفًا:
-أنا غلبتك معايا
أحتضنته مجيبة برضاء ولين لن تعطيه لأي أحد سواه:
-أنا راضية بغُلبي معاك يا حبيبي
إن المحب للمحب رحيم، لين، ودود، إن المحب للمحب عطاء، رفيق رقيق القلب حنينه يغلبه وشوقه يلقيه على أعتاب القلوب المفعمة بالغرام..
جذبها إليه وأحطاها بذراعيه وعيناه على الفراغ أمامه في غرفة أضاءتها خافتة يُعاد مشهد كابوسه أمامه بكل صدق وكان من أخرجه صمم على إعادته للمرة الألف بنفس الطريقة لا ينقص ولو نظرة أو حرف، على الرغم من أنه ليس به نقصان في المشاهد كان به تزايد بالشعور بالألم والعجز.. الضعف والكره
تزايد شعوره نحو نفسه بالغضب، وتغير نحو والده وولدت داخله شرارة كُره إن كبرت لن يكون "يوسف" ولن يكون خائف عاجز بل سيكون وحش كاسر، سيقف أمامه وإن قام بمعاقبته سيبادله العقاب وإن حاول قتله سيحاول إبادته وإن نظر إليها سيقتلع عيناه.. فالعين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم وإن كان والده
إن تحول ما في قلبه نحو الجميع وإن غدر واختلت موازينه سيكون آخر غير المعهود، سيكون عائدًا من هلاك نفسه إلى هلاكهم، سيكون هو مصمم كوابيسهم ماحيًا كوابيسه وما بها بممحاة راسمًا بيده كابوس كل فرض يقف أمامه يحاول ولو مجرد محاولة أن يؤذيه أو يؤذي من له..
أن تعتقد أن احترام الطرف الآخر لك على الرغم من حقارتك معه حقًا مكتسب وواجب عليه تأديته تكن أحمق سائرًا في طريق تناثر به ذلك الاحترام مع القليل من حبات حقارتك ورشة خفيفة من انتقام بُدر في الأرضية على هيئة حبات زجاج مُتهشم كما تهشم قلبه ونسائم من السُكر الذي يذهب العقول إلى الجنون ولن يكن كل ذلك من نصيب أحدًا سواك..